الداعية المجاهد حسن فؤاد عبدالغني
(1345 ـ 1400هـ 1926 ـ 1980م)
هو الداعية المجاهد والكاتب المصري؛ وأحد الرجال الذين جاهدوا في فلسطين وفي قناة السويس.
مولده؛ ونشأته:
ولد الأخ الداعية حسن فؤاد عبدالغني، بإحدى قرى مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية بمصر عام ١٣٤٥ / الموافق ١٩٢٦م.
الدراسة؛ والتكوين:
ودرس في مدرسة الزقازيق الثانوية، وأكمل الدراسة الجامعية بكلية الحقوق بجامعة إبراهيم (عين شمس حالياً).
التحق بجماعة الإخوان المسلمين 1945م، وكان شعلة من النشاط والحيوية والكفاح الوطني، تولى مسؤولية اللجنة التنفيذية لطلاب الشرقية، وقاد المظاهرات الوطنية ضد اتفاقية (صدقي ـ بيفن)، حيث طالبوا المحتل الإنجليزي بالجلاء عن أرض مصر، وتعرض هو وزملاؤه الطلاب للاعتقال.
الوظائف؛ والمسؤوليات:
وفي 1946م عاد إلى عرينه في الشرقية، واستمر في الكفاح والنضال، وألقي عليه القبض وأودع في سجن الزقازيق بضعة أشهر، وبعد الإفراج عنه دعا داعي الجهاد في فلسطين، فالتحق بالإخوان المجاهدين الذاهبين إلى فلسطين 1948م وتولى قيادة فصيلة من مجاهدي الإخوان المسلمين المصريين في معسكر (البريج) بغزة.
فقاتل اليهود مع إخوانه ببسالة منقطعة النظير في مناطق «غزة» والمستعمرات اليهودية في (المشبه) و(الدنجور) و(كفر ديروم)، وقام هو وإخوانه المجاهدون بنسف خطوط مواصلات اليهود وتدمير قوافلهم، وكان مضرب المثل في الشجاعة والفدائية، حتى إنه كان يتعمد الحراسة الليلية في الشتاء القارس البرودة نيابة عن إخوانه.
وحين كان وإخوانه المجاهدين في منطقة (صور باهر) وصل إليهم نبأ استشهاد الإمام حسن البنا بالقاهرة بأيدي بطانة الملك الفاسد فاروق في 12 فبراير 1949م، فأصر على السفر إلى القاهرة، وانضم إلى مكمن للمجاهدين في منطقة شبرا بالقاهرة، ودارت معركة مع البوليس السياسي، اعتقل على إثرها، وأودع السجن مع مجموعة من إخوانه، ثم أُفرج عنه بعد عامين.
وبعد خروجه استأنف مرحلة من الجهاد ضد الإنجليز، حيث قام مع الدكتور سعيد النجار بتنظيم كتائب المجاهدين من الطلاب الجامعيين في معسكر جامعة إبراهيم باشا، وقام بتدريبهم وتسليحهم لمحاربة الإنجليز على ضفاف قناة السويس 1951م.
وكذا كان الشأن في جامعة فؤاد (القاهرة حالياً)، حيث تولى الأخ حسن دوح قيادة معسكر جامعة القاهرة، وكانت المعارك الشرسة مع قوات الاحتلال البريطاني المرابطة بالقناة، حيث أبدى الإخوان المسلمون فيها بطولات رائعة وقدموا الشهداء.
