الأستاذ الداعية الطيب برغوث
(1951- معاصر)
الأستاذ الطيب برغوث من موليد 20 أفريل 1951م بالقطر الجزائري، لأبوين مجاهدين شاركا في أحداث الثورة التحريرية الجزائرية التي راح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد.
وهو يعتز بكونه ابن مجاهد عريق في الجهاد، التحق بالثورة الجزائرية الكبرى منذ بداياتها المبكرة 1954، وظل وفيا لمعاني الجهاد وثوابته وروحيته حتى اليوم، وهو ما كان له تأثيره الكبير في كل أبنائه وجيله.
الأستاذ الطيب متزوج وله ثلاثة أولاد.
فقد زوجته في ظروف مأسوية في خضم تداعيات المحنة الوطنية الكبرى، فهو يحتسبها عند الله سبحانه وتعالى.
دراسته ومراحل تعليمه :
درس العلوم الشرعية في معهد التعليم الأصلي بباتنة طيلة مرحلتي المتوسط والثانوي، حتى تحصل على شهادة البكلوريا في العلوم الشرعية سنة 1395هـ /1975.
والتحق بقسم علم الاجتماع بجامعة قسنطينة حتى نال شهادة الليسانس في علم الاجتماع سنة 1393هـ / 1979.
واصل دراساته الجامعية العليا في علم الاجتماع الثقافي، بمعهد علم الاجتماع بجامعة الجزائر، حيث نال المرحلة الأولى من الدراسة بأطروحة أولية عن: ((نظرية مالك بن نبي في الثقافة)) سنة 1401هـ / 1981م.
أعماله والوظائف التي تقلدها :
اشتغل بعد تخرجه من الجامعة سنة 1979 في حقل الإعلام الإسلامي التابع لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية حتى سنة 1407هـ / 1987، حيث أشرف على مجلة الرسالة، وكان عضواً في هيئة تحرير جريدة العصر، ومجلة الأصالة.
بدأ الكتابة الصحفية منذ أن كان طالباً في نهاية مرحلة التعليم المتوسط، حيث نشر عدة مقالات في جرائد ومجلات جزائرية مختلفة.
وكانت القراءة والكتابة والكتاب والأفكار..حبه وهمه ومتعته الكبرى منذ صغره، حيث يمضي أكثر من 12 ساعة يوميا في القراءة والكتابة والعمل الفكري والتربوي والدعوي المتواصل، منذ أكثر من 30 عاما.
التحق بقسم الدراسات العليا، بمعهد الشريعة وأصول الدين بجامعة الجزائر، وأنجز أطروحة أولية عن: ((التدابير الوقائية من الطلاق في الإسلام)) سنة 1404هـ / 1984م.
التحق بهيئة التدريس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة منذ 1407هـ/ 1987م.
وشغل بالجامعة عدة مناصب علمية وإدارية، منها نائب مدير معهد مكلف بالدارسات العليا في معهد الدعوة وأصول الدين، وعضو دائم بمجلسه العلمي، ونائب مدير مركز الأبحاث والدراسات التابع للجامعة.
كان عضواً مؤسساً بجمعية أصدقاء جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية.
كان عضواً بالمجلس العلمي بمديرية الشئون الدينية بولاية قسنطينة منذ تأسيسه.
وهو مؤسسة علمية ثقافية مهمتها الإشراف على التوجيه الفكري والتربوي والثقافي والاجتماعي من منظور شرعي متكامل.
درّس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية: مناهج الدعوة، وتاريخ الدعوة ورجالها، والدعوة في العصر الحديث، وفقه السيرة، ومدخل إلى الإعلام، والفكر الإسلامي المعاصر...
تحصل على شهادة الماجستير في مناهج الدعوة سنة 1412هـ/ 1992م.
وأنهى إنجاز شهادة دكتوراه الدولة في نفس التخصص سنة 1417هـ/ 1997 م.
وإن لم يناقشها بعد، بسبب الظروف الصعبة التي مر بها في السنوات الأخيرة التي تعرضت فيها الجزائر لمحنة كبرى.
انخرط في العمل الدعوي الفكري التربوي منذ وقت مبكر من دراسته الشرعية في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وساهم في حركة بناء الصحوة وترشيد مسيرتها على طريق الأصالة والفعالية والتكاملية المطردة.
عمل مرشداً دينياً متطوعاً منذ أن كان طالبا بالمعهد الإسلامي حتى اليوم.
كان له دور فاعل في الحركة الطلابية الإسلامية الجامعية منذ التحاقه بالجامعة سنة 1975 حتى خروجه من الجزائر سنة 1995 ، حيث شارك بفعالية في النشاط الفكري والتربوي والدعوي والاجتماعي للحركة الطلابية الجامعية على النطاق الوطني.
