صفحاتي السياسية(2)

من صفحاتي السياسية(2):

              

      الدكتور فاروق المواسي

شخصيات إسرائيلية قابلتها

ما من شخصية سياسية بارزة إلا وكان لي حديث  معها أو استفسار منها ، فأنا لا أستطيع أن أسكت أو أصبر إذا ألح عليّ رأي أو فكرة.

فأما إسحق رابين رئيس الحكومة الذي اغتاله اليمين الإسرائيلي ،  فقد كتبت إليه في 21/3/1993 مطالبًا إياه  بإطلاق سراح المبعدين إلى مرج الزهور في لبنان  ، فأجابني برسالة يزعم فيها  مدى  "خطر هؤلاء المبعدين" على مسيرة السلام.

 ثم حدث أن التـقيته بعد أن استقال من رئاسة الحكومة ، وذلك في كيبوتس جان شموئيل  القريب من مكان سكناي (في 23/10/1996)  حيث كانت تُعرض هناك  مسرحية.

 وقد تسنى لي أن استمع إلى حوار له مع لفيف من الحضور، وكنت واقفًا معهم ،  فلم أستلطفه وهو يدفع بألفاظه دفعًا. وربما كان هذا النفور متأتيـًا بسبب أنني كنت قد  استمعت إليه سابقًا  - وبصوته الثقيل  في الإذاعة - يصف كيف طرد عرب اللد ،  وكيف أشرف على ذلك.

وبسبب هذه النغمة الثقيلة الوطء ،  وبهذا الصوت الذي يدب لم اطمئن إلى أن مبادرة أوسلو كانت حقيقية تمامًا ، مع أنني صفقت لها في مراحلها الأولى، ذلك لأن "الفأر لعب في عبّي" في مرحلة مبكرة ، وقدّرت أن الهدف الماكر  هو تجميع الفلسطينيين الفعالين سياسيًا  في الضفة والقطاع ، وحصرهم واتضييق عليهم بشتى صنوف الممارسات القمعية  ،  ومن ثم فإن الخروج من مدنهم لا يعني إلا  الإيقاع بهم كلما همّوا بالتحرك أو بـممارسة  " الإرهاب " حسب  قاموسهم ..

شاهدت بأم عيني الشريط الذي بثه الإعلام الإسرائيلي مرة واحدة فقط ، وفيه تفصيل باغتيال رابين  خطوة خطوة . أما لماذا لم يذع الشريط  ثانية؟ ولماذا تجاهلوه وهو بينّة ساطعة، فالعلم عندهم وعند ربهم .

 

*     زرت إسحق  نافون رئيس الدولة - في أواسط الثمانينيات- ضمن  وفد اتحاد روابط الكتاب، وقد طرحت أمامه مسألة أحقيّـة الأديب العربي في الحصول على جائزة التفرغ (ولم يكن قد حصلنا عليها بسبب سياسة التمييز المتبعة  ) ثم ، وبعد انتهاء دورته رئيسًا للدولة – التقيـته في استوديوهات التلفزيون في هرتسليا حيث حضر هو لتسجيل دعاية انتخابية لحزبه ( المعراخ ) ،  وحضرت أنا لتسجيل برنامج ثقافي ؛ فتيسر لي أن أجالسه أكثر من ساعة تناولنا فيها الأوضاع السياسية. وبالطبع، فإن قوالب الإجابة لديه هي كالمألوف والمنتظر منه ومن غيره ممن ليسوا من اليسار .

وعندما عين وزيرًا للمعارف حضر إلى كلية الشريعة في باقة الغربية – حيث أعمل -  لزيارتها ،  وللاعتراف بها وكانت حديثة العهد ، وقد قمت بترجمة أقواله في لقائه مع مجلس الأمناء.

 لكنه ، وفي لقاء آخر في اليوم نفسه  لم يتحمل كلمتي وتعليقي عندما سألته: "أنت في المجلس الوزاري المصغر، وأنت "ابن عرب" كما تقول  ، كيف توافق على هذه الجرائم اليومية التي تحدث للشعب الفلسطيني؟" وإلى متى ؟

وقد أخبرني   سمير درويش رئيس المجلس -  أنه تضايق جدًا مني.

 

*وكان لي أن أجالس إسحاق شمير رئيس الحكومة إذاك، وكنت مع الأدباء مصطفى مرار و د.محمود عباسي وميشيل حداد الذين فازوا بجائزة رئيس الحكومة  ، وكنت أنا محكّمـًا، فأخذ يلقي بكلماته الثقيلة أيضًا ، ويتناول الوضع السياسي بما يشف عن  كراهية للفلسطينيين، مع حرصه أن يمايز بينهم، فنحن  - العرب في إسرائيل - نختلف عن سائر العرب ،  لأننا مواطنون مخلصون ، ويجب أن نحظى بالمساواة التامة  ....( حكـــي !!! ).

