من أبطال الإسلام: العلاء بن الحضرمي
تاريخنا ....
انتقل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، فارتد الناس عن دين الله أفواجا !!!
جيّش الصديق رضي الله عنه الجيوش ، ودفع بهم في كل اتجاه لقتال المرتدين ، ووقع اختيار الصديق على العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه قائدا للجيش المتجه إلى قتال المرتدين في البحرين .
العلاء صحابي قديم الصحبة ، وثيق الصلة برسول الله عليه السلام ، وأحد كتاب الوحي رضي الله عنه ، أرسله المصطفى عليه السلام إلى المنذر ملك البحرين وقتها ، ومازال يتلطف به ويتوخى الحكمة حتى أعلن إسلامه هو و قومه .
سلك العلاء بن الحضرمي وجيشه صحراء الدهناء ، والتي تُعرف بالربع الخالي ، وهي تحتاج إلى مسيرة ثلاثة أيام لا ماء فيه !!!
مضى الجيش يطوي الصحراء طيا ، ونزل الجيش عن جماله طلبا للراحة وترقبا لانبلاج الفجر ، وهبَّ جملٌ من الجمال مذعورا وانطلق يعدو كالمجنون في الفيافي المظلمة ، واندفعت الجمال تجري وراءه كأنها لدغتها الثعابين ؟؟
وفي لحظات وجد الجيش نفسه في تلك الصحاري بغير ماء ، ولا زاد ، ولا راحلة ، ولا أمل ، فأيقنوا أنهم هالكون لا محالة !!!!!!
أقبل القائد الملهم ، تلميذ المدرسة المحمدية ، أقبل على جنده وقال لهم :
إني لعلى ثقة بأنكم لن تصابوا بضرٍ أبدا ، فأنتم المسلمون لله ، المؤمنون به .....
فسكنت النفوس ، وأطمأنت القلوب !!!
رفع العلاء كفيه نحو السماء وجعل يدعو الله بقلب ضارع ، وطرف دامع ، فلم يفرغ من نجواه لربه حتى لاح لهم الماء من بعيد ،
فأقبل الجند على الماء وجعلوا يهللون ويكبرون !!!!
وماكاد ينتصف النهار حتى رأوا من بعيد أشباحا تتجه نحوهم وتدنو منهم ، إنها جمالهم تسعى إليهم ، وكأن حاديا يسوقها نحوهم سوقا ، وعليها أقتابُها والمؤونة والزاد ..
الله أكبر .
امتطى الكماة طُلاب الشهادة مُتُوْن الإبل ، واستأنفوا نضالهم مع صحراء الدهناء ، حتى قهروا رمالها المحرقة !!!
وكانوا كلما أوشكوا أن يصيبهم التعب برز لهم القائد العبقري العلاء بن الحضرمي فيسكب في أفئدتهم من روحه مايملؤها عزيمة وتصميما ، وزادهم على إيمانهم إيمانا !!!
ومازال الجيش المؤمن يواصل الليل بالنهار حتى بلغ البحرين .
بثَّ القائد العيون في كل مكان ليتسقطوا له الأخبار ، وأدرك أن أهل البحرين أسلموا قيادتهم للحطم بن ضُبيعة ، ولم يبق أحد على الإسلام إلا أهل قرية ( جُواثا ) لأن فيها رجال من أخيار الصحابة ، ثبتوا على الإسلام وخالفوا بني قومهم جميعا .
أدرك العلاء أنه لا طاقة له بقتال أهل البحرين لكثرتهم وقلة جيشه ، فحفر لجيشه الخندق ، واتخذ الحيطة والحذر ،
وظل الفريقان يتناوشان القتال الخفيف !!!!
كان العلاء شديد الانتباه لما يجري وراء خنادق العدو !!!
ذات ليلة سمعت طلائع المسلمين هرجا ومرجا في معسكر العدو ، فأرسل العلاء عبد الله بن حُذف ليستطلع الأمر ؟؟؟
فلما غدا داخل معسكرهم علموا به وقبضوا عليه ، وأنقذه الأبجرُ وأجاره لصلة النسب ، حتى بلغ مأمنه ، فلما وصل إلى معسكر المسلمين أخبر العلاء بأن القوم يحتفلون بمناسبة لهم ، وأنهم نثروا الخمور وأقبلوا يعبون عليها عَبَّا ، وغلب عليهم السُّكر ؟؟؟؟
لم يُضع العلاء دقيقة من الوقت سُدىً ، فاقتحم على الجيش المخمور من كل صوب ، وأعمل السيوف في رقاب جند العدو من غير هوادة .
