الشيخ العلامة الداعية عبد السلام الهراس
( ١٩٣٠ - ٢٠١٥م )
هو الشيخ العلامة الداعية المغربي عبد السلام الهراس، الذي يعد من أبرز تلاميذ مالك بن نبي رحمه الله.
مولده، ونشأته:
وُلد عبد السلام الهراس بمدينة شفشاون شمال المغرب سنة 1349هـ/ الموافق لـ 1930م.
الدراسة، والتكوين:
درس عبد السلام الهراس المرحلة الابتدائي والثانوي بمدينته، ثم بالقرويين بفاس.
ثم التحق بالكلية الشرعية ببيروت بلبنان.
كما عاش فترة بالقاهرة ودمشق، التقى خلالها بعبد الكريم الخطابي وغيره من كبار المصلحين في العالم العربي والإسلامي.
وقد كان أحد تلاميذ المفكر الجزائري مالك بن نبي، حيث لقيه وأخذ عنه، وساهم في نشر أفكاره ورؤاه، وأشار على الدكتور عبد الصبور شاهين بترجمة كتبه لأهميتها.
حصل على الليسانس من كلية دار العلوم (جامعة القاهرة) سنة 1958، والليسانس في الحقوق من جامعة محمد الخامس سنة 1961، ثم دكتوراه الدولة من كلية الآداب بجامعة مدريد سنة 1966.
الوظائف، والمسؤوليات:
شغل د. عبد السلام الهراس منصب أستاذ جامعي بجامعة محمد الخامس، ثم صار أستاذا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس من سنة 1964 إلى 1997.
كما كان أستاذا زائرا و محاضرا بجامعات، من بينها: جامعة الخليج العربي بالبحرين، حين حاضر في موضوع رجال الإصلاح «جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومالك بن نبي»، وجامعة مدريد كلية الآداب بإسبانيا، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وغيرها.
شارك في أكثر من ثلاثين مؤتمرًا وندوة بالوطن العربي وبإفريقيا وأوروبا، كما أشرف على أكثر من خمسين دكتوراه وماجستير في الأدب الأندلسي، والفكر الإسلامي والدراسات الإسلامية.
عضوياته:
عضو المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية (عشر سنوات).
عضو المجلس الأعلى العالمي للمساجد التابعة لرابطة العالم الإسلامي.
عضو الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت.
عضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقطر.
عضو باتحاد كتاب المغرب.
أعماله:
تنوّعت أعماله بين تحقيقات لنوادر التراث، ومؤلفات ودراسات وأبحاث في موضوعات مختلفة. كما كان مجيدا للغة الإسبانية، وترجم عنها عدة قصائد وقطع وأبحاث أدبية.
كتب:
2004: الإسلام دين الوسطية والفضائل والقيم الخالدة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض
2005: الأندلس بين الاختبار والاعتبار: قصة سقوط الأندلس من الفتوح إلى النزوح، دار الأندلس الخضراء، السعودية
2010: سعادة المرأة في ظل الإسلام، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة
2010: أبوبكر الصديق وإدارة الأزمات، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة.
تحقيقات:
1972: درر الشمط في السبط، تأليف ابن الأبار البيشي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، (بالاشتراك مع سعيد أحمد أعراب)، مطبعة كريماديس، تطوان
1980: أزهار الرياض في أخبار عياض، تأليف أحمد المقري التلمساني، تحقيق (بالاشتراك مع سعيد أحمد أعراب)، الرباط، اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
1985: ديوان ابن الأبار، تحقيق، الدار التونسية، تونس، ونشرته أيضا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب سنة 1999م.
1993: صلة الصلة، لابن الزبير الغرناطي، تحقيق (بالاشتراك مع سعيد أحمد أعراب)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب.
1995: التكملة لكتاب الصلة، لابن الأبار الأندلسي، تحقيق، دار الفكر للطباعة، لبنان.
ترجمات:
1963: العيون البكر، لبيكير غوستان أدولن، دعوة الحق، العدد 3، دجنبر.
وفاته:
توفي الشيخ د. عبد السلام الهراس يوم الجمعة 20 فبراير 2015 بمدينة فاس.
أصداء الرحيل:
عبد السلام الهراس.. ماذا تعرف عن المفكر الإسلامي الذي دافع عن المرأة؟
كتب محمد حماني أستاذ مادة اللغة العريية، التعليم الثانوي التأهيلي، كاتب صحفي في بعض المجلات، والجرائد الورقية.
