الشيخ المجاهد الشهيد موفق سيرجية
أخي، وأنت في عليين، تتلقاك الملائكة، وتحف بك الحور العين.
أخي، وأنت في مقعد صدق عند مليك مقتدر في مجمع مع الصديقين والشهداء.. والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
أخي، وآلاف الشباب من إخوانك يتمنون الشهادة التي حرصت عليها، والمقام الكريم، الذي أنزلك الله فيه.. نهنئك بالنعيم المقيم الذي سعيت إليه.
أخي الشهيد الحبيب:
عرفتك، وأنت صغير لم تبلغ الحلم بعد، فكنت مثال المؤمن التقي الطاهر..
وعرفتك، وأنت في سن البلوغ، فكنت قدوة الفتيان في الإخلاص والتقوى، في التحرك والنشاط، في الجرأة والإقدام، في التبليغ والدعوة إلى الله..
وما زلت أذكر لك – وأنت في هذا السن- مواقفك الدعوية، وحلقاتك القرآنية، ودروسك العلمية.. في (جامع الروضة) و(جامع السبيل) وحولك الأزهار من الفتيان، تلقنهم مبادئ الإسلام، وتربيهم على طاعة الله، وتعلمهم أصول الدعوة إلى الله، وتنفخ فيهم روح التضحية والجهاد...
وعرفتك، وأنت في سن الشباب، لا تعرف غاية إلا الله – تعالى- ولا قدوة إلا الرسول – صلى الله عليه وسلم-، ولا منهجاً غير الإسلام، ولا مسلكاً إلا الجهاد، ولا أمنية غير الشهادة في سبيل الله..
وما زلت أذكر لك موقفك العظيم بعد أن نلت الشهادة الثانوية (الفرع العلمي) وكنت تظن أنها تؤهلك لدخول (كلية الشريعة)، فلما علمت أنها لا تؤهل إلا للدخول في فرع كالهندسة قلت: " ليست أمنيتي في الحياة أن أكون مهندساً، وإنما أمنيتي أن أدخل (كلية الشريعة). حتى إذا تخرجت فيها كنت العالم الذي يعمل بعلمه، والداعية الذي يبلغ دعوة ربه، والجندي الذي ينافح عن الله.." وقرنت القول بالعمل فأعدت (الثانوية)، ودخلت رحاب العلم الشريف، ميراث الأنبياء، وبلغت دعوة ربك، ولما سمعت منادي الجهاد:
أخي، يا وريثَ الـنبي الـكريم سـكوت عـلى الظلم جرم عظيم
أتــرضـى حـياة بـذلٍّ مـقـيـم ومن عاش في الظلم لا يستقيم
*
أخـي، لـن نموت قبيل الأجل ولـسنا عـلى رزقـنا فـي وجل
وجنات (عدن) تنادي الشهيد ألـيس لـنا في (عبير) المثل؟
لبيت النداء، ورددت ما ردده الشهيد مروان حديد من قبل:
سئمتُ الكلام، وعفت المنام وأيـقـنت أن الـقـعود حــرام
وأن الـقـوي يــذل الـضعيف لأن الـضعيف يخاف الحِمام
وأن الـقـتال طـريـق الـحياة وحرب الطغاة سبيل السلام
والتحقت بإخوة الجهاد ورفقاء السلاح مسرعاً، وظللت تجاهد، وتكافح إلى أن فزت بإحدى الحسنيين شهيداً لا يكل ولا يستسلم حتى آخر طلقة، فرحلت عنا، ولكن بصحبة سبعة من الشهداء من خيرة أبناء هذه الأمة المصابرة: خطيب وعلوان وزنجير وبيلوني وحزاني وآلا وكسحة.
لقد أكرمك الله – يا أخي - بالشهادة، وأنت في السنة الثانية من (كلية الشريعة) ولم تتجاوز العام الثالث والعشرين من عمرك الحافل بالمكرمات، لكنها الحظوة – يا أخي موفق- فطوبى لك مسعاك، وأسكنك الله وإخوانك فسيح الجنان، وأمطر عليكم شآبيب الرحمة والرضوان..
أخي الشهيد موفق:
إني لموقن بأن دمك الزكي لن يضيع هدراً، وأن استشهادك لن يذهب سدى.. ومثلما حرك استشهاد الأخ مروان المشاعر المؤمنة لحمل السلاح، والوقوف في وجه الطغاة البغاة، فإن استشهادك – كذلك- سيحرك مشاعر الآلاف من الشباب نحو الفداء.. والتضحية والجهاد، ولاسيما الذين كانوا يستمعون إليك في (مسجد عباد الرحمن) وأنت تصدع بالحق، وتندد بالظلم، وتقاوم الباطل، وتسفه أحلام الطغاة، وتفضح أنظمة الكفر والإلحاد، وتدعو إلى الجهاد وحمل السلاح..
