مع الداعية المربي الأستاذ غانم حمودات
مع الداعية المربي
الأستاذ غانم حمودات
عمر إبراهيم النعمة
قال تعالى : [فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقّى]
هذه أجوبة أحبَّ إخوة أن أجيب عنها فأقول وبالله التوفيق :
س1 ـ السيرة الذاتية والتدرج العلمي :
ج ـ ولدت بالموصل سنة 1930 ـ حسب هوية الأحوال المدنية ـ ونشأت في بيت محافظ وكان والدي ـ رحمه الله ـ غيوراً على الدين ، قارئاً للقرآن ، وقد ختمت القرآن الكريم قبل دخولي في المدرسة .
دخلت الابتدائية سنة 1938 وأنهيت الدراسة الثانوية سنة 1949 وكنت بفضل الله متفوقاً في جميع المراحل.
وتخرجت في دار المعلمين العالية بمرتبة الشرف سنة 1953 .
وباشرت بالتدريس في المتوسطة ثم الإعدادية (أي الثانوية) ..
ومثلت الإخوان في التجمع الديني القومي سنة 1958 لمقاومة المد الشيوعي واعتقلت بعد إخفاق ثورة الشواف وسُفّرتُ أواخر شهر رمضان من سنة 1959 إلى محكمة الشعب ثم أرجعت إلى الموقف في سجن الموصل ثم كان الإفراج بفضل الله وأُرجعت إلى التدريس بعد أحد عشر شهراً من التوقيف . وبقيت في التدريس خمسين سنة وبضعة أشهر .
س2 ـ من أبرز أساتذتك ؟
ج ـ من أبرز الأساتذة وهم كثر : الأستاذ قاسم الجراح ، وعبد المنعم الغلامي ، ومحمد حامد الطائي ، وعبدالعزيز البسام .
ومن التلاميذ الأساتذة سعد الله توفيق ، وأبي الدبوجي ، والفريق هشام صباح الفخري ، والشيخ غازي عجيل الياور ، وكثير ممن تسلموا مناصب عالية في الدولة عسكريين ومدنيين .
س3 ـ كيف كان وضع الموصل فيما سبق من الناحية الدينية ، والاجتماعية ؟
ج ـ الموصل مدينة محافظة ومتمسكة بالإسلام على جهل وقد كانت الجوامع تخلو من الشباب قبل أن تظهر فيها دعوة الإخوان وكانت الموصل تعاني من (جهل الأبناء وعجز العلماء) .
وكان أكثر الناس فقراء على تعفف والأغنياء قليلين ، والمرأة حبيسة البيت ، والقيم السائدة مزيج من القيم الإسلامية والبدوية .. وكان للتعليم العلماني أثر سيء في الشباب . وكان أغلب الأطباء والصيادلة من غير المسلمين . ولما انتشر التعليم بدأت كفة المسلمين ترجح .
س4 ـ ماذا عن الدعوة في الموصل ؟
ج ـ بدأت الدعوة في النصف الثاني من الأربعينيات بعد رجوع الأستاذ الصواف رحمه الله من مصر ، ولما رجع الأخ عبدالحافظ سليمان من بغداد شرع في الدعوة ، وفي أوائل الخمسينيات بدأت الدعوة نشيطة وأنشيء المسبح الأول وأقبل الشباب إقبالاً طيباً وكان فتح فرع للأخوة الإسلامية سبباً في زيادة النشاط وانتشار الدعوة في القرى والنواحي والأقضية . وكان لتعيين الأخ غانم في الموصل أثره والفضل لله أولاً وآخراً .
أما أبرز الشخصيات المؤثرة في المسيرة الدينية فهو الأستاذ الصواف ، وللأستاذ الصقال رحمه الله شيء من التأثير غير المباشر بسبب حربه للحكومة واهتمامه بأمور المسلمين في العراق وخارجه ، مما جعله محل احترام الناس وتقديرهم .
ومن قبل الأستاذين الصواف والصقال : الإمام الرضواني وتلميذه عبدالله النعمة الذي اشتهر بعلمه وحلمه .
س5 ـ أهم الشخصيات الإسلامية التي زارت الموصل ؟
ج ـ إنهم كثر ، ومنهم :
أ ـ الشيخ الفلسطيني أو الأردني الراميني النابلسي زار الموصل في أواسط الثلاثينيات وكان له تأثير كبير في الناس حتى زعم عدد من أهل الموصل أن يهوداً ونصارى أسلموا بتأثيره .
ب ـ الشيخ الجليل محي الدين القليبي وقد ذكر لي أن كاتباً تونسياً أتاه بصورة من المذكرة التي قدمها سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا (في قاعدة فايد الإنكليزية في قناة السويس) إلى محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر لحل جماعة الإخوان المسلمين . قال القليبي رحمه الله فأعطيتها للشيخ البنا رحمه الله فأوعز إلى شعب الإخوان أن تخرج أكثر ما فيها من أثاث ومهمات .
ج ـ الدكتور تقي الدين الهلالي سكن الموصل مدة بسيطة وأعجب بمن لقيه من أهلها فقال :
أنا موصليّ ما حييت فإن أمت = فوصيتي للناس أن يتموصلوا
د ـ مسعود الندوي لم ألقه أنا .
