أحمد عبد العزيز

    من أعلام الجهاد في فلسطين :

(1325 ـ 1367 هـ)

(1907 ـ 1948 م)

حسني جرار

هو أحمد عبد العزيز، قائد مصري شهيد ، ولد في الخرطوم بالسودان ، وتخرج في المدرسة الحربية بالقاهرة سنة 1938 م ، ودرس التاريخ الحربي في الكلية الحربية ، ثم تخرج في كلية أركان الحرب (1). والتحق بسلاح الفرسان الملكي ، وحصل على رتبة (بكباشي) . وكانت له دروس ومحاضرات في كلية الأركان ، وبطولات في ميدان الفروسية . ارتكزت شخصية على خصلتين أساسيتين ، أولاهما : جرأة خارقة وولع شديد بالمغامرة .

 وثانيهما : اغترار بشخصيته ، واعتداد بمقدرته وكفاءته (2).

 عرف بالتقوى ، ونبل الخلق ، والوطنية الصادقة ، والمقدرة الحربية البارعة ، والاستعداد للجهاد في سبيل الله .

اختير في حرب فلسطين عام 1948 م قائداً للقوات الخفيفة (الفدائيون المتطوعون) ، فبدأ يعد قواته لدخول فلسطين ، وقام بعدة دوريات استكشفت فيها مناطق النقب الشمالية .

وفي أوائل شهر مايو 1948 م تحرك بقواته حتى وصل خان يونس ، فقابله المواطنون مقابلة حافلة . وبدأ يهاجم المستعمرات في منطقة غزة وخان يونس ، واستخدم في قتاله تكتيك العصابات ، وأخذ يتعرض لطريق القوافل المصفحة ويبيدها (3).

تولى قيادة منطقة بئر السبع باتفاق مع القائد العام للجيش المصري ، وهاجم عدداً من المستعمرات في صحراء النقب .

وفي 20 مايو زحف إلى الخليل ، ودافع عنها وعن بيت لحم وصور باهر والقدس .

وأصبح أحمد عبد العزيز بشجاعة نادرة قدوة للمقاتلين ، فقد تعلم منه الجنود فنون القتال وشجاعة الاقتحام ، وظهر ذلك واضحاً في معارك منطقة غزة والنقب وبيت لحم ، وفي اقتحام مستعمرة كفار ديروم ومستعمرة رامات راحيل ، والتي حقق فيها انتصارات عسكرية كبيرة ، ولكنها كلفته عدداً غير قليل من خيرة الشباب (4).

ولما بدأت مرحلة مفاوضات لتخطيط حدود المنطقة الحرام ، أملى فيها إرادته على اليهود واضطرهم للتخلي عن منطقة واسعة . وحين انتهت المفاوضات في ليلة 22 أغسطس ، حمل نتائجها إلى القيادة العامة المصرية في المجدل . وفي الوقت نفسه كانت القيادة المصرية قد استدعته ـ ليترك الجبهة التي كان يسيطر عليها تماماً بقواته ـ ليذهب إلى القاهرة عبر قيادة القوات المصرية في المجدل للقاء هام مع القيادة السياسية في مصر (5).

وتوجه في ذلك اليوم في سيارة جيب انطلقت في طريق المجدل ، ولم يكن معه إلا اليوزباشي (الورداني) واليوزباشي (صلاح سالم) من ضباط رئاسة المواوي ، وسائق سيارته . ولما وصلت السيارة إلى مواقع الكتيبة السادسة في عراق المنشية ، أطلقت نقطة المراقبة النار ، واستشهد أحمد عبد العزيز برصاصة أصابته وحده . ولم يكد الخبر يذاع على الناس حتى عم الوجوم الجميع ، وبكاه كل فرد في الجيش (6) . ودفن بغزة ثم نقل إلى القاهرة .

قال عنه الأستاذ كامل الشريف : " كان أبرز شخصية عسكرية أنجبتها حرب فلسطين . وبموته طويت صفحة من أمجد صفحاتنا العسكرية ، وأفل نجم لامع كان في سماء الحرب ملء سمع الناس وبصرهم " (7) .

دفن بغزة ثم نقل إلى القاهرة . وله رسالة عسكرية سماها " السياسة والحرب " ، ومقالات في شؤون عسكرية مختلفة نشرها في مجلة الجيش . واشترك مع عبد الرحمن زكي في إصدار كتاب " النجاة من الموت في البحار والغابات والصحاري " (8).

               

الهوامش :

(1)   الزركلي : الأعلام ج 1 ، ص 252 .

(2)   كامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 126 ـ 127 .

(3)   كامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 130 .

(4)   محمد الصايم : شهداء الدعوة الإسلامية ، ص 234 ـ 236 .

وكامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 130 ـ 139 .

(5) كامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 162 .

ومحمد الصايم : شهداء الدعوة الإسلامية ، ص 137 .

(6) كامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 163 .

(7) كامل الشريف : الإخوان في حرب فلسطين ، ص 163 ـ 164 .

(8) الزركلي : الأعلام ج 1 ، ص 252 .

المراجع :

(1)   خير الدين الزركلي : الأعلام ج 1 ، [دار العلم للملايين ـ بيروت] ، 1990 م .

(2)   كامل الشريف : الإخوان المسلمون في حرب فلسطين ، [القاهرة] ، 1951 م .

(3)   محمد الصايم : شهداء الدعوة الإسلامية في القرن العشرين ، [دار الفضيلة ـ القاهرة] ، 1992 م.