إني موقن بأن دمك لن يذهب هدراً، وأن استشهادك لن يكون سدى.. لأنك أعطيت أهل العلم من إخوانك، وجيل الشباب من سنك، وتعاقب الأجيال من بعدك.... أعطيتهم القدوة في الجهاد، والأسوة في الاستشهاد، والمثال في الثبات على الحق.. ولا شك أنهم سينهجون نهجك، ويحذون حذوك، ويترسمون خطاك..
أخي الشهيد الحبيب:
إذا ذكرنا مآثرك يوم استشهادك، فلنتذكرك خطيباً ألمعياً تهز المنابر، وتحرك أوتار القلوب. والمستمعون إليك بين متأثر خاشع، ومنصت معتبر، وعيونهم تذرف الدموع، وصدورهم تزفر بالآهات..
ولنذكرك مثقفاً ناضجاً، تحيط بعلوم الشرع، وتلم بثقافة العصر..
ولنذكرك محاضراً موفقاً، تفوق كثيراً من المحاضرين: علماً ووعياً وثقافة..
ولنذكرك متحدثاً بارعاً، تملك زمام النفوس، وتأسر شغاف القلوب..
ولنذكرك متواضعاً، متياسراً، تخفض جناحك لمن تلقاه، وتبتسم لمن تجتمع به..
ولنذكرك جواداً، تكرم من زارك، وتبذل في سبيل الله ما عندك..
ولنذكرك حليماً سمحاً، تملك زمام غضبك، وتعفو عمن ظلمك..
ولنذكرك متعبداً، خشاعاً، تجد في الصلاة قرة عينك، وفي العبادة لذة روحك..
حقاً لقد حزت المجد من أطرافه، وملكت الفضائل من جهاتها جميعاً
أخي الشهيد الحبيب:
ثق أن إخوانك على العهد، وسيقدمون على دروب الشهادة الكتائب تلو الكتائب والقوافل تلو القوافل، حتى نرى بأم أعيننا – إن شاء الله- علم النصر قد خفق، ودولة الإسلام قد قامت. وما ذلك على الله بعزيز.
ثق – يا أخي الشهيد
أن كل من سار على طريقك من الشباب يردد على مسامع الزمن الآن ما ردده الشهيد سيد قطب من قبل:
ســأثــأر لــكـن لـــرب وديـــن وأمضي على سنتي في يقين
فـإما إلـى الـنصر فـوق الأنـام وإمـا إلـى الله فـي الـخالدين
* * *
أخـي إن نـمت نـلق أحبابنا .. فـروضـات ربـي أعـدت لـنا
وأطـيـارها رفـرفـت حـولنا ... فطوبى لنا في ديار الخلود
* * *
والعهد إليك – يا أخي موفق- وأنت في حياتك البرزخية:
إننا لن نلقي السلاح، ولن نهادن الأعداء، ولن نتراجع عن الجهاد.. حتى نرى عزة الإسلام قد بسقت، ودولة المسلمين قد قامت..
سلام عليك – يا شهيدنا الغالي- يوم ولدت، ويوم جاهدت، ويوم استشهدت، ويوم نلقاك عندما يقوم الناس لرب العالمين.
بمناسبة دخول الثورة السورية سنتها الخامسة
نستذكر عطر بعض شهداء الثمانينيات
رياحين الربيع العربي "1 "
مؤمن محمد نديم كويفاتيه
مع دخول ثورتنا السورية علمها الخامس ، والتي تُعتبر الأنقى والأعظم والأطهر ماعلى الأرض من ثورات ، والتي سُمّيت بالكاشفة أستذكر هنا بعض رياحين الجنّة من الرعيل الأول ممن بذلوا أرواحهم ودمائهم من أجل حريتة شعبهم وكرامته ، ممن سطروا بدمائهم الزكية أروع ملاحم البطولة والفداء ، ليكونوا شعلة لمن يأتي بعدهم ينير لهم الطريق ، بعد أن كانوا هداة مهديين لطريق الحق ، عندما استطاعوا باخلاصهم لله وتفانيهم من أجل دعوة ربهم أن ينير درب الكثير ممن كان لاهياً عن الله وواجبه نحو وطنه ، فكان من هؤلاء التلاميذ الشهداء ممن قضى نحبهم ، ومنهم من انتظر وعمل طويلاً رغم كل المآسي التي أحاطت بهؤلاء على إشعال الثورة ، لتتوج معاناتهم التي استلهم منها الثوار المعاني الكثيرة ، وعملهم الدؤوب رافداً مهماً لاشعال الثورة السورية الكبرى ضد الطغيان والإستبداد 15 مارس آذار 2011 ، والتي دخلت عامها الخامس دون كلل أو ملل رغم تواطؤ العالم ضد ثورتنا ، وكان من تلك الرياحين الشيخ الشهيد الربّاني موفق سيرجية رحمه الله الذي تتلمذ على يد كبار علماء سورية ومنه الشيخ طاهر خيرالله والشيخ العالم الرباني عبدالله علوان الذي علمه وآخرين الفقه ودربهم على الخطابة ، وكان منهم على سبيل المثال الشيخ مجد مكي والمهندس الشهيد وليد عطار الذي كتب بدمه وهو ينزف تلك العبارة الشهيد وليد عطار ، وهؤلاء وآخرون من كانوا منارة أهل السبيل الراقية والواسعة بعدما كانت مظلمة ، تلك المنطفة المخملية قدمت الكثير من أبناءها وقوداً لثورة الثمانينيات ، وامتداتها لثورة 2011