كان قائد جيش العدو نائما فلم يوقظه إلا صليل السيوف وطعن الرماح ، وأصوات التهليل والتكبير !!!
فهبّ مذعورا ، حتى قتله أحد جنود المسلمين بعد أن بتر أحدهم رجله ، وحلَّ بالجيش هزيمة ماحقة نكراء ، ففريق سقط قتيلا ، وفريق وقع أسيرا ، وولت جمهرة الجيش هاربة إلى جزيرة ( دارين ) !!!
وبذلك حرر العلاء بن الحضرمي البحرين وأعادها إلى حوزة الإسلام .
ماذا بُعد ياعلاء !!!!
قرر العلاء أن يغزو البحر ؟؟؟؟
حين أضمر في نفسه أمرا عظيما خطيرا لم يفكر فيه قائد إسلامي من قبل !!!
لقد عقد العزم على غزو جزيرة دارين والظفر بالمرتدين !!!!
وهو يعلم أن جنوده أبناء الصحراء يهابون البحر !!!!
وهو يعلم بأنه لا يملك سفينة واحدة لنقل هذا الجيش الكبير !!!
جمع عسكره ووقف فيهم خطيبا ، أخبرهم بما عزم عليه من عبور البحر وغزو المرتدين !!!!
لا تقولوا : كيف لنا ذلك ؟؟؟
فالله معكم .
ألم يملأ لكم الغدير بالماء العذب في قلب صحراء الدهناء ، فرواكم من عطش ، وأنقذكم من هلكة ؟؟؟
ألم يرد إليكم الإبل الشاردة في القفار ، فرأيتموها بأعينكم ، وكأن ملائكة الرحمن تحفها بأجنحتها ؟؟؟
فأطعمكم المولى من جوع ، وأمنكم من خوف ، وأنقذكم من هلاك !!!!
إن الله الذي أجاب دعوتكم حين دعوتموه في جوف الصحراء سيجيب دعوتكم وأنتم تعبرون البحر للقاء العدو
صادقين مخلصين .
ثم قال : أعدوا أنفسكم ، وامتطوا ظهور إبلكم وجيادكم ، واعبروا على متونها ماء الخليج على بركة الله .
ركب الأبطال الأشاوش الجياد الصافنات ، ومتون النُّوق الكريمات ، وتوجهوا نحو شاطىء البحر !!!
ولمّا غمسوا أقدام رواحلهم في الماء ، رفع القائد العلاء التقي النقي كفيه إلى السماء وقال للجند ردووا معي :
ياأرحم الراحمين ، ياصمد ياقوي ، ياحيُّ ياقيوم ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ،
عليك توكلنا ، وبقدرتك استعنا ، وبقوتك اعتصمنا ....
ثم عبر البحر أمامهم ، وأمرهم بالعبور وراءه ، فتبعوه !!!!
فجعلت الخيل والإبل تسبح فوق الماء كأنها تمشي على الرمال ، ووصلت شواطىء جزيرة دارين ،
فوثبّ الجند على البرّ ، وجردوا سيوفهم من أغمادها ومضوا يحصدون رؤوس أعداء الله حصدا !!!
ذُهل المرتدون ودهشوا لهول المفاجأة المرعبة ، فما يدرون أهبطوا عليهم من السماء !!!!
أم نبعوا من الأرض ؟؟
ولم يفقد المسلمون في عبورهم البحر رجلا ولا حصانا ولا جملا
الله أكبر .
نضّر الله وجه العلاء بن الحضرمي عاش مجاهدا بلسانه وسنانه
وسيظل على الأيام أول قائد مسلم ركب متون البحر لإعلاء كلمة الله
هذا تاريخنا ...
اقرأوا صور من حياة الصحابة .
الله الله أيها الأبطال في حلب هذا تاريخنا فلا تخافوا من روسيا وإيران ، أصدقوا الله ، وكونوا مع الله ..
( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )
فعهود الظلم وإن طالت
فسيوف الحق تبددها
برجال ماعرفوا خورا
وبصدق العزم تجددها
إن طال الليل وظلمته
فطلوع الشمس يهددها
والله أكبر والعاقبة للمتقين الصادقين
ونصرك ياقدير
وسوم: العدد 695