 

* وعلى ذكر الاسم ( شمير ) فقد تعرفت إلى  شمعون شمير الكاتب اليميـني المتطرف  ، إذ كنت وإياه في جامعة بئر السبع  على منصة واحدة ضمن محاضرة عن الأدب والسياسة، وكان النقاش السياسي حادًا، وتبيّن لي كم يكره هذا الكاتب الوجود العربي في البلاد.

 

وأما شمعون بيرس فما أكثر ما التقيت هذا السياسي الماكر، وذلك في أثناء زياراته الانتخابية لباقة الغربية ، أو في حضوره للتعزية لبعض الأقرباء كرئيس المجلس  عبد اللطيف مواسي  ، أو في اجتماع له مع الأدباء .

 وكنت ألاحظ أنه مثقف متميّز حاد الذهن ،  وهو كذلك يكتب الشعر، بل أهديته مجموعتي الشعرية بالعبرية "الأحزان التي لم تفهم" فرد عليّ برسالة ممتدحًا وشاكرًا.

ومع ذلك ، فقد "  نزلت عليه "  بعد جريمة (  قانا )  وأخواتها، فقلت ما قلت، وهو يصغي. ثم أخذ يجيب على طريقة الرد بأن ما جرى هو  دفاع عن النفس  ، وأن لتحقيق السلام لا بد من ضحايا الخ... ولم يأت لي بأي  جديد، وما قلته كان بعض إشفاء للغليل .

 

· أما إيهود باراك – رئيس الحكومة -  فقد زار كلية الشريعة في  24/3/1999 ضمن حملة انتخابية، فلما طلبت حق الكلام رفض مرافقه من أبناء بلدي ذلك ، لأنه خشي أن أضايق رئيسه ، لكن مرافقًا آخر هو السيد وجيه كيوف أحد وجهاء بلدة عسفيا  أنكر عليه منعي من حق الكلام ، فدعاني إلى ذلك .

 بدأت الحديث موازنًا بين الحزبين المتنافسين – الليكود والمعراخ، وان المواطن العربي لم يعد يميّز بين الشر والشر، فليس هناك أهون بينهما....

وأجاب باراك ما أجاب، لكنه ختم كلامه بالحرف الواحد "يا دكتور فاروق الحكي ما عليه جمرك".

وأنا لا اعرف لماذا قال ذلك؟ هل قصد كلامي؟ أم أي كلام في السياسية؟ أم أنه يقصد أن السياسة الإسرائيلية هي بالفعل لا بالقول؟

* في 9/3/1996 دعاني رئيس المجلس المحلي جلال أبو طعمة للقاء مع وزير المالية بايجا شوحيط، فعرضت أمامه قضية الحصار على شعبنا، وإغلاق المؤسسات التعليمية وفرض منع التجوال بصور مستمرة، وسألته عن موقف حزبه المعراخ الذي يدعي انتهاجه نهج السلام – من بقاء المستوطنات في الضفة الغربية والقطاع؟

أجاب شوحيط متهمًا عرفات بأنه السبب في جمود المسيرة السلمية (وهذه شنشنة يعودون إليها دائمًا ، وقد نسوا أنه شريكهم  في " سلام الشجعان " ).

وأذكر أن بعض أقربائي هم  وحدهم الذين تضايقوا من كلماتي، فكان أحدهم يرغي ويزبد، وسبب دعواه أنني قلت: " ليس ثمة فرق جوهري بين الأحزاب الصهيونية " فأخذ أحدهم يصرخ  ضد هذه الموازنة الظالمة للمعراخ .

* أما أمنون  رونبشتين فقد قابلته مرة وهو  وزير للمعارف ومرة أخرى وهو وزير للعدل ، وعرضت أماه في فترة تسنمه وزارة المعارف تأسيس أول جامعة عربية، وكنت قد عرضت هذا المطلب أكثر من مرة ولأكثر من مسؤول، وما زلت أطالب به  ،وكانت أجوبتهم جميعًا تتلاقى أن هذه الجامعة ستكون بؤرة معادية للدولة.

* وفي 23/3/1993 تسنى لي اللقاء بوزير القضاء ليبائي فعرضت أمامه شكوى  من الإعلام الذي يبث صراخ الموتورين "الموت للعرب"  ، فهل كانوا يذيعون  صرخات "الموت لليهود" في الإعلام الإسرائيلي لو سُـمع ذلك  ؟ ( مع أن ذلك منعدم بيننا بسبب المستوى الحضاري المختلف. )

أجابني ليبائي : " أنا أرفض ذلك قطعًا، وكم بالحري ونحن ضحايا العنصرية "  وقال لنا إنه دعا إلى تأسيس دستور لضمان المساواة الحقيقية. "

 

*  ومن الطريف أن أذكر أنني ألقيت في القدس الشرقية (  23/10/1996 ) –وعلى مسمع من إيهود أولمرت قصائد وطنية. وقد حاول أحمد كبها الذي كان يترجم القصيدة أن يتهرب من بعض الألفاظ: عين غزال, الأقصى ، ولكن أولمرت  كان يعي ما يقال من كلام يؤذي مسامعه  ، وينتبه إلى تصفيق القاعة ، ولم يعترض ....