عانى العالمُ الإسلاميُّ، وما زال يعاني مشاكل عديدة لا تعد ولا تحصى؛ لعل من أخطرها مشكل المرأة الذي ظل يؤرق عقول المفكّرين الذين حملوا على عاتقهم مشاكل هذه الأمة، وقضاياها ولا يزالون ظاهرين على هذا الواقع المر لا يضرهم قهر، ولا يبعدهم عن الأمور الجادة تهميش، هدفهم إصلاح الأمة، والأخذ بأيديها إلى مدارج الشرف.
المرأة والفكرة الإسلامية:
والدكتور عبد السلام الهرّاس واحد من هؤلاء المفكّرين المسلمين الذين ماتوا مهمومين بقضايا الأمة. ومشكل المرأة من المشاكل التي تصدّى لها الدكتور عبد السلام الهرّاس، وبحث لها عن حلول ناجعة، ودافع عن المرأة دفاعًا مجيدًا رصينًا، وعالج الأمر في رحم "الفكرة الإسلامية"؛ حيث يقول: "وكان من الواجب علينا كأمة إسلامية أن نرجع إلى الإسلام لنقتبس منه النور الذي ينير لنا السبيل في معالجة مشكل المرأة إذ إن الإسلام قد تصدى لهذه المشكلة وعالجها معالجة جدية عميقة".
لقد شغلت المرأة في كتابات الدكتور عبد السلام الهرّاس حيِّزًا مُهِمًّا يليق بمقامها، وأهميتها في المجتمع، وأعطاها تصورًا جديدًا.. ورأى أنه لا إصلاح إلا بإصلاح الأسرة؛ "لأن الأسرة هي المصدر لقوة المجتمع وبفسادها يكون فساده". وظل الدكتور عبد السلام الهرّاس يشيد بنعمة الإسلام التي أنقذت المرأة من سمادير الجهل، وأحدثت ثورة عارمة من أجل إعادة الاعتبار للمرأة؛ إذ يقول: "وهكذا نرى أن الإسلام قد أحدث ثورة كبرى في العلاقة بين الذكر والأنثى ولم يجارِ العالم "المتمدن" آنذاك في نظرته للمرأة.
ولهذا كانت نظرة الإسلام أصيلة غير متأثرة بعوامل خارجية أو عوامل ذاتية بل كانت نظرته للمرأة نظرة موضوعية عادلة متمشية مع طبائع الأشياء".
ما تقدمه عاطفة المرأة المؤمنة، وحنانها، ورقتها، وإخلاصها ودموعها وصوفيتها من خدمة للمجتمع ليفوق بكثير خِذْمَات المفكرين والفلاسفة.
كان في كتاباته يشخص الداء ويبحث عن مكمن الخلل من أجل الدواء؛ لأن تحديد العطب أصعب من إصلاحه ـ كما يُقال ـ ولذلك فكل الدراسات التي عالجت أو حاولت علاج مشكل المرأة لم تصل إلى المبتغى؛ لأن "تلك العناية كانت سطحية ومؤسفة لأنها ضللت المرأة ولقنتها عن النهضة معاني تتعلق بقشور وشكليات".
لقد كانت المرأة حاضرة بجانب الرجل، وأدت دورا مهما في بث "الفكرة الإسلامية"، وكانت لها مواقف مشرفة لا تقل أهميةً عن مواقف الرجل.
المرأة.. بين الأسرة والمجتمع
إن عناية الدكتور عبد السلام الهرّاس بالمرأة كان وراءها تأمل صائب، ونظر ثاقب، وتوجيه راغب؛ لأنه كان يعرف، ويدري دراية الخبير أن "ما تقدمه عاطفة المرأة المؤمنة، وحنانها، ورقتها، وإخلاصها ودموعها وصوفيتها من خدمة للمجتمع ليفوق بكثير خِذْمَات المفكرين والفلاسفة".
يرى الدكتور عبد السلام الهرّاس أن المرأة عنصر أساس في الدعوة إلى الله وخير داعية إلى "الفكرة الإسلامية" وإذا أخلصت للفكرة تخلص لها إخلاصا صوفيا حيث قال:
"والمرأة أيضا هي المسؤولة عن الأجيال فهي التي تحمل وترضع وتربي وتمرِّض وتواسي، وفي كل تلك الأطوار والأحوال تبث عقيدتها وأفكارها في أولادها من خلال البسمات والدموع فهي خير داعية للفكرة ومبشر بها".