وأصابوا الإنجليز بخسائر فادحة بالأرواح والمعدات، حيث هاجموا المعسكرات، ودمَّروا قوافل الجنود، ونسفوا القطارات الحربية التي تنقل المعدات والجنود حتى زلزلت الأرض تحت أقدام الإنجليز، وأصبحوا لا يغادرون معسكراتهم، بل كان المجاهدون من الإخوان يهاجمونهم في عقرها، ويصيبون فيهم مقاتل كثيرة، واستشهد من شباب الجامعة الكثير، وجرح الكثيرون، وكان من الشهداء الجامعيين الإخوة:
عمر شاهين، وأحمد المنيسي، وعادل غانم وغيرهم، وكان التلاحم الشعبي واضحاً، حتى إن مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب مورو كان على رأس الداعمين للمجاهدين من طلاب الجامعات، وأعطاهم شيكاً على بياض، وفتح مشفاه الخاص لعلاج الجرحى المصابين بالمجان، وكانت قوافل الشهداء من الطلاب تشيع من مقر الجامعة بمشاركة الأساتذة وجماهير الشعب المصري المؤمن وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون ومرشدهم العام الإمام حسن الهضيبي.
وحين قامت حركة الجيش في 23/7/1952م ضد الفساد الملكي وآزرها الشعب المصري المؤمن، وفي مقدمته الإخوان المسلمون، كان للأخ حسن عبدالغني دوره المتميز، حيث قابل عبدالناصر ضمن وفد من الإخوان وقال له: «لا نريد إلا حكاماً يحترمون الإسلام، فاحكم بالقرآن تجدنا جنداً نسدد خطاك».
وبعد أن قلب عبدالناصر ظهر المجن للإخوان المسلمين، وتنكَّر لكل العهود والمواثيق التي قطعها وآثر الاستبداد بالسلطة والتخلص من كل من يعارضه من العسكريين أو المدنيين، وشن حملته الشرسة على الإخوان المسلمين سنة 1954هـ بعد حادث المنشية المفتعل.
كان الأخ حسن عبدالغني من الذين اعتقلوا؛ وأودعوا في السجن الحربي؛ ولقي من العذاب ما لقي وإخوانه في سجون الطاغية عبدالناصر، ثم أفرج عنه بعد أكثر من ثلاث سنوات، ولم يهدأ أو يستكن، بل ظل يعمل في حقل الدعوة ويوثق رابطة الأخوة فيما بين أبنائها، ويدعوهم للعمل فيما يرضي الله بدعوة الناس إلى الخير والتصدي للظلم والظالمين، والثبات على الحق مهما ادلهمت الظروف وتقاعس المتخاذلون، وكان عمله التنظيمي في إطار السرية حتى إن صديقه القريب من نفسه الأخ علي صديق فرج لم يخبره بذلك إشفاقاً عليه من المشاركة لاعتلال صحته.
وفي سنة 1965م، اعتقل الأخ حسن عبد الغني للمرة الرابعة وأودع السجن الحربي، وتحمَّل من البلاء والعذاب والتنكيل ما تقشعر له الأبدان، وبقي في السجن خمس سنوات حتى أفرج عنه أوائل السبعينيات الميلادية، وبعدها بفترة غادر مصر سنة 1972م إلى الكويت.
حيث عمل في الشؤون القانونية، وكان من المنافحين عن الحق والمدافعين عن المظلومين الساعين في تقديم العون لإخوانهم المسلمين بكل طاقاتهم، حيث لا يدخر جهداً إلا وبذله لمساعدة إخوانه ورفع المعاناة عنهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وكان له نشاطه الدعوي في الكويت، مع إخوانه العاملين في حقل الدعوة الإسلامية من الكويتيين والمقيمين على حد سواء، وقد أصدر كتاباً بعنوان: (المنافقون وشعب النفاق)، وله دروس ومحاضرات وندوات وحوارات تكشف عن فهمه العميق للإسلام.
