الشيخ عدنان نجم الدين الأبرش في ذمة الله
في ذمة الله
العالم العامل المتواضع الحبيب
الشيخ عدنان نجم الدين الأبرش رحمه الله تعالى
عبد النافع محمد نورس الرفاعي*
قال الله تعالى : (( يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضيه فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )) سورة الفجر
وقال عز من قائل : (( يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ( 68 ) الذين ءامنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ( 69 ) ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون ( 70 ) يطاف عليهم بصحاف من ذهب و أكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون (71) وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون (72) )) سورة الزخرف
لقد فقد العالم الإسلامي في يوم الاثنين / 11/ رمضان / 1425 ه الموافق/ 24 /تشرين الأول/ 2004 م/ عالماً جليلاً من علماء المسلمين ممن أوقف حياته لطلب العلم وتعليم الناس . آلا إنه الشيخ عدنان نجم الدين الأبرش رحمه الله تعالى .
نسبه :
هو الشيخ عدنان بن نجم الدين بن علي بن أحمد ....... إبن محمد الكيالي الملقب بالأبرش يصل نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي و ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نشأته وطلبه للعلم
:ولد الشيخ عدنان الأبرش في مدينة حمص عام /1937 م/ في بيت علم ودين فكان أبوه
الشيخ نجم الدين الأبرش رحمه الله تعالى تلميذاً لعلماء حمص وإماماً وخطيباً في أحد مساجدها ،
وموظفاً في المعهد العلمي الشرعي في مسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه في مدينة حمص .
نشأ الشيخ عدنان في هذه البيئة الإسلامية المحافظة واعتاد على الإلتزام بالعبادات و الأخلاق الإسلامية منذ نعومة أظفاره .
ولما شب وترعرع تتلمذ على علماء حمص الأفاضل الأجلاء ومنهم :
الشيخ : عبد العزيز عيون السود ( رحمه الله تعالى )
و الشيخ محمود جنيد الكعكى ( رحمه الله تعالى )
و الشيخ أبو السعود عبد السلام ( رحمه الله تعالى )
و الشيخ وصفى المسدي ( حفظه الله تعالى )
و الشيخ عبد الغفار الدروبي ( حفظه الله تعالى )
و الشيخ محمد على مشعل ( حفظه الله تعالى )
وتخرج الشيخ عدنان من المعهد العلمي الشرعي في حمص على يد هؤلاء العلماء و أمثالهم . كما درس في دار المعلمين في حمص ، وتخرج منها مدرساً .
نشاطه في الدعوة :
استفاد الشيخ عدنان من مهنة التدريس كثيراً في الدعوة حيث كان داعياً إلى الله في مدرسته وبين طلابه ، وكان يصحبهم بعد الانصراف من المدرسة ليصلي معهم الظهر في المسجد ...
وحينما بُنِيَ مسجد النور في مدينة حمص تبرع لإمامته والدعوة إلى الله فيه فبقي فيه مدة سبع سنوات ، أسس فيه عملاً دعوياً عظيماً ،وجمع طلاباً كثيرين في مسجد النور .
لقد جمع الشيخ عدنان رحمه الله تعالى بين التدريس في المدارس وبين الإمامة والخطابة والتدريس في المسجد .
وبالرغم من الفترة الزمنية القصيرة في عمر الحياة التي عاشها الشيخ في مسجد النور في مدينة حمص ، إلا أنه ربى جيلاً وأنشأ طلاب علم ، وحفظة قرآن . ولولا المحنة وتسارع الأحداث لكان مسجد النور في مدينة حمص منارة من منارات الإسلام العالية ، تضاهي في علوها وعدد طلابها مسجد سيدنا زيد بن ثابت في دمشق . المسجد الذي كان ولا يزال منارة في العلم وتحفيظ القرآن الكريم بإشراف وتوجيه ورعاية الشيخ العلامة عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى ثم برعاية أولاده من بعده حفظهم ربي عز وجل .
