رموز عربية معاصرة
سأفتح باباً ثامناً عن رموز عربية معاصرة من 10حلقات،اختيار كريم مرزة الأسدي من عدة مصادر: 1-الملك فيصل الأول: (20 مايو 1883- 8 سبتمبر 1933)،أول ملك عراقي (1921-1933)، وملك سورية (مارس 1920- يوليو 1920) : حياته كاملة ، أقوال شعراء عصره الكبار فيه :
الزهاوي يخاطبه:عش هكذا في علوٍ أيّها العلمُ ** فاننا بك بعد الله نعتصمُ
والرصافي يراه : وليس له من امره غير انّهُ ** يعدّدُ أيّاما ويقبض راتبا
والجواهري ينعته :
للهِ درُّكَ مِنْ خبيرٍ بارعٍ**يَزِنُ الأمورَ بحكمةٍ وصوابِ
يُعنَی بما تَلِدُ اللَّياليَ حِيطَةً****و يعدُّ للأيامِ ألفَ حسابِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حياة الملك فيصل الأول ونشأته
ينتمي إلى أسرة آل عون الهاشمية، وولد في مدينة الطائف وتربى مع إخوته بكنف أبيه حسين بن علي الهاشمي وفي رحاب البادية درس فيصل الابتدائية مع أخويه علي بن حسين ملك الحجاز فيما بعد وعبد الله الأول ملك الأردن فيما بعد، حيث تعلموا اللغة التركية قراءة وكتابة. وقد نشأ مع البدو ليتعلم فصاحتهم وشجاعتهم ويتدرب على حياة الصحراء والتقشف وقسوة المعيشة، وتعلم أيضا الفروسية والقتال بالسيف والبندقية.
في عام 1896 سافر مع والده الشريف حسين إلى الآستانة عاصمة الخلافة العثمانية بدعوة من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، لكي يكون قريبا منه وتحت مراقبته، واختير عمه شريفاً لمكة رغم أنه يفترض أن يتبوأ هو هذا المنصب. أقام الجميع في قصر العدالة إقامة جبرية وتم انتداب مدرس خصوصي لتعليمه اللغة التركية مع أخوته الثلاثة أنجال الشريف حسين، وتعلم فيصل في الآستانة اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية والتاريخ، وعلمه والده القرآن الكريم. حيث أتقن اللغتين التركية والإنكليزية وبعضا من اللغة الفرنسية. وتزوج هناك من حزيمة ابنة عمه ناصر في عام 1905 وأنجب منها: الأميرة عزة
الأميرة راجحة
الأميرة رئيفة
الملك غازي (1912-1939) ملك العراق لاحقا
عاد إلى مكة المكرمة وبقية أسرته في عام 1909 اثر تنصيب والده شريفا على مكة، وتحديداً بعد مجيء جمعية الإتحاد والترقي وخلع السلطان عبد الحميد الثاني، عينه والده قائدا للسرايا العربية التي تقوم بقمع القبائل العربية المتمردة على السلطة العثمانية, وانتخب فيصل في مجلس "المبعوثان" البرلمان العثماني ممثلا عن مدينة جدة، فعاد إلى الاستانة واكتسب إثناء إقامته هناك خبرة سياسية ومعرفة شاملة بالسياسة التركية ورجالها.
فيصل وجمال باشا
صادف وجود فيصل في دمشق صدور أحكام الإعدام على مجموعة من العرب المتورطين بدعوة دول أوربية لاحتلال بلدهم في بيروت ودمشق بأمر من جمال باشا، فتوسط لدى جمال باشا بأن يعفو عنهم، إلا أن جمال باشا لم يستجب لذلك التوسط، فأمر باعدامهم في ساحة المرجة بدمشق وساحة البرج في بيروت في 6 مايو/أيار 1916، فغضب فيصل غضبا شديداً لكنه كتم ذلك الغضب.
ثم تعامل مع جمال باشا بشكل حذر جدا حتى لا يثير شكوكه وارتيابه في حركة التمرد التي كان يخطط لها والده بالتعاون مع بريطانيا . وعلى الرغم من توتر العلاقة بين فيصل وجمال باشا فقد استأذنه فيصل للعودة إلى مكة، فوافق جمال باشا على طلبه. فعاد إليها فيصل قبل قيام الثورة العربية بشهر.
