الشيخ أحمد عطية الأثري

(1904-1961م)

هو القاضي المحدث اللغوي الخطيب البارع الشيخ أحمد عطية الأثري, ولد عام 1322هـ- الموافق 1904م تقريباً في جزيرة فيلكا.

تحصيله العلمي

لا نعلم عن نشأته الأولى شيئاً، سوى أنه تعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب كغيره من أبناء الكويت على يد أحد المعلمين في الكتاتيب المنتشرة في ذلك الزمان، وهذه هي المرحلة الأولى من مراحل حياته العلمية.

وتبدأ المرحلة الثانية حينما ولعت نفسه بالعلم منذ نعومة أظفاره، فيسر الله له أن تلقاه على يد بعض علماء الكويت المقيمين فيها والوافدين إليها، ويمكن أن نقسم مصادره العلمية التقسيم التالي:

شيوخه

1- الشيخ أحمد عبد الجليل الطبطبائي

كما أخبرنا الشيخ محمد بن جراح رحمه الله، فقد كان لهذا العالم دروس في مسجد الحداد القريب من منزله يحضرها طلبة العلم.

2- الشيخ محمد اليماني، وكان هذا الشيخ يسكن حي المرقاب من مدينة الكويت، حيث كان إماماً في مسجد هلال في ذلك الوقت، وكان الشيخ اليماني معجباً به غاية الإعجاب لما يراه عنده من الإقبال على طلب العلم وتوقد ذكائه وكثرة حفظه، فأقبل عليه يفيده مما عنده من علوم الآلة من نحو ولغة وصرف ومنطق، ولهذا انفرد الشيخ وتميز بهذه العلوم من بين علماء الكويت.

3- الشيخ عبد العزيز بن أحمد آل مبارك الإحسائي، وأخذ شيخنا فقه الإمام مالك على هذا الشيخ الفاضل الذي أحب الكويت وأهلها، وحرص كل الحرص على استفادة تلاميذه من علمه، وكان هذا الشيخ متبحراً في مذهب الإمام مالك، وله فيه متن خاص به.

4- الشيخ عبد العزيز بن صالح العلجي الإحسائي، ويعتبر هذا الشيخ من المترددين على الكويت دائماً وينزل على بيت الرومي ضيفاً، وهو من شيوخ الإحساء المشار إليهم بالبنان، وكان ضليعاً في مذهب الإمام مالك، وله فيه نظم مشهور في فقه العبادات، كما كان ضليعاً في النحو والصرف، وله في الصرف نظم سماه "مباسم الغواني في نظم عزية الزنجاني"، يدل على تبحره في هذا العلم، ومن كان هؤلاء شيوخه أجدر به أن يكون من أهل العلم.

قراءته واطلاعه

لقد كان الشيخ نادرة زمانه، ذكاء وحفظاً، وحباً واجتهاداً في طلب العلم، حتى بلغ به الذكاء أنه إذا درس أي علم من العلوم الشرعية على يد أي عالم يفد إلى الكويت، ثم يصادف أن يعود هذا العالم إلى بلاده قبل إتمام الدراسة العلمية التي بدأها معه الشيخ الأثري فإنه يستطيع أن يواصل استكمال ذلك العلم بما فتح عليه الله في فهم بقية ذلك الفن، واستيعابه ودراسته بمفرده، فالقراءة والاطلاع الواسع دعامتان من دعائم تكوينه العلمي الشرعي، هذا على قلة الكتاب في بلد مثل الكويت في ذلك الزمان.

وبلغ من حبه للقراءة أنه كان يستغل أيام إجازته السنوية ليبقى في بيته منكباً على قراءة الكتب قراءة واعية متفحصة.

وكان له ذوق رفيع في ترتيب الكتب والاعتناء بها والولوع بشرائها مهما يكن الثمن.

مواهبه

كان رحمه الله أديباً وشاعراً، يقرض الشعر في المناسبات النادرة، ومن ذلك تقريظه لكتاب ألفه المرحوم ملا عبد المحسن عبدالله البحر فقال في أوله:

من البحر قد مد ابن بحر كتابه     ليستخرج الطلاب من قعره درا

ومما يؤسف له أن شعره قد ضاع كله.

أعماله ووظائفه

أ- تولى منصب القضاء مساعداً للشيخ عبد العزيز قاسم حمادة بعد وفاة عالم الكويت التقي الورع المرحوم الشيخ عبدالله الخلف الدحيان عام 1349هـ- الموافق 1931م والذي لم يمكث فيه طويلاً إذ اختاره الله إلى جواره.

ب- تولى الشيخ وظيفة الإمامة في مسجد هلال في المرقاب مدة طويلة، كما تولى فيه منصب الخطابة والوعظ.

وكان إذا قام خطيباً أعطى الموضوع حقه، وكان في بادئ الأمر يخطب من صحيفة، أما في أيامه الأخيرة فكان يخطب ارتجالاً.

وفي مجالس وعظه الرمضانية وغيرها تخال نفسك جالساً في روضة غناء بما تسمع من أحاديثه العذبة، وعباراته الشيقة.

وأما شرحه للحديث النبوي، فله طريقة فذة في استيفاء شرحه، وربما أخذ منه الحديث الواحد ستة أيام شرحاً.

ومن خصائصه التي يذكر بها أنه في خطبه ووعظه وأحاديثه لا يورد حديثاً منكراً أو موضوعاً ترغيباً للناس، أو ترهيباً، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وعي وإدراك.

وفاته

توفي رحمه الله تعالى عام 1381هـ- الموافق 1961م.