الأخ الراحل الدكتور محمد رشيد العويد ١٩٤٧ - ٢٠٢١
رجال في ذاكرتي :
علماء - أدباء - دعاة !!
التقينا في حلب في منتصف الستينيات من القرن الفائت في ثانوية المأمون ، ثم في كلية الآداب بجامعة حلب ، وكنت قبله بعام مع كوكبة من الطلاب القادمين من شتى المحافظات تجمعنا الفكرة الواحدة والاعتزاز بالإسلام منهجاً وحضارة ! كان - رحمه الله - يملك نظرة إصلاحية منذ أن كنا على مقاعد الدراسة ؛ تكشف عن أدواء المجتمع ، وتبحث عن الدواء الناجع ! ثم افترقنا بعد التخرج ، فقُدر لي أن أعين في سلك التعليم في سورية ، ومضى هو إلى الكويت يجمع مابين التدريس والعمل الصحفي ، وينشر آراءه في مجلة المجتمع ومجلة الوعي الإسلامي ، ومجلة النور التي بقي سنوات طويلة مديراً للتحرير فيها ، فجمع في هذه المجلة التي تصدر عن بيت التمويل الكويتي بين كتاباته التربوية ومتابعته للمقالات الاقتصادية التي تنطلق من شريعة الإسلام ومابين الإصلاح الاجتماعي ! فخصص لشؤون المرأة والأسرة صفحات تحت اسم مؤمنة ، فكانت مجلة النور تضم مجلتين في مجلة واحدة ، وفتح المجال لكثير من أصحاب الأقلام ممن تدور كتاباتهم حول هذا المحور .... وأذكر أنني نشرت قصة قصيرة في أعدادها الأولى بعنوان : ثوب العيد عام ١٩٨٤
------------------
كان للأخ أبي البراء حضور في الميدان الاجتماعي المحلي الكويتي وغيره من المجتمعات الإسلامية من خلال برامجه التلفزيونية والإذاعية وكتاباته الصحفية ، حتى صار ممن يُقصد في حل المشكلات الاجتماعية والحياة الأسرية ، فأقام العديد من الدورات التثقيفية للشباب والشابات ، وبرز ضيفاً في عدد من البرامج استشارياً تربوياً كما في برنامج( كافي ثقافي ) وغيره ، وفي حلقاته المتواصلة في تلفزيون الكويت في برنامج (وقفات ) وفي برنامج ( استشارات )في قناة دبي وغيرها ، وبرامج في قناةة المجد وقناة اقرأ ! وقد منحته الجامعة الدولية بالقاهرة الدكتوراة الفخرية عام ٢٠١٤ ولعل من آخر ماشاهده المتابع مشاركته في حلقات ( سواعد الإخاء ) في رمضان الماضي مع عدد من الفضلاء يصوبون المسيرة، ويسلطون الأضواء الكاشفة الهادية !
و مع انشغاله بالبرامج والدورات لم يتوقف عن التأليف والنشر فجمع مايبحثه في برامجه ، ويكتبه في الصحف ، ومايلقيه في الندوات ! حتى وصل عدد كتبه المنشورة ( ٨٥ ) كتاباً من مختلف الأحجام والموضوعات !
وقد أهدى إلي جُلّ كتبه، وسعدت به مرات في زيارته لمكة المكرمة والمدينة المنورة إذ كان ضيفاً مشاركاً في مهرجان المدينة الثالث والرابع ! نتحاور ونستعيد ذكرياتنا الأخوية الجميلة في الجامعة وفي حلب ومع الإخوة والأصدقاء !
----------------------
كان أول ماصدر له كتاب رسالة إلى حواء في جزئه الأول وقد وصل إلى ستة إجزاء ، ناقش فيه مختلف القضايا المعاصرة التي تخص المرأة بوضوح وجرأة .... وتوالت كتبه التي كان معظمها في المرأة والأسرة ، ووجدت رواجاً وتأثيراً في مختلف طبقات النساء ! حتى إن الكثيرات وجدن في آرائه ونصائحه المرجع الناصح والعقل الراجح بعيداً عن الإفراط والتفريط من خلال حلول شرعية تتوافق مع النقل والعقل و القدرة المستطاعة للتنفيذ والتطبيق !