ولما اضطر الشيخ عدنان رحمه الله تعالى إلى ترك مسجد النور كارهاً مغادراً سوريه تابع العمل من بعده اخوةٌ للشيخ وطلابٌ له تابعوا المسيرة الدعوية في المسجد حتى كانت المحنة في عام 1399ه 1979م فمنهم من غادر البلاد ومنهم من اعتقل أو استشهد رحمهم الله تعالى .
لقد غادر الشيخ عدنان رحمه الله تعالى سوريا في عام 1394ه 1973م فتابع مسيرته الدعوية المباركة من خلال التدريس في المدارس والإمامة والخطابة في المساجد .
ولقد استقر في منطقة حالة عمار ، فربى فيها أجيالاً ، صابراً على الغربة ، مداوماً على التدريس والإمامة وإلقاء الخطب والمواعظ مدة ثلاثين سنة حتى وافاه الأجل المحتوم رحمه الله تعالى رحمة واسعة .
ونشاط الشيخ عدنان الأبرش في الدعوة نشاط متنوع ومتعدد الألوان :
فهو نشاط علمي من خلال الدروس الشرعية في الفقه والحديث والتفسير والتجويد والسيرة النبوية واللغة العربية . وهو نشاط تربوي من خلال التوجيه والوعظ والإرشاد .
والتربية عند الشيخ رحمه الله لا تقتصر على التوجيه والنصح والإرشاد فحسب ، ولكنها ذات وسائل متعددة . مثل : المكافأة ، و العقوبة ، والترفيه وملء الفراغ ، وتنمية المواهب والتدريب على المهارات ،والمخالطة في الطعام والشراب ،والرحلات والنزهات والزيارات وحل المشكلات والمشاركة في الأفراح والأحزان . بالإضافة إلى التدريب العملي على العبادة و على الدعوة ، وعلى حسن الخلق وكريم الخصال .
ولقد كان مسجده المعروف بمسجد النور في مدينة حمص ، مركزاً لكل هذه النشاطات وغيرها كثير .
فمن المسجد يشتري الطالب اللباس الإسلامي للرياضة ويشتري الكتب الإسلامية لِيُكَوِّنَ مكتبته الخاصة بأسعار زهيدة وعلى أقساط مريحة .
ومن المسجد ينطلق الطلاب للسباحة والرياضة كما ينطلقون من المسجد لإلقاء الخطب والدروس في مساجد القرى القريبة .
وكان الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى يشرف بنفسه على هذه النشاطات ويشارك فيها ويتابع من خلالها أوضاع كل طالب ، وما يطرأ عليه من تقدم أو تقهقر ، وما يصدر عنه من تصرفات وردود أفعال ، ليشجع على الصواب ويكافئ عليه ويتولى معالجة الأخطاء بالنصح والتوجيه ، وبالترغيب والترهيب .
وهذا عمل كبير وواسع استغرق كثيراً من أوقات الشيخ وجهده ولم يترك له وقتاً للراحة والاستجمام .
و بالإضافة إلى ما سبق كان الشيخ رحمه الله يتابع أوضاع أهل الحي ويعالج مشكلاتهم ، ويحسن صحبتهم على الرغم من إساءة بعضهم ومحاولتهم عرقلة نشاطات الدعوة في المسجد . ولكن صبر الشيخ وحلمه ومقابلته السيئة بالحسنة . ودفعه بالتي هي أحسن قلبت الأعداء إلى أصدقاء . مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى : (( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )).( 24 ) فصلت
صفات الشيخ ومزاياه :
امتاز الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى بجملة من المزايا والصفات ، قلما اجتمعت في إنسان في هذا الزمان فمنها :
أولاً : تعلقه الشديد بالمساجد ، ودأبه على الدعوة من خلال المسجد ، فهو يمضي معظم أوقاته وكثيراً من ساعات النهار و الليل في المسجد .
إذا خرج من المدرسة توجه إلى المسجد قبل بيته ، وربما شغله المسجد عن نفسه وعن أهله أحياناً
بل ربما نام في المسجد لشدة تعلقه به . هذا وأرجو الله تعالى أن يكون الشيخ عدنان من السبعة
الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم ( ورجل قلبه معلق بالمساجد ) متفق عليه .
