دمعُ حزنٍ على فقد أخٍ و صديق، الدكتور الشيخ ناجي عجم رحمه الله

زيارة لــــــ مديــــــــــنة جـــــدة

1942 - 2006 م

تركتُ مدينة جدة سكناً و منزلاً و عملاً منذ أكثر من عشرين سنة ، قادتني الأقدار لأداء العمرة و غسل القلب من أدران الماضي و التمتع بأنوار الكعبة و تكحيل العين بتلبية الطائفين ، الذكريات حملتني لزيارة مدينة جدة حتى أرى أشجار قلبي في طرقاتها ، و أستظل بأوراق الأيام المتموجة بأحلى الذكريات ، استعرضت شاطئها الجميل طولاً و عرضاً ، أكلت السيارة شوارعها إعجاباً و جمالاً ، كان شريط الأيام يبث لي صور الذين كنت أعرفهم ، فأراهم أمامي كالبدر جمالاً و ضياء ، فينطلق لساني بالدعاء لكل مصباح خير ، هزني الألم حزناً على كل من اختاره المولى ليكون بعيداً عن الدار الفانية ، و على امتداد الشاطئ كانت ترتسم أمامي صورة أخي الشيخ ناجي عجم ، أكثر من خمس عشرة سنة نجلس مع الأصدقاء على شاطئ البحر تقريباً كل أسبوع ، و نلتقي أكثر من مرة في الأسبوع ، و تجمعنا أسلاك الهاتف مراراً ...

شلالاتٌ من الذكريات ... الأيام لا تستطيع طمسها أو تحريفها .

شاهدته مراراً في حلب حين كان يأتيها لقضاء العطلة الصيفية مع أسرته و أحبته ، و شاركته في فرحته بزواج ابنه أحمد حفظه الله و قد حضرها عددٌ كبيرٌ من علماء حلب من بينِهم مفتي حلب الدكتور #ابراهيم_السلقيني رحمه الله .

آهٍ يا حزن ... ما أثقل ريحك ، أخبرني صديق و أنا في حلب بوفاة الدكتور الشيخ ناجي ، في المساء ذهبت للتعزية في جامع الأنوار ، جامع كبير واسع قريب من جامعة حلب بناه خاله الحاج عبد العزيز دهان ، امتلأ الجامع بالمعزّين رغم اتساعه ، كنت أرى طيف الشيخ ناجي في قبة الجامع ، تكلم عدد من الخطباء ، كنت أشعر أن سحب الخير التي كان ينتقل بينها لا يستطيعون إحاطتها ، فقد عمل في جامعات المملكة العربية السعودية لأكثر من 25 عاماً ، شارك في مجامع فقهية ، شارك في ندوات فقهية ، خطب في مسجد جامعة الملك عبد العزيز بجدة أكثر من 10 سنوات ، أشرف على رسائل جامعية ، له مؤلفات و كتب كثيرة ، عاش الشيخ ناجي في السعودية منذ أن تخرج من الجامعة ، آثاره و أعماله و صفاته لم يطلع عليها أبناء مدينته ، سنوات غربته تكاد تقترب من أربعين سنة قضاها عاملاً عالماً قارئاً مستفيداً من وقته ، متفرغاً لمجالسة من أحب العلم و التعلم محباً لمن حوله متواضعاً مع محدثيه ، مبتسماً بوقار و حكمة ، الشهامة في محياه ، يقدم المساعدة لكل محتاج .

غادرتُ مكان العزاء و أنا أتذكر صلة الشيخ ناجي رحمه الله مع ثلاثة من كبار القراء كان قد درَّسهم في مسيرته العلمية : #الشيخ_عبد_الرحمن_الحذيفي ، و #الشيخ_علي_جابر رحمه الله، و #الشيخ_عبدالله_بصفر .

خلال زيارتي لمدينة جدة التقيت ولدَي أخي الشيخ ناجي : أحمد و عبد الله ، فوجدت فيهما ودَّ أبيهما و كرم الضيافة و بشاشة الوجه ، حفظهما الله و حفظ المولى المسلمين من كل شر ، و سألت الله أن يرحم أخي الشيخ ناجي و يتغمده برحمته ، و أن يعوض الأمة الإسلامية بعلماء مخلصين يرفعون راية لاإله إلا الله و قد كثر علماء الجهل ،

و يرتفع صدري عبراتٍ و حسرات و أنا أردد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم ، فضلُّوا و أضلُّوا "  .

وسوم: العدد 664