يحيى الطاهر عبد الله
يحيى الطاهر عبد الله (1928–1981)
(القاص الأقصرى صاحب الطوق والأسورة)
أسامة محمد أمين الشيخ
/مصرعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
شقيق النخيل صديق القصب حارس الكرنك وإسكافى المودة صديق يحيى الطاهر الذى رحل بغتة هكذا قال سمير غريب فى مجلة الثقافة الجديدة 1990 ووصفه يحيى حقى بأنه جسم نحيل متقد وعينان براقتان وكلام مهتاج ماذا نستطيع أن نفعل بهذا الشاب الفتى الذى لا يريد أن يفعل شيئاً سوى أن يكتب اسمه بالقصة القصيرة ونعته الأبنودى بأنه كان عقادياً صريحاً وكما قال محمد المخزنجى لا تزال تلك خطوط عود النخي وتلكما العينان الواسعتان الحادثان الساهمتان رغم شدة البريق وكأن الحزن سمة غالبة على أدباء صعيد مصر فأنشد شيخ شعراء الصعيد محمد أمين الشيخ فى قصيدة رثاء يحيى الطاهر عبد الله قائلاً :
نزع الطوق وألقى وهـو الـحـر صبياً وفتى يـا رفاق أين يحيى ؟ عله عله فى الكرنك الرحب الذى أيـن يحيى ؟ يا رفاقى عله يـا رفـاقى أين يحيى أنه | الأسورةومضى قى شوطه ما كـيف يرضى بقيود قاهرة هائماً فوق الروابى الساحرة قـد حـبـاه رائعات باهرة بين هاتيك الجموع السادرة فـى روابينا يناغى أقصره | أقدره
ولم يترك رفيق الدرب شاعر العامية عبد الرحمن الأبنودى عدودة تحت نعش يحي الطاهر عبد الله
يا يحيى يا عجبان يا فصيح أتـمـكن الموت من الريح كـنـا شـقايق على البعد أنـا كـنت راسم على بعد أبـويـا مـات السنة دى | يـا رقـصـة يا زغروتة وفـرغـت الـحـدوتـة وع الـقـرب شان الشقايق وخـانـتـنى فيك الدقايق وأمـى بـتـمـوت وتحيا |
ولا ننسى وثيقة يوسف إدريس " النجم الذى هوى " فقال حين رأيته كان قادماً لتوه من أقصى الصعيد من قرية الكرنك بجوار الأقصر وكان نحيلاً كعود القمح حلو الحديث والمعشر كعود القصب فتان القامة والبنية واللمحة وذلك الخجل الصعيدى الشهم الذى لا تخطئة عين ومن منا لا يعرف يحيى الطاهر عبد الله إنه ابن الجنوب ابن الكرنك الفتى القادم من وراء ثنايا المعابد والآثار الفرعونية كان أبوه شيخاً معمماً يقوم بالتدريس فى إحدى المدارس بالقرية تلقى تعليمه بالكرنك حتى حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة وعمل بوزارة الزراعة فترة قصيرة ثم انتقل إلى مدينة قنا والتقى بنجمى الأدب القنائي العامية الأبنودى والفصحى أم دنق وامتدت العلاقة بينهم فى رحلة صداقة طويلة وكان يحيى شغوفاً بكتابات العقاد والمازنى ونظم الثلاثى الجنوبى أمسيات أدبية ثابتة بقصور الثقافة وفى عام 1961 كتب أول قصصه القصيرة " محبوب الشمس " وأعقبها بقصة "جبل الشاى الأخضر" وفى نهاية 1961 انتقل الأبنودى إلى القاهرة وانتقل أمل دنقل إلى الإسكندرية بينما ظل الطاهر مقيماً مع أسرة الأبنودى فى قنا مدة عامين وفى عام 1964 لحق يحيى الطاهر بالأبنودى فى القاهرة وأقام معه فى شقة بحى بولاق الدكرورى حيث كتب بقية قصص مجموعته الأولى ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً ، وقدمه يوسف إدريس فى مجلة الكاتب كما قدمه عبد الفتاح الجمل فى الملحق الأدبى بجريدة المساء وسرعان ما احتل مكانته كواحد من أهم وأبرز كتاب القصة والروائيين المصريين اذين عرفوا بجيل أدباء الستينات، تزوج يحيى الطاهر عبد الله فى مارس 1975 وانجب ثلاث أبناء أسماء وهالة ومحمد.
توفى يحيى الطاهر عبد الله فى حادث سيارة على طريق القاهرة الواحات يوم الخميس 19 أبريل 1981 ودفن فى قريته الكرنك بالأقصر أما أعماله الأدبية ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً – الدف والصندوق – أنا وهى وزهور العالم – حكايات للأمير حتى ينام – الطوق والأسورة عام 1975- الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة – تصاوير من التراب والماء والشمس – الرقصة المباحة – حكاية على لسان كلب .
ونقلاً عن مجلة الثقافة الجديدة العدد 178 مايو 2005 يقول يحيى الطاهر عبد الله عن نفسه متمسكاً بقريته فيقول أنا ابن القرية وسأظل فتجربتى تكون كلها فى القرية والقرية حياة قائمة فى الكرنك فى الأقصر أى طيبة القديمة وعندما ابتعد عن قريتى أسعى إليها فى المدينة وأبحث عن أهلى وأقربائي ناسى الذين يعيشون معى .
ومما يتميز به يحيى الطاهر عبد الله القدرة الفائقة فى استخدام اللغة العربية بوجدان مصرى بحيث يشعر القارئ المصرى أن الكاتب يخاطبه بلغته الحية الأمر الذى يعتلى درجة عالية من التواصل بين الكاتب والقارئ وأن هذا التواصل هو الذى يحقق التفاءل بين المبدع والمتلقى .
إن أعمال يحيى الطاهر هى تاريخ جيل بكاملة وليست تاريخاً لحالة خاصة لقد نقل لنا نبض مرحلة بالكامل وقدم تجربة جيل عاش فترة معينة وانعكست هموم الوطن على وجدانه وأحلامه واستطاع أن ينقل لنا هذا ببساطة ويسر .