الشَّيْخ محمَّد بن عبد المحسن الخيال
ولد الشيخ محمَّد بن عبد المحسن الخيال في المجمعة سنة 1318هـ. والمجمعة مدينة معروفة بناها عبد الله الشمري بن عبده، على الخط السريع متجهاً من المدينة المنوَّرة إلى الرياض على يسار الذاهب والسد على اليمين، وعندها مفرق المعشبه والداهنة وأُشيقر والقصب. كان أميرها عبد الله بن إبراهيم العسكر، وبقي أميراً على المجمعة وتوفي بها سنة 1350 هـ.
ونشأ الشَّيْخ محمَّد الخيال في كنف والده، وينتمي إلى عائلة كريمة ومعروفة بالعلم والفضل من قبيلة عنزة، وسبب تسمية العائلة بـ (الخيال) أنَّ جدَّهم كان يمتطي فرساً أثناء تجوله بالبلد، وانحدرت من سلالته عائلة الخيال المعروفة في المجمعة.
حفظ الشَّيْخ محمَّد القرآن الكريم في صغره بتوفيقٍ من الله تبارك وتعالى، وأمَّ المصلين في الثامنة عشر من عمره، وكتب الصكوك والوثائق والاتفاقيات، وتعلَّم القراءة والكتابة على يد والده الشَّيْخ عبد المحسن الخيال وعمّه الشَّيْخ عبد الله، والتحق بأحد الكتاتيب عند ابن مضر، ودرس مبادئ التوحيد والفقه واللغة، وساعده ذكاؤه وسرعة بديهته فقطع شوطاً كبيراً في مضمار التعليم، وبسرعة مذهلة، وحضر دروساً للشيخ عبد الله ابن عبد العزيز العنقري ولازمه ودرس عليه الفقه والتوحيد والفرائض وعلوم القرآن والسُنَّة، وكان يقرأ على الشَّيْخ العنقري في مطولات الكتب وأمَّ في مسجد المرقب في المجمعة المغرب، وكان يدرس الفرائض والفقه والحديث والنحو والصرف، ودرس عليه خلق كثير منهم الشَّيْخ عبد العزيز بن صالح آل صالح، والشَّيْخ حمود بن عبد الله التويجري - الذي تولَّى القضاء في رحيمة والزلفي - والشيح عبد الرحمن ابن عبد الله التويجري، والشَّيْخ عبد الرحمن بن عثمان الدهش - قاضي أقبة سابقاً - والشَّيْخ حمد بن إبراهيم الحقيل - الذي تولَّى القضاء في الخرمة وضرما والخرج وغيرها.
ثُمَّ رشَّحه الشَّيْخ عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم - رحمه الله تعالى - قاضياً في الرياض، ثُمَّ طلب الشَّيْخ عبد الله بن زاحم من الملك عبد العزيز تعيين الشَّيْخ محمَّد الخيال قاضياً في المدينة المنوَّرة ومرافقته إليها هو والشَّيْخ عبد العزيز بن صالح سنة 1363هـ، وكان الشَّيْخ محمَّد ابتدأ القضاء في البايض والأرطاوية ونفي، عيَّنه الملك عبد العزيز بترشيحٍ من الشَّيْخ عبد الله العنقري، ثُمَّ طلب الإعفاء من القضاء فأباه الملك عبد العزيز، بعد تَكَرُّر الاعتذار.
ثُمَّ صار رئيساً للمحكمة المستعجلة في المدينة المنوَّرة حتى عام 1374 هـ، حيث أصدر الملك سعود بن عبد العزيز أمراً بنقله إلى رئاسة محاكم منطقة الأحساء ثُمَّ أُحِيلَ إلى التقاعد في 1/8/1381 هـ، ثُمَّ طلب الشَّيْخ علي بن ثاني من الملك سعود تعيين الشَّيْخ محمَّد الخيال مميزاً للأحكام وذلك لما عرف عنه أثناء عمله في الأحساء من صدق ووفاء ونزاهة، فَعُيّن رئيساً للتمييز في دولة قطر وبقي مُدَّة ثُمَّ رجع إلى الرياض وفتح مكتبته العامرة بشتى العلوم للباحثين والمطالعين ابتغاء مرضاة الله ورجاء ثوابه سبحانه وتعالى.
وكان الشَّيْخ محمَّد يجلس فيها بعد العصر من كُلّ يوم ويعود عليه معالي الشَّيْخ عبد العزيز بن حسن آل الشَّيْخ، ومعالي الشَّيْخ عبد العزيز بن محمَّد آل الشَّيْخ، ومعالي الشَّيْخ إبراهيم بن محمَّد آل الشَّيْخ، والشَّيْخ محمَّد البواردي، والشَّيْخ محمَّد بن هليل، والشَّيْخ إبراهيم السميري، والشَّيْخ محمَّد بن إبراهيم بن جبيل، والشَّيْخ راشد بن خنيق، وكثيرٌ من العلماء والقضاة، والمكتبة مهيأةٌ للبحث والمطالعة لطلبة العلم والعلماء.
وكان محبوباً متواضعاً لا يحب المظاهر الخادعة، توفي رحمه الله في 9/9/1413 هـ الموافق 3/3/1993 في الرياض وشيَّعه خلق كثير من العارفين بفضله وعلمه وعلى رأسهم الشَّيْخ عبد العزيز بن باز، ومعالي الشَّيْخ عبد العزيز بن محمَّد آل الشَّيْخ، ومعالي الشَّيْخ محمَّد ابن جبيل، وفضيلة الشَّيْخ إبراهيم السميري، وفضيلة الشَّيْخ عبد العزيز بن ربيع، والشَّيْخ عبد المحسن بن عبد الله الخيال.
تغمَّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنَّاته، وغفر الله لنا وله وللمسلمين. وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وسوم: العدد 914