القاصة السعودية منيرة الأزيمع تقرأ
القاصة السعودية منيرة الأزيمع تقرأ
في رابطة الأدب الإسلامي
من صالح أحمد البوريني/عمان
استضافت رابطة الأدب الإسلامي في عمان يوم السبت الماضي القاصة السعودية منيرة الأزيمع في أمسية قصصية بعنوان ( قصص في وجه الريح ) ، حضرها عدد من أعضاء الرابطة والمهتمين بالقصة ، والقاصة الأزيمع من مواليد مدينة الرياض ، درست الأدب الإنجليزي في كلية التربية في الرياض ، وعملت في الصحافة ، وشاركت في الأعمال الخيرية وجمع الأموال للمناطق المنكوبة في بلاد المسلمين . لها مجموعتان قصصيتان واحدة تحت الطبع في النادي الأدبي والثانية في طور التحضير للطباعة . إحدى المجموعتين بعنوان ( في وجه الريح ) . تستخدم الرمز في قصصها وتعالج قضايا المرأة مبرزة دورها وقدرتها على صناعة المستقبل وصياغة شخصية الجيل .
حضور مميز للمرأة :
وقد كان للمرأة حضور مميز ، مع أنها لم تنافس الرجال في العدد ، ولكن تميزها ظهر في المشاركة الفعالة عبر المداخلات والتعليقات والآراء النقدية التي ملأت بها مساحة رحبة من الأمسية التي أدارتها الكاتبة السيدة هيام ضمرة وقالت في تقديمها : " القدرة على التعبير وفن الكتابة خاصية إنسانية نخبوية ، تميزت بها فئة من الناس عن غيرهم ، وهي مهارة ثقافية فكرية متميزة ، مرتكزها اللغة ، وأدواتها فنون البناء ، وخصائصها الإجادة في العمل بما يتضمنه هذا العمـل من تفكير وتعبير وفصاحة وتمكن من فنون القول .
وقالت ضمرة : إن مزاولة الأديب لأدبه هي عملية تواصلية بيـن مرســل ومستقبل ، فإن مارس الأديب أدبه بطريقة ناجحة ولغة سليمة ؛ فقد حقق حالة ناجحة من الاتصال ؛ فالكتابة تعبير عن عمل ذهني ، وفكر مترجم إلى كلمات وعبارات ، ولكن بفصاحة وإبانة وتأثير .
العولمة والخصوصية الثقافية :
وفي تأكيدها على أهمية دور الخصوصية الفكرية والثقافية في مواجهة العولمة والغزو الثقافي الجارف ، قالت ضمرة : إن الأدب عملية تواصلية إنسانية ودولية ، وفي ظل انتشار تكنولوجيا الاتصال والتشابك المعرفي العالمي ؛ فإن الاهتمام بالأدب الإسلامي يوجب الحرص على امتلاك أدواته الفنية وعناصره البنائية ، ويقضي بإخراجه في صورة ملائمة شكلا ومضمونا ، حتى لا يلتهمنا طوفان العولمة والحداثة . ففكر الأمة هو أساس خصوصيتها وكينونتها الحضارية العريقة ، وفي زمن الانزياح الفكري فإن التشبث بالأدب الإسلامي هو تشبث بالهوية ، وبقيم الموروث الحضاري الخاص والمتميز . ولا شك أن مهــارة القص في ظل الأدب الإسلامي جديرة بأن تقدم فكرا غنيا بمظاهر التصالح مع الذات ومع التراث ، وتلقي ضوءا ساطعا على قيم العروبة والأخوة والإسلام .
الموهبة وفن القص :
وفي عرضها لموهبة القاصة الأزيمع وإمكاناتها الفنية قالت ضمرة : القاصة السعودية منيرة الأزيمع متوحدة مع أمتها في العروبة وشراكة التاريخ ، تبوح عبر قصصها بفكرها النبيل وعاطفتها الصادقة ، وتبدو لنا بموهبتها التي تتوضح أركانها وملامحها في قدرتها على استخدام عناصر البناء الفني ، وتوظيف الرمز بمهارة تحقق الحالة التـنـفـيسيـة عن اعتمالات الذات ، وتختبر قدرة المتلقي على التحليـل وقراءة ما بين السطور .
وهي ملمة بفنية الكتابة القصصية ، ولها معرفة بأصولها وقواعدها ، وتمتلك الموهبة الحسية والقدرة على ترجمة المشاعر . وهي لا تقحم قصصها في نفق الزمن ، إلا أن حرصها على الانخراط في الحس الوطني والنضالي ، من خلال القصة ، أدخلها في حيز الزمن عبر معايشتها للأحداث وتفاعلها مع الواقع .
اهتمام بالنقد :
وقد أظهرت القاصة الأزيمع قدرا كبيرا من الاهتمام بالتغذية الراجعة ، والحرص على سماع النقد ، والإفادة من الملاحظات والتعليقات ، بما جعل مساحة الحوار أكبر من مساحة قراءة النصوص . وقد تناولت المداخلات عددا من القضــايا التي أثارتها قراءة القاصة ؛ مثل قضية التداخل بين الأجناس الأدبية ، ومدى نضج ورسوخ فن كتابة الومضة القصصية ( القصة القصيرة جدا ) في أدبنا العربي الحديث ، وقضية الرمز والتفاوت في القدرة على توظيفه في خدمة الفن القصصي ، واستثمار السرد القصصي في ما يطرحه القاص من قضايا فكرية ، وأثر البيئة والسفر والثقافة والاحتكاك بالآخر في قدرات النص التأثيرية ، وأثر اللغة في تفجير الطاقات التعبيرية لدى المبدع ، وقدرة القصة على التعبيــر عن روح القاص وضمير المجتمع ومعاناة الإنسان ، وبراعة القاص في إبتكار المفارقة وإحداث الدهشة في نفس القارئ ، وغيرها من القضايا التي أتاح وقت الأمسية أن يشار إليها إشارات سريعة تضيئ وتلامس ولكنها لا تتعمق في التفصيل لضيق المجال .
وعلى العموم فقد انفسحت قصص الأزيمع على فضاء إسلامي وإنساني متراحب ، وجاءت معبرة عن عمق المأساة الإنسانية وغنية بمخزون التجربة الشعورية التي تعكس تفاعل صاحبتها مع أحداث شعبها وأمتها ورقة إحساسها وصدق انتمائها وحرارة عاطفتها إضافة إلى سمو فكرتها وشرف مضمونها وغناها باللغة الموحية والصورة المحلقة والرمز المعبر والمدهش .