عبدالله المصري وقوله: (لابد من الفرج يا شيخ)

كان في حلب في القرن الماضي -القرن الرابع عشر- رجلٌ صالحٌ يُعرَفُ بعبدالله المصري، عرفه الناسُ آنذاك بالصلاح والعبادة والزهد، وتُوفي فانطوى ذكرُه، وهذه نبذةٌ في التعريف به 1.

-أصله من مصر، ولهذا عُرِفَ في حلب بـ: المصري.

-كان مرة في مجلس ذكرٍ في بلدهِ، فأصابته جذبةٌ، فخرج هائمًا على وجههِ إلى أن وصل إلى حلب، فأقامَ فيها، وعاشَ على بيع الكعك.

-كان في تجواله كلّما خطرتْ له الصلاة وَضَعَ حمله بجانبه، واستقبلَ القبلةَ، وكبَّر.

-كان حافظاً للقرآن الكريم، وأكثرُ كلامِه: (لابُدَّ من الفرج يا شيخ)...

-وكان مجذوبًا، تظهر له كرامات.

-وقال الشيخ بشير: حدَّثني أبو عمر الدَّباغ أنه حمل مرة مسدسًا وخرج يريد قتل رجل بينهما عداوة، فاعترضه عبدُالله المصري ومدَّ يدَه إلى صدر أبي عمر وأخرج المسدس من وراء ثوبه، ووضعه في صدره هو، وأخذه مِنْ يديه، وانطلق به إلى أن أوصله الى بيته وهو يتلو بتؤدة محملقاً عينيه: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)، وعند باب الدار أعطاه مسدسَه وأدخله، ومشى.

قال أبو عمر: فدخلتُ البيتَ وتبتُ إلى الله ممّا عزمتُ عليه.

-ومرة ذهب إلى مدينة (الباب) قرب حلب، وجلس في بيتٍ قديمٍ يجمعُ فيه بعضَ الحُطام ويشعله بالنار، فطلب أحدُ صلحاء (الباب) مِنْ شيخٍ أنْ يصرفَهُ إلى حلب، فأتاه الشيخُ وقال له: اخرجْ إلى حلب، فخرجَ... ومرة التقى ذلك الرجلُ الصالحُ وعبدالله المصري في حلب فقال الصالحُ: لماذا لا تأتينا إلى (الباب)؟ فهزَّ المصري رأسَه وتلا قوله تعالى: (إنْ هي إلا فتنتك).

-قال الشيخ بشير: ومرة زاره أبو عمر الدَّباغ في بيته في حلب فقدم له شايًا في (عُلب السمك المستورد) فشربه، وإذا به بفئران تدورُ في نواحي البيت فقال أبو عمر: العُلب صبرنا عليها، ولكن ما هذا؟ فقال المصري: (هؤلاء ما يؤذوش ما بضر)!

-ومات في حلب، ودُفِنَ في مقبرة الشيخ جاكير، وقبره معروف. رحمه الله تعالى.

[1] وهذه النبذة ممّا حدّثنا به الشيخُ محمد بشير الحداد (1328-1413هـ) إمام جامع الكلتاوية بحلب -رحمه الله تعالى-، وقد حدَّثنا حديثه يومَ الخميس الثالث من رمضان سنة 1402هـ في مدينة الفلوجة.

وسوم: العدد 678