شيخة فاضلة عالمة مغمورة
شيخة فاضلة عالمة مغمورة
د. محمد مطيع الحافظ
هي السيدة الحاجة إنعام بنت محمود بن أحمد الحمصي.
فقيهة حنفية، مشاركة في الفقه على المذاهب الأربعة، مسندة للحديث الشريف.
عالمة، فاضلة، متواضعة، صالحة، ورعة.
ولدت بدمشق بحي العقيبة في حدود سنة 1331هـ/ 1912م، ونشأت يتيمة.
درست في المدرسة الابتدائية، ولما انتهت من هذه المرحلة شجعتها الحاجة وهيبة البقاعي على طلب العلم.
فدرست الفقه الحنفي على الشيخ عبد الوهاب الحافظ (دبس وزيت) فقرأت عليه (مراقي الفلاح) للشرنبلالي، و (اللباب في شرح الكتاب) للشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني.
يقول محمد مطيع: وكنت أشاهدها عندما تحضر درس عمي تجلس على استحياء عنده وتواضع. وكان عمي رحمه الله: لا يقبل أن تجلس للدرس منفردة بل يطلب من ابنته أو زوجته أن تجلس إحداهما معهما. وكانت تسدل الغطاء على وجهها فإذا أرادت القراءة ترفع بعض غطاء وجهها.
ثم لازمت دروس الشيخ الطبيب محمد أبي اليسر عابدين، فقرأت عليه (التاج الجامع للأصول) في الحديث الشريف، و (مختصر البخاري للزبيدي) و (مختصر مسلم) كما قرأت كتباً في الفقه على المذاهب الأربعة، فقرأت عليه (مراقي الفلاح) و (اللباب) و (الدر المختار للحصكفي)، مع مراجعة حاشية ابن عابدين، وفي الفقه الشافعي قرأت (الإقناع للخطيب الشربيني. وفي المذهب المالكي قرأت عليه: (الدردير على مختصر خليل). وفي الفقه الحنبلي (الكافي).
وأجاز لها الشيخ أبو اليسر عابدين إجازته المطبوعة العامة. وإجازة خاصة بمختصر البخاري، كتبها لها بخطه على ظهر الكتاب.
وكذلك يقول محمد مطيع: كنت أشاهدها تحضر الدرس على الشيخ أبي اليسر كالكيفية السابقة عند الشيخ عبد الوهاب. ونظراً لوجود عدد من الرجال عند الشيخ أبي اليسر لا يشترط حضور امرأة أخرى.
وقرأتْ على الشيخ حسين خطاب (الإقناع) للشربيني. في الفقه الشافعي. وحضرت أيضاً دروس الشيخ مكي الكتاني في الفقه المالكي.
وبعد وفاة شيخها الشيخ أبي اليسر لازمت الدرس على الشيخ محمد أديب الكلاس، ومما قرأت عليه: (الاختيار) للموصلي، وبعض كتاب (تبيين الحقائق) للزيلعي، و (بدائع الصنائع) للكاساني. وبقيت ملازمة له حتى سنة 1419هـ.
توفيت صباح الاثنين 17 شعبان 1324هـ/ 13 تشرين أول 2003م.
وأوصت بمكتبتها إلى مكتبة معهد الفتح الإسلامي بدمشق، وأوصت أيضاً بمبلغ تسعين ألف ليرة سورية توزع على طلاب العلم والفقراء، وقد نفذت وصيتها كاملة.
درَّست الكثير ووجهت النسوة والبنات في جلسات خاصة وعامة. وكانت تحب العزلة للعلم والتلاوة والذكر.
من تلميذاتها الحاجة نجاح البحري.
من دراسة سيرتها نجد أنها وهبت حياتها للعلم والتلقي، والتوجيه والتعليم فلم تلتفت لدنيا، بل بقيت تطلب العلم حتى آخر حياتها.
رحمها الله تعالى، وجعلها في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
إجازتها من الشيخ أبي اليسر عابدين بخطه