برقيات 72
الوطني والوجداني يتعانقان في شعر
صالح الجيتاوي
ألقى في رابطة الأدب الإسلامي
صالح الجيتاوي |
صالح البوريني |
استهلت رابطة الأدب الإسلامي نشاطها الثقافي للسنة الجديدة يوم السبت 8/1/2005م بأمسية شعرية للشاعر المبدع صالح الجيتاوي أدارها الأستاذ الشاعر محمد جمال عمرو ، وقرأ فيها الجيتاوي عددا من قصائده الجديدة التي تراوحت بين الوطني والوجداني وحلقت في روحانية سامية تستلهم الماضي وتستشـرف المستقبل وتجس بيد حانية جرح الواقع العربي النازف ، ولكنها لا تخلو مع ذلك من نفحة أسى تغمرها بعض ظلال اليأس .
وقد صدر للجيتاوي ديوان ( صدى الصحراء ) عام 1982 ، و( قناديل على مآذن القدس ) عام 2001م ، وله بحث عروضي بعنوان ( قول متدارك على البحر المتدارك ) صدر عام 1982م .
واشتملت القصائد التي قرأها على العمودي وشعر التفعيلة ، وغلب ( البحر الخفيف ) على أوزانها العروضية .
واتسـم إلقاؤ الجيتاوي بالهدوء والعمق ، وخيم على المستمعين جو شاعري متجانس الألوان ، وبينما كان جسر الحزن معْـبرا بين مناخات القصائد المتـنوعة العناوين المـتشابكة الهموم ؛ كان وجه الشاعر يطل علينا من وراء أسوار القصيدة الشفافة وتلوح لنا ملامحه غاضبة حينا ومشفقة حينا ، ومشعة بالأمل حينا آخر في مثل قوله في قصيدة ( اتركوني على روائح بغداد ) :
اتـركـونـي في ( الأعظميـــة
) كـلـهـا فـي الزمان ساعة صبــر يـحـرق الـحقد نفسـه وذويـــه ويـطيب النداء في القـدس بالفتــح | عـل الروح تشفى بسورة ( الأعراف ) فـالبطولات آذنت بانعطـــــاف ثـم يـغدو طيفـا من الأطيــــاف وتـشـفى الصدور في الأكنـــاف |
قرأ الشاعر الجيتاوي أولا قصيدة بعنوان ( اعتذارية الشعر ) ، وهي من جديده المنظوم عام 2004م ، وكأنه يسجل فيها نهاية مرحلة من حياة الأمــة وبداية أخرى ، ولا شك أن الشاعر بتفاعلـه المستمر وشفافيته العالية وتأثره العميق بتطور الأحداث يملك أن يحس بحركة الحياة ويضع أصبعه على مفاصل التاريخ . والقصيدة رغم أنها تقطر تفجعا ومرارة إلا أنها تشير إلى أن الجهاد بالحروف والكلمات وبذل الدماء والأرواح هو قدر هذه الأمة وطريق عزتها ومجدها :
أتـرى فـي الخيال ثم قصيــدٌ أم تـرى ظـل فـي الحنايا شعاع كـان للشعر دولة في ظلال السيـ مـن شـفيعي لساعة من سعـود عـربـي أنا وتلك دمائــــي مسلم في رباطه ، يجمح الشــوق | بـعـد أن أبطل الخيال العبيــدٌ مـن حـسان المنى لديه المزيـد ــف تـزهو أعيانهـا والحشود بـعـد أن جف في الحياة السعود نـافـرات على قيـودي تجـود بـعـيدا بـه ، وتأبى الحــدود |
ومما يتميز به شعر الجيتاوي جمال مطالع قصائده وحسن صياغتها وهي الظاهرة الشعرية الجمالية التي سماها البلاغيون ( براعة الاستهلال ) يقول مخاطبا والدته :
سواك على شفتــي أحــرفٌ وعيناك فاتحـة للعـــــروج وكفّــاك داليتـي ، وأريكــة |
وأنـت على مهجتـي مصحـفٌ وبينهمــا يشـرع الموقــف روحـي ، ومنتجعـي المـورف |
ويتجلى في بعض ما قرأه الجيتاوي شعر المناجاة ، وبخاصـة في قصيدة ( كل ما في يدي ) إذ تـنساب مشاعر الرضا والسكينة واستحضار الندم واستشعار التقصير والتفريط في جنب الله عز وجل والانطراح على بابه طلبا للعفو والصفح ، في عبارة تجمع بين الوجازة والإحكام وفي قافية تـتسع للرجاء والأمل :
للندى منك أنهر وعيــون كيف يحظى بهن قلب سجيـن
كلما أنّ من تلهّـب قــرح عقـه القرح والصدى والأنين
هو ذا شأنه ؛ وشأنك غـوث لحطيم أتت عليه السنـــون
شأنك
الجود ما تعرض كف لغياث وما دعـا محـزونأنا
عبد وأنت ربي ؛ وهذا كل ما في يدي ؛ ومنه أديـن