الداعية الموفق د. سعيد رمضان (أبو أيمن)
(1345 - 1416هـ / 1926-1995م)
ميلاده ونشأته
د. سعيد رمضان من مواليد طنطا عام 1926م، ومن تلامذة البهي الخولي، ومن المقرّبين للإمام الشهيد حسن البنا، حيث زوَّجه كبرى بناته، وهو داعية موفّق، وخطيب مفوَّه، وسياسي محنك، يشد قلوب الجماهير وهو يخطب، ويأخذ بمجامع القلوب في أحاديثه الروحية بالكتائب والأُسر، كما كان له دور فاعل ومؤثر في أوساط الفلسطينيين، الذين وجدوا فيه الصورة الصادقة للأخ المسلم، الذي تسمو عنده رابطة العقيدة والدين على رابطة الجنس والطين، ويعيش للإسلام جنديًا من الجنود في أي موقع كان.
معرفتي به
أول معرفتي به من خلال قراءاتي في مجلة «الإخوان المسلمون» الأسبوعية أوائل الأربعينيات، ومن خلال جولاته في القطر المصري، وإلقاء الخطب والمحاضرات، حيث كان من شباب الإخوان المسلمين النشطين في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ثم تولى إدارة مجلة «الشهاب» الشهرية التي أصدرها الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله) عام 1948م، وقد شارك في حرب فلسطين مع كتائب الإخوان المسلمين، وكان من قادتها في منطقة صور باهر والقدس، ثم غادرها بعد الهدنة حين أجبرت الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا الجيوش العربية على إلقاء السلاح وإيقاف الحرب والانسحاب من فلسطين، وتركها لقمة سائغة لليهود، يعيثون فيها فسادًا، يقتلون أهاليها ويخربون بيوتهم، ويقيمون المجازر الدموية لشعب فلسطين، الذي خذله الحكام العرب، ومُنعت الشعوب الإسلامية من الوقوف بجانبه والمساهمة في الدفاع معه عن أرض المقدسات، أرض الإسراء والمعراج، حيث قام الجيش المصري بأوامر من فاروق باعتقال المجاهدين من الإخوان المسلمين المصريين في فلسطين، وإرسالهم إلى معتقل الطور بمصر، تنفيذًا لأوامر المستعمرين واليهود، الذين ذاقوا الأمرّين من الجهاد البطولي للإخوان المسلمين الذين كانوا يقتحمون على اليهود حصونهم ويلقون بأنفسهم في خنادقهم ويقتلونـهم بالسلاح الأبيض، حتى فرّ اليهود من كل موقع للإخوان فيه وجود، واستغاثـوا بالإنجليز ليحموهم من هؤلاء المجاهدين الذين لا يخافون الموت ولا يُبالون باليهـود ولا بأسلحتـهم الفتاكة، بل يتسابقون إلى الشهادة، وكم من معاقل لليهود سقطت بأيدي الإخوان المسلمين، وكم من معارك فرّ منها اليهـود كالأرانب أمام كتائب الإخوان المسلمين الفدائية، وكم من معركة شرسة خسر فيها اليهود المئات من قواتهم، بل كان الإخوان المسلمون يحرّرون الجيوش العربية التي تقع في أسر اليهود، وما موقعة (التبة 86) والفالوجة التي خسر فيها الجيش المصري، ووقع ضباطه فيها أسرى بين أيدي اليهود إلا مأثرة من مآثر الإخوان المسلمين.
ولقد سعدتُ بلقائه في بغداد عام 1949م، حين توجه إليها عائدًا من فلسطين، حيث كانت الحكومة العميلة بمصر تطالب باعتقاله، وقد استقبله الإخوان المسلمون في العراق أحسن استقبال بما يجب نحوه، كأخ مسلم مجاهد، وداعية من دعاة الإخوان المسلمين، حيث تصدوا للحكومة العراقية التي كانت تريد تسليمه لمصر بناء على طلب حكومتها، واستقر الرأي على أن يُغادر العراق إلى باكستان، حيث وافقت حكومة العراق على عدم تسليمه لمصر، على أن يغادرها بأقرب وقت؛ فقرر الإخوان المسلمون في العراق تأمين سفره، وسافرتُ معه من بغداد إلى البصرة بالقطار، وكان السفر إلى باكستان من مطار البصرة الدولي آنذاك، وكان برفقتنا حارس ليضمن مغادرته العراق وعدم تخلفه، وكانت رحلة ممتعة عرفتُ فيها سعيد رمضان جيدًا، وحدثني عن الإخوان المسلمين حديث العارف البصير.
