حسن يوسف يعلم الأجيال
حسن يوسف يعلم الأجيال
حسن يوسف |
محمد شوكت الملط |
كان من الممكن أن يكون رمزا مهما من رموز المفاوضين , يتقدم الصفوف لإستقبال الرؤساء والملوك من العرب ومن أوروبا ومن أمريكا ,يظهر أمام كاميرات التلفاز العالميه بملابسه الفخمه وشعره المصبوغ بالأسود ليخفى تجاعيد الوجه, يتحدث عن عملية السلام وطبيعة المرحله وهموم الشعب وأهمية المفاوضات , والترهيب من المقاومه والمقاومين وضرورة عقد مؤتمرات السلام واستمرار المباحثات، وجهه معروف للرأى العام لإنتشار صوره فى وسائل الإعلام المختلفة , كان من الممكن أن يكون أحد المفاوضين اللذين يلهثون وراء المناصب ، وتكوين الشركات الكبيرة لهم ولأبنائهم ,
ولو على حساب القضيه الفلسطينيه .
إنه الشيخ المجاهد حسن يوسف عضو حركة المقاومة الإسلاميه حماس , الذى أبى منذ صباه إلا أن يكون فى مقدمة الصفوف المقاومه للإحتلال الصهيونى , لم يأبه بالتهديد والوعيد و لم تضعفه الفترات الطويلة التى قضاها فى السجون الإسرائيليه , عن الإستمرار فى تحديهم ومقاومتهم وتأليب الجماهير ضدهم , عاش حياته داعياً إلى الله متحدياً للطغاه , رُزق بمولود تمنى أن يجعله إمتداداً لحياته , ليكون خير خلف لخير سلف , لم يجد أفضل من تسميته " مصعب " تيمناً بالصحابى الجليل مصعب بن عمير رضى الله عنه وأرضاه , الذى آثر مرافقة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم على رغد
العيش ولبس الحرير وجواذب الأرض , حتى نال الشهادة فى غزوة أحد .
الناس يريدون ويخططون , ولكن الإراده الإلهيه أكبر من كل الإرادات , فأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد , فما كان من أعداء الله إلا أن إستدرجوا الإبن بعد أن أغروْه بالمال والنساء والمنصب والجاه , إلى أن وقع فى شباكهم وأصبح عميلا لهم .
لأشياء فى نفوسهم أعلن الأعداء هذا الخبر, بعد أن أخفوه مدة زمنية طويله , ليكون إبتلاءً لهذا الرجل فوق إبتلاء السجن، فهو إبتلاء الأنبياء والمرسلين لا يتخطاه المرء إلا بثبات من الله , ويأتى الإبتلاء الأعظم حينما أعلنوا فى وسائل الإعلام الشهيرة ، أن الإبن إعترف وأقربالعمالة والتجسس لليهود، بل وأنه غير دينه, وتنصر فى احدى الكنائس الأمريكية .
كان من الممكن أن ينهار الرجل وله العذر, وكان من الممكن أن يتردد فيما يمكن فعله وله العذر أيضاً , وكان من الممكن أن يصمت ولا يتكلم , ولكنه أبى إلا أن يُعلنها مدوية , البراءة من إبنه ون فعلته الدنيئة , وما أصعب هذا الإعلان وما أقساه , ولكنه الإيمان الراسخ بالله والثبات على المبدأ وإيثار الجنه على الدنيا وما فيها من مغريات .
وكأن الله سبحانه وتعالى يريد بموقف ذلك الرجل , أن يوقظ الأمه من سُباتها العميق -وخاصة فى تلك المرحله الحرجه من تاريخها - فالناس بصفة عامه وقادتهم بصفة خاصه , الهدف الأسمى عندهم هو المصلحة الشخصيه, وليذهب الآخرون إلى الجحيم , فسعيهم الدؤوب هو العمل على إعلاء الأبناء ولو على جثث البشر , وإذا أخطأ الإبن خطأً جسيماً , فالمبررات لتهوين هذا الخطأ أو لتكذيبه جاهزة , وذلك فى حالة عدم إستطاعتهم العتيم على أفعال الإبن الحقيرة , أراد الله تبارك وتعالى أن يُلهم هذا الرجل الثبات ليكون مُعلماً لأجيال الأمة الحالية والقادمة.