تأسيس التجمع الثقافي الليبرالي في فلسطين
تأسيس التجمع الثقافي الليبرالي في فلسطين
أحمد يعقوب/ فلسطين
في خضم التطورات التاريخية التي تعصف في وطننا فلسطين على وجه الخصوص ، وفي وجه المنطقة والعالم بشكل عام. وفي ظل نتائجها الخطيرة على الانسان والمجتمع ، وامام حالة التخبط والفوضى في مواجهة كل هذه التطورات المصيرية والتاريخية، وفي ظل فقدان الاجابة على السؤال التاريخي لمعضلة "ما العمل ". وبعد نقاشات وحوارات وسجالات طويلة ومعمقة مسؤولة وهادفة قام بها عدد من مثقفي ومثقفات فلسطين في الوطن والشتات ، وبالتوازي مع مشاورات وتداولات مع عدد من المثقفين العرب اصحاب هذا التوجه الحضاري الجديد ، تم الاجماع على ضرورة الوقوف امام هذا الراهن السلبي ووضع استراتيجية للنهوض والتنوير، حيث تم الاتفاق على ان يكون المحور الثقافي هو مركزا لدائرة الفعل والانطلاق نحو مستقبل أفضل .
وان كان التجمع قد تبنى الهوية الليبرالية فاننا نحدد هذه الليبرالية في جانبها الثقافي المعرفي .ولذلك نورد هنا سياقا عاما للمحددات والمعايير التي سيتعامل التجمع وفقها.
فالليبرالية
في الواقع انطلقت تاريخيا من موقف نقدي يتعلق بعلاقة السلطات بالحرية ، كل السلطات.
فجاءت الليبرالية كنتاج لزمن طويل من التأمل والتفكير عند عدد كبير من الكتاب
المختلفين بشكل كبير في التفكير،و
دخلت إلى العالم كنقد ، نقد النظام القديم بكل مؤسساته السلطوية والبطريركية وسلطة
الكهنوتية ،بما يثبت الحق الطبيعي في المواجهة كأساس لليبرالية
،
كي لا يبرر الحكم الاستبدادي المطلق ولا ثقافته ولاأليات عمله ومرتكزاته. فالإنسان
حر ليس باعتباره فردا منعزلا ، بل كإنسان عضو في المجتمع والدولة أو الأمة ، ومن
ضمنها يمارس حقوقه ويشارك في الشؤون المشتركة على ان لا بترك الفرد من دون حماية
ودفاع، ولا يتم تسليمه للقوى الاقتصادية.
الليبرالية الاقتصادية
يجب ان لا تكون الحرية الليبرالية أيديولوجية لطبقات خاصة "تنتفع" من هذه الحرية من أجل زيادة نموها وازدهارها وسيطرتها علىالطبقات الأخرى وبالتحديد المسحوقة منها.
الليبرالية السياسية
فلا بد من الفصل الضروري بين السلطات من أجل ضمان الحريات العامة. (( حرية الصحافة، والاجتماع، والاعتقاد، والتعبير..) بحيث تعبر عن رأيك دون أن تنتابك حالة الوهم والقلق الدائم.
لهذا ستكون الليبرالية الفكرية والثقافية قادرة على تفجير أفكار ومذاهب عدة تلبي مطالب العصر والمستقبل على ضوء ما يسمي بالعقل النقدي أو العقل الناقد.. فيكون كل شيء خاضعا للنقد التاريخي والعصف الفكري.
مسودة إعلان التجمع
هو إطار ثقافي يجمع كل من يرغب من كتاب ومبدعين ومثقفين ممن يؤمنون بالليبرالية الفكرية ، وكل من يؤمن من منتجي الثقافة بالتعددية الثقافية ومبدأ حوار الثقافات. ويضم أيضا كل من يحرص على إعادة تفعيل الثقافة الفلسطينية لتقوم بواجبها في حماية الوجود التاريخي الفلسطيني.و إعادة الاعتبار لعملية تشكيل المجتمع التعددي، المنفتح على العصر على أساس حضاري جوهره الوعي والحداثة ومابعد الحداثة، ، و تفعيل الواقع الثقافي بما يتجاوز حالتي الجمود الفكري والابتذال والسطحية، وعدم إعمال العقل والمنطق، بما يضمن اغناء الذات الفلسطينية من جميع الجوانب الحضارية ، على أرضية الثابت والمتحول في سياق المتغيرات الإقليمية والدولية..كما ويهدف التجمع الى ضبط التوجهات العامة للسياسة المحكومة بالضرورة باعتبارات اللحظة وكل ما هو راهن.
