الشاعر الإسلامي فيصل محمد الحجي : حياته وشعره
(1935- 2016م )
شاعر سوري حنينه إلى وطنه سورية لم ينقطع، ما زال يحتفظ بصورة والده وقصاصة قصائده، ما زال يسير بعزم وقاد ، فهو لم ير والده لأكثر من عشرين سنة عاش معاناة الغربة ..
المولد والنشأة :
ولد الشاعر : فيصل بن محمد محمود الحجي عام 1353ه / 1935م في بلدة (قارة) التابعة لمحافظة دمشق، وقارة بلدة صغيرة في القلمون صيفها جميل وشتاؤها قارس، كانت أثناء الاحتلال الفرنسي تعيش حياة هادئة وادعة بسيطة، ونشأ من عائلة الحجي المعروفة من الأشراف وتعود في أصولها إلى الحجاز، وقد كان والده شاعراً وأحد تلاميذ الشيخ عبد القادر القصاب، وأحد المجاهدين في معركة ميسلون، وكان أحد كبار البلدة مختاراً لعدة أعوام، وكان معمراً حيث ناهز 100 عام، وقد خاض تجارب وأحداث تاريخية كثيرة، وكان محباً للعلم والأدب والدين مناهضاً للظلم وحكم الفرنسيين وما جاء بعدهم أيضاً .
هاجر والده محمد وجده محمود إلى الأرجنتين، تزوج الوالد بأنيسة امرأة نصرانية من الأرجنتين، أسلمت، وحجت مع زوجها، بلغ المئة وكان قوي الذاكرة ، توفي بحادث كهربائي ، وهذا يفسر لنا زواج الأستاذ فيصل من امرأة أرجنتينية أيضاً .
التحصيل العلمي :
درس الابتدائية في قارة حتى الصف الخامس، وكان من أساتذته فيها :
فوزي الفتوى من حماة، وكان له فضل كبير عليه حيث حبب إليه العلم والمعرفة ومن أساتذته في تلك المرحلة من حياته العلمية :
-الشيخ محمد سليم الرفاعي.
-والأستاذ سعيد قدور ..
وقدم الامتحان في مدينة النبك، ونجح بتفوق .
وبسبب تفوقه أعطي منحة مجانية، فقبل طالباً داخلياً فقدم المرحلة المتوسطة في ثانوية القلمون ..وكان من زملائه في الإعدادية عبد أحمد الجرد ، ومحمد عبد الحميد الحجي .
ثم عمل في قسم البرق والهاتف في مدينة دمشق .
وفي سنة 1955م أدى الخدمة العسكرية لمدة سنتين حيث تسرح من الخدمة عام 1957م .
حصل على الثانوية العامة دراسة حرة أثناء الخدمة العسكرية .
ثم دخل كلية الشريعة، وكان عميدها الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله .
فحصل على شهادة الليسانس في الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة – جامعة دمشق ..ونهل العلم على أيدي العلماء فيها :
مصطفى السباعي ، وكان يحضر صلاة الجمعة في مسجد الجامعة في دمشق حيث يلقي الخطبة : الشيخ علي الطنطاوي، وعصام العطار، وسعيد الطنطاوي .
وكان من أساتذته في الجامعة العلامة محمد أديب الصالح، والدكتور فتحي الدريني ، ود. محمد سعيد رمضان البوطي ، ود. نور الدين عتر ، ود. وهبة الزحيلي ..وغيرهم .
تزوج من ابنة عمته (( أم أنس )) من بيت صبح من قارة عام 1963م .
وحصل على شهادة الإجازة في اللغة العربية من كلية الآداب – جامعة دمشق .
وكذلك حصل على شهادة الدبلوم العامة في التربية من كلية التربية – جامعة دمشق.
حياته العملية :
عمل موظفاً في قسم البرق التابع لمديرية الهاتف الآلي في دمشق من عام 1954 إلى عام 1962م .
