سلسلة رحلتي إلى تيارت و فرندة 4، مكتبة جاك بارك
إستقبلنا مدير مكتبة جاك بارك بفرندة، بحفاوة عربية أصيلة، وزاد عليها أن طاف بنا أرجاء المكتبة، وفتح أروقتها وكتبها تحت تصرف جميع أعضاء القافلة الثقافية.
قال مدير المكتبة.. أوصى جاك بارك، أن توضع مكتبته الخاصة لصالح مكتبة فرندة، باعتباره عاش فيها، فكان ذلك من الوفاء للجزائر وهذا البلدة الكريمة.
يواصل المدير، تدخلت الدولة الفرنسية لمنع تحويل مكتبة جاك بارك إلى الجزائر، وسلكت كل السبل لمنع تحقيق ذلك، إلا أنها في الأخير رضخت لوصية بارك، ووافقت على تحويل مكتبته إلى مكتبة فرندة.
عرض علينا مدير المكتبة عيّنة من الوثائق الشخصية لجاك بارك التي أهداها للمكتبة، لكنها لم يحن بعد عرضها على الزوار والقراء، وينتظرون إذنا بعرضها، بعد أن تعلن اللجنة المكلفة بتفحص الوثائق الشخصية عن رأيها وقرارها النهائي. واتّسمت عن الوثائق الشخصية بجمال الخط، والتنظيم المبدع، والترتيب المثير، الذي تفتقر إليه أرقى المؤسسات، فكيف بالشخاص.
إحتوت مكتبة جاك بارك، على كتبه العديدة التي ألفها، باعتباره ألف 40 كتاب، أغلبها في اللغة العربية والإسلام، وعلى رأسها ترجمة معاني القرآن الكريم ، الذي إستغرق منه 10 سنوات من العمل، و03 سنوات لإعادة قراءته، كما ذكرت ذلك العاملة المكلفة بالشرح والتوضيح.
وبالإضافة إلى الكتب التي ألفها، تضم مكتبته الهبات التي منحت له وأهداها بدوره لمكتبة جاك بارك، منها.. "المعلقات العشر"، "الأغاني للأصفهاني"، الفتاوى الشرعية الذي يبلغ عمره 04 قرون، وهو مخطوط نادر يحتاج لمن يزيل عنه الغبار، ويستنطقه ويضعه أمام العالمين، كما وضعه بارك تحت تصرف الجزائر.
السلوك الحضاري المتمثل في وضع الكتب تحت تصرف القراء الجزائريين، شمل أسرة جاك بارك. فزوجته بدورها أوصت بوضع مكتبتها تحت تصرف الجزائر، وإبنه بدوره أوصى بوضع كتبه تحت تصرف الجزائر.
والداخل لمكتبة جاك بارك، يلاحظ ذلك جليا.. قسم خاص بكتب جاك بارك، التي ألفها والتي والتي وهبت له. وقسم خاص بمكتبة زوجه. وقسم خاص بمكتبة إبنه. فمكتبة جاك بارك، تضم مكتبة عائلة بارك كلها.
وقد إرتجلت كلمة، وانا أجوب أجنحة مكتبة جاك بارك، فقلت..
مالفت إنتباهي وأنا أزور أروقة مكتبة جاك بارك بفرندة ، أن المكتبة ضمت جناحا كبيرا خاصا بالكتب التي أهداها ..
جاك بارك الأب.
جاك بارك الإبن.
جاك بارك الزوجة.
عظمة عائلة بارك، تكمن في أنها ترفعت عن الدنيا، وجعلت العلم والقراءة غاية تسعى إليها، وكان باستطاعتها أن تعرضها على مزاد علني، يوفر لها الذهب والفضة والغنى والثراء، لكنها رفضت كل الإغراءات، فكانت وفية للجزائر، وللعلم والقراءة.. تحية تقدير واحترام لجاك براك الأب والزوج، وجاك بارك الإبن، والزوجة، على المساهمة النبيلة في الرفع من حب القراءة والعلم المنير. وستظل الجزائر عامة، تذكر لهم فضلهم وسعيهم في وضع مكتباتهم تحت تصرف القارىء الجزائري، ولكل قارىء يريد أن يعرف أسرار هذه الكتب.
وسوم: العدد 657