إبراهيم عاصي

ولد في مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب عام 1935 من أبوين متدينين مستوري الحال من الناحية المادية، واعتقل، وما زال في المعتقل منذ ربيع عام 1979 ولا ندري إن كان شهيداً من شهداء مجزرة تدمر الجماعية عام 1982 وهو المرجح، أم هو على قيد الحياة، أطال الله عمره، ومتعنا بحياته.

توفيت والدته في حياته وهو شـاب بعد تعيينــه معلماً ابتدائياً، وهو بارّ بوالديه براً متميزاً، لاسيما أنهما يعيشانعيشة رقيقة الحال.

له ثلاث أخوات بنات إحداهنّ أكبر منه، تزوجن في حياته وبمساعيه الحميدة، ولهنّ أولاد، بعضهم من المجاهدين، وله أخ أصغر منه لا يكاد يعيل نفسه، وقد توفي أبوه بعد اعتقاله الأخير هماً وكمداً.

أتيحت له فرصة الدراسة في المرحلة الإعدادية خارج مدينة جسر الشغور بمنحة حكومية لتفوقه الدراسي، ومثل ذلك نجح في مسابقة دار المعلمين الابتدائية عام 1952/1953 فدرس فيها سنتين تخرّج بعدها منها وعيّن معلماً ابتدائياً في محافظة إدلب، وفي الوقت نفسه حاز على الشهادة الثانوية العامة التي تؤهله لدخول الجامعة.

بناء على اقتراح صديقه العزيز محمد الحسناوي اختار الدراسة في كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1956 وتخرّج وتعيّن مدرساً للغة العربية عام 1961.

تزوّج مبكراً من بنت الشيخ الصالح مفتي المنطقة الأستاذ أحمد المفتي حوالي عام 1956، ورزق منها ثلاثة ذكور (عمار – أنس – إقبال) وابنة واحدة (بنانة).

ولده البكر عمار التحق بالمجاهدين 1980 واستشهد في جسر الشغور عام 1982 وهو يحمل الشهادة الثانوية العامة.

الأستاذ إبراهيم حنطي البشرة أسود الشعر والعينين، عذب الصوت جميل الصورة، يميل إلى الطول، معتدل القامة، حلو المعشر، عذب الحديث، مرح، كثير المداعبة، وذلك كله برغم الهموم الشخصية والأسرية والعامة، أصيب في السنوات الأخيرة بلون من الصداع يعالجه بالاستجمام وببعض الراحة، وأنى تتوفر الراحة لأمثاله.

وبالمناسبة رزق طبعاً اجتماعياً يحببه إلى الناس، ويعينه على حلّ مشكلاتهم الشخصية والأسرية والاقتصادية، ولذلك انتخب رئيساً لفرع جمعية البر والخدمات الاجتماعية في جسر الشغور.

هو المؤسس للحركة الإسلامية في منطقته جسر الشغور، وعلى يديه نظم الكثيرون منهم محمد الحسناوي ويحيى حاج يحيى (أديبان إسلاميان).

هو خطيب مفوّه، يعتلي المنابر في المساجد والمناسبات العامة، وقد مارس الخطابة ونجح فيها قبل ممارسته الكتابة الأدبية والقصصية.

هو أحد قادة الحركة الإسلامية في سورية، وله تأييد شعبي واسع في منطقته وفي المناطق الأخرى.

مؤلفاته

1 – سلة الرمّان: مجموعته القصصية الأولى، سميت باسم إحدى قصصها، نشر معظمها في مجلة حضارة الإسلام، ثم طبعت طبعتها الأولى ونشرها المكتب الإسلامي في بيروت.

2 – ولهان والمتفرسون: مجموعته القصصية الثانية، سميت باسم إحدى قصصها (الولهان) وقصة أخرى (المتفرسون) في هذه المجموعة قصة أحدثت ضجة في صفوف إحدى الجماعات الصوفية عملت على ذيوع شهرة الكاتب وهي قصة (جلسة مغلقة). نشرت الطبعة الأولى دار الرسالة في بيروت.

3 – حادثة في شارع الحرية: مجموعته القصصية الثالثة. سميت باسم إحدى قصصها التي تحكي عملية اعتقال المؤلف، ومن قصصها المتميزة قصة (رحلة مع الجمال) نشرت الطبعة الأولى دار القلم في دمشق. كتب مقدمتها الدكتور عماد الدين خليل.

4 – قصّتان قصيرتان ضمن كتاب (أصوات) الذي أسهم في تأليفه كل من عماد الدين خليل ونبيل خليل وعبد الله الطنطاوي ومحمد الحسناوي بالإضافة إلى إبراهيم عاصي.

5 – همسة في أذن حواء: مجموعة مقالات انتقادية اجتماعية، نشرت طبعتها الأولى دار القلم في دمشق.

