الأديب والمفكر العراقي الأستاذ الدكتور داود سلوم
عن ثمانين عاماً توفي الأديب والمفكر العراقي الأستاذ الدكتور داود سلوم، وهو علم من أعلام العراق الثقافية المميزة وصاحب مسيرة طويلة حافلة بالإبداع والنشاط الواضح الذي أسهم في تنشيط الحركة الثقافية العراقية وتأكيد حضورها في المحافل المختلفة، كما أنه نجم من نجوم الفكر الموسوعي والعاملين في مجال التراث والمدافعين عن اللغة العربية.
ولد داود سلوم كاظم العجيلي في الكرادة الشرقية ببغداد عام 1930م، الرجل الأديب الناقد المحقق الكاتب المفكر، صاحب المؤلفات العديدة، وهو الذي حضر ندوة دولية للثقافة الشعبية في مدينة كوتاك/الهند، فكان من اكتشافاته المعرفية البحوث التي كشفت عن أثر اللغة العربية في اللغة السواحلية واليوريا والهوسا واللغة الأندونوسية وعن أثر اللغة العربية في القصص الصينية والهندية، كما أنه المحب لبلده العراق حد الشغف، وهو القائل : (أنا أحب العالم وأحب العالم العربي ولكني أحب العراق أكثر من حبي لبلد آخر)، كما أنه يعبر عن ذلك الحب بالقول : (تحدثنا مع طلبة الدكتوراه (هذا العام) وجرى الحديث عن السفر إلى بلدان أوروبا وأفريقيا والعالم العربي فقالت سيدة من الطلاب: ماذا أعادك إذن إلى العراق؟ أرجو أن يسمع القارئ الكريم جوابي ويعيه فقلت لها: (وهل أترك غبار العراق وذبابه لكم) هذا يعني أن كل ذرة تراب وكل بستان وكل نهر وكل قطرة مطر تسقط على الأرض العذراء فتفوح رائحتها الزكية - كل هذا، وكل فصول بلدي وحرّه وبرده ومطره جميل جميل جميل، فلو خيرت أن أخلد في الجنة أو العراق لفضلت الخلود في العراق. وماذا أصنع وقد أصبت بداء حب الوطن فهذا قدر لا استطيع الفرار منه ولا الفكاك من قيده وإني أقول إنه نعم القدر ونعم القيد ولو مت وبعثت ألف مرة وسئلت أي وطن أريد، لقلت العراق ألف مرة ولذلك لا يمكن أن أغفر لمن يسيء إلى (عراقي) مهما كان عرقه أو جنسه أو دينه).
وعلى لسانه نقرأ في سيرته الشخصية : ولدت عام 1930 في بغداد ودرست القرآن العظيم في سن الخامسة والسادسة، واذكر (حفلة) التخرج حيث سار بي من هم في سني إلى دور أقاربي وهم ينشدون أهزوجة أعدت لهذه المناسبة ومطلعها (الحمد لله الذي تحمدا)، وسارت بي الحياة إلى الابتدائية والمتوسطة والثانوية / الفرع الأدبي، ثم دخلت في كلية الآداب عام 1949-1950م وتخرجت منها عام 1953م وسافرت في أيلول من السنة نفسها إلى إنكلترا للدراسة على حسابي الخاص ولم أنل بعثة الحكومة إلا في الستة شهور الأخيرة، وتخرجت قبل ثورة تموز 1958م بأيام، وحدثت الثورة ثم عدت إلى العراق، وفي 17 أيلول عينت مدرساً في كلية الآداب. جامعة بغداد ثم ترقيت إلى أستاذ مساعد ثم مشارك أستاذ في 18/6/1972م، وشغلت رئاسة قسم اللغة العربية في فترتين هما في 14/9/1975م لمدة سنتين تقريباً، ثم في 22/9/1985م لمدة عدة شهور، وأوفدت إلى معهد اللغات الإفريقية والآسيوية في جامعة همبولدت عام 1961م وإلى جامعة ايبادن في 1971م، وكان لهذين الإيفادين أثر كبير في إفادتي وثقافتي العملية من خلال معايشة حضارات مختلفة وبعد التقاعد درّست في جامعتي آل البيت وجامعة جرش في الأردن.
وللدكتور داود سلوم العشرات من المؤلفات منها: (تطور الفكرة والأسلوب في الأدب العراقي في القرنين 19/20) (شعر الكميت بن زيد الأسدي)، (النقد المنهجي عند الجاحظ) و(قصص الحيوان) و(الحكاية الشعبية العراقية) مع د.صبري مسلم، و(تطور الفكرة والأسلوب في الأدب العراقي)، بغداد 1955م. و(الأدب المعاصر في العراق) بغداد 1962م، و(تاريخ النقد العربي من الجاهلية حتى نهاية القرن الثالث) بغداد 1969م، و(التأثير اليوناني في النقد العربي القديم) بغداد 1971م، و(مقالات عن الجواهري وآخرين) بغداد 1971م. و(دراسات في الأدب المقارن التطبيقي) بغداد 1984م، و(حيث لا تشيب السنون) 1970م، و(المرأة في حياة السياب) 1971م، و(ديوان نصيب)، و(مقالات في النقد الأدبي) و(مقالات في الأدب المقارن) و(أثر الأدب العربي في تراث العالم) و(الجاحظ- منهج وفكر)، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الرسائل الجامعية. وفي عام 2005م أصدر الدكتور داود سلوم كتاباً عنوانه: (السرقات الفنية للآثار الأدبية - سرقات الدكتور محمد نبيل طريفي أنموذجا)، ويتحدث عن كتابين مطبوعين للدكتور داود سلوم هما: (شعر الكميت في ثلاثة أجزاء)، و(شرح هاشميات الكميت).
وسوم: العدد 872