وكان من كتبه في هذا المجال : رسالة إلى مؤمنة - حوار مع أختي الزوجة - حوار مع صديقي الزوج .. وإلى جانب اهتمامه بالأسرة والمرأة فقد اهتم كذلك بعالم الفكر والأدب والسياسة كما في كتابه ( محاورات )الذي صدر عام ١٩٨٤وكان ثمرة لمقابلا ت وحوارات صحفية مع أعلام الفكر والأدب والسياسة وهي ذات أهمية تاريخية وثائقية ، وأهمية دراسية نقدية ، وأهمية علمية موضوعية ، وقد كان أبرز المحاوٓرين : السيدة نازك الملائكة ، والشهيد الدكتور صبحي الصالح ، والسياسي المخضرم الدكتور معروف الدواليبي والأديب الدكتور عبد السلام العجيلي و الفقيه الدكتور محمد رواس قلعجي وغيرهم !
------------------------
وحين كثر الحديث عن المرأة وحقوقها ، وتوالت المؤتمرات ، واتخذ بعضهم من الممارسات الخاطئة وتضخيمها للطعن بالإسلام وشريعته أصدر كتابه ( من أجل تحرير حقيقي للمرأة ) وقد أهدى إلي نسخة منه ، فأفدت من الإحصائيات والمتابعات في بعض ماكنت أنظمه شعراً ، كمافي قصيدة ( إلى حواء ) ومن أبياتها :
وبيتُكِ حصنُ عزتك المنيعُ - تحوط به المحاجر والضلوع ُ!
فأنتِ أساسه ، ولكم أساسٍ - بغيرك لايقوم وقد يضيع
ولن تُغني الخوادم عنه شيئاً - كما لم تغنِ عن أعمى شموع !؟
وماالأزهارُ تُصنع من جماد - كأزهار يجود بها الربيعُ !؟
وقد ذكّرني هذا الكتاب بما طرحه من موضوعات تفند الأباطيل ، وتردها على أصحابها بكتاب ( شبهات حول الإسلام ) الذي رد الدعاوى الباطلة والدعايات المغرضة حول الإسلام ! فكان مما أورده فقيدنا أبو البراء الأستاذ العويد وثائق وإحصائيات تذكر أن تسعة وسبعين من الأمريكيين يضربون زوجاتهم ، وأن مئة ألف ألمانية تتعرض للضرب !؟
وكان من أبوابه : تحريرها من جشع الرجل وحفظ حقوقها المالية ، وكذلك من الزوج الذي لايحسن العِشرة !؟ ومن الزوج الخائن ، وأن سبعين بالمئة من الأمريكيين يخونون زوجاتهم ، كما تحدث عن تحريرها من الفاحشة وأنصاف الرجال ، والغش في الخطوبة ، وإجهادها في العمل ، وتحريرها من الكشف والسفور والاختلاط !؟ وأنه من نتائج ذلك أن أكثر الجرائم تسجيلاً في محاضر الشرطة في المدن الأمريكية كانت جريمة الاغتصاب !؟
ويمضي هذا القلم المبارك مِبضعاً يستأصل ويداوي مالحق بالمجتمعات المسلمة من تلويث وتدنيس نتيجة لمتابعة الغرب والشرق دون تبصر !؟
ومن آخر ماكان صدر له - كما حدثني رحمه الله قبل مرضه - كتاب ( قبل أن تنتحر ) في رسائل قصيرة يستوعبها المقدمون على الانتحار ، لينتهي إلى ماشرعه الله من حق الحياة !
رحم الله أخانا الحبيب أبا البراء محمد رشيد العويد الذي قضى مدافعاً عن شريعة الإسلام وحضارته ، مُبٓصّراً أبناء الأمة وبناتها بما يُكاد لهم ، داعياً إلى أن يعرفوا دورهم في الحياة حتى لايضيعوا في سراديب الماكرين المتربصين بالأمة وشبابها !!
وسوم: العدد 922