الثورة العربية الكبرى
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الثورة العربية الكبرى
قام حسين بن علي الهاشمي شريف مكة بإعلان ثورة ضد الدولة العثمانية في يونيو عام 1916 بدعم من بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى. وتمكنت قواته من تفجير خط سكة قطارات الحجاز بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني لورنس، وطردوا الجيش العثماني من مكة والمدينة المنورة والطائف وجدة وينبع والعقبة.
ملكاً على سورية (1918 - 1920)
الملك فيصل ملك سوريا سنة 1920م
دخلت قوات الجيش العربي إلى مدينة دمشق بصحبة الأمير فيصل بن حسين الذي تولى قيادة الجيش الشمالي في مطلع تشرين الأول/أكتوبر من عام 1918، فانسحب منها ومن جميع مدن سوريا الجيش العثماني ، وقوبل دخول فيصل إلى دمشق باستقبال شعبي وعسكري عظيم، وأيدت جموع الشعب الثورة ، واستجابت لأوامر القيادة العربية.
أعلن الأمير فيصل تأسيس حكومة عربية في دمشق، وكلف الفريق علي رضا الركابي بتشكيل أول حكومة عربية لسورية ولقب بالحاكم العسكري. وعين اللواء شكري الأيوبي حاكماً عسكرياً لبيروت وعين جميل المدفعي حاكماً على عمّان وعبد الحميد الشالجي قائداً لموقع الشام وعلي جودت الأيوبي حاكما على حلب.
في 8 مارس/آذار 1920 أعلن المؤتمر السوري العام استقلال سورية العربية تحت اسم المملكة السورية العربية وتتويج الأمير فيصل بن حسين ملكاً عليها بعد سلسلة من المباحثات المكثفة التي أجراها المؤتمر مع أنصاره، وكان أخوه زيد بن الحسين أول المبايعين له على عرش سورية.
و لكن بموجب اتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا زحفت الجيوش الفرنسية باتجاه دمشق، بعد أن نزلت بالساحل اللبناني، وقامت القوات الفرنسية بتوجيه انذارها المعروف بإنذار غورو إلى الأمير فيصل في 14 يوليو/تموز 1920 بعدم مقاومة الزحف الفرنسي وتسليم الخطوط الحديدية وقبول تداول ورق النقد الفرنسي السوري وتسريح الجيش العربي وإلغاء التجنيد الإجباري، وغير ذلك مما فيه القضاء على استقلال البلاد وثروتها، وذلك خلال أربعة أيام.
تلقى الأمير فيصل الإنذار وتردد هو ووزارته بين قبول الإنذار أو رفضه، ثم اتفق أكثرهم على القبول، وأرسلوا برقية إلى الجنرال غورو بالموافقة على بنود الإنذار، وأوعز فيصل بحل الجيش، وعارض هذا بشدة وزير الحربية يوسف العظمة.
وبينما كان الجيش العربي المرابط على الحدود يتراجع منفضاً حسب الإنذار كان الجيش الفرنسي يتقدم نحو دمشق، وعلم فيصل بأن القوات الفرنسية تزحف بإتجاه دمشق، واستدعى ضابط الارتباط الفرنسي الكولونيل كوس ليستفسر منه الأمر، الذي وعده بالسفر حالاً للتحقيق في الأمر، ثم وفي عصر ذلك اليوم عاد كوس ليقول أن سبب زحف القوات الفرنسية هو أن برقية قبول الإنذار التي أرسلها الملك بالأمس لم تصل إلى الجنرال غورو في الوقت المحدد بل تأخرت نصف ساعة من جراء قطع العصابات خطوط التلغراف.
عملة المملكة السورية في عهد الملك فيصل 1920
فعاد فيصل و الغى قرار الحل و اعلن عن تأليف جيش أهلي يقوم مقام الجيش المنفض في الدفاع عن البلاد، وتسارع شباب دمشق وشيوخها إلى ساحة القتال في خان ميسلون، قاد هذا الجيش المكون من ثلاثة آلاف مقاتل من المتطوعين وإلى جانبهم عدد يسير من الضباط والجنود وزير حربيته يوسف العظمة بقوات غير متكافئة مع قوات الجيش الفرنسي المزودة بالدبابات والطائرات، وحارب ببسالة ولكن المعركة لم تدم طويلاً، واستشهد يوسف العظمة ودخلت الجيوش الفرنسية دمشق في 24 يوليو/تموز 1920، وعرفت المعركة فيما بعد بمعركة ميسلون.