الشيخ الشهيد الرباني موفق سيرجية رحمه الله
لم يكن موفق سيرجية انساناً عادياً بل استثنائياً بكل ماتعنيه الكلمة ، إذ نشأ في أسرة متحررة بعيدة عن هموم الدين والدنيا والناس وهو من مواليد 1956 ، كان والده رحمه الله يعمل في تجارة الأفلام السينمائية ، وأمه لم تكن ملتزمة ، وأعمامه والجو المحيط به في فساد كبير ، ومع ذلك كان التزامه كبيراً بأمور الدين والدعوة حتى استطاع تغيير والديه والعديد من اسرته فيما بعد لما يملكه من دماسة الخلق وحسن المعشر وحلاوة الروح الفكهة التي يتحلّى بها مع الجدية في تناول الأمور ، وكان مع أصدقائه ومحبيه الكثيرين نعم الصديق والأخ ، ولاتفارق البسمة وجوههم عند لقاءه ، وكان خطيباً المعياً يجتمع الى خطبته المئات ، حتى أن جامع عباد الرحمن يمتلئ بطابقيه وداخل أروقة المستشفى وعلى الأرصفة يأتونه من كل أنحاء مدينة حلب ليستمعوا الى خطبه المؤثرة في الدعوة الى الله ، والجريئة في انتقاد النظام ، فلم يبالي حينها بالكثير من التهديدات التي تصله ، وكان نظام الاجرام متخوفاً منه ومن أمثاله من ثورة تقوم حينها لتتوج فيما بعد بثورة الثمانينيات التي قضى فيها شهيدا مع ثمانية من اخوانه في الصاخور ، لينطبق عليهم قوله تعالى " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "
وكان الشيخ الشهيد لايهتم بنفسه كثيراً سوى بملبسه أثناء خطبة الجمعة ، وكانت معرفتنا به عندما كان يسكن مع والديه في حي السبيل ، حيث عرفه أبناء حيّه من خلال مداومته على صلاة الجماعة في المسجد أثناء ذهابه وإيابه فتأثروا به ، ومن ثم كانوا من الحاضرين لخطبته ، وانتقلوا بعدها الى أمام جامع الروضة عند سوره الشمالي ، وكان من حفّاظ الشعر والمناظرين به ، وكان قد درس في كلية الشريعة بعد تركه للمعهد الهندسي ن وكان ذكياً فطناً لمّاحاً وخطيباً المعيا صدّاحاً بالحق ولايخشى في الله لومة لائم ، ومحاوراً مقنعاً يجذب محاوره اليه بصدق حديثة وقوّة حجته واخلاصه لله سبحانه ، كانت الحرية وعنفوان الشباب تملأ جوانحه ، اعتلى منبر جامع عباد الرحمن على صغر سنّه ، فكان من أشهر وأقوى خطباء مدينة حلب ، فقصده البعيد والقريب والصغير والكبير وحتى أعدائه كانوا يتابعون كل كلمة يقولها ، ولازلت أذكر خطبته الوحيدة التي لم أحضرها وبالتالي لم أسجلها ، والتي تكلم بها عن منافقي ذلك العصر وقصد محمد الشامي والمطران كبوجي وأمثالهم ، وهم في يومنا كثر ، فكان الشيخ الشهيد من أهم الوعاظ لمنطقة السبيل المخملية والموجهين لها الى الخير مع شباب أمثاله آنذاك كالمهندس الشهيد وليد عطّار الذي سطر بدمه الذكي وهو ينزف عبارة " الشهيد وليد عطار " ، والشيخ الجليل مجد مكي حفظه الله الذي لازلنا ننهل من بحر علمه وأخرون امثالهم ، وكان له تأثيره الواضح على أسرته فأباه الذي ضاقت به الدنيا فيما بعد بسبب التضييق عليه ، والذي أصبح يعمل في محل سفريات لم يكن يقطع الصلاة ، وكذلك أمّة التي أُصيبت بألم شديد بعد استشهاده ، فتأتي بعد خطبة الجمعة لتحرض الناس للقيام على النظام الفاشي وأخته تحجبت والتزمت دينها عدا عن العديد من أبناء عمومته وأخواله ، ويجب ألا ننسى قصة فتح قبره بعد 7 سنوات كما رواها أصحابها والتي سأضعها خاتمة المقالة فماذا وجدوا ؟
أما على صعيد العمل العام ، فلقد تخرج من تحت يديه وإخوانه العديد من الفئات العمرية الشابّة كان منهم الدعاة والمجاهدين والشهداء ممن استشهدوا في ساحات الوغى ثم لحق بهم الشيخ الشهيد موفق رحمهم الله جميعا ، ومنهم من تمت تصفيته في سجون تدمر الأكثر اجراماً والشهيرة باقامة المذابح داخلها لمئات المعتقلين الاسلاميين ، ومنهم الرعيل الأول من الشباب ممن قضى إعداماً ونشرت صور بعضهم ، ومنهم من انتظر وثابر واستمر حتى استقرت عيناه بثورة الحرية والكرامة الربيعية في آذار – مارس 2011 المجيدة ، فعملوا عليها جنوداً مجهولين ، بعضهم من وراء الكواليس لصعوبة الموقف عند قيام الثورة ، والآخر قدّم الكثير متلاحمين مع شعبنا المجاهد البطل ، ليسطروا جميعاً ملاحم وبطولات فاقت الخيال رغم تآمر العالم أجمع على ثورتنا وإرادة شعبنا ، وهم مُستمرون حتى اسقاط رأس الإجرام العالمي بشار الأسد ونظامه المشين ، وإقامة الحياة المدنية العادلة بعيداً عن الارهاب والاجرام ، تماماً كما كنا نعيش في السابق يجمعنا الوطن الواحد، عبر القيم السامية، دون تمييز بين فئات الشعب، مهما تآمر علينا المتآمرون، وخذلنا الخاذلون، فثقتنا بالله كبيرة ، متكلين عليه سبحانه وحده لاشريك له
