الدكتور الشيخ عبد الرحمن رأفت الباشا رحمه الله
من مفاخر مدينة حلب الصامدة في وجه الطغيان ..
شيخ الأدب الإسلامي فيها ..
الشيخ المجاهد الأديب اللامع من عرّف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
درسنا الأدب عليه في عرين العلم والفقه ( الخسروية )
التي كانت تموج بالأعلام في كل فن ، منهم الشيخ سعيد الادلبي ومحمد راغب الطباخ والجبريني والخياطة وأبو صالح رحمهم المولى
عرّفنا بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعين العظام بقلم يسحر اللب ( إن من البيان لسحرا )
كتبه قررت على طلاب السعودية وغيرها من الدول ، وقد استفدت منها مدرسا لها في مدرسة الإمام ابن تيمية في نجران جنوب المملكة
ذكرني به رحمه الله كتاب له عن الصحابيات الجليلات العظيمات اللواتي سطرن في تاريخنا سطور المجد والعظمة والبطولة بدءا من حليمة السعدية مرضعة النبي عليه السلام ثم صفية بنت عبد المطلب مرورا بفاطمة الزهراء رضي الله عنها ، إن من يقرأ هذا الكتاب ولا يجد في قلبه هزة ، وفي عينيه دمعة فهو انسان جاف الطباع ، قاسي القلب ، يابس العواطف .
عرفت أديبنا عن قرب حين استمعت إليه في محاضرة عنوانها :
( رسول الله عليه السلام )
وكانت في مركز الاخوان في شارع اسكندرون بحلب ، أجاد وأبدع وهو يصول ويجول بنا في مباهج السيرة العطرة على صاحبها أرق تحية وأعطر سلام صلوات ربي وسلامه عليه
ملأت محاضرته الفؤاد حبا وإجلالا لهذا النبي العظيم عليه السلام ، ولا زالت كلماته البليغة ترن في أذني
على هذا الرسول أفضل تحية وسلام
ثم عرفت أستاذي شيخ الأدب الإسلامي مجاهدا في ميدان الجهاد ، رأيته في ساحة سعد الله الجابري وقد انتفض آلاف الشباب على حكم الظلم والبغي الممثل في أديب الشيشكلي الدكتاتور الطاغية ، صاحب لعبة حركة التحرير ، ثار عليه ابن بلده مصطفى حمدون وفصل حلب عن دمشق ، ومشت الجماهير خلف الأديب في ثورة حلب
كان قائد الثورة الشيخ المجاهد عبد الرحمن رأفت الباشا ، وهو حقا باشا في جميع الميادين ، رأيته رحمه الله محمولا على أعناق الشباب وهو يهتف بسقوط الطاغية
والذي حمله فتى ذا جسم رياضي ، فهو بطل يحمل بطلا ، ويمشي الشباب الهوينا ، وصوت الباشا الجهوري يصرخ :
ياشباب الإسلام ، ياتلاميذ محمد عليه السلام ، ياأبطال الكلاسة ، ياآسود باب النيرب هبوا فقد طال ليل النيام
وكنت مشفقا على الشاب الذي يحمل شيخا بدون عمامة ، فالشيخ رحمه الله كان بدينا ، لكن الشاب الحامل كان رياضيا مفتول العضلات ، قوي البنية
واهتزت ساحة سعد الله الجابري وامتلأت جوانبها وصوت شيخنا الباشا يلعلع وآلاف الشباب يرددون معه درر كلماته
فالى الذين ينتقدون المشايخ ويقولون أين العلماء ، هاهم العلماء وهذه طليعتهم ، وهاهم الدعاة إلى الخير تملأ ساحات الوطن
ومن ينس المظاهرات الضخمة التي قادها الشيخ معروف الدواليبي والشيخ مصطفى الزرقا والاف العمائم البيضاء والصفراء تهتف بسقوط فرنسا من أموي حلب إلى باب الفرج ، جماهير وشعب حلب وراء علمائه ووسط آلاف السنغال السود يقف خطيب العلماء يهاجم ديغول رئيس فرنسا
واستاذنا الباشا غرسة من غرسات ، وزهرة من زهرات هؤلاء الأعلام
إن من لم يقرأ بعد كتاب صور من حياة الصحابة ماعرف تاريخ الإسلام ، ولا شم عبير المجد لامته
الدكتور عبد الرحمن الباشا تولد ١٩٢٠ بلدة اريحا ، درس في الخسروية ونال شهاداته العليا من جامعة القاهرة
علم من مفاخر مدينة حلب ، عاش آمالها وصاغ أمجادها
كان استاذا محاضرا في كلية الآداب جامعة دمشق ، ثم انتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود للتدريس في كلية اللغة العربية ، أمضى حياته منذ بدايتها مكافحا ومنافحا عن لغة القرآن ، قام رحمه الله برسم منهج إسلامي في الأدب والنقد وعمل على إرساء قواعده ، وانبثق عن ذلك منظمة سميت برابطة الأدب الاسلامي العالمية برئاسة سماحة الشيخ العلامة أبي الحسن الندوي رحمه الله
توفي أستاذنا المجاهد في تركيا بلد السلاطين العظام عبد الحميد وعبد المجيد ومحمد رشاد عام ١٤٠٦ هجرية في مدينة اسطنبول ، وسجي في مقبرة الفاتح حيث يرقد كثير من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين الذين احبهم في حياته وجاورهم في مدفنه ، سائلين المولى القدير أن يصحبهم في جنات الخلد
وتذكروا الخط الحجازي الذي كان ينتهي في مدينة رسول الله عليه السلام ، وفي دمشق بناء اسمه محطة الحجاز؟؟
أين القطار ؟؟ لقد طار وحطم بفضل عملاء بريطانيا من العرب؟ ؟
وادرسوا تاريخ لورنس ؟؟
ومافعل ؟؟
سلام عليك ياشيخنا حيث حببت إلينا الأدب العربي ، وتاريخ أصحاب رسول الله عليه السلام ، بل حببت إلينا التابعين العظام والصحابيات العظيمات رضي الله عن نسيبة وعن صفية وأم سلمة ، فتاريخنا كله أمجاد وعطور ، يحتاج فقط الى محبين يتلون سطوره ويستنشقون عطره
رحمك المولى أيها الباشا العظيم ، الأديب القدير ، عشت في أرض حلب ثائرا ، ومت في أرض الباشوات من أمثال خسرو باشا باني مدرستك الخسروية .
اسكنه المولى فسيح الجنات
والله أكبر والعاقبة للمتقين
وفرجك ياقدير فحلب تباد.
وسوم: العدد 668