كما التقينا الكثير من إخواننا في البصرة، ومنهم عمر الدايل وعبد الواحد أمان وعبد الرزاق المال الله الذين سعدوا بزيارته، وإن كان مخفورًا بحراسة الدولة، وبعد أن بات ليلة أو ليلتين في فندق المطار بالبصرة، غادَرَنا إلى باكستان، مودعًا من جماهير غفيرة من الإخوان المسلمين احتشدت بالمطار.
ثم تكررت لقاءاتي به في مصر كثيرًا حتى غادرها بعد حكم الطاغية عبد الناصر عليه بالإعدام، حيث تنقل في بلاد عربية كثيرة، وكان للمغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود موقف كريم نبيل، حيث رحب به وآواه وأصدر له جواز سفر خاصًا يتنقل به حيث شاء بعد إسقاط الجنسية المصرية عنه ومحاولة خطفه واغتياله من قِبَلِ المخابرات.
تأسيس رابطة العالم الإسلامي
وقد ساهم د. سعيد رمضان في تأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، كما كان الأمين العام للمؤتمر الإسلامي للقدس، وأسّس المركز الإسلامي في جنيف، وواصل إصدار مجلة «المسلمون» كبديل لمجلة «الشهاب» واستمرارًا لها، وشارك في العمل الإسلامي على الساحة الإسلامية الواسعة، واستقطب الكثير من العلماء والمفكرين من أنحاء العالم أمثال د. محمد ناصر، والسيد أبي الحسن الندوي، والسيد أبي الأعلى المودودي، ود. محمد حميد الله، ود. مصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، ومعروف الدواليبي، ومحمد أسد، وحيدر بامات، وعليم الله الصديقي، ود. زكي علي، ومحمود بوزوزو، وعلال الفاسي، وكامل الشريف، وعبدالله كنون، ومحمد أبي زهرة، ومحمد يوسف موسى، وغيرهم.
حتى كانت مجلة «المسلمون» أرقى مجلة إسلامية شهرية في الخمسينيات والستينيات، تستقطب جماهير المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويكتب فيها أساطين العلم وقادة الفكر، وكبار الدعاة والزعماء المصلحين، وينتظر المسلمون صدورها بفارغ الصبر، وقد صدرت بسورية فترة من الزمن بإشراف الدكتور مصطفى السباعي - المراقب العام للإخوان المسلمين بسورية - ثم في جنيف بإشراف د. سعيد رمضان.
إن الأستاذ د. سعيد رمضان داعية مرهف الإحساس، كريم الطباع، جياش العاطفة، غزير الدمعة، تغلب عليه الروحانية، وتأسره الكلمة الطيبة، ويتفانى في الأخوَّة الروحية، يبكي ويُبكي إذا تحدَّث أو خطب، أو حاضر، أو ناظر، ويرجع عن الخطأ إذا عوتب، ويستسمح إخوانه، ولا يحمل الحقد ولا الضغينة لمسلم، بل يُؤثر الاعتزال إذا ما أخطأ معه أحد ولا يعاتبه أو يحاسبه على إساءته له.
حياة المهجر
عاش معظم حياته في المهجر، وأبى العودة إلى وطنه مصر؛ لأنه وجد في الحكام المتعاقبين نسخًا مكرورة للطغاة، وإن تفاوتت مراتب طغيانهم، وآثر العيش في ديـار الغرب أواخـر أيامه مع زوجـه وأولاده، وتفرَّغ للقـراءة والكتابـة، ووجد من زوجته (أم أيمن) ابنة الإمام الشهيد حسن البنا، خير سند ومعين - بعد الله - مما خفّف عنه غربته، وأعانته على تنشئة أولاده، وواجه فيها محنة الجحود والنكران من بعض من أحسن إليهم، ووقف إلى جانبهم وساعدهم.
