محمد العزاوي.. منشد الرافدين وأستاذ المقامات العراقية
المنشد محمد العزاوي توفي بنوبة قلبية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023م
محمد العزاوي قارئ قرآن ومنشد عراقي، ويلقب بـ"منشد الرافدين" و"أستاذ المقامات العراقية" و"أستاذ المنشدين"، عمل إماما وخطيبا في أحد مساجد إمارة عجمان بالإمارات العربية المتحدة، وبعد سلسلة الاعتقالات التي شهدتها البلاد غادرها عائدا لبغداد، وتوفي فيها يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الدراسة، والتكوين العلمي:
تأثر العزاوي بوالده -الذي كان إماما في محافظة ديالى بالعراق- فدرس بكلية الشريعة الإسلامية في جامعة بغداد، وتخرج منها عام 1997، وحصل على درجة الماجستير في التخصص نفسه. وعمل إماما لعدة مساجد داخل العراق، وفي الإمارات العربية المتحدة.
المنشد مصطفى العزاوي من صفحته الرسمية على فيسبوك
مصطفى العزاوي -منشد طيور الجنة سابقا- تأثر بأخيه الذي يصفه بـ"أبيه" فدخل عالم الإنشاد (من صفحته على فيسبوك)
التجربة الإنشادية:
كان هدف العزاوي النهوض بالفن العراقي وتقديم بصمته في مجال "الفن الإسلامي"، إذ كان يرى أن فن النشيد الإسلامي تراجع بسبب الظروف السياسية التي عصفت بالبلاد بعد الغزو الأميركي عام 2003.
ويقول العزاوي إن أشهر المقامات التي اشتهرت بين الفنانين مقام الكرد، ويرى أن المنشد المتمكن يعرف كيف يوازن بين كلمات النشيد وطريقة الأداء واللحن، بما يشبه القراءة التصويرية للقصيدة.
شارك بالعديد من المهرجانات الإنشادية في جدة والشارقة، ويقول عنه أخوه مصطفى العزاوي، المنشد في قناة طيور الجنة سابقا، إنه تأثر بأخيه وتعلم منه، إذ كان يصطحبه إلى المهرجانات الدينية، ويعلمه التجويد والمقامات، فشق هو الآخر الطريق نفسه في الأردن، واتبع منهج أخيه، الذي يصفه بأنه بمثابة أبيه.
انتقل للإقامة في الإمارات العربية المتحدة عام 1998، ومن هناك شق طريقا نحو نشر "فنه الإسلامي"، الذي لاقى حضورا واستماعا في منطقة الخليج، قبل أن يعود إلى بغداد.
لكن القيود التي يعاني منها "جواز السفر العراقي" حالت دون قدرته على التنقل والمشاركة في مهرجانات دعي إليها. وفي هذا الصدد يقول في أحد حواراته "أتلقى عشرات الدعوات من الدول العربية والأوروبية للمشاركة في مهرجانات إنشادية، لكنني لا أستطيع التنقل بين الدول لمجرد أني أحمل جواز سفر عراقي".
الوظائف، والمسؤوليات:
عمل العزاوي في قناة المجد الفضائية، وكان مقدما لبرامج متخصصة في النشيد الإسلامي، وكان مساعدا للمدير العام في قناة "شدا" الإنشادية، وبرز في ما كان يقدمه عن فن المقامات العراقية.
أبرز أناشيده:
وأصدر محمد منفردا ثلاثة ألبومات وهي "أمنية العمر" و"الارتقاء" و"مع الله"، ومن أشهر أعماله:
مطار المدينة.
يا قارئ القرآن.
مع الله.
دفء القلب.
حار فكري.
وتعد أنشودة "مع الله" من ألبوم "أمنية العمر" وكلمات الشاعر الحمصي عبد المعطي الدالاتي، من "عيون النشيد في العصر الحديث" وأكثرها شهرة له، إذ أثرت في كثير من الشباب المسلم، وأعادته لطريق الالتزام، ويذكر كثيرون منهم مدى الأثر الذي تركته في حياتهم.
واشتهر أيضا نشيده "دمانا فداك وأبناؤنا" عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد حادثة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة عن النبي.
الوفاة:
إثر إصابته بنوبة قلبية توفي محمد العزاوي في العاصمة العراقية بغداد اليوم الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول وعمره لم يتجاوز الـ53 سنة.
المصدر : الجزيرة
أصداء الرحيل :
كتب د. عبد المعطي الدالاتي يقول في رثائه:
قصتي مع المنشد الفذ محمد العزاوي رحمه الله تعالى ..
