مؤتمر جبرا إبراهيم جبرا في بيت لحم

مهرجان  ثقافـي – رغم الحصار

مؤتمر جبرا إبراهيم جبرا

في بيت لحم

د.فاروق مواسي

انعقد في بيت لحم وعلى مدار يومين (28-29/8/2004) مؤتمر الروائي والشاعر والناقد والمترجم جبرا إبراهيم جبرا.

 ولد جبرا في 28/8/1920، وهذه لفتة جميلة أن يعقد المؤتمر في ذكرى ميلاده وفي جامعة بيت لحم – هذه المدينة التي كان فيها مسقط رأسه ،  وقد تحدث في جلسة الافتتاح كل من الأخ فنسنت ملحم رئيس جامعة بيت لحم والسيد حنا نصر رئيس البلدية والدكتور عزيز خليل منسق أعمال المؤتمر ،  ثم تلاهم وزير الثقافة الأديب يحيى يخلف بكلمة استعراضية للحركة الثقافية الفلسطينية ،  وأثنى الجميع على هذا المؤتمر الذي كان يجب أن يعقد قبل أربع سنوات عند الاحتفال بالألفية في بيت لحم ، واختتمت الجلسة بمقطوعات  من المتوالية الغنائية "عبير الصخر" قدمتها الفنانة تانيا تماري ناصر ترافقها علي البيانو جانب أنيوواي.

ثم أدار الجلسة الأولى د.ياسر الملاح وعنوانها: " شعرية جبرا وموقفه من التقليد في المنظور النقدي ". فتحدث د.فاروق مواسي (كلية القاسمي - باقة الغربية ) عن مميزات في شعر جبرا أوجزها في التزام القضية ضمن إطار قصيدة النثر،و استخدام الأسطورة والرمز، واعتماد السرد الحكائي، والجرأة في البوح الجنسي؛ وقدم نماذج منها ، كما استعرض ديوانه الشعري بالإنجليزية بعنوان Fluctuation   واحتشاده بالرومانتية .

تلاه د.جمال سلسع فتحدث عن صور المنفى في أشعار جبرا ،  وأظهر أنه نجح في تصوير مختلف الصور والمواقف التي تعرض لها الفلسطيني في المنفى عبر صور تجلى منها ذلك . واستقرأ د.معتصم الخضر (جامعة القدس) عناصر منهج جبرا في النقد مقدمًا نماذج منها ، وخاصة كتابه أقنعة الحقيقة وأقنعة الخيال.

كما تناول د.ياسر أبو عليان (الخليل) الشعر العمودي في نقد جبرا ،حيث تطرق إلى مناحي التجديد التي ذكرها جبرا في أشعار شوقي وعبد الرحيم محمود وعلي محمود طه والجواهري.

 وفي الجلسة الثانية التي أدارها د. محمود أبو كتة وكانت تحت عنوان "جبرا المبدع" تحدث د . قسطه  الشوملي (بيت لحم) عن جبرا مترجمًا، وقد وقف على طريقة نقل النص محافظًا على أدبيته، حيث  حاول جبرا أن يكون دقيقًا ومقررًا العديد من المسائل المتعلقة بصفات النص ورموزه ومكوناته.

وتحدث د.مروان علان (ناقد تشكيلي) عن جبرا رسامًا وناقدًا تشكيليًا ،  وبين أن أسلوبه في دراساته النقدية التشكيلية متأثر بالروح التأثرية الانطباعية، وهو يرى برغم شهرته في ميادين الفن التشكيلي في العراق بأن هذا النقد كان الحلقة الأضعف في تعدديته الثقافية.

وقدمت السيدة ميسر أبو علي (وزارة الثقافة – رام الله) شهادتها الشخصية من خلال لقاءاتها المتكررة مع الأديب، فقدمته ببساطة أسلوبه في العيش وتناول الأفكار والأمور وقرأت نبذًا  من رسائله الشخصية.

واختتمت الجلسة الثانية بقراءات من أدب جبرا قدمتها ابنة عكا الفنانة سامية قزمور بكري.

ثم أدار الجلسة الثالثة د.وليد مصطفى وعنوانها " البناء الفني في سرديات جبرا " ، فتحدث د.إبراهيم العلم (بيت لحم) عن رواية السفينة وعن أساليب السرد فيها - من استدعاء الذاكرة والحوار وتيار الوعي واعتماد ضمير المتكلم ، كما تحدث المحامي سمير حاج (من عبلين ويعد أطروحة الدكتوراة عن فنية الصياغة لدى جبرا) فأظهر أن جبرا في سفينته يتبع تقنية الرؤى المتعددة ، ويمكن اعتبار الرسائل والأوراق والمذكرات التي تركها أحد أبطال الرواية صوتًا رابعًا أو راويًا رابعًا. وذكر أن موضوع السفينة الأساس - هو الأرض والتعلق بالجذور على النقيض من مدلول عنوانها البحري.

