الخلفاء الراشدون
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
هذه السلسلة من تاريخ الخلفاء الراشدين مختصره لمن تهمه لحفظها عن ظهر قلب لأهميتها في حياة وثقافة المسلم وللرد على كل المشككين بهؤلاء الكبار العظام الأربعة رضوان الله عليهم
الخلفاء الراشدون
قال الله فيهم وبجميع أصحابه: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) التوبة آية: (100) وقال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً ..) وقال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)( ) وقال رسول صلى الله وعليه وسلم : (خير أمتي القرن الذي بعثت فيه) ( ) وقال فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه) ( ) رضوان الله عليهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياءً عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أُبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) وفي رواية: (وأقضاهم علي) (حُبُّ أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر) ( ).
أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الراشد الأول والوزير والمستشار الأول لرسول الله رضي الله عنه وأحد المبشرين العشرة في الجنة وهو من القلائل الذين نزل فيهم قرآناً يُتلى من الله رب الأرباب وخالق الأفلاق يمدح فيها صحبته لخير خلق الله ويثني عليه قال تعالى: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا) سورة التوبة آية (40).
الصاحب هو أبو بكر ونزول السكينة على أبي بكر رضي الله عنه والحزين والخائف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر والمعية في (معنا) بالتأثير والنصر لهم على عدوهم كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً لأبي بكر: (أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار) ( ).
كذلك أثنى عليه ربُّ العزة والجلال لتصديقه بالصدق الذي جاء به رسول الله صلى الله وعليه وسلم في قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون).
فالذي جاء بالحق محمد صلى الله عليه وسلم والذي صدّق به أبو بكر( ).
قال تعالى: (وشاورهم في الأمر) قال الحاكم: (نزلت في أبي بكر وعمر وهو أحد الصحابة الذين حفظوا القرآن وهو أول من قام بجمع القرآن وسماه مصحفاً). فما زال عنده إلى أن توفاه الله وهذا يعتبر أول جمع ثم كان عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
وعندما خاف أبي بكر الصديق على رسول الله رضي الله عنه وهو في الغار أن يُكتشف أمرهم فقال له الرسول صلى الله وعليه وسلم: (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما).
وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (إن أبا بكر خيرٌ مما طلعت عليه الشمس وغربت)( ) وقال أيضاً: (لو كنت متخذاً خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخي وصاحبي)( ) أو (ولكن صحبه وإخاء وإيمان حتى يجمع الله بيننا عنده). وفي رواية: (لولا أن الله سماه صاحباً لاتخذته خليلاً).
وقال: (ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر)( ).
فأبو بكر رضي الله عنه اسمه: عبد الكعبة وسمته أمه بأبي بكر لأنه أول من بكر في الحياة من أبنائها لأنه لم يكن يعيش لها ولد قبله وكانت قد نذرت أمه إن جاءها ولد ستسميه عبد الكعبة ووفت بنذرها ولكن الرسول صلى الله وعليه وسلم أبدل اسمه بعبد الله وسماه أيضاً عتيق بقوله صلى الله عليه وآله وسلم له: (أبشر فأنت عتيق الله من النار)( ) فهو عبد الله عتيق بن أبي قحافة (واسمه عثمان) بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرّة بن كعب وفي مُرّة بن كعب يلتقي نسبه مع نسب رسول الله صلى الله وعليه وسلم ولد في السنة الحادية والخمسين قبل الهجرة بعد عام الفيل بثلاث سنوات وتوفي وعمره ثلاثة وستون سنة وأمه أن الخير سلمى بنت صخر بن عامر وأسلمت أمه في بداية الدعوة في بيت بالأرقم بن أبي الأرقم وأسلم أبوه أبو قحافة عثمان في فتح مكة وتوفي أبو قحافة في 14هـ بعد وفاة ابنه أبو بكر بستة أشهر بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة الخزرجي وكان عمره ستون سنة وأشهر وكانت خلافته ثلاثة سنين وعشرين يوماً وتوفي في 13هـ وكان عمره ثلاثة وستون سنة وأشهر ودفن في بيت ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بجانب نبي الله محمد.
صلى الله وعليه وسلم أهم أعماله:
• إنفاذ جيش أسامة.
• حروب الردة والقضاء على المرتدين وتطهير الجزيرة العربية من الشرك.
• قتال مانعي الزكاة وموقفه الحاسم منهم.
الفتوحات في بلاد فارس: بقيادة قواده فرسان الإسلام المثنى بن حارثة ثم خلفه خالد بن الوليد وأتبعهما بالقعقاع بن عمرو التميمي.
الفتوحات في بلاد الشام: بقيادة قواده فرسان الإسلام سعيد بن العاص ثم أمره بالوليد بن عتبة وعكرمة بن أبي جهل وعمرو بن العاص ثم بأبي عبيدة بن الجراح الذي أصبح أمير الجيش بعد ذلك إلى أن وصل إلى اليروموك فأرسل إليهم أبو بكر خالد بن الوليد فكان النصر من عند الله.
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيضاً نحيفاً خفيف العارض أجنأ (محنياً) معروق الوجه غائر العينين ومن صفاته رضي الله عنه كان أليفاً ودوداً حسن المعاشرة متواضعاً وكان يتحرى الحلال في طعامه وشرابه وكان حريصاً على اتباع الحق وشجاعاً وكان سباقاً لفعل الخير، وكان غزير الدمعة رحيم القلب وكان وقافاً عند حدود الله حاسماً في مواقفه من قتاله للكفار والمشركين والمرتدين مانعي الزكاة وكان ذا علم واسع واعتبره الشيخ أبو إسحاق والنووي أنه أعلم الصحابة لقوله: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه)( ).
