اليوم السادس من زيارتي لمرسى الشهيد محمد العربي بن مهيدي
لالة ندرومة
زرنا لالة ندرومة في اليوم السادس من رحلتي إلى مرسى الشهيد محمد العربي بن مهيدي، والمسافة الفاصلة بين النقطتين تقدر بـ 56 كلم.
حين وصلت لالة ندرومة سألت أهل المنطقة عن أعرق الأماكن وسألت من قبل العارفين بأقدم الأماكن فاتّجهت مباشرة إلى أقدم مسجد وقد بني في عهد المرابطين وفي عهد القائد يوسف بن تاشفين رحمة الله عليه أي منذ 10 قرون.
إمتاز المسجد بسقف خشبي متين دون طابق وكثرة الأعمدة شأنه في ذلك شأن العمارة المرابطية وقد رأيت عشرات المساجد من هذا النوع، وحدّثني أحد العارفين فقال: مئذنة هذا المسجد بنيت خلال 50 يوما وتضم مابين 100 و104 درج، إمتاز أيضا بساحة جميلة تطل على مداخل المسجد ومن خلالها يمكن رؤية المئذنة وهي تعانق السّماء. وأخبرني أحد الشيوخ أن هذا المسجد والمسجد الكبير بتلمسان ومسجد العاصمة الكائن بساحة الشهداء تم بناؤهم في عام واحد وفي عهد المرابطين. وصليت ركعتين شكرا لله تعالى على أن وفّق عباده لزيارة بيته ودعوت الله أن يحفظ الجزائر ويحفظ أهل تلمسان الأخيار ويصون مجد أهل لالة ندرومة الأفاضل.
إتّجهنا بعدها إلى مسجد أقدم بحوالي 50 إلى 80 سنة كما حدّثني شيخ كبير يشرف على المسجد، وامتاز بصغر الحجم والمئذنة الصغيرة التي تناسب مساحة المسجد.
زرنا بعدها قصبة لالة ندرومة التي امتازت بضيق مساحتها وصغر دكاكينها وعرض أغلبها للبيع وقدم حجارتها وهدم القديمة منها واستبدالها ببيوت جديدة عصرية وهو مايهدد التراث العريق مما يستوجب وقفة تحافظ على القديم وتساعد سكانها على اقتناء السكن الجديد المعاصر.
أخبرني شيوخ المنطقة إذا لم أزر حمام بالي فكأني لم أزر شيئا ولم أر أحدا، فامتثلت لنصيحتهم واتجهنا صوب حمام بالي الذي بني في عهد المرابطين ومازال على حاله لم يمسسه الزمن بسوء. وما لفت انتباه الزائر أن الحمام بني بجوار مسجد يوسف بن تاشفين أي الحمام يتبع المسجد ويعتبر ملحقة من ملحقاته وهذا من ميزات الحضارة العربية التي تهتم بنظافة الظاهر والباطن وتلك كانت من عوامل قوتها وديمومتها مادامت تحافظ على نظافة الجسد والروح معا.
وبعد الانتهاء من زيارة معالم لالة ندرومة إتّصل إبني وليد بزميله في الدراسة رياض ليتجها معا للعاصمة من أجل مفتاح الغرفة، فاستضافتنا عائلة السيّد لعورعمار على قهوة المساء وألحوا مرارا على العشاء فاعتذرت وشكرت. إتّسم عمار بحسن الضيافة والكرم ومتابعته جيدا للأحداث ومناقشته الحرة وعدم مجاملته للضيف في المجال الفكري فقد كان يطرح أفكاره بكل حرية ومسؤولية. وحين طلبت من إبنه أن يريني مكتبته ووضع أمامي جملة من الكتب لعديد من الكتاب نصحته بقراءة كتب الأستاذ علي الطنطاوي لما امتاز به من باع طويل في عالم النقد والكتابة، وكذا كتب الأستاذ ديل كارنيجي لما فيها من طابع عملي على أن يختار القارىء مايناسب وضعه ومجتمعه بما هو متاح من ظروف ووسائل.
وسوم: العدد 734