وقرئت ورقة د.عادل الأسطة (نابلس)  بعنوان ( جبرا والقصة القصيرة ) وتناول جوانب السارد وطبيعته، والمكان في القصص، والعناوين وصلتها بالمتن.

أما الدكتورة أسماء شاهين (الخليل) فقد تحدثت عن البناء الفني للمكان في روايات جبرا  ، وبينت أن المكان ليس بأبعاده  الجغرافية ولا بهندسته، بل يحمل أبعادًا اجتماعية وتاريخية ونفسية تظهر من تخلق المكان في العمل الروائي والعلاقة الجدلية مع الإنسان والزمان والأشياء الأخرى.

وتناول د.عادل أبو عمشة (النجاح) عناوين جبرا الروائية وتقصى  عنوان "السفينة" – نموذجًا، واستطرد في إمكانات مختلفة لتفسير العنوان من خلال زوايا مختلفة رابطًا بين كل تفسير وبين النصوص التي ترفد ذلك.

في اليوم الثاني التأم المؤتمر في الشارع الجديد الذي أطلقت عليه البلدية " شارع جبرا إبراهيم جبرا" ،  فتحدث السيد حنا ناصر عن طبيعة هذا الشارع ،  وأرشد المحاضرين إلى بيته، ثم قام المحاضرون بجولة في الأماكن التي ذكرها جبرا في البئر الأولى وكانت بإرشاد الأستاذ مجدي الشوملي.

تبعث هذه الجولة الهامة زيارة لقسم "تراثنا" في مكتبة بيت لحم.

ثم انعقدت جلسة المحاضرات الأخيرة بإدارة  د . عدنان مسلم وهي تحت عنوان "تجربة جبرا الإبداعية في المنظار النقدي".

فتحدث الأستاذ صادق الخضور عن " الوطن في أدب جبرا " - شعرًا ونثرًا .

كما تحدث الأستاذ عدوان نمر  (نابلس) عن إيقاع المكان في رواية  السفينة ،  فركز على العلاقة الإيهامية بين أمكنة جبرا والأمكنة الخارجية وتتبع إيقاع  المكان في السفينة من خلال تحرك الشخصيات ورصد أزمنتها، كما تحدث عن الفضاء النصي وعلاقته بالحكي...

أما  د.محمد الدوابشة (الجامعة العربية الأمريكية – جنين) فقد تحدث عن جدلية المكان في سيرة جبرا الروائية ، وبين أن بغداد كانت تمثل لديه الاستقرار والمنفى والوطن واللاوطن.

وتحدثت  الشاعرة روز الشوملي مصلح عن سيرته  البئر الأولى ، وتتبعت بصمات طفولة جبرا المبكرة على أعماله الأدبية اللاحقة من خلال مراجعة هذه السيرة الذاتية ، وكيف كانت هذه البصمات استشرافية في روايتي "البحث عن وليد مسعود" "و "السفينة" ومجموعته القصصية "عرق".

وتحدث د.نادي ساري الديك (القدس المفتوحة) عن سيرة "شارع الأميرات فرأى فيها عملاً يجمع بين الجانب السردي والمتعة التخيلية اللذين امتاز بهما جبرا، وذكر أن السيرة فيها حقائق مشخّصة ومؤكدة ، لكنها وردت  بأسلوب روائي ممتع .

واختتمت المحاضرات بمحاضرة الأستاذ مجدي الشوملي بعنوان "كنز التراث في ذاكرة جبرا من خلال ما ورد في البئر الأولى" فذكر بصورة شاملة عناوين ومحطات تراثية فعّالة في مبنى النص. وقد تلا كل محاضرة نقاش مثمر أغنى اللقاءات وأكسبها حيوية .

وختامًا للقاء تحدث د.فاروق مواسي شاكرًا لجامعة بيت لحم  ولإدارتها على استضافة هذا المؤتمر الذي  لاقى نجاحًا باهرًا، ودعا إلى إعداد  هذه المحاضرات لتنشر في كتاب، كما دعا إلى توثيق الأماكن التي ارتادها جبرا في شريط فيديو يكون جزءًا من الفائدة التي أسداها المؤتمر.

ويذكر أن هذا المؤتمر عقد بدعم من " صندوق  الأمير كلاوس " في هولندا وكذلك من وزارة الثقافة الفلسطينية  .