6 – جلسة مفتوحة مع مالك بن نبي: كتيّب صغير يصوّر فيه الأستاذ إبراهيم مقابلة مع المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي رحمه الله تعالى.

أهم النقّاد الذين تحدثوا عن أدب الأستاذ إبراهيم عاصي:

أ – الدكتور عماد الدين خليل – مقدمة لمجموعته (حادثة في شارع الحرية).

ب – محمد حسن بريغش – في كتابه (في الأدب الإسلامي المعاصر) ط1: مكتبة الحرمين.

جـ - عبد المجيد الربيعي (ضمن نقد قصص العدد الماضي من الآداب) مجلة (الآداب) اللبنانية – عدد 5 عام 1971.

د – عبد الله الطنطاوي – باب مناقشات من مجلة (الآداب) اللبنانية – عدد 6 عام 1971.

هـ - محمد الحسناوي – باب مناقشات من مجلة (الآداب) اللبنانية – عدد 6 عام 1971.

نظرات نقدية

1 – إن هناك اندماجاً كبيراً بين كتابة الأستاذ إبراهيم القصصية وبين توجهاته وتطلعاته وعقيدته الإسلامية، وبين تجاربه الذاتية أيضاً.

2 – كان لأدبه وما زال أثر في قرائه ومجتمعه، فكتبه واسعة الرواج، تصادف إقبالاً وقبولاً كبيرين، وكانت طبعاتها تنفد بسرعة واضحة، وتصله رسائل القراء واستجاباتهم مباشرة وبشكل غير مباشر، حتى إن بعض قصصه أثار زوابع ومعارك فكرية إسلامية لسنوات عدّة.

3 – لا تخلو قصص الأستاذ إبراهيم من هدف سياسي أو اجتماعي أو أخلاقي أو فكري، فقصصه (سلّة الرمان) من مجموعته التي بهذا الاسم تندد بالجشع.

وقصته (الولهان) من مجموعته التي بعنوان ولهان والمتفرسون تندد بتخنث الرجال وباسترجال النساء.

وقصته (حادثة في شارع الحرية) من مجموعته التي بهذا الاسم تندد بالطغيان وتطالب بالحرية والكرامة.

وقصته (جلسة مغلقة) من مجموعته ولهان والمتفرسون ذات هدف فكري تنتقد إحدى الطرق الصوفية المنحرفة أو المتهمة بالانحراف.

4 – يعبر الأخ إبراهيم عن رؤيته الإسلامية في كتابته القصصية بمختلف الطرق والأساليب ماعدا أسلوبي الوعظ والإرشاد، فإنه يتجنبهما.

- فهو تارة يرمي إلى هدف إسلامي، كما رأيناه في الفقرة السابقة.

- أو يعالج موضوعات إسلامية فكرية أو غير فكرية مثل قصته (رحلة مع الجمال) من مجموعته (حادثة في شارع الحرية) حيث يعرض التصوّر الإسلامي الصحيح للمرأة، وفي قصص أخرى يعالج مشكلة (الاختلاط) من خلال قصة امرأة موظفة.

- أو من خلال التاريخ مثل قصته (خفافيش) عن الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه لما صرح بالدعوة في صدر الإسلام البكر فلقي ما لقي من الضرب المبرح والاضطهاد.

- أو من خلال التركيز على الشخصيات.

- أو إبراز المفارقات، ومن ثم اعتماد أسلوب السخرية الفنية الناجحة وهذا أسلوب غالب على كتابة الأستاذ إبراهيم القصصية لا تكاد تستثني منها واحدة.

- كما يعتمد أحياناً الأحلام، أحلام اليقظة وغيرها والنجاوى الداخلية.

5 – من الأدباء الذين قرأ لهم الأستاذ إبراهيم وأعجب بهم وربما تأثر بهم: علي الطنطاوي، وإبراهيم المازني، ومارون عبود (وذلك بالسخرية وتبسيط الأسلوب) كما اطلع على كتابات الجاحظ وبرناردشو الساخرة، ولعله اطلع أيضاً على كتابات تشيخوف، ولابد من الاعتراف أن روح النقد والسخرية والفكاهة جزء أصيل في تكوين شخصية الأستاذ إبراهيم الفطرية والأدبية على حد سواء، وقد وجد عند هؤلاء الكتاب صدى لمشاعره وأحاسيسه.

6 – لاشك أن الأخ إبراهيم كان حريصاً على الأخذ بالمواصفات والأسس الفنية للقصة الحديثة، وقد غلب ذلك عليها، ولكن لا أستطيع التخمين إلى أي حدّ كان يلح عليه هاجس التجديد، وهو لا يلهث وراء الموضات أو الصرعات، بل يأخذ ما يروق له وينسجم مع طبعه وميوله واستجابة الجمهور العريض من قرّائه..