وكان إلى جانب كونه داعية موفقًا وخطيبًا مصقعًا، ومحاضرًا ناجحًا، يغوص في أمهات المسائل العلمية السامية للكون والإنسان والحياة، لقد كان الأستاذ (أبو أيمن) (رحمه الله) محبوبًا من جماهير الإخوان المسلمين، وبخاصة الشباب، وله في كل قطر إخوان وخلان يذكرونه بخير، ويحبونه غاية الحب، ويدعون له لأنه من أسباب هدايتهم إلى طريق الحق والخير.
مذكرات الندوي
يقول العلاّمة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي في كتابه القيم: (مذكرات سائح في الشرق العربي):
«وكان الإخوان أخبروني بوجود سعيد رمضان في القاهرة، وأخبروني بنشاطه في العاصمة والأرياف، وتنقلاته واتصالاته بزملائه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وكنت حريصًا على الاجتماع به وبإخوانه، لأنني أعتبر الاجتماع برجال الدعوة والحركة الإسلامية من أكبر حسنات هذه الرحلة وأطيب ثمراتها، ولما طالت إقامتي في الحجاز، درست أحوال البلاد العربية عن كثب، وعرفت ما هنالك في العالم العربي من تفسخ في الأخلاق، واستبداد في الحكومات، وتحزب في السياسة، وانصراف بالكلية عن الدين وعبادة للمادة، وضياع الشعوب العربية بين حكومات مستبدة، ورجال يعبثون بأموال الدولة والأمة عبث الأطفال بالحصى والخزف، وأحزاب سياسية تتلهى بالشعب، وتسخر منه وتضرب بعضه ببعض لمصلحتها وسياستها، ورجال لم تنشرح صدورهم للإسلام، ولكن يصرّون على أن يحكموا شعبًا يؤمن بهذا الدين، وعرفت أنه لا يغيّر هذا الواقع ولا ينقذ العالم العربي من الانهيار الذي يتهدده، إلا حركة شعبية قوية أساسها الدين والإيمان، والتقوى والجهاد، لإعلاء كلمة الله، ومن أهدافها تطهير المجتمع من الأدواء الخلقية والاجتماعية وتطبيق نظام الحياة الإسلامية في الأقطار الإسلامية، ورأيتُ الشر قد تفاقم، وأن الأمر أعظم من أن يُتدارك بجهود فردية ودروس دينية وإلقاء مواعظ وخطب أو نشر مؤلفات وكتب، إن السيل لا يمسكه إلا سيل مثله، والتيار لا يدفعه إلا تيار أقوى منه.
وقد سمعتُ ممن اتصلت بهم من أدباء الحجاز ومَنْ قابلتهم من الإخوان في الحج، أن حركة الإخوان المسلمين كادت تحقق هذه الأمنية، فقد أثَّرت في حياة البلاد تأثيرًا قويًا، واجتمع عندها من قوة وإيمان، وعمل وعلم، وحماسة وتنظيم، ودعوة ما يستطيعون به - لو أذن الله بذلك - أن يُغيِّروا اتجاه البلاد، من اللادينية إلى الدين، ومن الاستهزاء بالدين إلى التمسك والتفاخر به.
وقد كتبتُ للأستاذ صالح عشماوي أخبره بسفري إلى مصر، ورغبتي بالاجتماع به وبإخوانه، وحين علمت بوجود الأستاذ سعيد رمضان، أبديتُ رغبتي بالاتصال به، حيث شرَّفني بزيارته مع رهط من الإخوان الشبان من طلبة الكليات، وأعجبني نشاطه وخفة روحه التي كانت تبدو في حركات يده وأسارير وجهه وإقباله على الجالسين كلهم بالفكاهة والخطاب، وأعجبني ذهنه المتوقد، وقلبه المتفتح، ثم غادرنا على أن نجتمع غدًا بعد زيارتنا للأستاذ صالح عشماوي، وفي الصباح جاءنا الأخ يوسف القرضاوي والأخ محمد الدمرداش، ثم جاء بعدهما الأخ عبد الله العقيل ليأخذنا إلى مكتب الأستاذ صالح عشماوي الذي قابلنا بعناق حار، فكلانا مشتاق إلى صاحبه، ثم خرجنا منه إلى منزل الأستاذ سعيد رمضان الذي كان في انتظارنا، حيث كان الحديث عن الهند وحركة الدعوة الدينية والجماعة الإسلامية فيها.