يذهب المفكر عبد السلام الهرّاس أن بناء الحضارة الإسلامية رهين ببناء المرأة على أساس "الفكرة الإسلامية"؛ لأن "المرأة الجديدة" – كما يسميها – هي المخلص الوحيد من مشاكلنا التي نعانيها؛ يقول: "يجب أن تزود المرأة بالفكرة الإسلامية البناءة لأن إهمال صياغة المرأة إيديولوجيا تعريض للأجيال المقبلة للخطر، لأننا نعتقد أن البيت هو المدرسة الأولى والأساسية لتكوين المواطن الصالح، الذي ينبغي أن لا نعتمد على الصدف لتكوينه، لأن المرأة هي القادرة وحدها على هذا التكوين، وكل محاولة تجهل هذه الحقيقة البديهية أو تتجاهلها فهي فاشلة في البداية والمصير. ويجب أن يتم التكوين الثقافي للمرأة على أساس الفكرة الإسلامية، تلك الفكرة التي ستجد فيها "امرأتنا الجديدة" من الحقوق والمكاسب، والاستقرار النفسي والاجتماعي ما لا تظفر به في أي فكرة أخرى".
تناول الأستاذ الدكتور عبد السلام الهرّاس ــ رحمه الله ــ مشكل المرأة وأحاط به في شموليته، ونظر فيه بموضوعيته بعيدًا عن الأهواء.
تناول الأستاذ الدكتور عبد السلام الهرّاس ــ رحمه الله ــ مشكل المرأة وأحاط به في شموليته، ونظر فيه بموضوعيته بعيدًا عن الأهواء
مشكلةُ المرأة في ضوء الإسلام
هذا؛ وقد بيّن الدكتور عبد السلام الهرّاس نظرة الإسلام إلى المرأة وكيفية علاجه لمشكلتها؛ حيث يشخص أسس العلاج كالآتي:
1- أن مشكلة المرأة حلقة في سلسلة من المشاكل الأخرى مرتبطة بها ارتباطا حيا وعضويا؛ فلذلك يجب النظر إلى الجزء في مركبه عن المعالجة حتى لا تؤدي معالجة الجزء ـ فحسب ـ بقطع النظر عن علاقاته بالأجزاء الأخرى، وملاحظة ما قد تتأثر به تلك الأجزاء إلى شلل هذه الأجزاء، وحينئذ يسري الشلل حتى إلى ذلك الجزء المراد علاجه.
2 – أن الإسلام عندما تناول مشكلة المرأة لم يعتبرها منفصلة عن الرجل؛ بل نظر إليهما على أنهما فرد واحد في المجتمع.
3 – أما الأساس الثالث؛ فهو أن الفرد، أو أن هذا الكل فيه الذكر والأنثى، ولكل منهما خصائص بيولوجية محددة. وقد عالج هذا الأساس الدكتور عبد السلام الهرّاس في مقال له في مجلة "دعوة الحق" المغربية الغراء بعنوان (شهادة المرأة بين الإسلام وعلم النفس).
4 – يتمثل الأساس الرابع الذي عُولج في ضوئه مشكل المرأة في التعدد، أو "التعديد" – كما يرى أحد العلماء – حيث عالجه الدكتور الهرّاس في مقال بيّن فيه أن الدين يتفق مع العلم والواقع، أو بالأحرى اتفاقهما مع الدين في موضوع التعديد.
ويؤكد الدكتور الهرّاس بأن قضية المرأة – باعتبارها مشكلة فرد – أخطر من أن تحل بكلمة تنشر، وخطبة تلقى أو اجتماع يعقد أو مظاهرة تقام.. إنها شائكة وخطيرة.
كما اهتم الدكتور الهرّاس بالمرأة في "بارقاته" التي نُشرت في ركن من جريدة "المحجة" المغربية ـ لمن أراد الاستزادة من أفكار الرجل ـ وعناوينها كالآتي:
–المرأة المغربية المسلمة بين خطة الارتقاء وخبطة الأشقاء.
–حق المرأة في الزواج وتكوين الأسرة.
–هل تقدرون المرأة حقا..؟
–المرأة بين التنمية والتعمية.
