المجاهد العابد الشيخ الداعية أمين يكن

الشيخ حسن عبد الحميد

صفحة من التاريخ عن القادة العظام 

من أعلام جماعة الإخوان في سورية ، وقادتها البارزين ، نائب المراقب العام

تلميذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، إلتقطه من ثانوية أميريكية بحلب  ، وكان يرى فيه أنموذجا للداعية العامل رغم حداثة سنه 

انتسب لدعوة الاخوان وسنه ١٦ ربيعا ، هذا الأمر أثار حفيظة والده وسخط عليه وحرمه من مباهج الثروة ؟؟

أولى إليه قائد الحركة الاسلامية الشيخ العلامة أبوغدة النيابة عنه فقاد الجماعة وبدأ يضع الأسس الراسخة لتنظيم قوي يعتمد على الشباب .

في عشر سنوات استطاع اليكن هندسة التنظيم ؟؟

 فبنى تنظيما قويا في ظروف شديدة القسوة ، خيم فيها الاستبداد على القطر من أدناه إلى أقصاه ؟؟

كان نائبا للمراقب العام من ٦٣ الى ٧٣ .. فترة ظهر فيها عمق التخطيط والوعي المبصر الذي يتمتع به هذا القائد فإذا كان الشيخ مصطفى السباعي قد أسس الجماعة مع الرعيل الأول في الاربعينيات ، فإن ماقام به اليكن مع إخوته منذ ٦٣ هو إعادة التاسيس بالمعنى الدقيق ، لأن الجماعة حلت نفسها زمن الوحدة ، وقامت المرحلة السرية وقادها اليكن على أسس شرعية وعلمية تنظيمية 

كان مسؤولا عن مركز حلب وعمره ٢٥ فكان فارسا ، بهي الطلعة قوي الحجة ، ملتزما بالإسلام خلقا وسلوكا ودعوة وحركة ، إنه المهندس الحقيقي لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا 

تولى مسؤولية قيادة الجماعة بصفته نائب المراقب العام ، فالاستاذ عصام العطار المراقب العام حفظه الله حيل بينه وبين العودة لسوريا ..

  لم يسمح له بالعودة بعد خروجه لأداء فريضة الحج ، فوقع الحمل الضخم على عاتق هذا الشاب الوديع ، الفارس الشجاع ، فقاد العمل بكفاءة نادرة وعقلية مبدعة في أخطر المراحل ، حين تولى البعث الحكم في آذار ٦٣ وحكموا البلاد بالحديد والنار ، فانتشر الالحاد ، واسست المليشيات المسلحة 

سلمني أسرة من المهندسين ، كان يناديني بشيخي ، عشت معه آلام الدعوة وأحلامها ، نمنا معا ، سهرنا معا ، طلب مني والده أن أرافقه وأدرس معه واستأجر لنا دارا للدراسة فكان نعم الأخ ، كان يطيب له المقام والسهر عندي فيدخل داري بعد تعب يوم شديد مناديا بأعلى صوته أم حمدي أين المخبص 

حضر إليّ ساهرا في بيت والدي رحمه الله في مدينة الباب ، وأدركنا النوم ، وكان في الغرفة منقل فحم للتدفئة ، في منتصف الليل خرجت من الغرفة ، شاهدتني والدتي رحمها المولى وأنا أترنح ، قالت مالك ياحسن مايكون مشعل الفحم ؟؟ عدت مسرعا إلى الغرفة وأخرجت الفحم قبل أن تخرج روح الأمين ؟؟

طلب مني أن يشتري لي دارا بالتقسيط في حلب في حي الفرقان ، قال وافق وأنا أدفع الأقساط فرفضت ، وياليتني وافقت ؟؟

اعتقل سنة ٦٩ ولاقى من التعذيب مالاقاه ، فصبر واحتسب ، حتى يئس المحققون منه من أن يحصلوا على معلومة ، 

عرف البعث خطره فتعرض لمحاولات اغتيال عديدة ، جاءت خمسين سيارة أمن لاعتقاله ، لكنه فر من أيديهم وقفز من بلكونة بيته وولى هاربا ، واطلقوا عليه النار ، وفر بسيارته ونزف دمه من سياج حديدي وعالجه الطبيب الجراح مصطفى عبود وهو جراح استشهد في أقبية المخابرات تحت سياط التعذيب تقبله الله .

واختبأ في بيت أبي رشيد ستواق شهرا ، وأرسل اليّ لملاقاته فحضرت وأنا خائف ، رشاش فوق رأسه ، وأعطاني تعليمات وهو أصغر مني سنا وأقل علما ، ومع ذلك سمعت وأطعت ، وهرباناه إلى لبنان من تلكلخ يرافقه حراسة مشددة  بقيادة ابي ماهر رحمه الله ، واستمر في موقعه حتى ٧٥

وتدخلت الأسرة لإجراء تسوية لعودته لسوريا شريطة أن يعتزل العمل السياسي ، فعاد سنة ٧٦ وسط احتفاء شعبي ، ووفى بوعده ، لكنه ظلت عينه على البناء الذي أشرف عليه ، وقلبه يخفق بحب إخوانه