بعد أحداث معركة ميسلون واحتلال القوات الفرنسية لدمشق غادر فيصل سورية فاتجه إلى حوران ثم إلى حيفا ومنها إلى كومو في إيطاليا ومنها إلى لندن في أكتوبر/تشرين الأول 1920 بدعوة خاصة من العائلة البريطانية المالكة، وبمغادرته انتهت الملكية في سورية لتبدأ حقبة الانتداب الفرنسي على سورية.
مشاركته في مؤتمر الصلح
عقدت الهدنة العامة بين الحلفاء و ألمانيا ، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وبدأت الاستعدادات لعقد مؤتمر فرساي في باريس، عندها استفسرت وزارة الخارجية البريطانية من الجنرال اللنبي في دمشق، ووينغيت في القاهرة، عن رأيهما في توجيه الدعوة إلى الشريف حسين، للمشاركة في المؤتمر، باعتباره مساهماً في المجهود الحربي ، على أن يمثله ابنه الأمير فيصل، فلما أيدا الفكرة قامت بإبلاغ الشريف حسين بالمؤتمر.
تلقى الأمير فيصل برقية من والده الشريف حسين يطلب فيها أن يمثله في مؤتمر الصلح، فسافر إلى بيروت في 17 نوفمبر 1918 ليغادرها على ظهر بارجة حربية بريطانية برفقة نوري السعيد ورستم حيدر والدكتور أحمد قدري، وفائز الغصين وتوماس إدوارد لورنس. وعندما وصلت البارجة ميناء مرسيليا الفرنسي في 22 نوفمبر 1918 وجد فيصل نفسه وجهاً لوجه أمام تبدل سياسي مقلق أثار في نفسه بعض المخاوف، هذا التبدل يتلخص بقوله: وقد جبهني الفرنسيون بأقوال يمكن إجمالها بما يلي: إن فرنسا لا تعلم شيئاً عن طبيعة المهمة الرسمية التي سأضطلع بها في المؤتمر، لذا ليس من المرغوب فيه أن أتابع سفري إلى باريس.
وإبقاءً على مظاهر المجاملات واللياقات قضى فيصل في فرنسا عشرة أيام، زار خلالها بعض المدن الفرنسية، وميادين الحرب، وجهت إليه الدعوة أخيراً لزيارة باريس بنتيجة ضغط شديد من بريطانيا، فسافر إليها، واستقبله رئيس الجمهورية بوانكاريه، وفي مساء يوم9 ديسمبر 1918 غادر فيصل إلى لندن. وأقام فيها حتى 7 يناير 1919 عندما غادرها إلى باريس لحضور المؤتمر
وفي الكلمة التي ألقاها أمام المؤتمر قال : إن العرب يعترفون بالجميل لبريطانيا وفرنسا، ويشكرونهما على ما قدمتاه من عون في سبيل تحرير أوطانهم، والعرب يطالبون الآن أن يفي الحلفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم.
لم يتمكن فيصل من عرض قضيته أمام المؤتمر إلا في يوم 6 فبراير 1919 م. في حين كان انعقاد المؤتمر في يوم 1 يناير 1919. حيث قدم مذكرة أولى، ثم مذكرة ثانية في يوم 29 فبراير 1919، وجاء فيه قوله:
«جئت ممثلاً لوالدي الذي قاد الثورة العربية ضد الترك تلبية منه لرغبة بريطانيا وفرنسا لأطالب بأن تكون الشعوب الناطقة بالعربية في آسيا من خط الإسكندرونة ديار بكر حتى المحيط الهندي جنوبًا، معترفًا باستقلالها وسيادتها بضمان من عصبة الأمم. ويستثنى من هذا الطلب الحجاز وهو دولة ذات سيادة، وعدن وهي محمية بريطانية.وبعد التحقق من رغبات السكان في تلك المنطقة يمكننا أن نرتب الأمور فيما بيننا، مثل تثبيت الدول القائمة فعلاً في تلك المنطقة، وتعديل الحدود فيما بينها وبين الحجاز، وفيما بينها وبين البريطانيين في عدن، وإنشاء دول جديدة حسب الحاجة وتعيين حدودها، وستتقدم حكومتي في الوقت المناسب بمقترحات تفصيلية في هذه النقاط الصغيرة وإني لأستند في مطلبي هذا على المبادئ التي صرح بها الرئيس ولسن (وهي مرفقة بهذه المذكرة) وأنا واثق من أن الدول الكبرى ستهتم بأجساد الشعوب الناطقة بالعربية وبأرواحها أكثر من اهتمامها بما لها هي نفسها من مصالح مادية»
ملكاً على العراق (1921 - 1933)
مراسم تتويج الملك فيصل الأول على عرش العراق 23 أغسطس 1921
على إثر ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني آنذاك للنظر في الوضع في العراق. والذي أعلن عن تغيير الحكومة البريطانية سياستها بالتحول من استعمار مباشر إلى حكومة إدارة وطنية تحت الانتداب، على إثر تكبد القوات البريطانية في العراق خسائر فادحة.
أعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية، ورشح في هذا المؤتمر فيصل بن حسين بن علي ليكون ملكا للعراق، فتشكل المجلس التأسيسي من بعض زعماء العراق وشخصياته السياسية المعروفة كمثل نوري السعيد باشا، ورشيد عالي الكيلاني باشا، وجعفر العسكري، وياسين الهاشمي وعبد الوهاب النعيمي الذي عرف بتدوين المراسلات الخاصة بتأسيس المملكة العراقية. وأنتخب نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب رئيسا لوزراء العراق والذي نادى بالأمير فيصل ملكاً على عرش العراق.
في 12 يونيو 1921 غادر فيصل ميناء جدة إلى العراق على متن الباخرة الحربية البريطانية نورث بروك، التي وصلت لميناء البصرة يوم 23 يونيو 1921، فاستقبل الأمير فيصل استقبالا رسميا حافلا، وبعدها سافر بالقطار إلى الحلة وزار الكوفة والنجف وكربلاء، ووصل بغداد في 29 يونيو 1921 واستقبله في المحطة السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني والجنرال هولدن قائد القوات البريطانية في العراق ورئيس الوزراء العراقي المنتخب عبد الرحمن النقيب.
في 16 يوليو 1921 أذاع المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قرار مجلس الوزراء العراقي بمناداة فيصل ملكا على العراق في ظل حكومة دستورية نيابية، توج الملك فيصل ملكاً على العراق باسم الملك فيصل الأول بعد تصويت حصل فيه على نسبه 96% من أصوات المجلس. وتم تتويجه في 23 أغسطس من عام 1921، في ساحة ساعة القشلة ببغداد.
بعد مبايعته ملكا على العراق وفي عام 1930 عقد معاهدة مع بريطانيا، سميت بمعاهدة 1930 أقرت بموجبها بريطانيا استقلال العراق عن التاج البريطاني وإنهاء حالة الانتداب، وضمنت الاتفاقية أيضا بعض التسهيلات لبريطانيا في مجال تسهيل مرور القوات البريطانية في أوقات العمليات الحربية، والتعاون في المجالات الاقتصادية.
وفاته والشكوك حولها
الملك فيصل الأول عام 1933
سافر الملك فيصل الأول إلى بيرن في سويسرا في 1 سبتمبر 1933، لرحلة علاج وإجراء فحوص دورية ولكن بعد سبعه أيام أُعلن عن وفاته في 8 سبتمبر 1933، أثر أزمة قلبية ألمت بهوقيل وقتها بأن للممرضة التي كانت تشرف على علاجه لها علاقة بموته حيث شيع بأنها قد سمته بدس السم في الإبرة التي أوصى الطبيب بها. وقد نشرت صحف المعارضة العراقية أن الوفاة لم تكن طبيعية، وشككت في دور بريطانيا في القضاء عليه، ودس السم في شرابه أو في الحقن الطبية التي كانت يحقن بها. وكانت تقارير الأطباء السويسريين قبل وفاته بيومين تؤكد أنه بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض خطيرة، ولكن تقرير الوفاة ذكر أن سبب الوفاة هو تصلب الشرايين. وأرجعت الممرضة البريطانية التي كانت ترافقه سبب الوفاة إلى التسمم بالزرنيخ الذي أذيب في الشاي الذي شربه قبل وفاته بست ساعات، خاصة أن الأعراض التي ظهرت عليه في الاحتضار كانت أعراض التسمم بالزرنيخ.و يذكر طبيبه الإنكليزي هاري سندرسن , بأن اخر اقوال فيصل كانت
«لقد قمت بواجبي , فلتعش الامة من بعدي بسعادة , و قوة , و اتحاد»
حُنطت جثته وأُرسلت إلى إيطاليا ومنها إلى ميناء حيفا ومنه إلى عكا ومنها إلى مدينة الرطبة العراقية عن طريق الجو، حيث وصلت بغداد في 15 سبتمبر 1933 ودُفن في المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية في بغداد
ما قال الشعراء فيه :
أولاً جميل صدقي الزهاوي : ولد ولد عام 1863م في بغداد وابوه المفتي محمد امين فيضي الزهاوي وينتمي الى آل بابان امراء السليمانية
وقد عرف الزهاوي منسوبا الى بلدة (زهاو) من اعمال ولاية كرمنشاه .. درس الزهاوي علوم اللغة والفقه على ابيه وتعلم اللغات التركية والفارسية والكردية … نظم الشعر باللغتين العربية والفارسية في مطلع شبابه ..