من أقواله:
«لقد غاب عن ذهن البشر عامة إلا قليلاً ممن هداهم الله أن الحضارة العارية عن الأخلاق إنما هي الخراب والدمار. ولقد نظرت في أحوال الناس والأمم، فوجدت أن النفاق هو الشاهد على حماية أهدافهم ومصالحهم وأن الأخلاق قد هجرت حياتهم، وأن الفضيلة تتهاوى تحت أقدامهم، ثم نظرت إلى من يحملون لواء الدعوة الإسلامية ومن يتحملون أعباء الدعوة إلى الحكم بكتاب الله تعالى، فوجدت أن الأفاعي المتنكرة في ثياب الملائكة، وقد أحاطت بهم، توسعهم لدغاً وإيلاماً وإذا كان من الناس من يتصدى للأفاعي الحيوانية، فأنى لنائم أن يتصيد تلك الأفاعي البشرية».
ثناء المستشار عبد الله العقيل عليه:
عرفته بمصر أثناء دراستي الجامعية، حيث كان هو والإخوة علي صديق فرج، وفتحي البوز، وفوزي فارس، وحسن دوح، وصالح البنا، وصلاح حسن، وعبدالعزيز علي محمد، ومحمود حسن وغيرهم، يتولون التدريب في المعسكرات والمخيمات لشباب الإخوان، وخاصة الجامعيين منهم.
وكان من ثمرات توجيهاتهم وتدريباتهم المنضبطة بتوجيهات الإسلام وتعالميه، أن استفاد الكثير من إخواننا طلاب البعوث الإسلامية من العالم العربي وإفريقيا وآسيا، ونقلوا تجاربهم على أيدي هؤلاء المربين إلى بلدانهم، فأقاموا المخيمات والمعسكرات والرحلات، والكتائب، فكانت خير محاضن لبناء الرجال الأقوياء، في إيمانهم، وأبدانهم، فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، ومنهم كانت طلائع التيار الإسلامي في العالم العربي والإسلامي.
وحين سعدت بقدومه إلى الكويت مع إخوانه المفرج عنهم أوائل السبعينيات، كانت اللقاءات المتصلة في الأسر والحلقات والكتائب والرحلات، وكذا في الندوة الأسبوعية مساء الجمعة بمنزلنا في المنصورية والزيارات الخاصة، واللقاءات الأسرية، وهو يتميز بالهدوء والجد والعمل الدؤوب ولا يحب الصدارة في المجالس ويؤثر الفعل على القول.
قالوا عنه:
يقول عنه رفيق دربه الأستاذ علي صديق فرج:
«عرفته في أوائل الأربعينيات يوم التقينا بمدرسة الزقازيق الثانوية وفي مسجد المدرسة، تعاهدنا على العمل لدعوة الحق، كان حسن عبدالغني طاقة إسلامية لا تهدأ، ينظم المظاهرات الوطنية بعزيمة لا تلين، وإقدام لا يعرف الإحجام، وحذر وحيطة لا يشوبهما غفلة، ولا يعنيان ضعفاً، وكان خطيباً مؤثراً بروح صافية، وحجة قوية، تقلد مسؤولية اللجنة التنفيذية لطلاب الشرقية
فقاد المظاهرات ضد اتفاقية (صدقي ـ بيفن) التي نظمها رهطه في طول البلاد وعرضها، حتى أحبطت واندحرت، كما قاد المظاهرات التي تنادي بجلاء المحتل الإنجليزي من أرض مصر، وتستنكر إقدام النقراشي رئيس وزراء مصر في عهد فاروق على فتح كوبري عباس، حيث سقط الكثير من الطلاب شهداء برصاص البوليس، وغرقى في النيل أمثال:
سعد سرحان، والغندور، والغنيمي، وكان يزورني وأنا جريح في المستشفى ولا يدخر جهداً ولا مالاً في مواساة أسر الشهداء. وقد لحق بنا في فلسطين 1948م، وأسندت إليه قيادة فصيلة مقاتلة في معسكر البريج بغزة الذي كان بقيادة الشهيد الشيخ محمد فرغلي، والأخ كامل الشريف، وكان حسن عبدالغني مثالاً للفدائي الطاهر الذي أحبه المجاهدون والتفوا حوله».