قصة فتح قبر الشيخ الشهيد موفق سيرجية كما رواها صاحبها حيث قال:
أنّ أباه رحمه الله علم بمكان دفن ابنه الشيخ الشهيد موفق سيرجية رحمه الله، وذات يوم بعد سبع سنوات من استشهاده أعلنت محافظة حلب عن نيتها نقل المقبرة المدفون فيها الشهيد الى خارج حلب لجعل مكانها حديقة كما ذكروا ، وطلبوا من أهالي الموتى بنقل رفاة ذويهم لمن أراد، فكانت فرصة الأب ليتعرف يقينياً على مكان رقاد ابنه الشهيد، وينقله الى مكان متأكد أنه يضم رفاة ابنه موفق فذهب الأب وفتح القبر، وكانت المفاجأه إنه أي الشيخ موفق وصاحبه بجانبه كما هما لحظة دفنهما منذ سبع سنوات وياهول المفاجأة ، فإندفع الأب وضم ولده موفق وقال ما ظننت أن ألقاك هكذا يابني بعد هذه المده وكأنك حي وقد حُرمت من تسلم جسدك الحبيب... وحتى أنه ذكر أن الذي كان رفيق الشيخ موفق في قبره يرتدي بنطالاً أصفر لم يتغير لونه ... فقام والد الشهيد و حفار القبور بسحب الشهيد وأخذا سيارة وضعاه في المقعد الخلفي وذهبا به لمقبرة أخرى ، حتى بدايةً ظن سائق السيارة أنه جريح فسألهما إلى أية مشفى ... وذكر لي والده بأنَّ رائحتهما فيها قليل من طيب وأن الشاب الشهيد موفق مصاب فوق عينه اليسرى فمسح بأصبعه على الجرح فقال كأنه حبر قلم البيك الأحمر " كما شبهه الأب " أحمر لزج صبغ أصبعه ، والأب بعد عودته للمنزل لم يحتمل هذا المشهد إذ قلب عليه المواجع يوم استشهاده ومقتل أخيه قبل سنة ففاضت عيناه من الحزن والفرح بنفس الوقت ، وبعداها أصابه الاعياء والمرض... وصديقي هذا كان ممن يرعى والد ووالدة الشهيد في حاجياتهم اليوميه لمجاورته لهم ومازال صديقي هذا حي يرزق ومازالت القصة في رأسي حيّة أيضاً ...
حادثة الشهادة التي استشهد فيها الشهيد موفق سيرجية ومن كان معه كما رواها أصحابها
أستشهد الشيخ الشاب في معركة بحي الصاخور لم يكن هو من إختارها إنما كانت نتيجة لوشاية دلت على موقع تواجده هو ومجموعة من إخوانه في منزل بمزرعة تقع بين طريق الباب والطريق المؤدي للصاخور في حلب في تاريخ 17/02/1980 م بعد أن كان هدفاً للنظام ولمدة عام .. ظن النظام أنه بإستطاعته مباغتهم وإلقاء القبض عليهم أحياء إلا أن الله قدر أن يتنبه الشباب للقوات المحاصرة للمكان التي فاجأوها بمقاومة شرسة دامت قرابة سبعة ساعات لم يجد النظام إلا أن يرمي عليهم قذائفه الآثمة ويسقط عليهم المنزل ويدمره فكانت النتيجه نفاد عدد ليس بالقليل من قوات النظام
وإستشهاد كلٍ من الشيخ الشاب موفق سيرجيه عن عمر لا يتجاوز 23 سنة و الشهيد أيمن الخطيب الذي أرعب النظام وأيمن علوان من أقارب الشيخ عبد الله ناصح علوان خطيب جامع عمر بن عبد العزيز في منطقة محطة بغداد في حلب و هيثم حزاني و فخر زنجير وباسل كسحة وشاب من بيت بيلوني وآخر من بيت آلا ... رحم الله الشباب وتقبل منهم جهدهم وجهادهم ورزقنا شفاعتهم ثمانية شباب من زهرات مدينة حلب الشهباء بذلوا أرواحهم لتكون شهادة عز وكرامة وبذرة حرية نقطف ثمارها اليوم و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
من مقولات الشيخ الشاب ... كان يصف الشهاده لإخوانه فيقول : " الشهاده دح .. لمين ماكان ما بتصح " كما أنه كان يقول الشهاده مثل الورده الجميله في البستان عندما تأتي النحلة إلى البستان تحط على أجمل ورده لتمتص رحيقها ، و الشهادة تأتي للصفوة المختارة من أكرمهم الله سبحانه وتعالى بها " .
