عبد الله محمود الطنطاوي

عبد الله محمود الطنطاوي

بقلم : أحمد الجدع

في صيف عام 1977 كنت أقضي إجازتي في منزل والدي في الزرقاء من المملكة الأردنية الهاشمية ، وقد اتصل أخي الأستاذ عادل محمد كنعان (وهو أحد رجالات الإخوان المسلمين في سورية) بي هاتفياً مبدياً رغبته في زيارتي ، فرحبت به وضربت له موعداً ، وفي الموعد جاء ومعه رجلان ، واحد أعرفه هو الأستاذ مصطفى الصيرفي (وهو أيضاً أحد رجالات الإخوان المسلمين في سورية) وآخر لم أكن قد التقيته من قبل ، ولما جلسوا تعارفنا ، كان هذا الرجل هو الأستاذ عبد الله محمود الطنطاوي (وهو أيضاً أحد رجالات الإخوان المسلمين في سورية) .

كان هذا اللقاء عابراً ، لم يدم أكثر من ساعة ،و لكني أخذت انطباعاً جيداً عنه ، وكان مما ميزه هدوؤه وبساطته بالإضافة إلى علمه الذي ينبيك به حديثه رغم ما تشعره من سمت التواضع في كلامه .

كنت قبل هذا اللقاء قد حصلت على مجموعة من جريدة الشهاب السورية وجريدة الكفاح الإسلامي الأردنية وهما جريدتان ناطقتان بلسان الإخوان المسلمين ، وفي أثناء تصفحي لهما تعرفت على "رابطة الوعي الإسلامي" وهي أول رابطة للشعراء الإسلاميين سمعت بها ، وكان هذا قبل إنشاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية ...

وبدا لي أن أكتب مقالاً عن هذه الرابطة ،وذلك لارتباطي الوثيق بالشعر الإسلامي ، فأخذت أبحث عن مصادر تعينني على الكتابة فما وجدت سوى كتاب الأستاذ عبد الله الطنطاوي "محمد منلا غزيل في ظلال الدعوة" فاستفدت منه وعلمت أن الأستاذ عبد الله واحد من مؤسسي هذه الرابطة ، فأيقنت أن الرجل ذو باع في الأدب ، وذو محبة للشعر ، وإن كنت لم أقرأ له شعراً، ومن هنا بدأت أطالع بعض كتابات الرجل .

وعندما قدر الله لي أن أترك العمل في قطر وأعود إلى الأردن وأستقر في دار الضياء للنشر والتوزيع بدأت صلاتي به ومقابلاتي له ، وقد ازددت له محبة وبه إعجاباً ، فهو رجل لا يكف عن العمل لدعوته ، ويتحمل في سبيل ذلك المشاق راضياً محتسباً .

للأستاذ عبد الله الطنطاوي مؤلفات كثيرة ، وقد أهداني معظمها ، وهو لا يكف عن الكتابة ، بل إني لأشعر أن الكتابة زاده اليومي وعشقه الأبدي .

أعمال هذا الرجل كثيرة ولكن أبعدها أثراً وأكثرها نفعاً ، وإن كانت كل أعماله  نافعة ومؤثرة ، إنشاؤه لموقع أدباء الشام على الشبكة العالمية للإنترنت .

كانت رابطة الوعي الإسلامي تجربة ناجحة ، وهي وإن لم تعمر طويلاً إلا أنها استقطبت عددا ًمن الشعراء أنتجوا عدداً من القصائد ، وكان هؤلاء الشعراء وتلك القصائد من العلامات البارزة في تاريخ الشعر الإسلامي المعاصر .

ولي أن أقول بأن رابطة أدباء الشام امتداد لرابطة الوعي الإسلامي ، وهي تطور عنها وتطوير لها ، فتلك في زمانها أدت دورها ، وهذه في زمانها تؤدي دورها ولكن بشكل أوسع وتأثير أوقع .

وقد استقطب هذا الموقع الإلكتروني عدداً كبيراً من الأدباء والشعراء والكتاب والمبدعين ، وهم يزدادون يوماً بعد يوم ، وكلما مرت الأيام ازداد الموقع ثراء وازداد الأدباء عليه إقبالاً وإن وراء هذا كله جهود هذا الرجل الذي لا تتوقف شجرته عن الإثمار .

يزورني أخي الأديب عبد الله الطنطاوي في مكتبي في دار الضياء ، فتدور بيننا المطارحات الأدبية فأستفيد منه ، وكثيراً ما أتصل به سائلاً ومستفسراً عن كل ما يتعلق بالأدب الإسلامي  والأدباء المسلمين فأجد عنده علماً غزيراً نافعاً .

المؤمن شجرة مثمرة كلما هززتها أعطتك ... هذا هو عبد الله محمود الطنطاوي .

 

مساء السبت 4 ربيع الأول 1425

الموافق 24 نيسان 2004