متأثر بالإمام العلامة عبد الحميد بن باديس، الذي يعتبره من جيل الصحابة المعاصرين؛ في علمه وروحانيته، ووطنيته ورساليته، وجهاديته النموذجية، وعبقريته الحركية الفذة، وإنجازيته المتميزة، وبالإمام العلامة البشير الإبراهيمي الذي كان قمة شامخة من قمم العلم والفكر والإصلاح والرسالية في هذا العصر بحق.
ويرى في التجربة التاريخية لـ "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" نموذجاً ناجحاً في الوعي والفعل الحركي الفعال، كان على الحركة الإسلامية في الجزائر أن تستثمره وتجدده في إطار استراتيجية التكاملية المتجددة للخبرة الوطنية التأصيلية.
انخرط منذ وقت مبكر من دراسته بالجامعة في حركة البناء الحضاري الإسلامية التي رأى فيها امتداداً تكاملياً طبيعياً متجدداً لتجربة جمعية العلماء خاصة، ولخبرة الحركة الوطنية الغنية عامة، ولرشد الخبرة الحركية الخصبة للصحوة الإسلامية في العالم بصفة أعم.
أسس مع نخبة من إطارات الصحوة في الجزائر " الجمعية الإسلامية للبناء الحضاري " سنة 1410هـ/ 1990 م ، للمساهمة في النهوض بأعباء الدعوة والتربية والإصلاح الفكري والاجتماعي والسياسي.
من خلال تجربته المبكرة في ميدان الدعوة، فإنه يرى بأن الدعوة بمفهومها الثقافي التربوي الاجتماعي الشامل، فريضة شرعية لإحياء الدين في النفوس، وضرورة حيوية للإصلاح الاجتماعي لأوضاع لأمة، وتمكينها من مبارحة مستنقعات الإمعية والغثائية والتبعية، واستعادة دورها في التواصل والتكامل الحضاري الفعال مع الحضارات البشرية الأخرى.
مهتم بنظريات الفعالية الحضارية من منظورها الإسلامي السنني الإنساني الكوني المتكامل .
يرى بأنه استطاع أن يستخلص نظرية الإسلام وفلسفته الكلية في حركة التاريخ والحضارة، والتي تتأسس على قانون: "التدافع والتجديد" فالتدافع هو سنة العلاقات البينية بين البشر، والتجديد هو سنة أصالة وفعالية واطرادية هذا التدافع إذا أريد له أن يبلغ غايته من التداول على القيادة الحضارية.
ويرى بأن حركة الصيرورة الحضارية للمجتمعات البشرية، تتحكم فيها طبيعة ومستوى الفعالية الاجتماعية للأمة.
وأن طبيعة ومستوى هذه الفعالية الاجتماعية، تتحدد بناء على الموقف العقدي والتسخيري الراهن للمجتمع والأمة، من منظومات سنن الابتلاء والتدافع والتداول والتجديد من ناحية، ومنظومات سنن الآفاق والأنفس والهداية والتأييد من ناحية أخرى.
وأن ذلك كله مرتبط في الأساس بأصالة وفعالية وتكاملية مناهج التفكير والتربية وفقه الإنجاز والوقاية.
يعيش منذ عام 1995م خارج الجزائر، بعد أن غادرها لتحضير شهادة الدكتوراه، واستمرارا في أداء مهمته في المجال الفكري والتربوي والدعوي وحوار الأديان والثقافات والحضارات.
يدير بالخارج جمعية مهتمة برعاية شئون الجالية المسلمة المتكونة من أكثر من ثلاثين جنسية إسلامية مختلفة، ويساهم في حركة تبليغ الإسلام والتعريف به، وحوار غير المسلمين بشأنه وشأن تجربته وخبرته الحضارية الغنية.
امتنع عن المشاركة المباشرة في العمل السياسي الحزبي، داخل الجزائر وخارجها، وتفرغ للعمل الفكري والتربوي والدعوي، اقتناعا منه بأن ذلك هو المجال الأكثر خصوبة بالنسبة لفعاليته وعطائه الاجتماعي الشخصي من جهة، واعتقادا منه بأن ذلك هو الشرط الموضوعي الأكثر أصالة وواقعية وفعالية للإصلاح السياسي والاجتماعي والحضاري من جهة أخرى.
حيث يرى بأن التغيير السياسي والاجتماعي والحضاري، الذي لا تحكمه ولا تقوده الفكرة، ولا تتحول فيه الفكرة إلى تربية روحية وسلوكية ومنهجية، ولا يتحول فيه ذلك كله إلى رسالة جماعية مشتركة، ينهض بها الجميع في المجتمع، تغيير سطحي آني لا أفق له ولا قيمة.
