في رثاء الشاعر الكبير "نزار فباني " - ( في الذكرى السنوية على وفاته )
كم دموع ٍ سُكبتْ في الغوطتي ن ِ كبحر ٍ..ماؤه ُ الجاري دماءُ
شاعرَ الأجيالِ قدْ طالَ الثوَاءُ = لا مجيبٌ ولكمْ عزَّ اللقاءُ
وربيعُ الشرقِ أضحَى مُقفرًا = وذوى وردُ المُنى..زالَ السَّناءُ
وعذارى الشعرِ تبكي جزعًا = منذُ أن غابَ عنِ الدوح ِ الغناءُ
ما لقاسيون َ تلظَّى واكتوَى = ودمشقُ العربِ يحدُوها البكاءُ
يا كنارَ العربِ قدْ ضاقَ المدَى = جَفّتِ الادمعُ ..ما أجدَى العزاءُ
رائد التجديد في عصر ذوى = فيه روضُ الشعر..جاء الدخلاءُ
يانبيَّ الشعر ِ فَي عصرِالدُّجَى = نُكّسَ الشعرُ وماتَ الأنبياءُ
أيُّها السَّيفُ الدمشقيُّ ائتلا = قا ً وفي الغربِ امتشاقٌ ومَضَاءُ
أمَويٌّ تُهْتَ فخرا ً وندًى = يا سليل َالعُرب ِ ِمنْ فيكَ الشذاءُ
لكَ فوقَ النجم ِ صرحٌ شاهقٌ = وبرُكنَيْه ِ لقدْ حَفَّتْ سماءُ
فربيعُ الشرق ِ ولى وانقضى = منذ أن غبتَ خريفٌ وشتاءُ
ووهادُ الروح ِ ثكلىَ اقفرَت ْ = لفهَا الليلُ وأضناها العناءُ
مجلسُ اللهوِ منَ الأنس خَلا = واختفى الصحبُ وولى الندماءُ
جنة ُ الدنيا غدت ْ ملتاعة ً = إيهِ سوريا أرَّق َ الجفنَ الشقاءُ
إيهِ سوريا ليسَ من بعدِ النوى = غيرُ ثوبِ الحزن..ماعادَ انتشاءُ
"برَدَى " ما عاد َ عذبا ً ماؤُه ُ = رنقا ً صارَ وَعزَّ الاستقاءُ
وحمامُ الشام ِ قدْ بُحَّ فما = من هديلٍ ومنَ الدوح ِ خلاءُ
والدي في الشعر..أستاذي وَنِبر= راسُ دربي.. وليَ الحرفُ اقتداءُ
لغة ُ القيثارِ والحُبِّ سَتبْ = قى، وأنتَ الحلمُ فينا والرَّجَاءُ
شاعرُ المرأةِ قد صوّرتهَا = ببديع ِ الفنِّ.. . حلاها البهاءُ
فتجَلى الحبُّ في أسمى ضيا = ء ٍ وتاهتْ في أغانيكَ الظباءُ
أنت َ للسمراء ِ تبقى هاويا ً = أنا للشقراءِ حبٌّ ووفاءُ
وبحبٍّ وحشيش ٍ قمرٌ = أنتَ للتجديد فيه الإبتداءُ
أنت فوق الفَرقدين ِ النيِّرَيْ = نِ سناءً وائتلاقا.ً.. لا مِرَاءُ
أنت َ ربُّ الفنِّ والشعرِ ورب ُّ = النهى والفكر ِ... يكفيك َ الثناءُ
لفلسطينَ رسمتَ الشعرَ مَل ْ = حَمةَ الخلدِ وكم كانَ العطاءُ
ولأطفالِ فلسطينَ شَدَ وْ = ت َ..خيوطُ الفجرِ دومًا والفداءُ
لقنوا المحتلَّ درسا ناجعًا = بنضالٍ...منهُ للأرض ارتواء
ثورة ُ الاحجار ِ قدْ واكبتهَا = بلهيبِ الشعرِ...هبَّ النُّجَباءُ
بدم ِ الأبطالِ... من آلامِهمْ = كُتِبَ التاريخُ قد زالَ الخفاءُ
رايةُ الشعرِ فمَنْ بعَدكَ يَرْ = فَعُهَا؟ .. يزهو المَدى ثم الفضاءُ
