سالم عبد الله بن سلمان

أدباء وعلماء عرفتهم (الجزء الثاني)

سالم عبد الله بن سلمان

أحمد الجدع

أنا لم أزر حضرموت ، ولا رأيت المكلا ، ولكنني أحببت حضرموت وعشقت المكلا .

أحببت حضرموت عندما كلفت بتأليف كتاب عن شعراء من الخليج والجزيرة العربية ، واخترت الشاعر الحضرمي علي أحمد باكثير ليمثل حضرموت التي كانت جزءاً من دولة اليمن الديمقراطية أو اليمن الجنوبي قبل تحقيق الوحدة المباركة بين شطري اليمن .

وحتى تكون الدراسة مستوفية شروطها كان لابد ان أدرس الطبيعة الحضرمية ، وعندما تعمقت في دراستها وجدت ما راعني وما أدهشني ، ذلك أن هذا البلد الرابض في سكون في أقصى جنوب الجزيرة له تأثيرات عميقة في عدد من بلدان العالم الذي يحيط به ويقترب من شواطئه ، وأن هذه التأثيرات قد أدت إلى دخول شعوب بأكملها في دين الله دون أن يشرع في وجهها سلاح أو تهدد بالأقوات والأرزاق .

وكانت هذه الدراسة سبباً في أنني أحببت حضرموت .

أما المكلا العاصمة التاريخية لهذا البلد الحبيب فقد مر اسمها بي في أثناء عملي في لجنة " الرصيد اللغوي " حيث كنا نعمل في دأب على جمع المفردات التي يتداولها طلاب المدارس في قطر ، ثم تأصيلها لغوياً في مشروع كبير يحفظ اللغة ويربط مفرداتها المشتركة في بلدان العروبة جميعاً .

وكان اشتقاق الكلمة لغوياً ومعناها بيانياً هو الهدف من دراستنا ، وكلفت أنا من قبل اللجنة لجلاء المطلوب .

والحق أقول أنني شعرت بألفة عجيبة وأنا أجدّ في البحث في اشتقاق المكلا ومعناها ، وعندما كتبت نتيجة البحث وعرضته على اللجنة أصابتهم الدهشة من الأسلوب الأليف الذي كتب به ، وما علموا أنني قد تواصلت عاطفياً مع المكلا قبل أن أتواصل لغوياً .

وكتبت عن علي أحمد باكثير بالحب والعشق قبل أن أكتب عنه بالحروف والكلمات .

وأدت هذه الكتابات إلى التواصل مع عدد من أبناء حضرموت الأوفياء ، وكان من هؤلاء الشاعر المبدع سالم عبد الله بن سلمان .

هذا الرجل الحضرمي يحمل بين جوانحه هماً ثقافياً ثقيلاً ، فهو شاعر أصدر حتى الآن ديوانين : " العشق في حضرة الكلمات " (1423هـ 2002م) و " أهازيج على ربا دوعن " (1425هـ 2004م) وتكرم وأهداني الديوانين ، الأول : أرخ إهداءه في 15/10/2004م ، والثاني : أرخ إهداءه في 10/9/2006م وأذكر أنني كتبت له ملاحظاتي على ديوانه الأول بعد قراءته قراءة معجب أولاً ، وقراءة دارس ثانياً .

وسالم عبد الله بن سلمان صاحب مشروع ثقافي كبير ، أنشأ له : دار حضرموت للدراسات والنشر ، وتَطَّلِعُ هذه الدار بالإضافة إلى نشر الكتب والدراسات بإصدار مجلة متخصصة في الكتاب تصدر مرتين في السنة ، وقد صدر العدد الأول منها في إبريل 2008م ، وفيها نشر اللقاء الذي أجراه معي في القاهرة على هامش معرض الكتاب فيها، والذي تركز فيه الحوار حول الأدب الإسلامي والشعر منه بخاصة ، وحول هموم النشر وتطلعات الناشرين المستقبلية بصفتي – في ذلك الوقت – رئيساً لاتحاد الناشرين الأردنيين .

وسالم عبد الله بن سلمان لمن لا يعرفه من مواليد رباط باعشن بحضرموت عام 1948م ، وعمل في مجال التربية والتعليم ثم في مجال المكتبات حتى عام 1996م ، ثم أسس عام 1997م دار حضرموت للدراسات والنشر ، ثم افتتح معرض الحياة الدائم للكتاب بالمكلا عام 1999م .

وهو لا يزال على عهده في عشق الكلمات ، وفي خدمة الكتاب ، ونسأل الله أن يعينه على الاستمرار.