الداعية المجاهد الشيخ محمود عيد

بعد رحلة طويلة مع الوعظ والإرشاد والدعوة إلى الله على هدى وبصيرة، والهجرة بعيداً عن الأهل والأوطان، انتقل إلى رحمة الله تعالى في الـ 27 من رمضان 1430هـ الموافق السابع عشر من سبتمبر 2009 في الكويت عن عمر ناهز السابعة والتسعين عاماً، الداعية المجاهد والعالم العامل فضيلة الشيخ محمود عيد (يرحمه الله).

كان الفقيد الراحل عالماً من طراز فريد عرفته منابر المساجد في الإسكندرية وفي مقدمها منبر "مسجد السلام" إماماً لا يخشى في الله لومة لائم، لم يهادن ولم يساوم ولم يتنازل عن مبادئه، فقد ظل طوال حياته ثابتاً على أفكاره مدافعاً عنها، الأمر الذي أدخله السجن مرات عديدة، واضطر في النهاية لمغادرة الوطن عام 1982م، وحط رحاله في كويت الخير بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فيها، ومنذ ذلك الحين وهو يمارس عمله الدعوي بالكويت، بعد أن عرضت عليه الوزارة العمل بها إماماً وواعظاً، وجال الشيخ محمود عيد على معظم مساجد الكويت وهيئاتها ودواوينها ليلقي فيها الخطب والمواعظ والدروس، ومن بين الهيئات والمؤسسات التي حرص على إلقاء خواطره فيها الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وبيت التمويل الكويتي.

ولا ينسى أهل الكويت للراحل مواقفه الرائدة من قضية الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، فقد رفض في البداية مغادرة الكويت لحرصه على مشاركة أهلها في هذه المحنة القاسية، وخطب في مساجدها داعياً الله أن يهلك الطغاة وأن ينتقم منهم، وأمام إصرار عائلته وتلامذته على ضرورة مغادرته الكويت، حتى لا يبطش به أتباع النظام الغازي وذلك في ظل إصراره على مهاجمته غير عابئ بالمصير الذي قد يلقاه، اضطر للخروج من ناحية العراق، وأثناء مروره بالمدن العراقية كان لا يكف عن الدعاء على الطواغيت والظالمين والمغتصبين بمساجدها أثناء الصلوات، في إشارة إلى النظام العراقي البائد، وبعد تحرير الكويت عاد مباشرة، واستأنف نشاطه الدعوي مجدداً، وكان، رحمه الله، يحب الكويت حباً جماً، بل كان يعشقها ولا يترك مناسبة إلا ويذكر أهلها بالخير.

نعاه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على لسان العلامة الدكتور يوسف القرضاوي فقال عنه: كان الشيخ، رحمه الله، من أعظم الدعاة بلاء في سبيل الإسلام والأوطان، وأوقف حياته على مقاومة الاستعمار الأجنبي، والإصلاح في الداخل والخارج حتى أتاه اليقين.

وقال عنه د.توفيق الواعي: عالمنا الكبير، وداعيتنا العظيم، وإمامنا الشجاع الشيخ محمود عيد كان عملاقاً في ثباته، عظيماً في دعوته، جاهراً بالحق، ناكراً للمنكر، ولو كان في القمم، غير هيَّاب ولا وجل، داعياً إلى الله لا يخشى في سبيله لومة لائم {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}.

رحم الله الفقيد الراحل وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، كما ندعوه تعالى أن يلهم ذويه ومحبيه وتلامذته الصبر والسلوان.. {إنا لله وإنا إليه راجعون}.