اتهم بالزندقة والكفر وبأعتناق الافكار السياسية الحرة طوراً وتقلد مختلف المناصب... وفي عهد الاحتلال البريطاني للعراق.. عين عضوا في مجلس المعارف... وعضوا في مجلس الاعيان (العراقي) سنة 1925م وعضوا في المجمع العلمي في الشام سنة 1923م.
سوف يبقى الزهاوي الشاعر والنابغ ذي النفس القلقة التي لا يقر لها قرار والروح الطامحة . وسوف يبقى ايضاً شعره ثروة للاداب العربية والعالمية ومفخرة من مفاخر العرب والعراق. كان الزهاوي لا يكتفي ان يكون شاعرا وفيلسوفاً وعقلانياً بالامتياز في كل من هذه المضامير بل كان حريصا على ان يكون متميزا في فروع اخرى من فروع العلم والمعرفة... فلقد درس الزهاوي (مجلة الاحكام الشرعية) في بعض معاهد الحقوق وهو كما يقولون (ابو حنيفة ولكن بلا فقه) ولقد نظم ملحمة (ثورة في الجحيم) ليسلك في عداد (المعري) ما حمل الملك فيصل الاول على سؤاله عن البواعث التي حركته بنطق هذه الملحمة بقوله:
مولاي لقد عجزت عن تفجير ثورة في الارض فأثرتها في السماء
فلم يملك الملك فيصل الاول الا الابتسام المشوب بالعطف
تفرد الزهاوي بامكاناته في سحر الناس والمجالس بلطافة احاديثه وطرفه ونكاته الحلوة .... وتراه متحولاً في اكثر نثره وشعره … ففي البداية رثا ابطال ثورة العشرين وشهداءها في العراق بقصيدة غراء قال فيها:
ماذا بضاحية الرميثة من غطارفة جماجح
طلبوا مساواة الحقوق فطوحت بهم الطوائح
المستر كوكس كان حاضرا في مراسيم تتويج الملك / فيصل الأول
ثم عاد الشاعر هذا ليطعن بالثورة وقادتها وشهداءها ويمتدح (المستر كوكس) المندوب السامي البريطاني والمستعمرين فيخاطبهم قائلاً:
عد للعرق واصلح منه ما فسدا
واثبت به العدل وامنح اهله الرغدا
الشعب فيك عليك اليوم معتمدا
فيما يكون كما قد كان معتمدا
حييت من قادم ابان حاجتنا
اليه نرجو به للامة الرشدا
وفي الذكرى الاولى لتتويج الملك فيصل الاول لعرش العراق القى قصيدة محييا جاء فيها:
عش هكذا في علو ايها العلم *** فاننا بك بعد الله نعتصم
عش هكذا في علو ايها العلم
فإننا بك بعد الله نعتصم
عش خافقا في الأعالي للبقاء وثقْ
بان تؤيدك الأحزاب كلهم
جاءت تحييك، من قرب مبينة
أفراحها بك فانظر هذه الأمم
ان العيون قريرات بما شهدت
والقلب يفرح والآمال تبتسم
ان احتقرت، فان الشعب محتقر
او احترمت، فان الشعب محترم
الشعب أنت، وأنت الشعب اجمعه
وأنت أنت جلال الشعب و العظم
فان تعش سالما عاشت سعادته
وان تمت ماتت الآمال و الهمم
هذا الهتاف الذي يعلو فتسمعه
جميعه لك، فاسلم ايها العلم
وللكلام بقية
وهي شأن قصائده الاخرى مخطط ومدبر لها سلفا ولم يكن ثمة مفر من ان يكون في مجلس الاعيان …
توفي في بغداد في 23 شباط عام 1936م.