ويهدف التجمع الثقافي الديموقراطي إلى تحقيق جملة من الأهداف منها:
أولاً) حماية الحقوق الأدبية والمعنوية للمثقفين من التطاول والمصادرة، الفردية والجماعية، وتحقيق المكانة اللائقة بهم، أسوة بالمجتمعات المتقدمة والمتحضرة.
ثانيا )الانخراط في الفعاليات المجتمعية لإعادة الصلة بين المثقف والمجتمع، وفق العلاقة التبادلية الفاعلية والإيجابية
ثالثا) مواجهة الاتجاهات التبديدية/ الالحاقية، والتيارات التي تدعو وتعمل للانسحاب من العصر والتقوقع والتكلس فتشوه الهوية الحضارية لشعبنا ولتاريخه العريق في التحرر والنهضة والتنوير واشاعة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
رابعا) مواجهة المظاهر الاجتماعية التي تنطوي على مظاهر ثقافية متخلفة، مثل الثأر، العشائرية، أخذ القانون باليد، الاعتداء على حقوق الغير وتسخيف الرأي الأخر، وكل أشكال الضغط والإكراه. ، وإعادة مجموعة القيم الأخلاقية، التي تضمن الاحترام والثقة والنبل والتضامن.
خامسا) مواجهة كل أشكال السيطرة والهيمنة الثقافية، والتي تفرضها القوة العسكرية أو النفوذ الاقتصادي، والدفاع عن مبدأ تعدد الثقافات وتفاعلها فيما بينها بما يحقق مستقبلاً أفضل للإنسانية جمعاء.
سادسا) الدفاع عن حقوق الأقليات الاجتماعية والثقافية والفئات المهمشة في المجتمع لمواجهة ثقافة متنفذة تقوم على أساس السائد والمألوف، وتكريس نسق الثقافة السانحة التي تقاوم التغيير والتطور.
سابعا) الدفاع عن الحقوق الثابتة للأفراد والشعوب، في العيش بحرية وكرامة، وفق ما أرسته المسيرة الإنسانية من قيم حضارية ومن شرائع سماوية ودولية وعقود اجتماعية.
ثامنا)
التساوق مع جوهر الثقافة باعتبارها فعلاً للتجاوز الدائم، تتطلع الشعوب الأمم من خلالها إلى المستقبل، فلا تظل محكومة فقط بميزات الماضي، والتقوقع في الذات، وفتح الآفاق أمام التفاعل الثقافي على أساس من حرية الاختيار وعدم التعصب وإشاعة التسامح والقبول بين الأفراد والشعوب.تاسعا) إحياء فكر النهضة الحضارية والحفاظ عل اتجاهات التنوير في الثقافة الفلسطينية العربية والانسانية، باعتبارها ذخراً ثقافياً بالغ الأهمية، من شأنه أن يرفع من شأن ذاتنا الثقافية على الوقوف في وجه مخاطر التجاوز، الاحتواء والتبديد.
عاشرا ) الحضور والتفاعل وتبادل الخبرات مع المجتمعات الثقافية الديموقراطية، التي تؤمن بالمساواة والحقوق الثابتة للأفراد والشعوب والأمم، لتشغيل قوى الضغط على مراكز صناعة القرارات السياسية في الدول والحكومات والتجمعات الإقليمية والدولية.
حادي عشر) المشاركة الجدية في الإجابة من خلال الجدل الديموقراطي، على أسئلة العولمة،و ما بعد الحداثة، والتطبيع الثقافي، على أساس من المنطق العقلاني، الذي يؤكد الجوهر الإنساني والحقوق الثابتة، بعيداً عن التشنج والشعار العدمي أو المجاني. ويحقق التفاعل والتلاقح الثقافي.
ثاني عشر ) ويهم التجمع الثقافي أن يؤكد انه ليس بديلا عن اية نقابة أو جهة رسمية ذات طابع ثقافي انما يحث المؤسسات الثقافية والوطنية المعنية بالثقافة والتربية والاعلام على المشاركة في عملية مراجعة اليات عمل الثقافة الفلسطينية ومراجعتها وفق المنهج التجديدي الحداثوي الحضاري ليتسنى تأصيلها وتجديدها وحفظها من التقوقع والضياع أو التلاشي.
التجمع يتوجه بهذه المسودة الى جميع المثقفين والمفكريين والكتاب والادباء والاكاديميين وغيرهم من فلسطينيين وعرب من المعنيين بهذا الشأن ،ويتقدم بدعوة مفتوحة للنقاش الحر الهادف والمسؤول .. وننتظر المناقشات والاقتراحات والردود وجميع الافكار لدراستها مليا وجديا والأخذ بها في كل الأحوال. والتي ستنشر على موقع التجمع في القريب العاجل ..
ويمكن المراسلة على البريد الالكتروني :