لقد كانت سعادته وراحته في نشاطه في المسجد ، وفي متابعته أحوال الطلاب في المسجد لا يجد راحة لنفسه غير ذلك .
لقد كان رحمه الله تعالى في نشاط دائم ، وعمل متواصل ، وهو في غاية السرور والسعادة مادام ذلك في المسجد ولخدمة المسجد .
ثانياً : كان الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى له أسلوب خاص بربط الطالب بدعوته وإشعاره بعظيم المسؤولية الملقاة على عاتق الدعاة في هذا الزمان فكان يرحمه الله يبايع طلابه على الثبات على طاعة الله والدعوة إلى الله وعلى الصبر على مشاق طريق الدعوة ويذكرهم بأن الإسلام لم يصل إلينا إلا بثبات الصحابة رضوان الله عليهم وتضحياتهم .
ففي غرفته رحمه الله تعالى في الدور الثاني من مسجد النور كان يوجههم ويشعرهم بعظيم المسؤولية الملقاة على عاتقهم كدعاة إلى الله ، خاصة في هذا الزمان زمان الفتن . ثم يبايعهم على الدعوة إلى الله وعلى الثبات على الإسلام مهما لاقوا من المحن و الصعوبات ، أو احتاجوا إلى تقديم التضحيات .
ثالثاً : كان الشيخ عدنان رحمه الله تعالى معلماً بالقدوة وبحسن التأسي وبالتدريب العملي إلى جانب التوجيه النظري ومن أمثلة هذا المنهاج أنه كان يصوم الاثنين والخميس ويقول لطلابه من أحب أن يصوم غداً فليحضر فطوره إن أحب أن يفطر معنا أي في غرفته في المسجد وكان الشيخ يعرف ظروف طلابه فهناك طلاب يصر عليهم أن يفطروا معه وكان يصر عليهم ألا يحضروا معهم شيئاً لما يعلم من ظروفهم و أحوالهم المادية ...
وكان الشيخ رحمه الله يأخذ طلابه أيام الصيف كل يوم جمعة يعلمهم السباحة ويسبح معهم ويأخذهم بعد العصر في رحلات ترفيهية إما إلى منتزه أو بستان ...
وكان رحمه الله تعالى يدرب الطلاب على التدريس والخطابة فخصص درس يوم الثلاثاء لتعليم الخطابة فيطلب من بعض الطلاب أن يُعدَ خطبةً يلقيها أمام الطلاب وذلك كل أسبوع حتى يتدرب الجميع على الإلقاء و المحاضرة والخطابة ثم يناقشه فيها و يبدي مع الطلاب ملاحظاته على الموضوع و أسلوب الإلقاء وما شابه ذلك .
كما كان رحمه الله يطلب من الطلاب أن يلقي أحدهم درسا مختصرا قبل صلاة العشاء بقليل في أيام رمضان حيث يزدحم المسجد بالناس وتكون الموعظة مختصرة قيمة .
وكان رحمه الله يطلب من بعض الطلاب أن يذهبوا ليصلوا الجمعة في مساجد متفرقة متعددة ليسمع كل واحد منهم خطبةً غير التي يسمعها الآخرون ، ثم يلخص كل واحد منهم ما سمع في خطبة الجمعة ويستعرض معهم هذه الملخصات .
يريد بذلك أن يعلمهم حسن الاستماع و التركيز لما يقول الخطيب .
وكان الشيخ رحمه الله تعالى حريصاً على توسيع دائرة عمله في الدعوة إلى الله عز وجل ، فكان يطلب من بعض طلابه أن يذهبوا يوم الجمعة إلى القرى المجاورة لمدينة حمص ليخطبوا هناك خطبة الجمعة ... لقد كان أهل القرى يفرحون بهم ويلحون عليهم أن يأتوا باستمرار ولا يقطعوا هذه العادة .
وهذا تدريب عظيم للطلاب على الخطابة والوعظ وتشجيع على ممارسة الدعوة وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وكان رحمه الله تعالى يطلب من بعض الطلاب ، قراءة كتاب وتلخيصه . كما كان رحمه الله تعالى يحثهم على حفظ كتاب الله ،ويستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)متفق عليه ويحثهم أيضاً على حفظ حديث النبي خاصة الأربعين النووية ، وكان يطلب من الطلاب الكبار الاهتمام بمن يأتي جديداً إلى المسجد و الاعتناء به والاهتمام بالصغار أيضاً .