وثاني الشعراء الرصافي/ وهو معروف بن عبد الغني/ الشاعر الاديب المجدد، ولد في حي (القرغول) من احياء بغداد عام 1875 وكان والده عريفا في الجيش العثماني لقبه استاذه محمود شكري الالوسي بـ(الرصافي) على امل ان ينشأ متعبدا كالمتصوف (معروف الكرخي) المشهور في الاسلام لكن طبيعته كانت تناهض التصوف.
مثل العراق في (مجلس المبعوثان) العثماني وكان عضوا بارزا في جمعية الاتحاد والترقي ولهذا تراه يهاجم الثورة العربية التي قام بها الشريف حسين بن علي ملك الحجاز عام 1916مويعتبرها خروجاً عن الولاء للدولة العثمانية والتي تمثل امتداد الخلافة الاسلامية..
وللرصافي رأي في حكم العراق فقد كان مواليا وصديقا لطالب النقيب الذي رشح نفسه لرئاسة ال
ما قال الشعراء فيه :
في الذكرى الاولى لتتويج الملك فيصل الاول لعرش العراق القى الشاعر جميل صدقي الزهاوي قصيدة محييا جاء فيها
عش هكذا في علو ايها العلم *** فاننا بك بعد الله نعتصم
وهي شأن قصائده الاخرى مخطط ومدبر لها سلفا ولم يكن ثمة مفر من ان يكون في مجلس الاعيان …
توفي الزهاوي في بغداد في 23 شباط عام 1936م
وثاني الشعراء الرصافي/ وهو معروف بن عبد الغني/ الشاعر الاديب المجدد، ولد في حي (القرغول) من احياء بغداد عام 1875 وكان والده عريفا في الجيش العثماني لقبه استاذه محمود شكري الالوسي بـ(الرصافي) على امل ان ينشأ متعبدا كالمتصوف (معروف الكرخي) المشهور في الاسلام لكن طبيعته كانت تناهض التصوف.
مثل العراق في (مجلس المبعوثان) العثماني وكان عضوا بارزا في جمعية الاتحاد والترقي ولهذا تراه يهاجم الثورة العربية التي قام بها الشريف حسين بن علي ملك الحجاز عام 1916م
ويعتبرها خروجاً عن الولاء للدولة العثمانية والتي تمثل امتداد الخلافة الاسلامية..
وللرصافي رأي في حكم العراق فقد كان مواليا وصديقا لطالب النقيب الذي رشح نفسه لرئاسة الحكم في العراق سواء أكان (الحكم جمهوريا ام ملكيا).
وقد نظم الرصافي في اغراض الشعر المختلفة كالمدح والفخر والغزل والرثاء والهجاء والعتاب. وما امتاز به وصفه لما يقع تحت نظره من مشاهد الوجود على اختلاف انواعها ..
وللرصافي طائفة من القصائد ضمنها قصصا يخيل الى سامعها انها واقعية لا خيالية كقصيدة (الفقر والسقام) و(اليتيم في العيد) وغيرها … ويقول الاستاذ العقاد في الرصافي :
(ماضيه خير من حاضره...)..
ويذكر الاديب المفكر هادي العلوي :
(الرصافي مفكرا افضل منه شاعرا....).
كانت مناسبة مؤلمة في عام 1927 فقد طغى نهر دجلة وغرق الكثير مما على ضفافها من بيوت وقصور وفي الجملة منها البلاط الملكي وابتهلها الرصافي في فرصة للتهجم على الملك فيصل الاول وحاشيته بقوله:
ليت شعري ابلاط ام ملاط ****ام مليك بالمخانيث يحاط
غضب الله على ساكنه ******فتداعى ساقطاً ذاك البلاط
ويذكر الشاعر الجواهري الذي كان من ضمن الحاشية ومنهم الذوات (رستم حيدر وتحسين قدري ومحمد باقر البلاطي) وغيرهم … بقوله:(ماكان يحز في نفس الملك فيصل الاول اكثر فاكثر وهو الذواقة في الشعر والادب العربي والعراف بنفوذهما في المجتمعات العربية والعراقية بخاصة... ان يقول عنه شاعر مثل الرصافي هذا القول... )..
وكذلك في جملة قصيدته البائية المشهورة وهو بلبنان وهو في طريقه للعراق:
لنا ملك تأبى عصابة رأسه لها غير سيف (التيمسيين) عاصبا
وليس له من امره غير انه ***** يعدد اياما ويقبض راتبا
وان يقول ذلك في محفل كبير وفي مجتمع غاص بالادباء....! وطبيعي ان يثور الرصافي على الوضع وعلى الرموز الاولى لهذا الوضع ويثور حتى على نفسه...