يا اميرَ الشعرِ منْ غيرِ مِرَا = ء ٍ أنا بعدكَ قال َ الخلصاءُ
إنَّ عرشَ الشعرِ ِمنْ بعِدكَ لى = ذاك حقىِّ وليخزَى السُّفهَاءُ
إننا في الداخلِ صرنا مثلا ً = كم عميل ٍ آبقِ فيه ِ الدهاءُ
كمْ خؤُونٍ شعره الزبلُ وأدْ = نىَ ..نشازٌ صوتهُ دوماً عواءُ
يستغلُّ المنبرَ الهشَّ لَيَط ْ = عنَ بي ..لكنَّ مسعاهُ خواءُ
وقلوبٍ أترعَتْ الحقدِ والْ =غَدْرِ.. نحوي لا ودادٌ لا صفاءُ
وحثالاتٍ غدَتْ بالزِّيفِ قا = دَتِنا .. منهم فلا يُرْجَى الرجاءُ
لبسوا ثوبَ نضالٍ زائفٍ = وقريبًا عنهمُ ينضُو الطلاءُ
صحفٌ صفراءُ تبقى لهمُ = إنها الخزيُ لشعبي والَوَباءُ
حاربوا كلَّ أبيٍّ صادق ٍ = خدمُوا الاعداءَ ..غابَ الامناءُ
وَضعُوا حولي سياجاً شائكاً = إنهُمْ أعداءُ شعبي العملاءُ
زرعُوا الألغامَ في دربي وكمْ = منعُوا يأتي نسيمٌ ورَخاءُ
وعلى شعري لكمْ همْ عتموا = خسئوا لنْ يحجبَ الشمسَ غطاءُ
أنا ربُّ الشعر ِفي الداخل ِ رُغ ْ = مَ الاعادي ولأشعاري البقاءُ
رافعُ الهامة أبقى شامخاً = ولغير الربِّ ما كان ولاءُ
جندُوا الاوغادَ كلَّ الآبقي = نَ فلن يثني انطلاقي الجبناءُ
ثابت ٌ رغم مَتاهاتِ الردى = عن حياض الحقِّ هيهاتَ جلاءُ
أنا صوت ُالحقِّ أبقى، والضَّمِي = رُ لشعبي .. وليخزى الخلعاءُ
فيسارٌ عندنا مثلُ يمينٍ = كلهُمْ في حقِّ شعبي لسَوَاءُ
لن يمرُّوا سوفَ أصليهم أنا = بلهيب ٍ... وغدًا يأتي النداءُ
إنني الحقُّ تجلّى ساطعا = وهمُ في نظرِ الشعبِ حذاءُ
يا بلادًا رتَّلتْ أنغامَهَا = مهجُ الاهلِ وَروَّاها السخاءُ
يا بلادي أنت روحي ودمي = فوق أحضانِكِ كم طابَ الفداءُ
نحنُ أقسمنا يميناً للفدا = لبزوغ ِ الفجرِ إنّا رقباءُ
شاعرَ الأجيالِ تبقَى علمًا = إننا في الشرق ِ دوما أوفياءُ
نحنُ من بعدِكَ نمضي للعلا = بك َ حقا نقتدي ...أنت َ اللواءُ
بدأ الشعرَ امرؤُ القيس ِ ففي = ه ِ ارتقى الشعرُ وفيهِ الازدهاءُ
عصرُ شوقي قبله عصرُ أبي الط = يِّ ب الكنديِّ .. نورٌ وارتقاءُ
ونزارٌ لخَّصَ الشعرَ بعَصْ = ر ٍ غدا فيه ِ ركيكا.ً.. لا طلاءُ
وأنا منْ بعدهِ جدَّدْتُ في الشِّع ْ = ر ِ وأحدثتُ وما عادَ التواءُ
وتقمَّصْتُ الحضاراتِ وَجئ = ت ُ بما لم ْ َيسْتطعْهُ العظماءُ
أنا للشعبِ ورودٌ وشذا = وأنا للأرض ِ التحامٌ والتقاءُ
قادمٌ منْ مدنِ الأحزانِ وَح ْ = دِي فغنِّي واهتفي لي يا سماءُ
شعراءُ الجاهليينَ ارتقوا = ببديع ِ النظم فنًّا ..كمْ يُضَاءُ