 يومها قال – وكانت موجة الحرائق المتصلة في غابات البلاد – " إن المخربين هم الذين يفعلون ذلك، لأنهم بعيدون عن الحضارة" .

فأجبته وكنا معًا على المنصة: " إن الوطني الحقيقي يشعر أن هذه الأرض أرضه والأشجار له ،  فلا يمكن أن يحرق ماله، لأنه في ذلك يحرق قلبه. فعلينا إذن أن نفكر في أسباب أخرى  معقولة ".

وكنت قد التقيت أولمرت أولاً في 14/10/1995 في منزل رئيس المجلس عبد اللطيف مواسي وهو من أعمامي. يومها كان يتحدث بلهجة واثقة ،  وبقدرة وبدفاع عن الباطل بصورة عجيبة وقوية ،  وبطلاقة لم أجد نفسي قادرًا على مجابهتها.

***

ومن جهة أخرى فقد كنت فعالاً في الحركات اليسارية الإسرائيلية ضمن حركات السلام المختلفة بأسمائها وتوجهاتها. وشاركت بصورة فعّالة مع مبادرة الأدباء الإسرائيليين والفلسطينيين برئاسة إميل حبيبي ويورام كانيوك، وقد توجنا هذه اللقاءات السياسية في نابلس 30/7/1994 -  وقد حضرت اللقاء آنذاك الشاعرة فدوى طوقان، وقمت بترجمة النصوص من العربية إلى العبرية وبالعكس.

كان يجمعنا إطار واحد  خلاصته :  دولتان لشعبين، و أن حدود 67 هي الحدود الرسمية، وأنه تجب إزالة المستوطنات، وأن القدس العربية  هي عاصمة للدولة الفلسطينية.

وزرت مدارس يهودية كثيرة مع شعراء يهود يساريين .

لكني أذكر أنني في مدرسة دينية قرب مستشفى هليل يافه جوبهت بعداء شديد وتهجمات عليّ وعلى العرب حمدت الله بعدها على سلامة الوصول إلى بيتي .

وعلى ذكر هذه الخوف من هذه العدوانية الشرسة فقد حدث أن كنت في معلوت (قرب ترشيحا)، فقرأت قصائد سياسية.  وفي أثناء خروجي أرشدني موظف هناك إلى طريقة الخروج من القاعة ، وكانت في الدور الأسفل، وكانت الساعة بعد منتصف الليل  ، فخرجت من دهليز  لأدخل في دهليز آخر برفقة هذا الشخص  المتجهم .  كنت أراقب حركاته بنوع من الارتياب  ، فلم أأتـمنه، وقلت في نفسي بعد أن  لاحظت كيف كان  صدود الجمهور في القاعة  عني: هنا النهاية!.

وكنت قبل ذلك بسنين في جفعات حبيبه -  مقر الحلقات الدراسية الإسرائيلية - وقد اجتمعت مع مجموعة سياسية كبيرة أسمعتهم ما لم تستسـغه  آذانهم .

ولما عدت إلى قريتي في سيارتي بعد الواحدة صباحًا كنت حذرًا جدًا وخائفًا جدًا  ، أنظر ورائي من خلال زجاج السيارة  ، وذلك بسبب الحدة التي جوبهت فيها، فمن أدراني إلى أين تنتهي الحدود؟!.

ومع ذلك رأيت في أن  استمرار العلاقة مع اليسار الإسرائيلي ضرورة كبيرة ،  وقد شاركنا مع بعض الأدباء منهم  في زيارة معتقل أنصار (كستيعوت) للتنديد بهذه الاعتقالات وبظروفها الهمجية. وكان الأدباء اليهود يجابهون بصدورهم الجنود الذين تجمعوا لمنعنا من التقدم.

وكنت قد شاركت في لقاء ثقافي واسع في  نادي تسافتا في تل أبيب - وذلك في أيلول 1985   -  ، وأذكر أن وقع كلماتي كان قاسيًا جدًا ، ومن العجيب أن أحد الأدباء العرب كان يهزأ من أقوالي  استرضاء للأصوات المعارضة لي ، وكان يهاجم حركة  فتح والحركات الفلسطينية الأخرى التي لا يُطمأن إليها ،  ففي رأيه أنهم أوصلوا الشعب الفلسطيني إلى ما وصلوا إليه .. .

فأغضبني جدًا هذا الادعاء  -  إلى درجة أنني أبيت أن يعود معي في سيارتي من تل أبيب إلى حيث قريته.

وتسنى لي أن أتعرف جيدًا إلى أعضاء كنيست من اليسار الإسرائيلي  :  ران كوهن  الذي كان  يقطن جوار بلدتي ( جان شموئيل ) ، وكان لي معه قبل انتخابه في البرلمان أكثر من نشاط ثقافي .

