محمد فؤاد أبو زيد.. في ذكرى داعية ترجل
محمد فؤاد أبو زيد.. في ذكرى داعية ترجل
ثامر سباعنة
سجن مجدو - فلسطين
إن أعواد منابر المسجد الأقصى وأعواد المنابر في مساجد فلسطين التاريخية التي حزنت على الشيخ ، وبكته بدموع الحسرة والفراق والإكبار وحداد الأسى والإجلال ، وهي بذلك تبكي صوتا جريئا ، وصوت أسد يدافع عن الكرامة المهدورة ، والحق الفلسطيني المضيّع في أروقة وأدراج المؤسسات الأممية ، ودهاليز المفاوضات المظلمة والعبثية ، أبو فؤاد الذي نشأ في ظل دعوة الإسلام منذ أن كان يافعا ، وقد تربى على يديه أجيال من أبناء وقادة الدعوة في فلسطين التاريخية أمثال الشيخ رائد صلاح وكمال الخطيب ، حيث ورث الشباب عنه واكتسبوا منه رجاحة العقل ، وسعة الصدر ، والصبر والحكمة والحنكة والتألّق في اتخاذ المواقف بعد موازنتها ومن ثم اتخاذ القرارات الوازنة
ولد الشيخ محمد فؤاد أبو زيد في بلدة قباطية عام 1934 وقد كان والده مزارعاً ولكنه أحب العلم والعلماء مما أثر في حياة ولده العلمية. وقد ترك الشيخ أرملة وولدين وأربع بنات.
التحق الشيخ محمد فؤاد بمدرسة قباطية الإبتدائية وأتم الدراسة فيها عام 1948م ثم أرسله والده إلى القاهرة لدراسة العلم الشرعي فأتم دراسته الثانوية في معهد البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف عام 1952م وتابع دراسته الشرعية في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر وحصل فيها على دبلوم في الشريعة عام 1954م ثم عاد إلى فلسطين وسافر إلى دمشق والتحق بجامعة دمشق وتخصص في العلوم الشرعية حيث نال منها شهادة الليسانس عام 1960م .وقد تتلمذ الشيخ محمد فؤاد على يد عدد من العلماء منهم الشيخ مصطفى السباعي والشيخ مصطفى الزرقا رحمهما الله.
اشتعل الشيخ محمد في التدريس والوعظ والخطابة والإفتاء فقد عمل أثر تخرجه مدرساً في كلية الشريعة التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية في عمان، ثم عمل مدرساً في وزارة التربية والتعليم مدة 15 سنة وفي العام 1979م تولى إدارة أوقاف نابلس ثم تولى إدارة أوقاف جنين. وفي عام 1996م تولى الإفتاء في محافظة حنين وقد عمل خلال السنوات الطويلة واعظاً ومدرسا وموجها للأئمة والوعاظ وخطيباً وبخاصة في المسجد الأقصى المبارك. لقد أولى الشيخ محمد فؤاد الوعظ والإرشاد والإصلاح أهمية بالغة فكتب العديد من المقالات فيالمجلات الدينية وألقى المحاضرات وشارك في الندوات في المؤسسات التعليمية والاجتماعية والرياضية .وكان للشيخ أثر بالغ في التوعية والصحوة في مدن وقرى فلسطين مع دعاة آخرين ونشط الشيخ في مجال الإصلاح وفض النزاعات العشائرية والتنظيمية والتحكيم في مختلف الإحداث على مستوى محافظة جنين .ومن أنشطته الهامة المشاركة في تأسيس لجنة أموال الزكاة لمحافظة جنين ومساعدة لجان الزكاة الأخرى والجمعيات الخيرية على أداء عملها بالشكل السليم وذلك بما يتمتع به من حكمة وخبرة في هذا الميدان. وقد اختير الشيخ محمد فؤاد أبو زيد عضواً في الهيئة الإسلامية العليا في القدس وفي مجلس الإفتاء الفلسطيني الأعلى.
وهو من الرواد الذين نشروا الدعوة وربوا الشباب على الإسلام في المنطقة التي احتلت عام 1948م وخاصة في المثلث والجليل، فكانت له جولات دعوية في كثير من مدن وقرى فلسطين من الجليل الأعلى وحتى النقب.
لقد أمضى أبو فؤاد أكثر من ستة أعوام في سجون الإحتلال ، وقد أُبعد خلالها إلى جنوب لبنان " مرج الزهور " يوم 17/12/1992 مع 417 من إخوانه قيادات الحركة ومكث هناك لعام كامل برز خلاله كأحد قادة المخيم ، حيث انتخب ضمن اللجنة القيادية ، وكان غالبا ما يؤخذ برأيه بعد مناقشة الأمور والقضايا والمواقف ، فكان يطرح موقفه بحجة قوية وبعد تقييم دقيق ومسئول ، مما أثار إعجاب من حوله ، وهذا ليس غريبا على الخطيب المفوّه والداعية الصادق ، والشاعر البليغ ، والأسد الهصور الّذي كان يزمجر فيرعب زئيره الأعداء والمتخاذلين ، وهو الذي عرف برجاحة عقله وحكمته وحنكته وغزارة ثقافته وعلمه ، وقد اسندت اليه لجنة صياغة الخطابات والكتب والرسائل من المبعدين للرؤساء والملوك والزعماء والأمراء العرب والدول الإسلامية والمجتمع الدولي ؛ لشرح القضايا والمواقف ، وكان من أبرز مستقبلي الزوار من مسئولين ومبعوثين عرب ومسلمين وأجانب وبرلمانيين وإعلاميين في خيمة الاستقبال العامّة ، وقد عرفت خيمته بأكثر الخيم نشاطا وحركة ، واعتبرت المحطّة الثانية للزوار والباحثين عن المواقف والرؤى ، وكان كريما مضيافا سخي اليد ، باسم الثغر والمحيا ، لا تفارقه الابتسامة وبشاشة الوجه ، كما هو في بيته مع أهله وإخوانه وضيوفه .