وقامت الاغتيالات نتيجة إرهاب السلطة واستفزازاتها للمشاعر الدينية ، وأعلنت الحرب على الجماعة ، وصدر قانون العار ٤٩ باعدام من ينتمي إليها ، كان اليكن رحمه الله يرقب هذه الأحداث بعين دامعة ، ويرسل الرسائل الشفوية لمن عرف من إخوانه ليخلي الساحة ويغادر البلاد ، فقد كان يقرأ بعين بصيرة نتائج الاحداث 

 وعمل الأمين جاهدا لايقاف المذبحة وانقاذ مايمكن إنقاذه أوائل  الثمانينيات ، وحاور الرئيس الهالك أربع ساعات متواصلة ، سلاحه الإيمان بالله ، والثقة بالنفس ، وقوة الحجة والشخصية ، وتم التوصل إلى قرار بين الرجلين لحل الأزمة بالمفاوضات ، وأجريت المفاوضات بين عبد الله الطنطاوي وفاروق بطل وبين علي دوبا وحكمت الشهابي 

وتم الافراج عن الطنطاوي والبطل وأكثر من ٤٠٠ معتقل  في توجه لحل الأزمة ، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك ياأبا عابد ، لكن ثمة رجال نافذون في الحكم كانوا ينظرون بريبة إلى جهود اليكن ، ويرفضون مايقوم به ، إذ كانوا يرون أن الفرصة قد حانت لاستئصال التيار الإسلامي من سورية فنفذت سياسة الأرض المحروقة وارتكبت المجازر في حلب وحماة وإدلب من رجال رفعت وسراياه والوحدات الخاصة 

عام ٩٧ عاد اليكن للقيام بمبادرة جديدة للم الشمل ، وحمل تكليف رسمي من القصر الجمهوري للقيام بمحاولة إجراء مصالحة وطنية ، ونجح في ذلك ، لكن انقلب على المبادرة بعض رجال النظام وطويت الصفحة ؟؟

ونال المجرمون من جسده الطاهر ، وهم لايدرون من هو الأمين اليكن 

ربيت جيلا من الفولاذ معدنه 

              يزيده العسف إسلاما وإيمانا 

ترميك بالأفك  أقلام وألسنة 

                 تغلي صدورهم حقدا وكفرانا 

قد أوسعوك أكاذيبا ملفقة 

              وأنت أوسعتهم صفحا وغفرانا 

ومن تكن برسول الله أسوته 

                كانت خلائقه روحا وريحانا 

اليكن  رجل عاش بقلبه وروحه وعقله للإسلام ودعوته ، مهندس جماعة الإخوان في سوريا ، كانت له شخصيته الادارية والتنظيمية والدعوية ، وله شخصية شعبية لها حضورها القوي في وسط رجال العشائر 

وكانت جنازته يوما مشهودا من أيام حلب ، ورحم الإمام احمد حين قال ( بيننا وبينهم الجنائز ) 

وماتزال محاولات أهل الحقد والريب تجهد للنيل من مكانة هذا القائد ، تقبله الله سقط شهيدا إن شاء الله ، وأسكنه فسيح جناته في  مقعد صدق عند مليك مقتدر 

      ياشهيدا رفع الله به

                جبهة الحق على طول المدى 

     سوف تبقى في الحنايا علما    

                   حاديا للركب رمزا للفدى 

      مانسينا أنت قد علمتنا      

               بسمة المؤمن في وجه الردى 

سلام عليك أبا عابد من أخوة درب يسألون الله الثبات على الأمر 

سلام عليك ياصاحب الفكر الثاقب ، ياصاحب المروءة والشجاعة والنجدة

سلام عليك كنت تغشى المساجد ومجالس الذكر في وقت لجأ الشباب إلى اللهو والمجون 

سلام عليك كنت رجلا حين عز الرجال ، وكنت بطلا حين قلّ الأبطال

سلام عليك كنت أخا معينا للمحاويج والمعذبين ، ولا أنسى ماحييت حين أحضرت إليك الاخ الداعية مصطفى البطحيش وقد أكل المرض الخبيث لسانه ، فبكيت بدموع حرى حين أراك لسانه رحمه ورحمك الله 

سلام على الحكمة التي اختزنتها ، وعلى الحلم والأناة 

سلام عليك جبلا شامخا تصمد تحت سياط التعذيب 

سلام عليك كنت أخا لا تفيك العبارات ، ولا تكافئك الكلمات ، عزاؤنا أنك لقيت ربك شهيدا صائما ثابتا على الدرب ، بعد حياة ملؤها الخير والعطاء للإسلام ودعوته ، بعد حياة ملؤها الخير والعطاء للمصابين والمحتاجين 

سلام عليك أوقفت نفسك لخدمة رسالة ألزمت بها نفسك ، رسالة الأبطال الذين لا يخافون في الله لومة لائم 

سلام عليك رحلت وفي صدرك أمل ،

 وفي حلقك غصة 

سلام عليك في الأولين والآخرين 

سلام عليك في الخالدين 

والله أكبر والعاقبة للمتقين

وسوم: العدد 669