 و شولميت ألوني المرأة الحديدية التي لا أعرفها إلا مناضلة ضد الاحتلال والغطرسة العدوانية ، وحتى عند تسنمها وزارة المعارف كانت لها لغة أخرى في القاموس السياسي الإسرائيلي .

و يوسي سريد  الذي اجتمعت إليه أكثر من مرة ، وهو ذكي ، حاد المزاج ، يتهم الأعضاء العرب في البرلمان الإسرائيلي  بأنهم يركزون معالجاتهم في القضية السياسية بدلا من اهتمامهم بقضايا الوسط العربي اليومية ، وله " نهفات "  تبعده في رأيي  عن اليسار ، مع أن له كثيرًا من المواقف  التي تسجل له إنسانيًا ومنطقيًا .  وقد راقت لي بعض قصائد يوسي الذي يكتب الشعر أيضًا ، فترجمتها ونشرتها له في الصحف الورقية والألكترونية  ، وحدث أن اتصلت به لاستشارته في هذا المعنى أو ذاك .

وفي كتابي الأول " أقواس ... ص 165 ) حدثتكم عن علاقتي بماتي بيلد   عضو الكنيست والمحاضر  ( الذي أشرف على أطروحة الدكتوراة التي أعددتها في جامعة تل أبيب )  كما حدثتكم  عنه ضمن  نشاطي في " الحركة التقدمية "  ،  وكذلك عن أوري أفنيري   الذي أرى أن آراءه في الساحة الإسرائيلية هي التي يجب أن تعتمد ، لأنه حريص جدًا على وطنه  ، ويعرف بدهائه أن مصلحة الشعبين تقضي بالعيش المشترك والحفاظ على كل حق . وقد نشط أوري في اللقاءات الثلاثية بين الأدباء والكتاب الفلسطينيين والإسرائيليين والألمان  ، وإلك فكرة عنها  .

اللقاءات الثلاثية بمبادرة ألمانية :

بادر مركز التربية السياسية في ولاية راين لاند بفالتس في ألمانيا ورئيسه جورج ماير إلى عقد مؤتمرات  ثلاثية يشارك فيها أدباء وكتاب فلسطينيون وإسرائيليون وألمان  ، وتعقد هذه تباعًا في موقع من المواقع الثلاثة : في إسرائيل ، فلسطين وألمانيا  .

عقد المؤتمر الأول في ألمانيا ولم أكن مشاركًا فيه ، ثم كان الثاني سنة 1996  في جبعات حبيبا ، وشارك فيه من أدبائنا : محمد علي طه ، أدمون شحادة ، محمود دسوقي ، فاروق مواسي ، جمال قعوار وغيرهم ، ومن الجانب الإسرائيلي كان عدد  لا بأس به  من الأدباء والكتاب ، وقد تناولت الصحافة الإسرائيلية الحدث بنوع من الاهتمام .

ثم دعيت بعد سنة إلى مدينة شباير في ألمانيا ، كنت مع الأدباء  شكيب جهشان وسالم جبران وسامي الكيلاني وغانم مزعل ، ومن الجانب الإسرائيلي برز أوري أفنيري ، آشر رايخ وروت ألموغ وليئه فلايشمان وأهرون ميجد ...وكان هناك أدباء ألمان معروفون ، ومنهم هيلدا دومين وزيغفريد جاوخ  ومارتن لودكه وغيرهم ...

كان كل أديب يقرأ نصًـا له ،  ويلي ذلك نقاش  ؛ وكثيرًا ما كنا نستطرد لندخل في حوار سياسي ،  ومنه ما هو حاد ، الأمر الذي كان يعكر الصفو ، ويقلل من متعة الرحلة إلى ألمانيا الباهرة .

ومع أن أغلبية اليهود المشاركين هم أصلا من المعتدلين ، إلا أنهم كانوا يجدون الحرج إزاء الممارسات الإسرائيلية الرسمية ، ويجِمون أمام الألم الفلسطيني الذي يعبر عنه سامي الكيلاني من يعبد  – مثلا -  ، وهو يصف كيف استشهد أخوه في الانتفاضة الأولى . وأنى لهم أن يكابروا وهم في بلد أذاقهم الوبال والويل والموت ؟؟!!

لكن قِسمًا منهم  – مع ذلك – كانوا   يترصدون  ما يقوله الألماني هذا أو ذاك  ، فإذا ما جرؤ أحدهم على قولة فيها ميل للفلسطينيين   فسرعان ما يُتهم بأنه لا سامي  .

أما إذا كان النقد من إسرائيلي كما ينقد أوري أفنيري أو سيزيبيل قليل ( الأديبة الشابة )  فإنهم يواجهون  هذا النقد على استحياء  ، وبنوع من التفهم  ، وفي حالة ( قليل ) بأنها عديمة التجربة والخبرة  .

