مِسْعَرِ الحرب ( أبو بصير ) بطل من أبطال الاسلام ...
عُتبة بن أسيد ، صحابي جليل ، رضي الله عنه ، قال عنه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه :
( ويلٌ أُمّهِ من مِسعر حرب ، لو كان معه رجال )
فما قصة هذا القول ؟؟
في السنة السادسة للهجرة خرج صلى الله عليه وسلم ومعه ١٥٠٠ من أصحابه ميمين وجوههم شطر المسجد الحرام يريدون أداء العمرة
علمت قريش بذلك وعقدت العزم على أن تصدهم عن دخول مكة مهما كان الثمن !!!
لكنها آثرت أن يتم ذلك صلحا !!!
تم الصلح في منطقة الحديبية مع المصطفى عليه الصلاة والسلام على أن يقفل عائدا إلى المدينة ويرجئ عمرته إلى العام القادم ، فعظم الأمر على المسلمين
واشترطت قريش على النبي عليه السلام أن من جاء من قريش إلى المسلمين مؤمنا رده المصطفى إلى قريش
وآثار الأمر غضب الفاروق رضي الله عنه ، وتم توقيع الاتفاق وقفل الرسول راجعا إلى المدينة صلى الله عليه .
لكن ماكاد المصطفى عليه السلام يستقر في المدينة حتى تعرضت ذمته ومواثيقه لاختبار قاس بسبب عتبة بن أسيد !!!
عتبة كان من المؤمنين المستضعفين الذين صبت عليهم قريش سوط عذابها ؟؟؟؟
لمّا أخذ المسلمون يهاجرون إلى المدينة حبسته قريش ولم تسمح له بالهجرة ؟؟؟
ولّما سنحت له الفرصة بغفلة من قريش مضى فارا بدينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يعلم من أمر الحديبية إلا القليل
ومضى يُغذ السير نحو المدينة للقاء الحبيب صلوات الله عليه ، ويحدوه الأمل في العيش مع المسلمين .
ما أن اكتحلت عيناه برؤية الحبيب عليه السلام حتى بعثت قريش بكتاب إلى النبي مع رجل من بني عامر ومولى له تطلب رده عملا بشروط الصلح !!!
التفت النبي عليه السلام إلى أبي بصير وقال : ( يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم العهد ، ولا يصلح في ديننا الغدر ، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، فانطلق إلى قومك )
يارسول الله أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني !!!
يا أبا بصير انطلق فان الله سيجعل لك فرجا ومخرجا
انطلق أبو بصير مع الرجلين ، في طريق العودة استل السيف من رجل بني عامر وقتله ،
وولى المولى هاربا ومضى إلى رسول الله مذعورا ؟؟
رأه النبي عليه السلام : ويحك .. مالك !!!
قال : قتل صاحبكم صاحبي !!
ثم دخل أبو بصير على رسول الله عليه السلام متوشحا السيف الذي قتل به القرشي وقال : يارسول الله لقد وفت ذمتك ، وأدى الله عنك !!!
قال عليه السلام : وكيف
قال : اسلمتني إلى القوم يدا بيد ، ثم امتنعت أنا بنفسي منهم ، ونجوت بديني .
فالتفت النبي عليه السلام إلى من معه وقال :
( ويلُ أمّه من مِسعر حرب ، لو كان معه رجال )
يقول أبو بصير رضي الله عنه : لم يكن في وسع رسول الله أن يستبقيني عنده وفاء بعهده ، ولم يكن في وسعي أن أعودإلى قريش ، فقد قتلت صاحبهم ، فمضيت إلى ساحل البحر وأقمت في ( العيص ) في الطريق التي تسلكها قريش في تجارتها مع الشام
سمع المسلمون المحتبسون في مكة قول الرسول عليه السلام ( ويل أمه من مسعر حرب ، لو كان معه رجال )
فجعلوا يخرجون إليّ واحدا بعد واحد ، حتى بلغنا نحوا من سبعين رجلا ، وجعلنا نقطع طريق التجارة على قريش ، نقتلهم ونأخذ عيرهم
وقويت شوكتنا ، وضاقت قريش بنا ذرعا ، وأعيتها الحيل !!
فكتبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله الرحم أن يدعونا إليه ، وتعلن له أنها تنازلت عن شرطها !!
يقول أبو جندل صاحب أبي بصير رضي الله عنهما :
وفيما نحن كذلك ، وصلنا كتاب رسول الله يدعونا إلى القدوم عليه ، وكان أبو بصير مريضا مرض الموت
فأعطيته كتاب رسول الله فرفعه إلى شفتيه وقبله ،
ثم فاضت روحه وهو يقول :
اقرئوا عني السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وواريناه ترابه هناك
ولحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم
رضي الله عن مِـسعر الحرب أبي بصير
فقد عاش معذَّبا في سبيل الله
ومات مشردا في سبيل الله
والله أكبر والعاقبة للمتقين
وفرجك ياقدير
( صور من حياة الصحابة )
وسوم: العدد 697