في رحيل المناضل والمفكر الفلسطيني المشاكس د. حسين أبو النمل
رحل بصمت، يوم الجمعة الماضي، المفكر المشاكس والمناضل الفلسطيني العريق الدكتور حسين أبو النمل، مدير التحرير السابق لمجلة " الهدف " الناطقة بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد معاناة مع المرض.
والراحل أبو النمل هو باحث صارم، ومثقف نقدي مشاكس، وكاتب عميق واسع الاطلاع، ومنتج في الاقتصاد والفكر السياسي والبحث الاجتماعي، له عشرات المقالات والأبحاث والدراسات والمداخلات السياسية، منها : " لماذا صعدت حماس واستقرت فتح " و " الاسلام السياسي العربي وفلسطين – تفسير أولي " وغير ذلك.
أبو النمل من مواليد " عرب الهيل " العام 1943، لجأت عائلته عام النكبة إلى جنوب لبنان، وهناك تلقى تعليمه، واكمل دراسته الجامعية في القاهرة بكلية الاقتصاد، ونال درجة الدكتوراه من المانيا.
انتمى لحركة القوميين العرب ثم التحق بصفوف الجبهة الشعبية، واشغل عضوًا فيها، وتبوأ مواقع قيادية، فكان في عضوية اللجنة المركزية العامة، وعضوية المكتب السياسي للجبهة في المؤتمر الوطني السادس العام 2000. بالإضافة إلى اشغاله مدير تحرير مجلة " الهدف ".
عرف أبو النمل بالصرامة والاستقامة والنزاهة الفكرية والاخلاقية، وبالمواقف الصلبة الجريئة، وظل وفيًا لمبادئه التي آمن بها وذاد عنها، ملتزمًا بقضية شعبه التحررية، مودافعًا عنها بكل عناد وشراسة.
وجاء في بيان النعي لرفاقه في الجبهة الشعبية : " أبو النمل المدافع الشرس عن فكرته وأحيانا الجريء بلا كوابح و الذي لم يروض أبداً… اراد ان يعطي فاجتهد، وان تخالفه الرأي و لم تتفق معه، يرتد الى نفسه ويقاطعها، ينسحب بعنف او يهجم بعنف، وبينهما يدرك في باطنه، أن العزلة لا يمكنها ان تصنع الشخص الذي لا يخطئ، وأن الكرامة ليست حالة حصرية، طالما هي شرط و هدف النضال. يرحل وحيداً غريباً فقيراً في صومعته، على منضدته الأخيرة بين أرفف مكتبته، خندق البحث والكتابة والدراسة والتأليف، حيث رأسماله الأجمل و إرثه الباقي، عقل مشتعل وقلم قاطع وإيمان راسخ للمعنى العميق للفكرة و جدية الانتماء للغاية العظيمة. في ساعة الوداع لا مكان للعتاب ، لم يحتمل ثقل الدنيا وقرر ان يتمرد و يسير عكس الزمن ، ظل رفيقاً رغماً عنه، و صديقاً لو ابتعد! او شاء العكس، لأن فلسطين ظلت تحتل فيه قداسة المعنى والحرية والكرامة و هو يراها بمداها الثقافي الرحب وأفقها العربي الاصيل ، هي تذكرته الوطنية الى ذاكرة الروح وهي أجمل ما فيه! إليه وعليها السلام ".
سلامًا لروح أبي النمل، وكل المحبة والوفاء له، وعاشت ذكراه خالدة.
وسوم: العدد 878