وكنت أشارك في اللقاءات ، وأدلي دلوي في كل بئر . ففي شباير – في قاعة البلدية – جرى حوار سياسي ، فما كان مني إلا أن أبديت تعليقًا  لم أكن أدري مدى إزعاجه لبعضهم :

 أنا ضد أن يقتل أي إنسان نفسه  ، وهو أمر غير طبيعي أيضًا ، ولكن أليس من المنطق أن نضرب الكابح مرة ، ونسأل  : لماذا يفعلون ذلك ؟  فهل هم " مقطوعون " بلا أهل وأبناء وأمهات ؟  لماذا وجد الموت هوى في نفوسهم ونجح البعض _ كما يُقال _ بغسل أدمغتهم ؟   لنسأل ، ولنفكر ، فلعل هناك إجابة أخرى لا نكررها  !

وهنا قامت قيامة بعض الأدباء اليهود ، فقد أصبحت في نظرهم مبرِّرًا لما يفعله هؤلاء الذين يفجرون أنفسهم ، وأنني أؤيدهم  وووو ، بل صرح "  صديق "  لي منهم  أن أعداء الدولة الحقيقيين هم العرب في إسرائيل ، وهو يكرههم أكثر من غيرهم ، بسبب أنهم  يطعنون في الظهر .....

وشاركنا في مؤتمرات أخرى (  في أريحا و في ماينز وفي أيدار أوبرشتاين )  ، وأضحت ذات نمطية وتكرار  . ومما يدفع الملل فيها – أولاً أنها في ألمانيا ذات الجمال في الطبيعة والطقس  والناس ، وثانيًا أننا نقابل بعض العقلاء من الألمان والإسرائيليين ممن يؤمنون أن لا بد من تغيير  ما في ظرف ما في قضية ما ، فالابتعاد لا يجدي ، والحوار ضرورة .

ومن الغريب أنني وأنا المواطن الإسرائيلي أُحاسَب هناك ، وكأني أمثل الفلسطينيين ، بل كنت أفعل ذلك  دون أن أقصد ذلك  ، فقد دبج المؤتمرون بيانًا في أحد اللقاءات ، وطلبوا توقيع جميع المشاركين .

وقع جميع الفلسطينيين ، لكني تحفظت من بند يحاول  - بصورة غير مباشرة – أن يتهم الطرفين بنفس التساوي ، فقلت لجورج : كيف نساوي بين الفرس والفارس ، بين المضطهد والمضطهَد ؟

احتد جورج ماير ، ورفع صوته  - ولم أكن عرفته بهذه الصورة  بسبب هدوئه -  وقال :

 أنت لم تفهم النص كما يجب ، إنه لا يساوي ، أأنت أحرص من فلان وفلان من الضفة الغربية – من قلب فلسطين  ؟

  ووجدت نفسي أوقع بعد أن اقتنعت أن هذا القرار ليس من مواثيق الأمم المتحدة ، وبعد أن رأيت من أثق في وطنيته وقد وقّع  .

من الجدير ذكره أن هذا المركز يصدر في كل مؤتمر كتبًا وبمحاور مختلفة ، وتكون للمشاركين وسواهم مشاركات أدبية  . وقد صدر في الألمانية والإنجليزية  كتاب

 " معنى الوطن "  سنة 1997  ، كما صدرت أضاميم شعرية ونثرية وبلغات المشاركين  الثلاث .

 وفي تشرين الثاني  2004  يكون من المقرر عقد مؤتمر آخر في  ألمانيا بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الفكرة ، وسيكون محور اللقاءات " الأدب بين الجمالية ومعايشة الواقع  ".

   مع الرئيس ياسر عرفات:

في فندق فلسطين وفي 3/7/1994 بعد عودة عرفات مباشرة التقى وفد اتحاد الكتاب العرب القائدَ الفلسطيني. وكانت الوفود تأتي لمصافحته، وكانت الكلمات تتساوق  والأمل الذي هو  في تحفز مستمر.

لاحظت أن أبا عمار  كان دقيق الملاحظة ،  يوزع نظرات عينيه هنا وهناك، وكانت شفتاه ترتجفان. وبعد أن  قبلناه بالأحضان ألقيت الكلمات ، ومنها  كلمة الصديق محمد علي طه الحماسية ، و كان أبو عمار خلال ذلك  يرفع إصبعيه علامة النصر.

بعد اللقاء الرسمي تطرقنا إلى ذكر  الشاعر محمود درويش الذي افتقدناه في مثل هذا اللقاء، فقلت لأبي عمار وكأنني أبرر غيابه:

"ولكن السلطات الإسرائيلية تحول دون حضوره"

 أجاب أبو عمار: "محمود  عضو باللجنة التنفيذية، وبإمكانه الحضور رغمًا عنهم ، وحسب الاتفاق المنصوص عليه " .

ثم توجه إلى سميح القاسم وقال له:"لماذا رفض أن يكون صاحبكم  وزيرًا للثقافة؟ هنا دوركم أنتم؟"

ثم التقطنا صوراُ كثيرة.

وهيهات ، لأن  "الفيلم" كان فاسدًا!!!