وانكشف سر الزيارة المفاجئة والتي كان لها مساس بحياة الرصافي وكانت محل عطف والتماس من نوري السعيد وهي محاولة اصلاح الحال بين اول ملك للعراق واول شاعر فيه.... ومن خلالها تسرب الحديث الى حاشية الملك بانه قال للرصافي بالحرف الواحد:
(يا استاذ الرصافي ، أأنا الذي يعدد اياما ويقبض راتباً؟ وانا مثقل بالمشاكل والتحديات وبهموم امة بأسرها؟!)..
وتكللت وساطة السعيد بالنجاح ولكنه ظل مشوبا بما يبغضه من حقد ملك (ذي منحدر بدوي) وانفرجت الاحوال بعيد الوساطة وانفتحت ابواب حياة كريمة للرصافي من خلال مرتب سخي اجراه له الملك... وبالتالي انفكت العقدة امام الرصافي ان يرشح نفسه الى المجلس النيابي للمرة الاولى بمساعدة نوري السعيد ثم تلتها مرات وعن علاقته بالبلاط الملكي وما يستلمه من الدفعات (النقدية) يقول الجواهري:
وكنت اقرأ على وجه الرصافي بحروف صارخة وهو يقول (ما اجمل فرصة وجودك هنا يا اخي الجواهري
كانت امال الرصافي منصبة على ان يكون (عينا) في مجلس الاعيان ان فاتته الوزارة ولما حرم من هذه المناصب ورأى فيها من لايدانيه منزلة ثار وتألم وصب جام ثورته على المستعمر وعلى الملك فيصل كذلك … وقد بقي حقد الرصافي على الملك فيصل الاول ومن قصيدة له قوله :
ابو غازي قضى فاقيم غازي
فأنطقنا التهاني والتعازي
مات الرصافي في عام 1945م وهو لا يملك ثمنا للقوت ولا للمسكن ولا للعلاج وفي اوائل السبعينات من القرن المنصرم اقيم له تمثال في احدى ساحات بغداد.
وشاعرنا محمد مهدي الجواهري/ هو مسك الختام لشعراء الملك فيصل الاول وسمي صناجة العرب بكل جدارة واستحقاق ..
ولا يفوتنا ان نسميه بـ(امير الشعراء) كذلك لان امارة الشعر في العالم العربي لم يسد فراغها بعد غياب الجواهري.....
ولد الجواهري في اوائل القرن الماضي في مدينة النجف الاشرف والتي سميت بـ(خد العذراء)... وهو من عائلة علمية ادبية ومعروفة في النجف جدها الاكبر هو الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر فعم اللقب واشتهر به وسمته الصحافة العراقية بـ(نابغة النجف) وهو شيخ المخضرمين اذ عاصر تأسيس الحكم الوطني بتتويج الملك فيصل الاول وشاهد سقوط النظام الملكي في العراق عام 1958م وعاصر جميع رؤساء الجمهوريات التي تقلدت الحكم.
كانت الزيارة الثانية للملك فيصل الاول الى مناطق الفرات وبخاصة مدينة النجف وشارك الجواهري في الترحيب كما تغنى اترابه الشعراء وله من قصيدة رائعة رفعها عنه الى السدة الملكية عمه الاكبر الشيخ جواد وجاء فيها
اعد لك المنهج الواضح *** فسر لاهفاً طيرك السانح
وحياك ربك من ناصحٍ**** اذا عزنا المشفق الناصح
فكانت من اولها الى اخرها استلطافا واستعطافا واشارة الى الملك لمظلمة لحقت بالاقطاب المنفيين واهمية عودتهم الى العراق.