وفي مساء الغد حضرنا محاضرة للأستاذ سعيد رمضان في قاعة عبد الحميد سعيد بدار الشبان المسلمين بالقاهرة.. وكانت محاضرة طويلة استغرقت ساعتين وكان موضوعها «الجامعة الإسلامية» وكان الحضور كبيرًا ومعظمهم وقوف رغم سعة القاعة، وكانت الخطبة تُقاطع بالهتاف والتكبير والتحميد من الجماهير الغفيرة المتحمسة.
وفي يوم الأحد 27/4/1370هـ، الموافق 4/2/1951م، حضر إلينا الأخ عبد الله العقيل للذهاب إلى محكمة الجنايات لحضور مرافعة الأستاذ المحامي سعيد رمضان عن المتهمين من الإخوان المسلمين في قضية السيارة الجيب، وحين وصلنا المحكمة فتش الحراس جيوبنا، وأذنوا لنا بالدخول.
ووقف الأستاذ سعيد رمضان المحامي موقف المرافع، وأدلى بقضيته في خطابة مؤثرة، وشجاعة نادرة، وذكر قصة استخلاف آدم وخروجه من الجنة، والصراع القديم بين الحق والباطل، والخير والشر، وتعاليم النبوة، ونزغات الشياطين، ثم ذكر الخلافة الإسلامية وشبابها، ثم وهنها وشيبها، والزحف التتاري والغارة الصليبية، ثم ذكر الصليبية الأوروبية في القرن التاسع عشر والاحتلال الأوروبي، ثم تدرج إلى ذكر الصليبية اليهودية ونواياها وخطرها على العالم الإسلامي، وأشار إلى نهضة الإخوان المسلمين ورباطهم أمام هذا الخطر الداهم ووقوفهم موقف المجاهدين، معززًا ذلك كله بالآيات والأحاديث الكثيرة، التي كان يستشهد بها، فيتحول الجو القضائي إلى الجو الديني، وترق القلوب، وتخشع وينسى الخطيب وينسى الناس أنهم في محكمة، ويتصورون وكأنهم في وعظ ديني، أو حفلة سياسية، وذلك يدل على قوة المحامي وإيمانه، وتقلب الجو، وتأثره بحركة الإخوان المسلمين، ولما خاطب المحامي العدل والرحمة في نفوس حضرات المستشارين، وأراد أن يحرّك الإيمان والشعور الديني فيهم - وهم طبعًا مسلمون - تأثر الناس وتحركت النفوس، حتى إذا وجه خطابه إلى المتهمين وأوصاهم بالاستقامة والصبر وتلا عليهم الآيات والأحاديث في هذا المعنى، فاضت العيون، وعلا النشيج في بعض الجوانب، خصوصًا السيدات، وقد خرجنا من المحكمة متأثرين مما رأينا وسمعنا.
وحين زرنا الأستاذ البهي الخولي في يوم آخر وجدنا عنده الأستاذ سعيد رمضان مع الأخوين: فريد عبد الخالق، ومنير دلة، وغيرهم، وكان الأستاذ سعيد رمضان يستعد للسفر إلى مراكش مرورًا بإسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا، فودعناه على أمل اللقاء ثانية.
ولما توجهنا إلى سوريـة بعد فتـرة شاء الله أن نـلتقي بالأستـاذ سعيـد رمضان بفنـدق «أميّة» بدمشق، حيث وجـدنا عنده الدكـتور مصطفى السباعي - المراقب العام للإخوان المسلمين بسورية - الذي وضع لنا برنامج الزيارة إلى حلب، وحمص، وحماة، حيث كان الإخوان المسلمون برفقتنا»، انتهى.
بهذا الوصف الدقيق تحدث السيد العلاّمة أبو الحسن الندوي عن الأستاذ د. سعيد رمضان حديث العارف البصير والداعية الحكيم.