وللشهيد سلسلة من التسجيلات بعد ملاحقته وحديثه فيها عن الجنة ونعيمها وفضل الشهداء عن غيرهم ونحو ذلك
صدقوا الله فصدقهم، ولم يبدلوا تبديلا .
كان خبر إستشهاده قاسياً على والدته التي فقدت من قبله أخاه الأكبر في حادث سيارة ...
كيف تم التعرف على أنه قد أستشهد ... عمد النظام الأسدي في الثمانينات إلى دفن كل من يقوم بإعدامهم بصمت وفي مقابر مجهولة ودون تبليغ ذويهم مع طمس هوياتهم لأنهم على علم بأن كثيراً من الشباب الذي قضوا على يديه كانوا من الأبرياء فلكي لا يكون تحت المساءلة ....
فكان والد الشهيد موفق بشكل دوري يخبر حراس المقابر وحفارين القبور أنه إذا أحضرت الدولة شهداء لتدفنهم في السر أن يخبروه ولهم طبعاً مكافأة مالية مجزية فوالده كان من الميسورين ودارت الإيام إلى أن أخبره أحدهم بأن عصابات النظام قد أحضرت ثمانية من الشهداء ودفنتهم في أربعة قبور لكل قبر إثنان وفعلاً وبعد كشف القبر الثاني تبين له إستشهاد ولده موفق وكما أخبر في حينها بأن مصاب بطلقة على حاجبه فوق عينه اليسرى ... تم تحديد القبر ووضع شاهدة عليه ... رحم الله سوريا وأهلها كم عانوا من هذا النظام الحاقد الجائر ... اللهم نصرك الذي وعدت ... وعقابك الذي توعدت به الطاغين الفاسدين المفسدين ..
ولما بلغ الشيخ عبدالله علوان نبأ استشهاده وجد عليه وجدا شديدا وذرفت عيناه –وقلما كانت تذرف على فقيد-فخزنه على موفق لم يبلغه حزنه على نبأ استشهاد ابنه البكر سعد-رحمه الله وجمعنا بهم جميعا في مستقر رحمته – ولا عجب في ذلك فقد وجد الشيخ عبدالله في موفق قرة عينه حيث كان فيه جملة من المواهب والمقدرات في خدمة الدعوة إلى الله تعالى مالم يجده في بنيه وأقاربه فصقلها حتى خرجت إلى الدنيا ولما كادت زهرة الدعوة تتفتح لتبث من أريجها للمسلمين حتى اغتالتها أيدي الغدر والخيانة فكان من وفاء الشيخ عبدالله لتلميذه موفق أن ألف عنه كتبيا-وهذا من العجائب أن يؤلف الشيخ عن تلميذه فأين تلامذة الشيخ عبدالله اليوم ؟ الذين تقاعصوا أن يولفوا عنه كتابا واحدا!.
تسجيل نادر- حلب 1979 الشهيد الشاب موفق سيرجيه خطيب جامع الرحمن - ردة المجتمع ودور الشباب المسلم
وسوم: العدد 670
من شهداء حلب
لمحة عن الشهيد الشاب موفق سيرجية
من مواليد العام 1957 سكن مع أخيه ووالدته وأبيه بجانب جامع الروضه في حلب، فكان كالطائر يطير من حلقه قرآن إلى أخرى من جامع الروضه إلى جامع السبيل، متعلماً حيناً، ومعلماً حيناً آخر .
