تحية للشهيد بن مهيدي في عيد الثورة الجزائرية

تحية للشهيد بن مهيدي في عيد الثورة الجزائرية

1 نوفمبر 1954 – 1 نوفمبر 2008م

ياسين سليماني

[email protected]

اليوم يكون قد مضى على انطلاق الثورة الجزائرية المظفرة أربع وخمسون عاما، وهو عيد يختلف عن كل الأعياد ، ونوفمبر الجزائري ليس كأي نوفمبر عند أي شعب آخر .

هذا الشعب العظيم هو الذي أنجب رجالاً ونساءً حق لهم الخلود مع الخالدين ،وهم الذين يشكلون المثل الأعلى في الجهاد والتضحية، ويكفي هنا أن نتحدث عن بعض من حياة الشهيد الكبير العربي بن مهيدي لنعرف عظمة هذه الثورة وهذا الشعب.

ولد هذا الرجل عام 1923 بعين مليلة (ولاية أم البواقي 550 كلم جنوب شرق العاصمة) من أسرة شديدة التدين والوطنية فحفظ القرآن الكريم وآمن بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

وعندما دخل المدرسة الفرنسية بباتنة تبين  له وهو في السن السادسة أن فرنسا مستعمر غاشم يقوم نظامه في الجزائر على العنصرية والتقتيل والتشديد وقد كان له صلة بجمعية العلماء المسلمين بين حيث درس دروسا في اللغة العربية والدين على أحد الشيوخ في المدرسة الحرة التابعة لها. ثم انظم إلى فرقة الكشافة وهام بالجزائر حباً ، المثير في شخصية العربي بن مهيدي حسب ما ترويه كتب التاريخ أنه حر يكن  ذلك الشخص المناضل بالسلاح فقط كما يعتمد الكثير ولكنه أيضا كان يهوى المسرح والتمثيل حيث مثل في مسرحية مقتبة عن "في سبيل التاج" للمنفلوطي وان من الإستعمار لماضيها من تأثير على الوي الجزائري. كما كان لاعب في كرة القدم، شارك في العديد من الفرق الرياضية، وهنا يتأكد لنا أن المجاهدين العظماء لم يكن جهادهم بالقوة وحدها  والذي بالعديد من المجلات الأخرى.

انخرط بن مهيدي في حزب الشعب الجزائري ثم أحباب البيان والحرية عام 1944، وقاد تظاهرات شعبية في بسكرة يوم 8 ماي 1954(المجازر المروعة أي راح ضحيتها 45000 جزائري) وألقي عليه القبض وظل تحت التعذيب نحو الشهر ثم اطلاق سراحه، وفي عام 1947 انظم إلى حركة الانتصار للحريات الديمقراطية وألقي عليه القبض مرة أخرى ووقف على الحياد في الصراع الذي اشتعل بين زعيم الحزب مصالي الحاج وأنصار اللجنة المركزية الذي أرادوا تمديد صلاحيات الزعيم.

كان هو وزملاؤه المؤسسين عام 1954 للجنة الثورية للوحدة والعمل بهدف لمِ شمل الحزب وتوجيهه ضد الإستعمار .

وفي جوان 1954 اجتمع 22  عضوا بارزا في المنظمة الخاصة بهدف التفكير في كيفية إشعال الثورة ضد الإستعمار، يعرف  عن بن مهيدي أنه من قال قوله الشهير "ارموا بالثورة على الشارع يحتضنها الشعب" إيمانا منه بوعي الشعب الجزائري الذي آن الأوان ليخرج " فرنسا العجوز" كما يقول مفدي زكريا من هذا البلد الذي عاثت فيه فسادا ودمارا...

اتفق ابن مهيدي مع أصحابه الخمسة " محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، رابح بيطاط وكريم بلقاسم" على التحضير للثورة التي حددوا بدايتها المباركة بليلة أول نوفمبر الساعة الصفر . وكان بن مهيدي قائد منطقة الغرب الجزائري واستطاع رغم قلة السلاح والمؤونة وغيرها أن يجعل من جميع المناضلين يجتمعون حوله ليشاركوا في عمليات عسكرية ناجحة.

ربما قلة أيضا من الناس يعرفون أن أصحابه كانوا يلقبونه بـ "صندوق الأفكار" وهذا بعد رئاسته لمؤتمر الصومام عام 1956 الذي كان يهدف لتنظيم وهيكلة الثورة سياسيا وعسكريا واهتم الرجل بالأعمال الفدائية التي تنفذ في المدن.

 في بداية 1957 أعلن عن إضراب عام لمدة ثمانية أيام  هدفه إيصال صوت الشعب الجزائري للعالم وإرادة الإستقلال الذي يؤمن به، وذلك تزامنا مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي هذه الفترة استشهد الكثير من الجزائريين و اعتقل الكثير أيضا، وكان من هؤلاء بن مهيدي الذي اعتبر أخطر رجل على الاستعمار وقتئذٍ، وهو الذي قبض عليه من قبل وحدة المظليين الاستعماريين .

عندما اعتقل بن مهيدي وقع تحت تعذيب شديد يظهر للعالم كم كانت فرنسا بشعة في جرائمها، وكم كانت مزيفة في نداءاتها لحقوق الإنسان وادعائها باحترامها، فقد سلخت جلدة رأسه، ووضع في فمه قضيب حديدي ملتهب احمرارا، ولكنه كان ذلك الرجل الصامد الذي قال عن أحد الاستعماريين وهو بيجار" لو أملك عشرة رجال مثل  بن مهيدي لفتحت العالم".

هذا الرجل هو الذي –مع غيره-  منح للأجيال الحالية استقلال كاملاً واسترجع العلم الجزائري ليرفرف على كل شبر من الأرض.

في هذا اليوم – أول نوفمبر -  نستعيد ذكرى هذا الرجل ونستعيد مقاومته وتضحياته، ونسأل  حكامنا : بالله عليكم ما الذي فعلتموهم بوصايا أمثال هذا الرجل؟