حديث كامل الشريف
وعن دور الأستاذ سعيد رمضان في القضية الفلسطينية وجهاد الإخوان المسلمين البطولي فيها منذ سنوات طويلة، يقول الأستاذ كامل الشريف في كتابه القيم (الإخوان المسلمون في حرب فلسطين):
«... حين وضحت نيات الحكومة البريطانية وسياساتها في فلسطين، أخذ الإخوان المسلمون يعقدون المؤتمرات تباعًا، ويبيّنون للشعوب والحكومات حقيقة هذا الخطر الذي يهدد كيانهم ومستقبلهم، حتى نجحوا في إشراك العالم الإسلامي كله في هذه القضية، وباتت قضية فلسطين والعرب لا قضية أهل فلسطين وحدهم، وحين قامت القلاقل في فلسطين أخذوا يمدون المجاهدين الفلسطينيين بما يقع تحت أيديهم من مال أو سلاح، حتى نجح الإخوان في تسلل عدد من شبابهم للالتحاق بثورة الشيخ عز الدين القسّام عام 1935م، وثورة 1936م، وبخاصة في المناطق الشمالية، وبعد نهايـة الحرب العالمية الثانية، أخذ الإخـوان المسلمون يعملون للقضية الفلسطينية عملاً إيجابيًا فأرسلوا وفودًا لتـدريب الفلسطينيين تدريبًا سريًا، ولـقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، حتى أصبحت شُعب الإخوان ومـراكزهم ودورهـم هي مراكـز القيادة وساحات التدريب، ولا يزال أهل فلسطين الأوفياء يحمدون للداعية الإسلامي سعيد رمضان مواقفه الكـريمة وأثره البالغ في توجيه الشـبـاب العربي وجهة صـالحة، ويذكـرون بالفخار والإكبـار جـهوده وجـهود إخـوانه الأساتـذة عبد الرحمن الساعاتي، وعبد المعز عـبد الستار، وعبـد العـزيز أحمد، وغيرهم من كرام دعاة الإخوان المسلمين ومدربيهم»، انتهى.
لقاءاتي المتكررة
ذلكم هو الأستاذ الداعية د. سعيـد رمضان، وهذا قـول الرجال فيه، وتـلك بعض صفاته ومواقفه وجهوده وجهاده، إنه ثمـرة من ثمار هذه الـشجرة الباسقـة شجرة الإخوان المسلمين التي غرسها الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله).
ولقد بقيت صلتي به في كل الأحوال وجميع الأماكن وكانت لقاءاتي به متكررة في أكثر من مكان، وأكثر من قطر، ففي بلاد الشام، وفي الكويت، وفي السعودية، وفي العراق، وفي سويسرا، وإسبانيا، والأردن، وفلسطين، كانت أحاديث وحوارات ودروس ومناقشات وخواطر ومناجاة.
وآخر مؤتمر حضرته معه في إسبانيا عام 1984م في غرناطة مع الحاجة زينب الغزالي، ثم تتابعت زياراتي له في سويسرا، حيث يقيم مع أُسرته وأولاده في جنيف، وكانت آخر زياراتي له قبل خمس سنوات مع الأخ الكريم يحيى باسلامة في منزله، وكان مريضًا.
وفاته
وقد اختاره الله إلى جواره يوم 5/8/1995م، وكان يتمنى أن يُدفن بالبقيع بالمدينة المنورة، ولكنه دفن بمصر التي لم يدخلها منذ خرج منها عام 1954م هروبًا من الفرعون الهالك الذي أهدر دمه بإصدار حكم الإعدام عليه غيابيًا:
{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (البروج: 8)، وقد رُزِقَ بذرية خمسة ذكور وأنثى واحدة هم (أيمن - هاني - طارق - بلال - ياسر - أروى).
رحم الله أخانا وأستاذنا أبا أيمن، وغفر الله لنا وله، وبارك في ذريته وإخوانه السائرين على الدرب لمرضاة الرب، وألحقنا الله به مع النبيين، والشهداء، والصالحين، والصديقين في الجنة.. آمين.
وسوم: العدد 823