وسُموط ٍ عُلّقتْ في كعبةٍ = تُرْجمَتْ في الغربِ أحلى ما نشاءُ
إنما الشعرُ غدا في يومِنا = كالنفايات أتاه ُ البلهاءُ
طلسَمُوا أقوالهم منْ دونِ معنى = وعافَ الشعرَ حتى البُسَطاءُ
" فنزار" و" أنا " و"المتنبّي " = و"شوقي " نحنُ منهُمْ لبَرَاءُ
نمْ قريرَ العيننِ لا تحفلْ أسى = في بلادٍ قدْ فداها الشرفاءُ
جنة ُ الدنيا شآمٌ لم تزلْ = إيهِ يا شامُ لكَمْ طالَ الثوَاءُ
ولنا موعِدُنا فوقَ ذُرَى الشَّيْ = خ ِ حيثُ الثلجُ سحرٌ وغواءُ
ورُبَى الجولانِ للعربِ فدًا = يرجعُ الجولانُ...يأتي الأقرباءُ
كانتِ الأحلام ُ في أكتوبر = عرسُ تشرينَ لهُ الغربُ انحناءُ
قُّرَّة ُ العين ِ شآم ٌ في دمي = هيَ للأعرابِ نبضٌ ودماءُ
ليتني أغفوُ أنا فوقَ رُبا = ها، زهورُ الروض قبري والشذاءُ
"فصلاحُ الدين ِ" يغفوُ هانئا = في دمشق ِ العرب ِ ثمَّ الأولياءُ
كم شهيدٍ راقدٍ تحتَ ثرَا = هَا وأزهار ٍ سقاهَا الشهداءُ
يا أميرَ الشعر ما بعدَ النَّوَى = غيرُ حزنٍ وعويل ٍ..لا التقاءُ
لم تزلْ بلقيسُ في وجدانِنا = وردة ُ الطهرِ وحَلاهَا النقاءُ
إنها في جنةِ الفردوس منْ = حولها الحورُ العذارى والظباءُ
بعدك الحبُّ يتيما قدْ غدا = في ربوع ِ الشرقِ ، والغيدُ إماءُ
كمْ فتاةٍ دمعُها الدّرُّ، ازدَهى = هاجَها الحزنُ وما أجَدى النِداءُ
يا رسولَ العشق كم من غادةٍ = أنتَ قدْ حرَّرْتهَا...زالَ العَناءُ
من قيودِ القهرِ قدْ أطلقتها = عَرفَتْ كيفَ العلا والإرتقاءُ
يُحشرُ العشاق من تحت لوا = ئِكَ...في ظلك كمْ يلقى العزَاءُ
أنت َ مَنْ أمسكتَ شمسًا بيَمي = ن ٍ وفي الأخرى نجيماتٍ تضاءُ
كذبَ النقادُ فيما غُرِّرُوا = كلُّ ذمٍّ فيكَ قالوا لهُرَاءُ
ومسوخُ النقد ِ في الداخلِ هُم ْ = كحذائي قولُهُمْ عندي هبَاءُ
أنتَ فوقَ النقدِ..فوقَ الشعرِ..فو = قَ النهَى ..للعربِ مجدٌ وسناءُ
والذي جئتهُ يبقى خالدا = لو مضى مليونُ جيلٍ لا انتهاءُ
وشعوبُ الأرض ِفيكَ انبهرُوا = أنت َ عملاقٌ وصرحٌ وعلاءُ
أنتَ "دونجوانُ" جميع ِالغيدِ دَوْ = مًا.. وحلمُ الغيدِ حَقًّا وبهاءُ
وأنا بعَدك أمضي قدما ً = أحملُ الراية َ يحدوني الإباءُ
تهتُ في الكون ِ سناءً وسنا = وتهادَى في خطايَ الخيلاءُ
فالعذارى في هوانا تُيِّمَتْ = نحنُ أحلى منْ تغنيهِ النساءُ
وَضَمْمَنا المجدَ منْ أطرافهِ = وتسامَى الفنُّ فينا وَرُوَاءُ
يا أميرَ الشعرِ هلْ أجدَى العزاءُ = عجزَ الحرفُ وأعيَى الخطباءُ
رائدَ التجديد ِ تبقىَ ملكا ً = فوقَ عرشِ الشعرِ أنتَ الإبتداءُ