– هناك نساء يردنا تقدم المرأة وسعادتها وهنا ((امرآت)) يردنا تأخرها وتعاستها.
– الإسلام يضمن للمرأة سعادتها أكثر ما تحلم به نساء الغرب.
– العزوبة والعنوسة ظاهرة مستفحلة… فهل من علاج؟
– المرأة والدعوة إلى الله.
تلكُم إلمامةٌ مختصرةٌ عن المرأة في فكر الأستاذ الدكتور عبد السلام الهرّاس ــ رحمه الله ــ حيث تناول مشكل المرأة وأحاط به في شموليته، ونظر فيه بموضوعيته بعيدًا عن الأهواء، فكان يعالج مشكل المرأة بعمق وتؤدة، ودافع عن المرأة في الملتقيات، والمؤتمرات التي حضرها داخل المغرب، وخارجه.
رثاء فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي لفضيلة الشيخ عبد السلام الهراس رحمه الله.
انتقل إلى رحمة الله، الجمعة الماضية صديقنا العربي المسلم عالم المغرب البحاثة الداعية الثبت المعروف الأستاذ الدكتور عبد السلام الهراس، أحد كبار علماء المغرب المعروفين، وأدبائها المرموقين، ودعاتها المخلصين ، أستاذ الأدب الأندلسي بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، ورئيس جمعية العمل الاجتماعي والثقافي بالمغرب، وأحد الأعضاء المبرزين في عدد من الجمعيات العلمية والإسلامية والخيرية في العالم الإسلامي.
عرفته منذ ما يقارب أربعة عقود، لقيته أول ما لقيته، في المدينة المنورة، مشاركا في المؤتمر الأول للدعوة الإسلامية وإعداد الدعاة، الذي نظمته الجامعة الإسلامية، سنة 1397هـ، ودعت له كبار الدعاة والكتاب والمفكرين الإسلاميين، من مختلف بلاد العالم الإسلامي، فكان منهم الدكتور عبد السلام الهراس.
ثم لقيته في العام التالي في المغرب، في شهر رمضان1398 م، الموافق أغسطس 1978م، وقد دعيت من قِبل وزير الأوقاف المغربي الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، عن طريق سفير المملكة المغربية بالدوحة، للمشاركة في الدروس الحسنية الشهيرة، التي اعتاد ملك المغرب الحسن الثاني أن يقيمها كل رمضان، ويدعو إليها عددا من العلماء من خارج المغرب، بالإضافة إلى علماء المغرب.
وقد قدر الله سبحانه وتعالى، أن يدخل الملك المستشفى لإجراء عملية جراحية، فلم تعقد هذه الدروس في ذلك الموسم.
ومن ثم رتبوا برنامجا ثقافيا آخر، من ذلك ندوة عقدها التلفزيون المغربي حول (غزوة بدر والدروس المستفادة منها)، وكان معي فيها مؤرخ الفتوحات الإسلامية اللواء الركن محمود شيت خطاب، المعروف بمؤلفاته ودراساته في السيرة والتاريخ، والأخ العالم المعروف الدكتور عبد السلام الهراس.
ومن الطرائف أن اللواء الركن محمود شيت خطاب، توجه لمدير الندوة بقوله بلهجة عسكرية صارمة: لا أحب أن تقدم الشيخ يوسف بالدكتور، بل بالشيخ، لأن الشيخ في تربيتنا، وفي نظرنا أعظم وأكبر، وله في قلبنا مهابة واحترام وإجلال منذ طفولتنا.
فاضطرب الأستاذ مقدم الندوة، وكان حييًّا ليِّنا، وقال:
يشترك معنا في هذه الندوة: اللواء الركن يوسف القرضاوي، والشيخ محمود شيت خطاب، والدكتور عبد السلام الهراس.
فانفجرنا ضاحكين، واضطررنا لإعادة التسجيل.
وقد عقب الشيخ عبد السلام الهراس رحمه الله بقوله:
لو كانت رتب تعطى للعلماء، لكانت رتبة الشيخ يوسف القرضاوي من الرتب العزيزة السامية.
ثم زرت عدة مدن مغربية لإلقاء بعض الدروس والمحاضرات، ومنها العاصمة العلمية للمغرب مدينة فاس، حيث جامعة محمد بن عبد الله التي يدرس فيها الهراس، التي دعيت لإلقاء محاضرة بها.