يرى بأن عمق الأزمة الوطنية ثقافي تربوي أخلاقي منهجي، قبل أن يكون سياسيا فنيا، أو اجتماعيا اقتصاديا مفتعلا . لأن المجتمع الجزائري غني بتنوعه التكاملي المتماسك، وبثرواته وإمكاناته الحضارية الكبيرة، وبخبرته التاريخية الخصبة، وبفحولة إنسانه الجاهز للمهمات الكبرى.
وهو ما يدعونا إلى ضرورة تجاوز أعراض الأزمة إلى عمقها الثقافي التربوي الأخلاقي المنهجي، إذا أريد لهذه الأزمة أن تُستأصَـل من جذورها فعلا، لا أن تستأصل هي المجتمع من جذوره، كما يتجلى ذلك في منطق الاستئصال المقلوب الذي تورطت البلاد في مستنقعه، الذي لن تخرج منه إلا على أرضية استئصال الأزمة من المجتمع، لا استئصال الأزمة للمجتمع، وذلك دون شك أمر يتعلق بفعل ثقافي تربوي أخلاقي منهجي متكامل، يبدو أنه فوق طاقة أو إرادة النخبة أو الطبقة المنتفعة من استراتيجية استئصال الأزمة للمجتمع .
يرى بأن الخروج من الأزمة يحتاج تغييرا في العمق لا في السطح. تغييرا في النفس؛ أي في الفكر والروح والمنهج والسلوك والأداء الاجتماعي.. لا تلوينا ممجوجاً في الواجهات، وتبادلا للأدوار على نفس الأرضية الفكرية والأخلاقية والتربوية والمنهجية المهترئة البئيسة.
إنه لا بد من التطابق مع قانون التغيير المطرد في التاريخ: [إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم] [الرعد: 11].
وإلا فإنه المواجهة مع القانون الآخر: [ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا] [الجن: 17].
ساهمت كتاباته وأفكاره ومحاضراته ونشاطاته الفكرية والدعوية والأكاديمية في تكوين وعي حضاري لدى نخبة مثقفة ولدى قطاع كبير من حملة الشهادات العليا والمهتمين بإثراء التجربة الإسلامية بالوعي والأفكار الحضارية المتوازنة والمعتدلة.
أطروحاته وآرائه تدعو إلى الحوار والإحسان إلى الآخرين ونبذ العنف والابتعاد عن التطرف والتوسط والاعتدال والتوازن في الأقوال والأعمال والمواقف.
أعمال ومؤلفات:
بدأ الأستاذ الطيب برغوث التأليف منذ وقت مبكر في حياته.
وكان كثير القراءة والإطلاع شغوفا بالبحث والتأمل والتفكير.
وكان يقضي جل وقته إما في القراءة أو الكتابة أو المحاضرة أو النظر والتأمل في مشكلات وقضايا الأمة والفكر الإسلامي.
مؤلفاته :
وقد ألف ونشر الكثير من الكتب، كما درج على نشر مقالات ودراسات في موضوعات متنوعة في الكثير من المجلات والجرائد.
ومن المفيد ذكر مؤلفاته، ثم التعريج على الإطار الاجتماعي والسياق الثقافي الذي أحاط بتأليف الأستاذ لبعض مؤلفاته.
من أهم مؤلفات الأستاذ الطيب بالإضافة إلى المقالات والدراسات المنشورة:
1-القدوة الإسلامية في خط الفعالية الحضارية.
2- الواقعية الإسلامية في خط الفعالية الحضارية.
3- الدعوة الإسلامية والمعادلة الاجتماعية.
4-التغيير الإسلامي خصائصه وضوابطه.
5- معالم هادية على طريق الدعوة.
6- الخطاب الإسلامي المعاصر وموقف المسلمين منه.
7-موقع المسألة الثقافية من استراتيجية التجديد الحضاري عند مالك بن نبي.
8-المنهج النبوي في حماية الدعوة ومنجزاتها في (جزأين. ماجستير + دكتوراه).
9- الأبعاد المنهجية لإشكالية التغيير الحضاري.
10- الأبعاد المنهجية للفعل الدعوي في الحركة النبوية.
11- مدخل إلى سنن الصيرورة الاستخلافية: قراءة في سنن التغيير الاجتماعي.
12-الفعالية الحضارية والثقافة السننية.
13- التغيير الحضاري وقانون النموذج.
14- مدخل إلى تجربة جماعة البناء الحضاري الإسلامية في الجزائر.
15- حركة تجديد الأمة ومشكلات في الوعي والمنهج.
16-حركة التجديد على خط الفعالية الاجتماعية.
17- مفاصل في الوقاية الاستراتيجية للصحوة.
18- التغيير الحضاري وقانون النموذج.
19- صفحات من تجربة حركة البناء الحضاري الإسلامية الجزائرية.
20- زواج المسلمة بغير المسلم: تكريم أم حرمان.
21- مدخل للتعريف بالإسلام.
22-العالم: رجل وامرأة وطفل وفكرة
وسوم: العدد 680