الحرية وعنفوان الشباب ملأت فؤاده وكان صدّاحاً بالحق لا يخشى في الله لومة لائم، ولا تثبيط خائف، إعتلى منبر جامع الرحمن على صغر سنه فكان أشهر وأجرأ وأقوى خطيب يُسجلٌ في سجل من خطبوا وصدحوا بالحق في هذا المسجد، فقصده البعيد قبل القريب وجذب إليه المسنين و الشباب، وحتى أعداءه الذين كانوا ينتظرونه بعد كل خطبة على باب المسجد ليأخذوه يوماً أو يومين للأمن لتقويضه وإضعاف همته وتخويفه، ولكن دون أي أثر يذكر ، ولم يعلموا بأن هذا الشاب الخطيب لم يكن موجهاً وواعظاً للناس فحسب بل كان من الجنود المجهولين الذين يقارعون الطغيان ليل نهار إلى أن بلّغه الله مراده في الشهادة في معركة بحي الصاخور
أستشهد الشيخ الشاب في معركة بحي الصاخور لم يكن هو من إختارها إنما كانت نتيجة لوشاية دلت على موقع تواجده هو ومجموعة من إخوانه في منزل في حي الصاخور في حلب في تاريخ 17/02/1980م بعد أن كان هدفاً للنظام ولمدة عام .. ظن النظام أنه بإستطاعته مباغتهم وإلقاء القبض عليهم أحياء إلا أن الله قدر أن يتنبه الشباب للقوات المحاصرة للمكان التي فاجأوها بمقاومة شرسة دامت قرابة سبعة ساعات لم يجد النظام إلا أن يرمي عليهم قذائفه الآثمة ويسقط عليهم المنزل ويدمره فكانت النتيجه نفاد عدد ليس بالقليل من قوات النظام وإستشهاد كلٍ من الشيخ الشاب موفق سيرجيه عن عمر لا يتجاوز 23 سنة و الشهيد أيمن الخطيب الذي أرعب النظام وأيمن ناجح علوان من المعرة، و هيثم حزاني، وفخر زنجير ، وشاب من بيت لؤي بيلوني، وآخر من بيت آلا وآخر من بيت كسحه ...
رحم الله الشباب، وتقبل منهم جهدهم وجهادهم ورزقنا شفاعتهم ثمانية شباب من زهرات مدينة حلب الشهباء بذلوا أرواحهم لتكون شهادة عز وكرامة وبذرة حرية نقطف ثمارها اليوم والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
من مقولات الشيخ الشاب ... كان يصف الشهاده لإخوانه فيقول: " الشهاده دح .. لمين ماكان ما بتصح " كما أنه كان يقول الشهاده مثل الورده الجميله في البستان عندما تأتي النحلة إلى البستان تحط على أجمل ورده لتمتص رحيقها، والشهادة تأتي للصفوة المختارة من أكرمهم الله سبحانه وتعالى بها ".
صدقوا الله فصدقهم ولم يبدلوا تبديلا
قافلة الشهيد موفق سيرجية:
مواكب الشهداء
قَلَّ أن نجد في تاريخ الحركة الجهادية المعاصرة في سورية يوماً كذلك اليوم الفريد والفاصل المجيد، وقل أن نجل كأولئك الشباب الأبطال الشاهقين الباهرين. إذ لم يكن الأمر في ذلك اليوم أمر شهداء برزوا لمناياهم في استبسال وغبطة. ولا أمر شباب مجاهدين خرجوا لملاقاة الفئة الباغية فأبلوا بلاءً حسناً.. إنما هو الأمر الذي شغل حلب الشهباء وأقض مضجعها فخرجت إلى الشوارع بقضها وقضيضها ثائرة تثأر لأبنائها الشهداء الأبرار وهي تنادي بحشودها الغاضبة لله "بالروح بالدم نفديكم يا إخوان".. إنه اليوم الذي تجلت فيه قداسة الحق وشرف التضحية على نحو متميز فريد، إنه اليوم الذي أسقطت فيه جماهير حلب المجاهدة كل مظهر من مظاهر الحكم الباغي حتى لفظ أنفاسه في هذه المدينة المجاهدة.
وصحيح أن تاريخ الحركة الجهادية المعاصرة في سورية مترع بالمشاهد الزاخرة بقداسة الحق وشرف التضحية بيد أن استشهاد هؤلاء الثمانية يبقى له سمته المجيدة وميزته الفريدة ونتائجه الكبيرة.
إنها القضية الغالية الجليلة التي دار من أجلها الصراع بين وحدات أسد وبين الثمانية الصامدين الماجدين الذين هزوا البغي في الشهباء حتى أسقطوه لافظاً أنفاسه.. وإنها الطريقة المروعة التي دار بها القتال بين مئات من جنود البغي من سرايا ووحدات أسد وبين ثمانية مجاهدين لا غيرهم من أقمار حلب الجهاد.. إنه الحصاد الأليم والعظيم الذي خلفه هذا اليوم من طلوع فجره إلى ما بعد الظهر.
كل ذلك يجعل من هذا اليوم يوماً فريداً من أيام الشهباء الخالدات، ويوماً فريداً في تاريخ الجهاد السوري المعاصر وفي تاريخ الحق الذي شهد في ذلك اليوم – رغم استشهاد الثمانية- كيف يكون الصدام بين المجاهدين وبين وحدات البغي المدججة بالسلاح والآليات والطائرات العمودية.. إن أعظم ما صنع الشيخ موفق سيرجيه وإخوته الميامين في ذلك اليوم هو أنهم جعلوا الحق قيمة ذاته ومثوبة نفسه، فلم يعد للنصر مزية وقد حلقت أرواحهم في عليين وأقدامهم لا تزال على الأرض.