هـ ـ الشيخ محمد البشير الإبراهيمي شيخ علماء الجزائر زار الموصل سنة 1951 وأعجب بأهل الموصل حتى إنه قال : [إن الهبَّة التي سترد للعالم الإسلامي هيبته ستكون من هذا البلد الأمين ـ الموصل] .
و ـ الأستاذ عبدالحكيم عابدين رحمه الله وقد زار سنجار وقرية الزاوية .
ز ـ الأخ السوري مصطفى الصيرفي .
ح ـ الأخ الأستاذ عبدالمنعم عبدالرؤوف الفريق الطيار .
ط ـ الأخ الأستاذ سعدالدين الوليلي سكرتير الشيخ حسن البنا .
ي ـ أحمد بن بودا ممثل جبهة التحرير الجزائرية في العراق بصحبة الشيخين الجليلين : أمجد الزهاوي والصواف رحمهما الله .
س6 ـ أهم الأحداث التي جرت منذ الأربعينيات إلى أوائل السبعينيات ؟
ج ـ في رأيي أن أهم حدث شهدته الموصل :
1 ـ نشوء دعوة الإخوان المسلمين بفهمها الشموليّ للإسلام وتصدّيها للأفكار العلمانية والإلحادية بعد أن كان الإسلام يعاني من (جهل أبنائه وعجز علمائه) حتى لقد كان من المسلمات عند الناس وعند العلماء أن لا دخل للدين في السياسة ، بل وصل الأمر عند قسم من الناس أن يقولوا : (أوروبا تقدمت لما تركت الدين فلنترك الدين حتى نتقدم) !!
2 ـ المظاهرات الحاشدة ضد تقسيم فلسطين ومعاهدة بورت سموث أواخر سنة 1947 ضد الوصي والحكومة .
والمظاهرات القوية انتصاراً لمصر أثناء العدوان الثلاثي .
3 ـ من أهم ما مرَّ بالموصل تصدّيها بالتيار الإسلامي والقومي للمدّ الشيوعي الطاغي واستباحة الشيوعيين للموصل بعد إخفاق ثورة العقيد عبدالوهاب الشواف وكثرة قتلهم وسحلهم لمن عاداهم واعتقال الآلاف من أبنائها كل ذلك فتح أعين الناس على حقيقة الشيوعية والشيوعيين وأدى إلى النفور منهم داخل العراق وخارجه .
س7ـ يستهويني الشعر العمودي الهادف الذي يزين للأمة الاستمساك بدينها والتحلي بالفضائل . الشعر الذي يدعو إلى معالي الأمور ويكره وينفر من دنيّها وسفسافها .
س8 ـ حكمة ترددها دائماً :
ج ـ آخر الآية السابعة والسبعين من سورة النساء : [قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا] والآيتان الكريمتان الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من سورة الجاثية :
[ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين] .
س9 ـ رأيك بمستقبل الدعوة ؟
ج ـ أرى الدعوة الإسلامية المباركة بعد أن خرجت إلى طورها العلني ، على خير كثير إن شاء الله فقد انتشرت مقراتها ، وازدادت وازداد التفاف الناس حولها لما رأوا من إخلاص قادتها ونزاهتهم واهتمامهم بقضاياهم والدفاع عنهم ، ثم إن قيامها على التنظيم الدقيق والتخطيط الوثيق سينقلها بتوفيق الله إلى نجاح متوالٍ مستمر والله خير الناصرين .
شهادتان :
وفيما يلي شهادة اثنين من المفتشين الاختصاصيين ، بعد حضورهما بعض دروسي :
1 ـ اسم المدرس الكامل : السيد غانم سعدالله حمودات
المدرسة : الإعدادية الشرقية اللواء : نينوى
ملاحظات وتوصيات المفتش التي تبلغ إلى المدرس :
سرَّني إلمامك بجوانب المادة (في التربية الدينية) وعرضها بأسلوب جذاب واضح ولغة عربية فصيحة ، وسرّني كذلك اهتمامك بالمناقشة وبراعتك في ضرب الأمثلة المناسبة ، والاستشهاد بما يناسب من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، وسرني أكثر من ذلك حافزك الذاتي على ترسيخ العقيدة وعنايتك بتطبيق الفرائض عملياً .
أرجو أن تستمر على خطتك الحسنة المثمرة هذه ، وشكراً .
تاريخ كتابة التقرير 3/5/1970 .
2 ـ اسم المدرس الكامل : السيد غانم سعدالله حمودات
المدرسة : الاعدادية الشرقية اللواء : نينوى
ملاحظات وتوصيات المفتش التي تبلغ إلى المدرس :
أيها المربي الصادق :
حسبي ما ألفيته فيك من خلق رفيع ، وإخلاص كبير لواجبك ، وحرص بالغ على رفع مستوى طلابك تربوياً وثقافياً وحسبك ما أفاض الله عليك من نعمة الخلق العظيم ، الذي غَدَوْتَ به قدوة حسنة لطلابك ومواطنيك ، وما أفاء المولى جلَّ وعلا عليك من سعة العلم والحكمة ، (ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ..)
تاريخ كتابة التقرير 24/3/1966