وقد قدم المحاضرة الدكتور الهراس، وسألني عن موضوعها، فتركت له حرية الاختيار، فاقترح أن تكون عن (مكانة العلم في الإسلام)، فألقيتها ارتجالا واستمرت لنحو ساعتين، وسر بها الشيخ والحضور، والحمد لله على فضله.
ثم لقيته في ملتقيات الفكر الإسلامي في الجزائر التي ابتدأت الاستجابة إليها والمشاركة فيها منذ سنة 1982م وما بعدها، وفي الملتقى الدولي للإمام محمد البشير الإبراهيمي بمناسبة الذكرى الأربعين لوفاته سنة 2005م، وفي الكويت في اجتماعات الهيئة الخيرية العالمية، فقد اخترناه عضوا مؤسسا في جمعيتها العامة، وفي لندن في تأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سنة 2004م، وفي الدوحة، واستانبول، وغيرها من المدن والمؤتمرات.
وهو أحد الأعضاء المؤسسين المهمين للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وله دائما حضور ملموس، ومشاركات ايجابية رصينة في كل الاجتماعات في الهيئة الخيرية وفي اتحاد العلماء، وفي كافة اللقاءات، تميز فيها بحرصه البالغ على سلامة الدين واللغة والأخلاق من التحريف والتزييف والتميع.
وقد شارك فضيلة الشيخ عبد السلام الهراس بكتابة بحث عن شخصي الضعيف، في الكتاب التذكاري المنشور عني بمناسبة بلوغي سن السبعين بعنوان (الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي القيادة الحكيمة في مسيرة التأصيل والتجديد والتوحيد).
وله مقالات دعوية، ومؤلفات رصينة، وتحقيقات نافعة لاقت قبولا واسعا، مثل تحقيقه لـ(التكملة لابن الأبار)، ومشاركته في تحقيق (أزهار الرياض في أخبار عياض) لشهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني، و(ديوان ابن الأبار البلنسي)، و(صلة الصلة) لابن الزبير الغرناطي، و(درر السمط في خبر السبط).
وكان مجيدا للغة الإسبانية، وترجم عنها عدة قصائد وقطع وأبحاث أدبية.
كان للشيخ الهراس صلات وثيقة بكبار رجالات العلم والفكر في العالم الإسلامي، ويعتبر هو أحد تلاميذ المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي، حيث لقيه وأخذ عنه، وساهم في نشر أفكاره ورؤاه، وأشار على الدكتور عبد الصبور شاهين بترجمة كتبه لأهميتها.
وكثيرا ما شارك رحمه الله، في التوقيع على بيانات تخص قضايا العالم الإسلامي، القدس، وفلسطين، والعراق، وغيرها من القضايا.
وتعتبر التجربة المغربية التي شارك فيها الشيخ عبد السلام الهراس، بانضمام عدة جمعيات إسلامية في كيان واحد باسم (حركة التوحيد والإصلاح) نموذجا يجب أن يحتذى في العمل الإسلامي في عصرنا الحاضر.
وقد شيعته المغرب، شعبا ممثلا في الجماهير الغفيرة التي شاركت في الجنازة المهيبة، وحكومة ممثلة في رئيس وزراء الحكومة عبد الإله بن كيران، وودعه محبوه وعارفوه من مختلف بلاد العالم الإسلامي.
نعزي الأمة الإسلامية، ونعزي أسرته، ونعزي أنفسنا، في وفاة الرجل المثقف، والعالم المربي، والداعية الكبير الشيخ عبد السلام الهراس، الذي قضى شبابه، وكهولته، وشيخوخته، وعمره كله في خدمة الإسلام والدعوة إليه، وإلى رسالته العالمية، وإلى أصوله ومنهجه، وإلى لغته العربية وآدابها. فإنا لله، وإنا إليه راجعون، له ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
نسأل الله تعالى أن يغفر له، ويرحمه، وأن يسكنه الفردوس ألأعلى، وأن يجزيه عن دينه وأمته ودعوته خير ما يجزي به الأئمة الربانيين، والعلماء الهادين المهتدين، وأن يحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا. آمين.
مصادر الترجمة:
١- الموسوعة التاريخية الحرة.
٢- موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
٣- في وداع الأعلام: د. يوسف القرضاوي.
٤- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1001