ملا أحمد پالو
ملا أحمد ﭙالو
نارين عمر
كثيرون هم النّاس الذين يعيشون على خطّ واحدٍ, لا يحيدون عنه طوال حياتهم سواء أكان مستقيماً, سالكاً بسهولةٍ ويسر, أو به تعرّجات وتشّققات. فهم يرضون بهذه الحياة على الرّغم من كلّ شيء, لأنّهم هم نفسهم مَنْ يرسمون ذلك الخطّ, خطّ الاستقامة والنّزاهة والإنسانيّة الحقّة.
"ملا أحمد ﭙالو", يعدّ أحد هؤلاء الأشخاص من البشر الذين تشكّلوا في رحم الاستقامة, ورضعوا من صدر الصّراحة, وعاشوا في كنف الإخلاص, ما دفعهم للالتزام بالخطّ المستقيم الذي هندسته الحياة له, فقام بتنفيذه على أكمل وجه, كيف لا وهو الذي ارتشف من منهل والده "محمد مصطفى ﭙالو" حبّ الوطن والإخلاص للأرض والتّضحيّة بكلّ غال في سبيل الشّعب.
والده الشّهيد الذي استشهد خلال مشاركته في "ثورة الشّيخ سعيد ﭙيران" وشاعرنا كان في الخامسة من عمره, لذلك رضي بحياة البؤس والفقر واليتم لأنّ شهادة والده منحته غنى الرّوح والخلق والإيمان.
شاعرنا كان يتقن إلى جانب لغته الكرديّة ثلاث لغاتٍ أخرى "العربيّة والتّركيّة والفارسيّة" ولكنّه آثَرَ الكتابة بلغته الأمّ أكثر والاهتمام بها لأنّه ورث حبّ الّلغة من أمّه التي كانت تعوّض حرمانها من زوجها بغرس أجمل وأنبل المفردات والكلمات في نفس وقلب ابنها حين كانت تحاول أن تنفثَ روح النّوم في جسدها ولدها بقصص وحكايات وأغان, فينسى الولد سؤاله المتكرّر لها عن والده الذي رحل ولم يعد, فعاش الولد, وعاشت معه تلك المفردات والمعاني, فأخلص لها, وكرّس سنواتٍ وأعوام من عمره لخدمتها وتطويرها وجعلها سائغة على الفهم والتّناول.
شاعرنا يعدّ من روّاد الشّعراء والّلغويّين والأدباء الكرد, لذلك ما أزالُ أتذكّرُ وسوف أظل ما حييتُ أتذكّر وأعيشُ تلك الّلحظاتِ التي عشتها بنشوةٍ وانبعاثٍ حين أخبرني الزّملاء في الرّابطة أنّهم سيسلّمونني جائزة باسم هذا الأديب الذي عاش ليسعد الآخرين.