لقد وقف ثمانية أبطال أقمار شباب وتقدمهم الشيخ موفق وليس لهم في إحراز النصر أدنى أمل وليس أمامهم سوى الشهادة بأسلحة الطائرات العمودية التي تحوم فوقهم وتصليهم برشاشاتها أو الشهادة بأسلحة المجنزرات التي حاصرت القاعدة أو بأسلحة الوحدات التي تدعمها من كل مكان.. وهكذا راحوا يقاتلون مع شيخهم معانقين المنايا واحداً بعد واحد وهم يصيحون الله أكبر والعزة لشام الرسول.
لذا هبت الشهباء بعد استشهادهم لتصنع بجماهيرها المؤمنة الثائرة مهرجاناً للحق ويوماً للتضحية ليس له نظير.
فهل يأذن الشباب الأبطال أن أقدم عنهم هذه الكلمات؟ إني لأجاوز قدري إذا زعمت أو توهمت أنني قادر على إيفاء تضحياتهم وعظمتهم حقاً.
لكنني وجدت – لا غير- عبير تلك التضحيات، وسمعت بعض وقائع تلك العظمة فرحت أنادي الناس كي يستمتعوا معي بهذا العبير الجهادي، وليشهدوا معي شرف التضحية وعزمها الباسل من أجل أنبل قضية، قضية الإيمان والعدل والتحرير. ويا أيها الثمانية: سلام وتحية إكبار للدين الذي رباكم، وسلام للشهباء التي أنجبتكم وسلام عليكم في الأبطال المجاهدين والشهداء الأبرار.
مع فجر اليوم الثاني من أيام ربيع الآخرة عام 1400هـ السابع عشر من شباط 1980 شعر الإخوة بأرتال وحدات البغي تطوق القاعدة، وما إن تلقى الإخوة الأوامر بالاستعداد حتى تحولوا جميعاً إلى أماكنهم استعداداً لصنع العظمة والبطولة اللتين كانتا على موعد مع هؤلاء الثمانية الأبرار. وتقدم الشيخ موفق صوب الباب الخارجي أخطر نقطة في القاعدة فتبعه أصغر الثمانية سناً:
- لِمَ لحقتَ بي يا هيثم؟
- والله لا أفارقك حتى أكسر في صدورهم بندقيتي هذه.
ولكن سرعان ما اندفع بقية الإخوة الثمانية يعطون الشاب الشيخ موفق بيعة هي أمجد بيعة في تاريخ التضحية والفداء، بيعة على موت محقق في سبيل الله لتنتصر الشام، فليس هناك لما دون الموت أدنى احتمال، ثم عادوا إلى أماكنهم يتهيأون لنزال قوات الشر والفساد.
يا ويحهم.... ألا يخجلون؟
مئات مدججة بالسلاح والطائرات العمودية، لثمانية فقط لا غير وفي سبيل ماذا...؟؟ في سبيل باطل يرونه رأي العين، في سبيل من باع الأرض وخان الأمة وجدَّف على الله.
وانطلقت قذيفة (آر. بي. جي) من العدو صوب باب القاعدة فدمرته، فاندفع موفق سيرجية وخرج من الباب المدمر وأخذ الأرض على رأس الشارع ونادى أصحابه أن اثبتوا مكانكم، وليتقدم أيمن (الخطيب) وليتمركز خلف الباب المدمر، ودافعوا عن أمة محمد "صلى الله عليه وسلم".
والتحمت نيران الطرفين التحاماً رهيباً، ورأى قائد وحدات العدو كثرة القتلى الذين يسقطون رغم غزارة نيرانه، فجن جنونه، حيث سقط في الدقائق الخمس الأولى من جنوده الأشرار حوالي (35) قتيلاً.
وكبر الشيخ موفق تكبيرة هزت الأرض من حي الصاخور هزاً، فانقضت نيران إخوانه الأبطال على الأشرار انقضاضاً صاعقاً... واتقد مضاؤهم، وامتلأت أفئدتهم المؤمنة عزماً على عزم وراحوا يضربون ويقاتلون في استبسال عظيم.
لم يكن هؤلاء الشباب الأبطال الأطهار يتعجلون النصر، فما أبعد النصر عن فتية يقاتلون في مثل ظروفهم وبمثل عددهم هذا... إنما كانوا يتعجلون الجنة والتضحية وكتابة سطور الشرف ورسم معالم طريق التحرير.
وكانت الطلقة التي تخرج من صوب قاعدة الأبطال ينهمر عليها مئات الطلقات بل الآلاف من مصفحات الأشرار.. وهذا وحده كان يرينا كيف كانت ضراوة القتال وعظمة الاستبسال.