ليس يسيرا علي أن أرثيك ، يا أبا عبد الرحمن .
فمنذ أن بلغني اليوم خبر رحيلك الحزين ، وأنا أعاني من الألمين :
ألم الصدر ..
وألم القلم ، وعجمة البيان ..
وكيف يسهل علي رثاء من خلطته بروحي ، حتى امتزج شعري بصوته الساحر في نجاوى ساجدات بالجمال لجلال الله تعالى ؟!.
بلى فأنت من حملت حروفي بصوتك العذب إلى الآفاق ، فقرأه الملايين بآذانهم وأرواحهم .
فجزاك الله عني خير الجزاء .
يا عجبا للحياة !
ما أطولها وما أقصرها !
بالأمس ، من عشرين سنة ! كان لقاؤنا الأول ، إذ هتفت تقول :
أنا أعشقُ ( حار فكري ) ..
فلما سمعتها منك ، طربتُ لصوتك الساحر ، ولحنك الفريد ..
بعد حين ، رأيت صورتك أول مرة ، وأنت تلقيها في حفلٍ
نبوي نُقِل على قناة الشارقة .
كانت السكينة تغشّي المسرح ..
وكان الصوتُ عذباً ، واللحن نديّا ..
كان النشيدُ عِطراً محمّديا ..
يومها قال لي صديق خبير بالألحان :
( حار فكري ) سيُكتبُ لها الخلود ، بإذن الله تعالى ..
بعدها تكرمت علي بزيارتي في مدينتي حمص ، فأقمتُ لك حفلين :
الأوّل في مزرعة آل حجو ، وأنشد معك في هذا الحفل المنشدُ الحمصي المتميز الأستاذ رامز الصفدي .
والثاني في مزرعة آل النعسان ، و أنشد معك شقيقك المنشد د. مصطفى العزاوي ، ومنشد الشام ، الأستاذ مأمون عبد السلام .
حفلان لا يُنسيان ..
فكأنّ قطعة من زمن الجنّة نزلت فتندّت بها أرواح الحاضرين ..
ليلُ حمص الصيفيّ الساحر ..
وجمال المكان الملوّن بالمرج الأخضر ..
وأنوار الإيمان في الوجوه المؤمنة الكريمة ..
و روعة الألحان الجميلة ، والصوت العزاوي الرخيم .
وزيّن الكلَّ تسبيحُ الله تعالى ..
والصلاةُ على الرسول الأكرم ، صلى الله عليه وسلم .
الحفلُ الأول توّجه نشيد ( حار فكري ) ..
والحفل الثاني توّجه نشيد ( مع الله ) ..
و احترتُ ما بين النشيديْن !
هما عيناي .. فهل عينٌ أغلى مِن عين ؟!
ولقد صدَق الفنّان محمّد المازم إذ قال لي عنهما :
( هما منعطفان في عالم النشيد ) ..
وبعد الحفلين تُوّج لقاؤنا الفني في ألبوم ( مع الله ) .. و ألبوم ( أمنية العمر ) ..
وجاءت الأناشيد فيهما أمواجا من الجمال ، و السحر الحلال ..
( مع الله ) ، ( حار فكري ) ، ( أحبك ربي ) ، ( أراود نفسي ) ، ( يشرق دمعي ) ، ( الراحلون ) ، هذه بعض الجواهر في عقد الفن الأصيل ..
ولقد حقق هذان الألبومان وحدة القصيد ، ووحدة النشيد ، فليس ثمة تفاوت بين معاني القصائد ، أو بين الألحان .
ولئن شبه إمام المنشدين الأستاذ أبو الجود السرميني ، صوتك بالسحر .
فأنا أشبّه صوتك وعُرَبَه بالبلّور الصافي ينعكسُ فيه طيف النور بألوانه الجميلة ..
هذا في فن النشيد ، أما في تلاوتك للقرآن العزيز ، فتذهلني بعذوبتها ، وتُدخِلني إلى جلال المعاني ، في كتاب الله تعالى ..
رحمك الله يا منشد الرافدين .
وتقبلك في عباده الصالحين .
وجزاك الفردوس الأعلى من الجنة .
وأسأله جل وعلا ، أن يجمعنا معا في مجلس سيدنا ، لنسمعه :
( حار فكري ! لست أدري ما أقول
أي طهر ضمه قلب الرسول ! ) ..
صلاة ربي وسلامه عليه ..
مصادر الترجمة:
١_ موقع الجزيرة نت.
٢_ مواقع إلكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1062