وفاة الشيخ محمد الراوي
عظم الله أجر الأمة بوفاة الشيخ محمد الراوي
من من الذين يعرفون هذا الجبل الأشم، ولو معرفة يسيرة، وبأي وجه من وجوه المعرفة، روحية، أو علمية، أو جهادية، أو شخصية، أو ....من له أي معرفة بهذا العلَم، ولا يحزن لموته...إنه الشيخ الجليل محمد الراوي..صحيح أنني لم يكتب لي، مع حرصي على ذلك، أن أعرفه من الناحية الشخصية، لكنني عرفته عن قرب من النواحي الأخرى...كانت بداية قصة معرفتي به منذ ما يقارب ثمانية وثلاثين سنة، حين التقيت بابن أخيه الأستاذ الفاضل عبد المعطي محمد فتحي الراوي في المعهد العلمي في المندق، وكان يُطلق عليه، معهد زهران العلمي، كان الأخ عبد المعطي كتابًا مفتوحًا وثريًا عن عمه الشيخ محمد، فلا تكاد جلسة معه تخلو من الحديث عنه، تارة عن جهاده وهو في مصر، جهاده بالكلمة الصادقة، والجهر بها أمام الطاغوت، وتحمله السجن المرير والعذاب الشديد، وصبره وثباته متحديًا الطاغوت في أن ينال منه ما يريد من استكانة وهزيمة روحية أو فكرية، حتى ولو بما رخص له أن يأخذ به من تلفظ باللسان، وكان يحدثني عن علمه الغزير وما قدم به من نفع لأجيال الأمة التي يصعب حصر عددها، وهو يربيها روحًا وفكرًا وعلمًا جيلًا إثر جيل....كما كان يحدثني عن حدبه وعطفه على ذوي رحمه، فكان كثير الصلة لهم، يتحسس حاجاتهم ومطالبهم، فيسارع، بما يستطيع، إلى قضائها من غير تأخير...شهد له علماء الأزهر الأجلاء بطول باعه في العلم، وبجودة أدائه، وأمانته في حمله، كما شهدت صروح الجامعات التي حضيت به معلمًا ومربيًا في ساحاتها.
عظّم الله أجر الأمة بهذا المصاب الجلل..يكفي أنه علامة تشير إلى قبض العلم من بينها...نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويشمله بعظيم مغفرته، ويُسكنه عالي جنته، وأن يعوض الأمة ما فقدت بفقده.
وسوم: العدد 723