الطبيب الداعية الدكتور أحمد محمد المحايري
يعد الطبيب الداعية أحمد محمد المحايري من أبرز رجالات الإخوان المسلمين في الأردن.
المولد، والنشأة:
ولد الدكتور أحمد محمد المحايري في مدينة دمشق العريقة تحديداً في عام 1898م .
وقد نشأ أحمد المحايري في دمشق وتشبع بالروح الوطنية التي سادت في تلك الفترة.
الدراسة، والتكوين:
وكان من الطلبة المتفوقين حيث لفت الانتباه بذكائه وفطنته وسرعته في التعلم، بعد حصوله على الثانوية العامة، قاده تفوقه ليلتحق بالمعهد الطبي العربي في دمشق.
كان هذا المعهد المتخصص من المراكز العلمية النادرة في المنطقة بتلك الفترة، وتمكن من خلال مواظبته واجتهاده من الحصول على شهادة الدبلوم في الطب العام في عام 1921، وبعد تخرجه مباشرة انتقل من دمشق إلى الحجاز، وأقام في مكة المكرمة سنة واحدة 1921/1922، حيث غادر باتجاه شرق الأردن، التي استقطبت عدداً كبيراً من العرب المقيمين في الحجاز .
المحايري في اربد :
لدى وصوله إلى الأردن استقر الطبيب أحمد المحايري في مدينة اربد ، وكانت البلاد بحاجة لعدد كبير من الأطباء، فتم تعيينه طبيباً في عجلون ومنطقة الكورة في شمالي الأردن، وكان يتحرك في منطقة واسعة من خلال مركز عمله هذا، فتعرف على عدد كبير من الناس، وأحب الأردن، عين طبيباً حكومياً في اربد في 1 / 3 / 1925، وقد مارس عمله بنشاط كبير وبمهنية عالية، لكنه قرر تقديم استقالته في 18 / 6 / 1926م، ليتفرغ لعمل طبي كبير حيث كرس وقته للعمل على مكافحة بعض الأمراض الوبائية، خاصة مرضي الملاريا والتراخوما، وكان هذان المرضان منتشران في شمالي الأردن في تلك الفترة، لذا بقي متحركاً في المنطقة الممتدة بين اربد وعجلون، يقوم خلالها بعلاج هؤلاء المرضى وتوعيتهم للوقاية من هذه الأمراض.
حصل الطبيب أحمد المحايري على الجنسية الأردنية بتاريخ 30 / 3 / 1930م، وقد جاء ذلك بموجب قانون الجنسية النافذ، وفي سياق استقطاب الخبرات والكفاءات العربية، التي كان لها أثر كبير في العمل وتطوير الخدمات في المؤسسات بمختلف المجالات، وكان رغم انشغالاته المتعددة مخلصاً لمهنته النبيلة، فقد عمل على افتتاح عيادته الخاصة في مدينة اربد عام 1926، وتقع العيادة على تل اربد مقابل دار البلدية في عمارته القريبة من سجن السرايا القديم جنوبي مدرسة حسن كامل الصباح، وتعد عيادته من أوائل العيادات الطبية الخاصة في اربد، لذا هو من الأطباء الذين كانت لهم جهود تأسيسية واضحة في قطاع الصحة في الأردن، في فترة عانت فيها البلاد من ضعف الإمكانيات، وعدم توفر البنية التحتية المناسبة، فكان يعمل الأطباء في ظروف صعبة .
الإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين:
كان للطبيب المحايري نشاط وطني وسياسي، وعرف بميوله الإسلامية التي تأطرت بانضمامه لحركة الأخوان المسلمين في أربعينيات القرن الماضي، وقد أصبح رئيساً لشعبة الأخوان المسلمين في اربد في أوائل الخمسينيات من القرن نفسه، وهذا يؤكد نهجه في الحياة، حيث جمع بين العمل كطبيب وسياسي ومزارع كبير ومستثمر واعٍ، فهو دائم الحركة والنشاط، حيث كان يجوب القرى المحيطة بمدينة اربد على فرسه داعية وطبيبا, ثابت على مبادئه التي نشأ وشب عليها، وتمتع بالمحبة والتقدير من كل من عرفه أو تعامل معه, فقد عمل طبيباً لدى بلدية اربد بناءً على طلب من رئيس البلدية في خمسينيات القرن الماضي، وعمل خلال هذه الفترة على تنظيم الأمور الصحية في المدينة، وخاصة ما يتعلق بسلامة الغذاء، ومراقبة المحال والمطاعم لمراعاة الشروط الصحية المطلوبة، استقال المحايري من عمله في البلدية ، ليتفرغ لمرضى عيادته التي شهدت ازدهاراً كبيراً، حيث كان يتقاضى أجوراً رمزية، وأحياناً يعالج المحتاجين مجاناً ، مما قربه من الناس وحببهم فيه.
تميز أحمد المحايري بأنشطته الزراعية الكبيرة، فقد قام باستصلاح وزراعة ما يقرب من ألف دونم من الأراضي في منطقة الأغوار الشمالية، كان يزرع فيها الموز والحمضيات، حيث أحب الأرض، وعشق الزراعة التي رأى فيها مستقبل الأمة وضمانة التنمية في البلاد.
اشتهر الطبيب المحايري ببناء البيوت على الطراز الشامي التراثي، وهي بيوت مبنية من الحجر ومكونة من طابقين وبفسحة داخلية جميلة، وقد عمّر بيته عام 1923 الذي يطل على حديقة غناء بمساحة دونمين، وقد تم استئجار هذا المبنى فيما بعد من قبل وزارة التربية والتعليم وحولته إلى مدرسة إعدادية للبنات، واستثمر في هذا المجال حيث قام ببناء عشرة بيوت حجرية في موقع حيوي من المدينة، أضفت على اربد طابعاً جمالياً خاصاً، بالإضافة لتشييده لعدد من المخازن والمحال التجارية، التي كان من بينها مكتبة الهلال وهي أول موزع للصحف والمجلات الأردنية والعربية في اربد، مثل صحف الدفاع والجهاد وفلسطين والمنار ورسالة الأردن، وقد أقام عدد من رجالات الحكم المحلي في اربد بالبيوت التي بناها من أمثال: بهجت التلهوني, وسعيد الدرة، وثروت التلهوني، وسامي شمس الدين، ونجيب الشريدة، وصبحي الموقت .
أدخل المحايري تقنيات جديدة في الزراعة، واستعمل المضخة لري الأراضي التي استصلحها، ومن أوائل من افتتح موقعاً لقطع حجارة البناء في اربد، وأنشأ الكسارات في الحصن عام 1965، وكان ناشطاً في العمل الخيري من خلال جمعية الهلال الأحمر الأردني وجمعية الملك حسين الخيرية.
وفاته:
وبقي عاملاً بنشاط وهمة حتى وفاته في 13 / 8 / 1967م، فكان من المؤسسين الكبار، الذين تركوا أعمالاً مشهودة تذكر بهم، وتخلد أسماءهم .
مصادر الترجمة:
١- تاريخ الإخوان المسلمين في الأردن: عمر طخشون.
٢- مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1006