ويقول الدكتور محمد المأمون محمد علي:
«إنه لرهط كريم.. وموكب عزيز غال هذا الذي ينتمي إليه حسن عبدالغني أبوطارق لعله من أطهر رهط لأكرم دعوة تجديدية في القرن العشرين.. ولقد مضى من هذا الرهط الكريم على أرض الكويت كثيرون نذكر منهم: «مصطفى حسن، عبدالعزيز السيسي، صلاح حسن، حسن العشماوي، سعيد النجار، سيد ورد، عبدالرحيم عبدالخالق...
يا أبا طارق: طاب جهادك في فلسطين ضد اليهود، وطاب جهادك في القناة ضد الإنجليز، وطاب جهادك ضد الطاغوت في السجن وراء الأسوار.. وآجرك الله عن الآلام التي عانيتها في السجون.. وطابت صحبتك في الكويت منافحاً عن الحق، عاشقاً للحقيقة.. لقد سبقتنا إلى لقاء رب كريم ورضي الله عن إمامك ومرشدك الشهيد حسن البنا مؤسس هذا الرهط».
وفاته:
توفي عصر يوم الجمعة 8 من ربيع الأول 1400هـ الموافق 25 يناير 1980م، بعد أن أُجريت له عملية جراحية في المستشفى الأميري بالكويت، يوم 6 يناير 1980م، حيث انتكست العملية فكانت الوفاة، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.. وقد تم تشييع جنازته إلى مصر، حيث دفن في الشرقية.
أصداء الرحيل:
حسن فؤاد عبد الغني
(١٣٤٥ - ١٤٠٠ هـ) (١٩٢٦ - ١٩٨٠ م)
من الدعاة الأعلام والمجاهدين في دعوة الإخوان المسلمين.
ولد بإحدى قرى مركز المنيا الشرقية، ودرس في مدرسة الزقازيق الثانوية في أوائل الأربعينات الميلادية، وكان شعلة من النشاط ..
سجن، وبعد الإفراج عنه مباشرة التحق بالجهاد في فلسطين، وأسندت اليه قيادة فصيلة مقاتلة .. فقاتل اليهود في قضاء غزة في مستعمراتهم، ونسف خطوط مواصلاتهم، ودمَّر قوافلهم، وكان مضرب المثل في الفدائية .. وكان يتعمَّد الليالي القارسة البرد ليحرس أثناءها .. ثم عاد إلى مصر .. فدعا وجاهد، وسجن وعذب، وأفرج عنه بعد ثلاث سنوات.
وفي عام ١٩٦٥ م اعتقل وأودع السجن الحربي للمرة الرابعة، وتحمل من التنكيل ما تقشعرُّ له الأبدان، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، امتدت إلى خمس سنوات، حتى أفرج عنه في أوائل السبعينات الميلادية، ومات في الكويت .
له كتاب بعنوان: المنافقون وشعب النفاق. - ط ٢. - الدوحة: دار الثقافة، ١٤٠٧ هـ، ٣٣٥ ص.
مصادر الترجمة:
(١) المجتمع ع ٤٦٩ (٢٥/ ٣/١٤٠٠ هـ) ص ٣٠ - ٣١ بقلم علي صديق. وانظر أيضاً المجلة نفسها ع ٤٦٧ (١١/ ٣/١٤٠٠ هـ) ص ٣٩ بقلم الدكتور محمد إسماعيل القطان، وعرض لكتابه الوحيد في العدد ٥٥٦ (١٧/ ٣/١٤٠٢ هـ) ص ٤٠.
(٢)_ مائة شخصية مصرية وشخصية ص ٩٧ - ٩٩.
(٣)_ الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
(٤)_ تتمة الأعلام: محمد خير رمضان يوسف.
(٥)_ تتمة معجم المؤلفين: محمد خير رمضان يوسف.
(٦)_ موقع إخوان أونلاين.
٧_مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1034