وهبت نسائم كثيرة في البلاد ....

وفي 11/5/2002 اقترحت على الصديق محمد علي طه – وهو رئيس اتحاد الأدباء العرب -  أن ينظم وفدًا للتضامن مع أهلنا، فاتصل بالكاتب يحيى يخلف الذي أعد للأمر أهبته .

توجهت مع  الأدباء  سميح القاسم وحنا إبراهيم ومحمد علي طه ويعقوب حجازي وحسين مهنا ومفلح طبعوني ووليد الفاهوم إلى رام الله...

زرنا أولاً وزارة الثقافة ،  فوجدنا الهمجية التي لا توصف ،  وقد عبثت يد الظلم والظلام  فخلفت في مبنى الوزارة التكسير والتمزيق والفوضى والتخريب والحقد ، ومن الطريف أننا رأينا في مكتب يحيى  يخلف ،  أو على الأصح في الركام ، كتاب "في ذكرى صبرا وشاتيلا" وهو ملقى بين الكتب .

انتقلنا إلى مركز السكاكيني ،  فرأينا أيضًا آثار القدم الهمجية . ففي غرفة محمود درويش كانت الكتب مبعثرة، ولا أزال أذكر أن كتابي "هدي النجمة" كان بينها ،  وقد أُلقيَ علي صفحتين مفتوحتين... وهنا كانت فكاهات سميح ومحمد بأن ما جرى هنا عقاب له على قراءة كتابي.

في دخولنا "المقاطعة" كان الحرس كثيفًا، وفي كل بقعة كنت تجد مسلحًا.

دخلنا مكتب الرئيس عبر أكياس من الرمل في المدخل ،  فلما وصلنا إليه غمرنا  بقبلاته المعهودة، وكان يحيى يعرّف بنا واحدًا تلو الأخر.

تحدث سميح مشبهًا همجية ما حدث بهمجية يشوع بن نون.

وأكد محمد علي طه على الثوابت الفلسطينية  ، وبأن عرفات لا بد سينتصر على هذا الحصار وهذا الدمار .

تحدثت أنا مستذكرًا أبياتًا كنت قد قلتها عشية انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في عمان ، وهي :

                       وقـبـلـة عـلى جـبـيـن

                                        مــتـعــب أمــيــن

                        يـســيـر فـي ثـقــة

                                        الــقـدس مـن أسـراره

                        إن لـم تـكــن حـــبه

أعجب بها أبو عمار، فسلخ ورقة من جملة أوراق أمامه، وطلب من مساعده أن أكتب له الأبيات بخطي ، ففعلت.

 كما تحدث كل من حسين وحنا ومفلح ووليد.

أطال عرفات في الحديث عن الماضي، فوجدت نفسي أقاطعه ،  وسألته أن يحدثنا عن المستقبل.

فأخذ يعرض تفاؤلاته برغم كل هذه المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون.

والتقطنا صورًا كثيرة، وهذه المرة كانت صالحة.

                  *    *       *                          *    *    *               

 

مشاركات لي  فعالة

 

ثمة مشاركات لي كثيرة شاركت فيها خارج بلدتي باقة ، وأكثر هذه النشاطات مع أعضاء الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، فكم أعتز بعلاقاتي مع أعضاء البرلمان منهم ،  مع أن لي صداقات أيضًا مع سواهم من الحركات الأخرى، وأعتز بعلاقاتي الطيبة أيضًا مع قادة الحركة الإسلامية، وقد شاركت في أكثر من لقاء أدبي نظموه  هم أيضًا سواء في سخنين أو كفر قاسم أو ...

ولعل المرة الأولى التي شاركت فيها في مهرجان سياسي في بلدتي  كان مهرجان الحركة التقدمية الذي حدثتكم عنه أعلاه .

وبعد بضع سنين شاركت في  مظاهرة  في بلدتي ( 12/10/1992 ) ، حيث وقفت على طرف الشارع مع آخرين ، ورفعنا الشعارات متضامنين مع المعتقلين الفلسطينيين، كنت أنصت لتعليقات المارة الذين كانوا يرمقوننا بنظراتهم المتعجبة ،  فهذا يقول: انتظروا دقائق، ستقبض عليهم الشرطة.

وآخر يقول: إنهم جواسيس يدعون الوطنية  للتغرير بنا...

وفي ختام المظاهرة ألقيتُ كلمة وقصيدة.