وكانت قد سبقتها قصيدة رائعة وفريدة في مدح شيخ الجزيرة العربية وقادح زناد الثورة العربية الكبرى الشريف حسين بن علي وما آل اليه وضعه وهو في المنفى (سجين في قبرص) وجاء فيها:
حي الحياة باحلاء وامراء**** تمضي شعاعاً كزند القادح الواري
ما للجزيرة لم تأنس مرابعها*** بعد (الحسين) ولم تجفل بسمار
شيخ الجزيرة انت اليوم مرتهن بحسن فعلك من صدق وايثار
عمل الجواهري في تشريفات الملك فيصل الأول مدة، وقد خص الملك بعدة قصائد مدح فيها الملك وخصه بصفات وخصال مميزة:
للهِ درُّكَ مِنْ خبيرٍ بارعٍ***يَزِنُ الأمورَ بحكمةٍ وصوابِ
يُعنَی بما تَلِدُ اللَّياليَ حِيطَةً****و يعدُّ للأيامِ ألفَ حسابِ
مُتمكنٌ مما يريدُ يَنَالهُ***موفورُ جأشٍ هادىءُ الأعصابِ
و اذا الشُّعوبُ تفاخَرَتْ بِدهاتِها**في فضِّ مشكلةٍ وحَلِّ صِعابِ
جاءَ العراق مباهياً بسميدعٍ***بادي المهابةِ رائع جذابِ
وللجواهري معارف كثار فالسيد محمد الصدر من اتراب والدهفي الدراسة في النجف وقد توارث الزعامة بحق من والده العلامة المؤرخ السيد حسن الصدر (وهو من مدينة الكاظمية) وكانت معرفته قديمة واستمر في زيارته بحسب الظروف وفي الزيارة الاخيرة والسؤال عن الصحة والاحوال كالعادة من اصول الترحيب والمجاملة وقبل انصراف الجواهري من هذه الزيارة واذا بالسيد الصدر يقول له:
(احب ان اراك غداً!)..
فأهتبلها الجواهري وكانت فرصة لاتعوض لاسيما بعد الضجة التي اثيرت حوله لتعيينه مدرساً في مدارس الحكومة وفي الموعد المحدد اصطحبه السيد محمد الصدر الى البلاط (بعد ان اعتنى بهندامه) ورأى الملك الجديد فيصل الاول ببغداد العاصمة وهوالشاب الاسمر ذا عمة صغيرة...!. وتلقى الملك فيصل الاول السيد الصدر كماهو مألوف بينهما من مودة بكل ترحاب وتكريم وحفاوة - والحق - كما يذكر الجواهري كان السيد محمد الصدر يدخل على الملك فيصل الاول بدون استئذان ولا يذكر شخصاً رئيساً كان او مسؤولاً له مثل هذه الحظوة.
وفي هذه المقابلة يذكر الجواهري انه جلس قبالة الملك نفسه، وجها لوجه ومن باب التطلع حزر بعد ذلك (اي الجواهري) ان المطلوب هو ان يرى السيد الصدر للملك فيصل الاول هذا الشاب (غير العربي) كما اثير .. واخيراً بدت اسارير الملك المتهللة معبرة اجمل تعبير عن هذا الفتى الشاخص امامه بكل مافي ملامحه من بساطة وطلاقة ومنطق وحسن ديباجة في حديثه...!. ولم يتكلم السيد الصدر كثيراً..... واستطرد الجواهري يقول:
(يا جلالة الملك قبل ان اتشرف بهذه اللقيا كنت صاحب القصيدة التي رفعت اليك عن نفي علماء النجف، فكان يهز برأسه بكل مودة وبشاشة (أجل) وانا صاحب قصيدة (سجين قبرص) عن والدك العظيم..
(ثم قال لي (اجل اعرف
وبعد هذه المقابلة عاد الجواهري الى بيته المتواضع... وبعدها اسبوع اواكثر وحملته المصادفة ثانية ليلتقي بالسيد الصدر.... وبعد التحيات والتسليم جاءت المفاجأة الكبرى.... اذ ابلغه الصدر.. ان الملك يطلبك.!. وهو لم يصدق فذهب الى البلاط الملكي مسرعا … وقال بالحرف الواحد: (جلالة الملك يطلبني) فرحب به جماعةالبلاط الملكي وعلى راسهم السيد الجليل صفوة العوا و رستم حيدر وناصر الكيلاني وتحسين قدري (لكاتب السطور مقالة لسيرته نشرت في الجريدة هذه في اعداد سابقة) واحاطوه بكل عناية وترحاب قائلين:
(اننا مسرورون بأنك معنا...!) .
وما هي الادقائق فأخبروه ان الملك يطلبه .. وانتظر من جلالته النطق السامي فكان الترحيب والتكريم ليكون ضمن الحاشية الملكية ...!. ففي تلك الساعة احس ان الارض تهتز تحت قدميه لا حباً بمال وجاه او منصب بل شعوراً بالكرامة ...!..
وسوم: العدد 698