الداعية سحر المصري رحمها الله: المرأة النموذج
وآثرت هذه المرّة أن أضرب على الوتر الوجداني بدل القضايا الفكرية أو هموم المسلمين فأذكُرَ قَبَساً من مواقفها وفضائلها رحمها الله لكن لا في جزئيات مآثرها بل أخطّ الخطوط الكبرى التي تشكّل شخصيتها..
ولا أبالغ إذا قلت: طَيْفُها وذكرياتُها معي في كل لحظة من لحظات هذه الأيام العصيبة المُرّة حتى وأنا منهمك في العمل؛ نفس التجربة التي عشتُها لشهور طويلة بعد وفاة زوجتي الأولى الغالية الداعية أم علاء مطيعة - عليهما رحمات الله-لما رأيتُ في كلّ واحدة منهما من مثال راقٍ متميِّز للزوجة المخلصة الوفية التي تملأ قلب زوجها رضاً وتنسجم معه تمام الانسجام في عمل متناغم وتفاهم كامل على الأهداف الكبرى للحياة خاصّةً إرضاء الله ونصرة دينه ونشر هدايته والمشاركة الفعّالة في العمل الجماعي الدعوي مع أخلاق آسرة من التواضع والكرم وحب الخير للناس والحرص على إرضاء الزوج...
.الخط الأول: (جَمْعُها بين عقلانية دقيقة وعاطفة متّقدة) تتجلى في حبها لدينها وعلاقاتها العائلية والأخوية.
.الخط الثاني: (مواهبها المتميزة) التي لم تتكئ عليها للتعالي على الآخرين بل وظّفتها لخدمة الإسلام والعمل الدعوي، فقد جمعت الذكاء والتواضع والاعتزاز بدينها، وجمعت بين الإلمام بثلاث لغات وتحصيل عدة اختصاصات وحضور إعلامي متألّق في برامجها الإذاعية وحرصها على المطالعة الدائمة وتعمُّقِها في اختصاصها في الإرشاد الأسري وعلم النفس وبين حب التعاون الدعوي والاستفادة من كل ذي خبرة أو اختصاص رحمها الله.
.الخط الثالث: (ثائرة الفكر والروح على الطغيان والإجرام) ومتَتبّعة لقضايا المسلمين تحمل هموم أمتها، عرّفت عن نفسها على صفحتها: مكية القلب – فلسطينية الروح – شامية الهوى والهوية، وبقدر ما كانت في علاقاتها الاجتماعية هادئة ومسالمة ومتقنة لفنون التواصل متألّقة فيها بقدر ما كانت ثائرة على الظلم شديدة الكراهية للباطل.
.الخط الرابع: (إيمانها بالتخصّص والتميُّز) فكانت تنادي باستمرار بوجوب الانتقال في التخطيط الإسلامي إلى التخصص وفي الأعمال الإسلامية إلى الإتقان والتميّز.
.الخط الخامس: (حركتها الدائبة وهمّتها العالية) في تحصيل العلم وفي أعمالها الدعوية حتى إنها كانت تقوم أثناء مرضها أحياناً كثيرة بمهامّها الدعوية المسؤولة عنها في جمعية الاتحاد الإسلامي وتتابع أعمال جمعية مودة للإرشاد الأسري التي كانت تُديرها وشديدة تعلّق القلب برسالتها.
.الخط السادس: (توازنها الرائع في اهتماماتها) وكان يتجلّى في حُسْن تقسيمها رحمها الله لوقتها وتوزيعها لاهتماماتها، فلا تُؤْثر أعمالها ومشاغلها على تنظيم بيتها وعلى إتقانها لواجباتها تجاه زوجها وأمّها وابنتها كما أنها لا تنشغل ببيتها عن أعمالها واختصاصها.
رحمات الله عليها ودموع المآقِي على فراقها وكأن وجداني ومشاعري تنطق:
منذ ارتبطنا يا حبيبةَ خافِقِي
برباطِ حُبٍّ قد سَمَا للقِمّةِ
عِشْنا الحياةَ بحُلْوها ومُرّها
واللهُ أكْرَمَنا بأبقى أُلفةِ
وسوم: العدد 690