ثم كان أن شاركت في اللقاء الجماهيري في أرض الروحة للدفاع عن هذه الأرض المهددة بالمصادرة، كما توجهت في اليوم نفسه –يوم الأرض- لزيارة قرية غير معترف بها هي عين حوض، فكنت أنا والسيد صبحي بيادسة في ضيافة محمد أبو الهيجا رئيس رابطة القرى غير المعترف بها. فاطلعنا  هناك على أسطورة البقاء والتـشـبـث بالأرض، وأذكر أنني كتبت في دفتر الاستقبال هناك أبياتًا لم أثبتها في  أي ديوان لي ، ومنها:

يا قـصة الأرض التي ضاعت

                    وما ضاعت

ضـاءت عـلى جـباهنا صلاه

ظـلـت عـلى مـمـاتنا حياه

لأنـهـا أومــت لــنــا

بـأنـنـــا هـــنـــا

بــاقــون   كـالـجـبـال

وحقنا

الصوت والقرار

وزرت كذلك أطلال القرى عين غزال والسنديانة  وأم الزينات ( أخبرت الكاتب محمد الأسعد  ، وهو منها عن هذه الزيارة ، وقرئت كلمته في المهرجان  الذي أقيم هناك ) ، وشاركت في عشرات النشاطات السياسية والثقافية  مع أدباء آخرين من الجليل والمثلث .

                             .......

ومن نشاطاتي أنني رأست لجنة الجائزة الخاصة التي أعلن عنها مجلس كفر قاسم عشية ذكرى المجزرة سنة 1999، فقرأت عشرات النصوص ، وكنت في هذه اللجنة مع   المرحوم شكيب حهشان والمدعو له بطول العمر  علا عيسى.

ثم أقيم المهرجان الكبير ، وقد  شارك فيه سميح القاسم وآخرون، ورغم أنني كنت فعالاً جدًا في هذا المهرجان ، إلا أن الصحف في نهاية الأسبوع لم تتكرم بإيراد أي ذكر لي أو لاسمي ...

***

ولا بد في هذا المحور من سيرتي الذاتية  أن أذكر بعض رفضياتي:

في 14/11/1996 رفضت اللقاء مع  زبولون هامر وزير المعارف حيث دعيت مع بعض الأدباء للقاء معه ضمن "سنة الصهيونية"  ، رفضت لقاءه  مع أنني كنت أعرفه سابقًا  في أثناء دراستنا في جامعة بار إيلان .

وكنت قد رفضت جائزة إسرائيل  ( إذا كان ذلك التوجه الهاتفي لي جادًا ، وذلك  قبيل حصول إميل حبيبي عليها)

كما رفضت لقاء بيرس في لقاء انتخابي لحزب العمل .

 وهذه الرفضيات أخذت تزداد  ، وهي كثيرة لا مجال لسردها كلها  ، وذلك بعد أن أخذت ألاحظ عدم جدوى مثل هذه  اللقاءات، فنحن في واد وهم في واد، وإن ملاحظاتي أو نقداتي تلاقي  لديهم  أذنًا  من طين وأذنًا  من عجين...

 ومن أنا؟ حتى أغير سياستهم؟!!

 

-                        وسؤالي الهام هنا:

هل أثرت أفكاري السياسية ونشاطاتي على عملي ووظيفتي؟

- بالطبع، وقد تناولت ذلك بشيء من التفصيل في حديثي عن صفحات التربية والتعليم

( انظر كتابي أقواس من سيرتي الذاتية  ، دار الهدى ، كفر قرع -  - 2002 ، ص 21 – 41 ).

وأراني أعترف أن هذا التأثير أخذ طابعًا آخر ولباسًا جادًا ومراقَبًا في عملي في السنين الأخيرة في كليات دور المعلمين، بحيث أن قصيدتي عن الشيخ رائد صلاح مثلاً أخذت تفعل الأفاعيل، وتحرك تساؤلاتهم ،  ولن أستطرد اليوم  في شرح مدى التأثير علي في ذلك.

 قال لي صاحبي وهو يحاورني: أنت تؤكد على ديمقراطية إسرائيل في كتابتك هذه، وكأن النظام في إسرائيل ديمقراطي حقًا؟!!

قلت له: لا يهمني ماذا يقال في ذلك. يهمني أن أسرد لك ما حدث معي.

قال لي: لقد قرأت لك في "أقواس من سيرتي الذاتية" فصل "الهوية الفلسطينية  في كتابتي" – (ص 63 – 74 ) وقد تناولت القضايا والمسائل الوطنية في كتابتك الشعرية والنثرية،  وما قصرت في تناول آلام جمهورنا وآماله  ، فكيف سكتوا عنك ،  وغضبوا لقصيدة كتبتها مؤخرًا؟

فقلت له: لم يسكتوا عني سابقًا كما ظننت، إلا إذا فكرت في إيداعي السجن أو أكثر، لكنهم حالوا دون وصولي إلى وظائف تقدمت إليها وكان شعارهم: "أنت حر ماذا تقول، ونحن أحرار ماذا نفعل".

***

أعرف نفسي بأنني بعيد عن العمل السياسي – رغم كل ما ذكرت - . إلا أنني أجد نفسي مسوقًا للتعبير عن قضايا ملحة ، فالأديب الحق ليس ثورًا حتى يدير قفاه لآلام الناس وخاصة شعبه ؛ لذا كان لا بد لي وأنا مسكون بالهم الجماعي أن أدرس وأعلل وأحلل بطريقتي ما يدور على الساحة المحلية .