وكان الشيخ رحمه الله تعالى يشجع طلابه على الدفاع عن الإسلام و أن يقولوا كلمة الحق لا يخافون في الله لومة لائم ، كما كان يثني على المجتهدين ويشجعهم ويحثهم على التفوق ، وكان رحمه الله له عبارة لطيفة يقولها للطلاب ( أجمل مني الله خلقه ، متفوق أكثر مني لا يكون ) وكان يحثهم على دعوة أصدقائهم وزملائهم في المدرسة للحضور إلى المسجد ، وسماع الدرس ، والمحافظة على الصلاة والجماعة مشجعاً إياهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمرْ النَّعَمْ )) متفق عليه .
وكل ذلك في وقت كان فيه كثير من أبناء المسلمين يتركون الصلاة و تتقاسمهم سبل الضلال فربى جيلاً داعياً إلى الله على بصيرة وعلم وثقافة عالية ، وتضحية ، و إخلاص وكان الشيخ رحمه الله تعالى يركز على موضوع الإخلاص كثيراً ويلفت الأنظار إليه و ينبهم إلى عدم التفاخر في الأعمال حتى لا يضيع ثوابهم وكان يقول : (( اجعلوها خالصة لوجه الله تعالى تنجحوا في الدنيا و تفوزوا برضوان الله في الآخرة )) .....
وتزايد عدد الطلاب حتى وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مائة طالب فيهم خيار شباب المجتمع وأولاد العائلات الشريفة الكريمة بل أكثرهم ومعظمهم من خيرة الشباب علماً وحفظاً وتفوقاً و تقىً لو وزن أحدهم بالدنيا لفاقها ...
رابعاً : الكرم العجيب و السماحة العظيمة :
اتصف الشيخ عدنان رحمه الله تعالى بكثير من صفات الكمال البشري .
لقد كان مؤمناً حقاً وداعياً حقا ولا نزكي على الله أحداً ومن صفات المؤمن الجود والسخاء ومن صفات العالم التقي الجود والسخاء كذلك وهكذا كان رحمه الله تعالى .
لقد كان محباً للضيوف مكرماً لهم . فحينما كان في سوريا كانت يده في الخير طولا وكان لا يتوانا عن أضيافه . يكرمهم في بيته وفي غرفته في المسجد وكم كان يدعو طلابه ليتناولوا معه طعام الإفطار في يوم الاثنين والخميس .
وحينما انتقل رحمه الله وسكن في حالة عمار صار بيته مقصداً للضيفان ممن يعرف و ممن لا يعرف يسمعون به ويأتون إليه في الليل و النهار ، يستقبلهم و يساعدهم في حل معضلاتهم في دائرة الجوازات و يقدم لهم الطعام و الشراب و المنامة .
وفي موسم الحج والعمرة يأتيه الزوار بالعشرات لا يتضجر هو أو أهل بيته فهو وزوجته وأولاده في خدمة الضيوف وهذا ليس في يوم أو يومين أو سنه أو سنتين وإنما هذا كان ديدنه على مدار ثلاثين عاماً .
يحب إخوانه ويحب أن يزوروه حتى إن شيخنا الشيخ وصفي المسدي حفظه الله تعالى كان يسمي بيت الشيخ عدنان في حالة عمار بسفارة أهل حمص .
وكان الشيخ عدنان رحمه الله تعالى إذا علم أن أحد إخوانه مرَّ من حالة عمار ولم يزره كان يتصل به ويعاتبه .
وكان رحمه الله طيب القلب رقيق المشاعر فما قصده أحد بحاجة إلا لبا له طلبه وقضى له حاجته وربما دفع قيمة الرسوم من جيبه ثم يستحي أن يطالب بها .لقد كان آية في الكرم والسخاء رحمه الله تعالى .