وكان أبو بكر الصديق يصغر النبي صلى الله وعليه وسلم بثلاث سنوات وكلاهما كان يعمل في التجارة واشتركا معاً في حلف الفضول الذي عُقد لإقرار العدالة في مكة قبل الإسلام فجمع بينهما هذا التقارب في السن والاشتراك في العمل فما جعلهما صديقين حميمين وزاد في توثيق عُرى المحبة بينهما اتفاقهما في حسن الخلف. (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر)( ).
وقال أبو حنيفة النعمان :(إن أبا بكر أول من أسلم من الرجال وعلي أول من أسلم من الصبيان وخديجة أول من أسلم من النساء وزيد بن حارثة من الموالي ).
وإسلام أبو بكر كان أنفع من إسلام من تقدم ذكرهم إذ كان رجلاً حراً وصاحب مكانة في قريش وصاحب مال وداعية إلى الإسلام.
وسئل رسول صلى الله وعليه وسلم عن أحب الناس إليه فقال عائشة وعندما قيل نعني من الرجال قال أبوها( ).
ومن فضائله قول الرسول صلى الله وعليه وسلم في ذلك: (ما أحد أعظم عندي يداً من أبي بكر واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنته)( ) وقال: ( ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر) فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله( ) وفي رواية أخرجها الترمذي (ما لأحدٍ عندنا يد إلا وقد كافأناه إلا أبا بكر فإن له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة) وفي غزوة العسرة (تبوك) تقدم أبو بكر رضي الله عنه بجميع ماله منفقها في سبيل الله، وعندما سأله الرسول صلى الله وعليه وسلم: (وماذا أبقيت لأهلك) فقال أبو بكر: (أبقيت لهم الله ورسوله) ولقي في سبيل دعوة الله الكثير من الأذى حتى أنه ضُرب عند الجهر بالدعوة إلى درجة الموت ولم يُعرف وجهه من جسمه من كثرة الضرب دفاعاً عن الرسول وعندما أفاق لم يأكل ولم يشرب ولم يتناول شيئاً في جسمه قبل أن يطمئن على رسول الله صلى الله وعليه وسلم وعندما رأى رسول الله صلى الله وعليه وسلم أخذ يقبله ويقول له بأبي أنت وأمي يا رسول الله ليس بي إلا ما نال الفاسق (عتبة بن ربيعة كان يضربه بنعلين مخصوفتين على وجهه) من وجهي (مع العلم أن خارطة وجهه جميعها غير واضحة الملامح من شدة الضرب).
وكان أبو بكر رفيق دربه إلى دار الهجرة إلى المدينة فكان يمشي حيناً أمامه وحيناً خلفه وحيناً إلى يساره أو يمينه تحسباً من أن يأتي العدو من أحد المواضع المشار عليها وهو عنها غافل.
ولقد أسلم على يديه كثير من عظماء الإسلام وأكابر الصحابة ومنهم ستة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوض وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن عامر بن الجراح وأسلم على يديه خالد بن سعيد والأرقم بن أبي الأرقم وعثمان بن مظعون وأبو سلمة بن عبد الأسد وغيرهم كثير. وأعتق سبعة يُعذب في الله.
وقال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة)( ) وذكر تمام العشرة وأخيراً هو الذي أمره رسول الله صلى الله وعليه وسلم: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)( ) وكان ذلك أثناء مرض الرسول صلى الله عليه وسلم واشتداد مرضه وصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه إشارة من الرسول صلى الله وعليه وسلم إلى تولية أبي بكر رضي الله عنه بعده خلافة المسلمين.
واشتهر أبو بكر رضي الله عنه بالعلم بالأنساب وبالتجارة وحب قومه له وإلفته فيهم وأنه لم يشرب الخمر في الجاهلية وأنه لم يسجد لصنم قال جعفر الصادق: (أنا بريء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير) تاريخ الخلفاء للسيوطي.
تزوج أبو بكر الصديق رضي الله عنه من:
1- حبيبة بنت خارجة الأنصارية ومنها أم كلثوم ولدت بعد وفاة أبيها. وتزوجت أم كلثوم من طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وقتل عنها يوم الجمل.
2- أسماء بنت عميس (وكانت زوجة جعفر بن أبي طالب ولما استشهد تزوجها أبي بكر رضي الله عنه ولما توفي أبي بكر تزوجها علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم).
(وأنجبت من الثلاثة الأولاد وكان من أبي بكر ابنه محمد الذي ولد في 10هـ).
3- أم رومان ومنها أولاده: 1- عبد الرحمن: أسلم في هدنة الحديبية شهد اليمامة.
2- عائشة: زوج النبي صلى الله وعليه وسلم وتوفيت في 58هـ. وعاشت 63 سنة.
4- قتيلة بنت عبد العزى العامرية ومنها أولاده:
1- أسماء: ولدت سنة 27 قبل الهجرة وتزوجت الزبير بن العوام وتوفيت سنة 73هـ.
وعُرفت بذات النطاقين وهاجرت إلى المدينة وهي حامل وولدت بعبد الله بن الزبير وهو أول مولود بعد الهجرة
2- عبد الله: جرح بالطائف وتوفي في 11هـ في خلافة أبيه. وكان عيناً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر عندما كانا في الغار.