ورغم ما كان لوحدات الباطل من تفوق لا يقاس، فقد كان الفزع من نصيبهم وحدهم، وليس هناك ما يصور هذه الحقيقة مثل إقدامهم على قذف القاعدة بقذائفهم الصاروخية.. لكن الثمانية ثبتوا كأنهم الجبال، ولا يزال سعير المعركة يزداد ضِراماً والمجاهد أيمن الخطيب عند باب القاعدة يذود ببسالة خارقة عنها ويحمي ظهر الشيخ موفق ويُمِدُّه بمخازن الذخيرة..
وثقل جسده الطاهر بالجراح فوقع على الأرض مضمخاً بدمه.. ثم لا تكاد عيناه المليئتان بالدماء تقعان على البطل الشيخ موفق يقاتل وحده – بعد أن طوقته مجنزرات أسد - حتى انتفضت فيه من جديد عافية الإيمان وتضرم فيه بأس المجاهدين واستعلى على الجراح النازفة ونهض ليقاتل من جديد قتالاً مريراً حتى هوى الشهيدان ووقع أجرهما على الله بعد أن تعانقت أرواحهما وكانت في موعد واحد مع الجنة.
واندفع الستة الباقون ليسدوا الثغرة التي حصلت من استشهاد الأخوين، وراحوا يقاتلون في جسارة وغبطة، كلما سقط أحدهم جريحاً نهض فوق جراحه، وسبح فوق دمائه، حتى يعود فيقاتل ويقاتل في عزم شامخ وثبات مكين إدراكاً منه أنه من الجنة على قرب ذراع.
وهذا الشاب النضر محمد لؤي بيلوني يسد مسد شيخه الشهيد موفق، ويُصْلِي الفَجَرة ناراً حامية شوت أرواحهم قبل أن تشوي الأجساد.. وتحامل المجاهد لؤي على جراحه، لكن الطلقات مزقت جسده الغض الشريف... وبكل رباطة جأش تذهل كل حي اندفع المجاهد (سامح آلا) ليحمي مدخل الشارع الذي يفضي إلى القاعدة، ونادى إخوانه تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ورسوله.. واستمرت بنادق من بقي من الإخوة الثمانية تنقض بنيرانها كالصقور الكواسر حتى ملؤوا الشارع العريض بجثث القتلى، وكلما زج البغاة بنسق جديد تحميهم المجنزرات كان المجاهدون الشباب يقذفون بهم إلى جهنم وساءت مصيراً.
وعندما استطاعت بعض المجنزرات أن تطوق المجاهد سامح اندفع الأخ المجاهد فخر الدين زنجير في لُجَّة هذا الهول ليفك هذا الحصار ثم ما لبث أن ألهب ثلاث مجنزرات بثلاث قذائف (آر. بي. جي) وانثنى على أخيه سامح ليجده مثخناً بجراحه وهو ينادي: (يا الله).
وسرعان ما تقدم جنود البغي تحميهم مجنزرة، لكن المجاهد فخر الدين كان يصليهم بقذائف الحق التي سمرتهم في أماكنهم زائغة أبصارهم واجفة قلوبهم حتى أصابت رشات كثيفة منه مقتلاً وصعدت روحه إلى السماء، ولا يزال المجرمون يضربون ويضربون، يرهبونه وهو شهيد.
وتوسطت الشمس كبد السماء، ولم يبق في معركة الإيمان والبسالة إلا ثلاثة أشبال، كان المجاهد باسل كسحة يشد على رأسه الشريف عصابة ليوقف نزف الدماء الزكية ويصاول المجرمين من فتحة في جدار القاعدة أحدثتها قذيفة معادية.
ويطير صواب العدو عندما استطاع المجاهدان محمد أيمن علوان وهيثم حزيني أن يتسلقا على سطح مجاور لينزلا الموت والعار بالنسق المتقدم صوب المجاهد باسل كسحة الذي ثبت أمام نيران الوحدات ثبات الشم الرواسي.. لكن سرعان ما تصدت رشاشات الطائرات العمودية للمجاهدين هيثم حزيني ومحمد أيمن علوان واستشهدا مع آخر طلقة معهما بعد أن جندلا عشرات القتلى فوق تراب حي الصاخور البطل.
مالت الشمس عن كبد السماء ولا يزال الباسل يصاول ويصاول وحيداً حتى كسر رأس أحد جنود البغي بعقب بندقيته الخالية من الذخيرة، ثم أسلم الروح إلى بارئها مغسولاً بدماء الشباب والبسالة.
وهكذا صعدت إلى جنان الله أرواح الشهداء الثمانية فتبعتها السماء بطلقات رعد قوية صادعة... ولقد حسبها الناس نذيراً للبغاة المجرمين من وحدات أسد ولكن لا... فهم أهون على الله من ذلك... إنما هي السماء تحيي شهداءنا الأبرار تحية إجلال للمهمة التي أنجزوها، وللغاية النبيلة التي من أجلها استشهدوا.
"إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى".
"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً".
مصادر الترجمة:
١- رابطة أدباء الشام- وسوم: العدد 706
٢-مواكب الشهداء: عبد الله الطنطاوي.
٣- معلومات من الشيخ مؤمن كويفاتية.
٣- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1001