خامساً : الدأب والاستمرار والاستقامة على العمل :
لقد كان الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى دؤوباً يحب الاستقامة على العمل دون ملل ولا سآمة ، ولا تفكير في أي شيء آخر يصرفه عن عمله الدعوى .
وهذه ميزه قلما تتوفر في داعية في هذا العصر ، مع أنها من أهم أسباب النجاح في الدعوة .
لقد إستمر في عمله في مسجد النور في مدينة حمص عدة سنوات دون التفات إلى أي شيء يصرفه عن المسجد ، وحينما إستقر في حالة عمار قرب تبوك استمر في الدعوة من خلال مدرستها ومسجدها قرابة ثلاثين سنة دون ملل أو تضجر ولا تأفف ولا تطلع إلى منطقة أخرى ، يكون العيش فيها أهنأ ووسائل الرفاهية فيها أكثر وفرة .
والاستقامة على العمل أحب إلى الله تعالى و أكثر مثوبة وأعظم أجراً . لما فيها من مخالفة لهوى النفس ، وصبر على الطاعة ، و إثارٍ للآخرة على الدنيا .
سادساً : محبة الناس له .
لقد امتاز الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى بجملة من الخلال والسجايا جعلته محبباً إلى قلوب الناس يجتمع عليه العامة كباراً و صغاراً متعلمين و أميين .
وحيثما حل تألفت عليه القلوب ، واجتمع عليه الناس ، وأحبه من يجالسه ويخالطه ، وذلك لما يجد فيه الناس من دماثة في خلقه ، وتواضع في تعامله ولما يلمسونه فيه من صفاء نفسه ، وحبه للخير للناس جميعاً واجتهاده في بذل المعروف ، وتقديم المساعدة . يزين ذلك كله إخلاص لربه وحرص على الدعوة ،مع زهادةٍ في الدنيا وعدم التطلع لما في أيدي الناس .
لذلك لا عجب في أن يحبه الناس . فالرسول يقول : (( ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس .)) حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره .
و الله جل وعلا إذا أحب عبداً كتب له المحبة في قلوب الناس . وإنا لنرجوا أن يكون الشيخ عدنان الأبرش ممن أحبهم الله جل وعلا فكتب لهم المحبة في قلوب العباد .
ويوم كان الشيخ رحمه الله في حمص أحبه الناس كثيراً كما أنه عندما أقام في حالة عمار أحبه أهلها حباً شديداً ظهر ذلك يوم وفاته رحمه الله وأجزل مثوبته .
مرضه ووفاته :
ابتلي الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله تعالى في آخر أيامه بانزلاق غضروفي في أسفل العمود الفقري سبب له آلاماً مبرحةً عانى منها كثيراً نسأل الله أن يجعل ذلك تكفيراً لسيئاته ورفعاً لدرجاته .
ولما أجريت له عملية جراحيه في ظهره ، أعقبت آثاراً سيئة على صحته و اختلاطات أصابت أجهزة جسمه الحيوية بالفشل ، ففاضت روحه إلى بارئها في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام /1425/ه رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألحقه بالذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
حزن ودعاء :
وبعد فلقد عز علي و الله يا أخي الحبيب أبا حسان ألا أتزود منك بنظرة ، وما كنت أتصور أن الأجل قريب بهذه السرعة ، وعز علي ألا أكون معك في أيامك الأخيرة . وعز علي ألا أقبل جبينك الوضاء قبل رحيلك أو أن أضع كفي على جسدك الطاهر ،أو كتفي لتحملك إلى مثواك الأخير ،الذي أرجو من الله تعالى أن يكون روضة من رياض الجنة ، اللهم ارحم أستاذنا و شيخنا وأخانا الشيخ عدنان الأبرش أبا حسان اللهم أكرم نزله ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا و الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس . اللهم إنه مات مهاجراً غريباً مريضا، اللهم فلا تحرمه أجر ذلك يا رب العالمين . وبلغه منازل الشهداء والصدقين واجزه عنا خير ما جزيت معلماً وشيخاً عن طلابه وإجزه عنا خير الجزاء .
وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا . وإنا على فراقك يا أبا حسان لمحزونون . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتبه
*إمام وخطيب مسجد العمودي الحمراء بجده