علي مصطفى مشرفة
محمد فاروق الإمام
عالم فيزياء مصري ،ولد في دمياط، تخرج من مدرسة المعلمين العليا عام 1917، و كان أول مصري يحصل على درجة دكتوراة العلوم (D.Sc) من إنجلترا من جامعة توتنجهام عام 1923، عُين أستاذ للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا ثم للرياضة التطبيقية في كلية العلوم عام 1926 ، منح لقب أستاذ من جامعة القاهرة و هو دون الثلاثين من عمره. كان يتابع أبحاثه العالم أينشتاين صاحب نظرية النسبية ووصفه بواحد من أعظم علماء الفيزياء. في عام 1936 انتخب عميداً لكلية العلوم فأصبح بذلك أول عميد مصري لها، حصل على لقب البشاوية من الملك فاروق وتتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر ومنهم سميرة موسى.
ولد علي مصطفى مشرفة في الحادي عشر من تموز عام 1898 في مدينة دمياط ، و كان الابن البكر لمصطفى مشرفة أحد وجهاء تلك المدينة و أثريائها ، و من المتمكنين في علوم الدين المتأثرين بأفكار جمال الدين الأفغاني و محمد عبده العقلانية في فهم الإسلام و محاربة البدع و الخرافات ، و كان من المجتهدين في الدين و له أتباع و مريدون سموه صاحب المذهب الخامس . تلقى علي دروسه الأولى على يد والده ثم في مدرسة ( أحمد الكتبي ) ، و كان دائما من الأوائل في الدراسة ، و لكن طفولته خلت كما يقول ، من كل مباهجها : ( لقد كنت أفنى و أنا طفل لكي أكون في المقدمة ، فخلت طفولتي من كل بهيج . ولقد تعلمت في تلك السن أن اللعب مضيعة للوقت - كما كانت تقول والدته - تعلمت الوقار و السكون في سن اللهو و المرح ، حتى الجري كنت اعتبره خروجا عن الوقار ) . وكان في الحادية عشرة من عمره عندما فقد والده عام 1909، بعد أن فقد ثروته في مضاربات القطن عام 1907 و خسر أرضه و ماله و حتى منزله ، فوجد علي نفسه رب عائلة معدمة مؤلفة من والدة و أخت و ثلاث أشقاء ، فأجبرهم هذا الوضع على الرحيل للقاهرة و السكن في إحدى الشقق المتواضعة في حي عابدين ، بينما التحق علي بمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية التي أمضى فيها سنة في القسم الداخلي المجاني انتقل بعدها إلى المدرسة السعيدية في القاهرة وبالمجان أيضاً لتفوقه الدراسي ، فحصل منها على القسم الأول من الشهادة الثانوية ( الكفاءة ) عام 1912، و على القسم الثاني ( البكالوريا ) عام 1914، و كان ترتيبه الثاني على القطر كله و له من العمر ستة عسر عاما، و هو حدث فريد في عالم التربية و التعليم في مصر يومئذ. و سمح له هذا التفوق، لاسيما في المواد العلمية ، الالتحاق بأي مدرسة عليا يختارها كالطب و الهندسة ، لكنه فضل الانتساب إلى دار المعلمين العليا التي تخرج منها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى ، فاختارته وزارة المعارف العمومية إلى بعثة علمية إلى بريطانيا على نفقتها. و بدأت مرحلة جديدة من مسيرته العلمية بانتسابه في خريف 1917 إلى كلية نتنجهام الجامعية ، التي حصل منها على شهادة البكالوريوس في الرياضيات خلال ثلاث سنوات بدلاً من أربع. وأثناء اشتعال ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول ، كتب مصطفى مشرفة إلى صديقه محمود فهمي النقراشي - أحد زعماء الثورة - يخبره فيها برغبته الرجوع إلى مصر للمشاركة في الثورة ، و كان جواب النقراشي له :( نحن نحتاج إليك عالما أكثر مما نحتاج إليك ثائراً ، أكمل دراستك و يمكنك أن تخدم مصر في جامعات إنجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر ). وقد لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للعلوم في جامعة لندن ، فاستجيب لطلبهم ، و التحق عام 1920 بالكلية الملكية ( kings college ) و حصل منها عام 1923 على الدكتوراة في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير شارل توماس ويلسون ( charles. t .wilson ) – الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1927 - انتخب على إثرها عضوا في الجمعية الملكية البريطانية و صار محاضراً فيها ، ثم رئيساً لها ، فكان أول أجنبي يحتل هذا المنصب. [1]
اتجه إلى ترجمة المراجع العلمية إلى العربية بعد أن كانت الدراسة بالانجليزية فانشأ قسماً للترجمة في الكلية. شجع البحث العلمي وتأليف الجمعيات العلمية، بتأسيس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية والمجمع المصري للثقافة العلمية. واهتم أيضاَ بالتراث العلمي العربي فقام مع تلميذه محمد مرسي أحمد بتحقيق ونشر كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي.
أحب الفن وكان يهوى العزف على الكمان، وأنشأ الجمعية المصرية لهواة الموسيقى لتعريب المقطوعات العالمية.
ويعد أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين ناهضوا استخدامها في صنع أسلحة في الحروب ، ولم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الهيدروجينية أبداً، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
وتقدر أبحاثه المتميزة في نظريات الكم والذرة والإشعاع والميكانيكا والديناميكا بنحو 15 بحثًا، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته حوالي 200 مسودة.
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان.
كذلك كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشتاين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية.
وقد درس مشرفة العلاقة بين المادة والإشعاع وصاغ نظرية علمية هامة في هذا المجال.
· الميكانيكا العلمية و النظرية عام 1937
· الهندسة الوصفية عام 1937
· مطالعات عامية عام 1943
· الهندسة المستوية و الفراغية عام 1944
· حساب المثلثات المستوية عام 1944
· الذرة و القنابل الذرية عام 1945
· العلوم و الحياة عام 1946
· الهندسة و حساب المثلثات عام 1947
· نحن والعلم
توفي في 15 يناير 1950 م.
يذكر أن ألبرت آينشتاين - الذي كان يجلس في محاضرات مشرّفة ويتابع أبحاثه- قد نعاه عند موته قائلا : "لا أصدق أن مشرفة قد مات، إنه ما زال حيا بيننا من خلال أبحاثه".
كان من تلاميذه فهمي إبراهيم ميخائيل و محمد مرسي أحمد وعطية عاشور وعفاف صبري وسميرة موسى.