 من هنا فثمة ضرورة لطرح آرائي التي تدور في دماغي لعلها تجد من ينصفها  ( بعد أن شرحت لكم في بداية هذه الصفحات مدى خيبتي في الإقناع ) .

في مقالة نشرتها في  صحيفة  الندوة  ( 16 / 3 /  1990) تحت عنوان " العرب في إسرائيل إلى أين ؟ " دعوت إلى أن تعكف نخبة من أكاديميينا ويدرسوا  الوضعية الخاصة التي نحن فيها ، فيبحثوا بعمق :

هل يجب أن  نطالب بالمساواة التامة في الدولة؟ وكيف  ، ومتى ؟

هل نطالب بالاتونوميا؟ باستقلال كياني منفصل؟ بالانضمام إلى الدولة الفلسطينية العنيدة؟ بالعمل على بقائنا ضمن دولة إسرائيل ؟

وما هو اسمنا ؟ عرب إسرائيل ؟ عرب 48 ؟ فلسطينيو إسرائيل ؟ عرب الداخل ؟

وهذه الأسئلة وعلى غرارها متأتية بسبب  عدم الاستقرار لدى أبناء شعبنا، وخاصة فيما يتعلق بمستقبل أبنائنا ، وخاصة الخاصة  في أجواء العداء والعنصرية وفرض الشعور علينا  بالاغتراب والاستلاب.

ورب سائل يسألني :  ما هي الخطوط العريضة التي تؤمن بها اليوم  في واقعك السياسي ؟

أجيب :

§     أنا أومن بأننا جزء من  الشعب الفلسطيني خاصة ،  والأمة العربية -  عامة -  ، وهذا لا يتنافى وكوننا مواطنين في  إسرائيل .

· أنا أومن بضرورة التعاون  مع القوى اليهودية التقدمية التي تشاركنا في مطالبنا العادلة  ، وأنه يجب أن نتفاعل لا أن نتقوقع  ، ونفرض واقعنا عليهم  ، لا أن نيأس .

· أنا مواطن في إسرائيل ، وأحمل هويتها وجوازها  ، ومرتبط بحياتي الاقتصادية واليومية بها ؛ وعليّ أن أناضل كي  تكون الدولة لجميع مواطنيها العرب واليهود، وأن أعمل على إلغاء مظاهر العنصرية وكافة القوانين التي تستأثر بجعل هذه الدولة صهيونية محضة .

مطلبنا هو أن يكون المواطنون في مساواة تامة واحترام متبادل في دولة ديمقراطية مشتركة .

· أنا أرفض أشكال التمييز وصوره على المستوى العرقي والجنسي والقومي والديني.

· أنا أطالب بالاندماج في حياة الدولة مع أخذ حقوقنا الكاملة في الحصول على أراضي الدولة –كما يسمونها- .

· أطالب بوقف مصادرة أراضي العرب، والاعتراف بالتجمعات العربية غير المعترف بها، وإعطاء كل ذي حق حقه – خاصة فيما يتعلق بالمهّجرين.

· إن الانطلاق السليم لحل القضية الفلسطينية –في رأيي- هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بها، وتقضي بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.

 وأعترف أن مثل هذه الآراء يتبناها كل من أحزاب  الجبهة والتجمع والحركة العربية للتغيير والحزب العربي الديمقراطي وغيرهم.

وأحب أن أضيف أمرًا هامًا يشغل بالي :

  من الواجب مقاومة  هذا الشعور الذي أخذ يغزو الأذهان في الوسط العربي، وهو  الخوف من تهديد اليمين لنا   بالترحيل أو (الترانسفير) ، وأصوات هذا التهديد نسمعها يوميًا وعلى جميع الأصعدة وحتى من وزراء في الحكومة .

إن مظاهر التشاؤم أخذت ترين على الساحة السياسية والاجتماعية ، فمن واجبنا أدباء ومثقفين أن نتصدى لها وأن نتحدى  ما يحول دون مواصلة دربنا .

 ولا بد من  أبيات هنا  تعبر عن إيماني في هذا السياق  ، وكنت كتبتها  قبل سنوات عديدة ، وما زال صوتها يتصادى :

 

الأَمَلُ المُخْضَرُّ عَلى صَفْحَةِ قَلْبي

يَسْأَلُني يَوْمًا يَوْمًا عَنْ دَرْبي

يَسْأَلُني هَل أَمْلِكُ أَنْ أَحْفَظَ عِرْضي ؟

أَنْ أَعْشَقَ أَرْضي ؟

هَلْ تُثْمِرُ كَيْ يَطْلُعَ حُبِّي ؟

والأَمَلُ المُخْضَرُّ يَقولُ : ( نَعَم )

والبَسْمَةُ تُزْهِرُ في عَيْنِ الأَطْفالْ

وَتُغَطِّي كُلَّ أَلَمْ

والهِمُّةُ تُشْرِقُ في عَزْمِ رِجالْ

وَيكونُ نغم