رحلتي إلى الحدود الجزائرية المغربية .. اليوم الأول
بدأ الشروع في الرحلة منذ أربعة أيام، وفي اليوم الأخير إشتد الاستعداد من طرف الجميع.
إشتغل الأب بتصليح السيارة ، وأم الأولاد بترتيب مايلزم من طعام وشراب وأواني ومتاع، واهتم الأولاد بوضعها داخل السيارة وتنظيفها.
لآخر يوم كانت فرصة لزياة خالتي خيرة والجلوس لأصغر أبنائها إسماعيل وإبنيه. وفرحت كثيرا حين علمت أني في تقاعد بعد ربع قرن من العمل.
المسافة التي تفصل بن الشلف مقر سكناي وآخر منطقة من مناطق الجزائر ، وهي مرسى بن مهيدي، الملاصق للحدود الجزائرية ، يقدر بـ 430 كلم.
وهي مسافة كافية ليقف المسافر على الجزائر وما أنجزته، وما يستلزم إنجازه في السنوات القادمة، وتدارك بعض النقائص التي يمكن تداركها واستبدالها بما هو أحسن وأفضل.
صلينا صلاة الفجر، وتناول الجميع قهوة الصباح، وزرت صفحتي فجرا أتصفح آخر ما جاد به الزملاء، وكان حاسوبي وحاسوب وليد أكبر الأبناء، آخر الأمتعة التي تم ترتيبها وحملها. فكتابة الرحلة تحتاج للحاسوب، باعتباره الرفيق المؤنس الحافظ للأيام والرحلات.
إنطلقت على بركة الرحمن عائلتي المكونة من أم الأولاد، وأكبر الأبناء وليد، وأكرم، وملاك، وأصغر الأبناء شمس الدين.
يعتبر الطريق السيار من أعظم إنجازات الجزائر، فقد قرّب المسافة، وسهّل إجتيازها، وجعلها ممتعة للسائق ومن يحيط به.
ومحطات الاستراحة المترامية عبر طول الخط، أضافت للطريق راحة، عبر الخدمات البسيطة المقدمة. فهي فرصة للسيارة للتزود بالوقود وما يلزمها، وفرصة للمسافرين ليأخذوا قسطا من الراحة وهم يتناولون ما يلزمهم من قهوة، وعصير، وفطور، وماء. وفرصة ليجددوا وضوءهم، ويصبحون بعد ذلك في أتم الراحة والاستعداد.
ما يلفت النظر والمرء يقطع المسافات، الأراضي الشاسعة للجزائر غير المستغلة، بل المساحة الشاغرة تعادل أو تفوق مساحات بعض الدول. ويمكن لأبناء الجزائر أن يستغلوا هذه المساحات في مشاريع بسيطة أو كبيرة تساعد على الرقي والنهوض وتمتص قدرا كبيرا من اليد العاملة البسيطة منها والمؤهلة.
والمرء يدخل آخر بقعة من بقاع الجزائر وهي مرسى بن مهيدي، يقف دقائق معدودات بقرب الحدود الجزائرية المغربية، ليلتقط رفقة الأهل والأبناء صور، تذكر الجميع أن هناك شعب مغربي يقاسمنا الأمل والألم، ونرجو له ما نرجو لأنفسنا. وأن الوادي الذي قسّم بين المجتمعين لايختلفان في شيء بل يتحدان في كل شيء، ويمكن ردمه إن صدقت النوايا، وأخلص القائمون على حراسة ضفتي الوادي.
شباب من الجزائر والمملكة المغربية، يقف كل واحد منهم على حدودهن ويتبادلون الكلمات بصوت مرتفع، حيث يسمعها الآخر جيدا، فيرد عليها بما يناسب الكلمة التي تلقاها.
ومن سوء حظي أن سمعي في تلك اللحظات ، التي كنت أتأمل فيها فصل الحدود، وأرقب عن قرب الجزائريين والمغرب، إخترقت أذناي كلمات كلها سباب وشتائم من طرف شباب أفرط في الحماس وبالغ في حب وطنه، وراح كل منهما يرشق الآخر بما يسىء ويشين. وبما أني لست طرفا في هذا النزاع المفتعل ولن أكون لجانب أحد، فأتعمد عدم ذكر المبتدىء. فالمسألة ليست في من هو البادىء، إنما صراع الساسة جميعا ودون استثناء، الذين كانوا سببا في نزاع بين مجتمعين بالمجان، فنزلوا به إلى عمدا إلى قاع الوادي .. لا قرار له.
هذه ملاحظات زائر في اليوم الأول لمرسى بن مهيدي ، حيث الحدود الجزائرية المغربية.. وستليها مقالات أخرى بإذنه تعالى، حول مارأى وسمع الزائر.
وسوم: العدد 676