ثم عمل مدرساً في المدارس الثانوية في منبج لمدة سنة ونصف بداية من عام 1963 م ، وفي هذه الأثناء اختنقت ابنته وهي تأكل الخبز، ورزق بولده أنس، ثم انتقل للتدريس في مدينة حلب وبقي عدة سنوات .
ثم انتقل إلى الثانوية الصناعية في دمشق ، ثم انتقل للتدريس في ثانوية قارة في دمشق لمدة 7 سنوات ثم نقل إلى وظيفة مدنية ، وخشي من الاعتقال أثناء أحداث عام 1980م .
فسافر إلى الكويت، وعمل إماماً وخطيباً في مساجدها .
وبعد ذلك ذهب إلى الحج، وتعرف على بعض العلماء هناك، فانتقل للعمل في المملكة العربية السعودية، فعمل مدرساً في المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية من عام 1401 / 1981م وبقي إلى عام 1419ه .
وأخيراً انتقل للعمل في مدارس (الروّاد الأهلية) في الرياض .
وأحيل إلى التقاعد ، فراح يعمل في الأدب والكتابة والقراءة ..
مؤلفاته :
أهم إصداراته الشعرية :
أولاً: مسرحية شعرية اسمها (ظمأ الأجيال إلى سير الأبطال).
ثانياً: ديوان (فارس لا يترجل).
ثالثاً: في الطريق إلى النشر:
أ – ملحمة الصحوة الإسلامية (من شعر التفعيلة).
ب – ديوان: دموع الرجال.
ج – ديوان: بين السبورة والطبشورة (ديوان المعلم).
د – ديوان الكلمة الطيبة.
هـ - ديوان: في حديقة الحيوان.
كذلك شارك في الكثير من الأمسيات الشعرية، ونشر كثير من القصائد في المجلات: كالمجلة العربية، والبيان، والمجتمع، والدعوة السعودية، والأسرة ...
أحواله الاجتماعية :
وهو متزوج من أم أنس التي هي ابنة عمته، ورزق منها بعدة أولاد وبنات :
أنس الحجي :
- كبير الاقتصاديين في شركة إن جي بي لإدارة استثمارات الطاقة وهي شركة تدير 18 مليار دولار أغلبها في مجال إنتاج النفط والغاز في أميركا الشمالية.
- أستاذ كرسي سابق في جامعة أوهايو.
- أستاذ سابق في جامعة كولورادو للمناجم وجامعة أوكلاهوما.
- عمل استشارياً للعديد من الشركات العالمية والمحلية وبعض الحكومات.
الكتب المنشورة :
- له أكثر من 800 بحث وتقرير ومقال، بعضها نشر بعدة لغات وفي أكثر من 140 دولة تركز كلها حول اقتصاديات وسياسات الطاقة.
- عضو في إدارة تحرير بعض المجلات العلمية المتخصصة، وذكرت بحوثه في أكثر من ستين كتاباً.
- حصل على العديد من الجوائز أهمها جائزة أفضل مدرس وجائرة أفضل مشرف، كما حصل على جوائز فنية في مجالات الرسم والنحت.
محمد الحجي :
ممثل معروف، ولد 5 مارس 1973م يحمل شهادة بكالوريوس صحافة وعلاقات عامة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، كانت بداية ظهوره في التلفزيون مع الفنان الكبير خالد الحربي من خلال مسلسلات (البيت الكبير، بابا فرحان)، وقد اشتهر على مستوى الخليج بعد تقديمه بطولة مسلسل (نعم ولا) للكاتبة وداد الكواري عام 2007، من أبرز أعماله (عندما يزهر الخريف، الخادمة، أهل البلد).
جابر الحجي :إعلامي .
فهد فيصل الحجي : متخصص بإعلام الطفل وكاتب مشهور .
البراء فيصل الحجي : طالب في جامعة هارفارد بأمريكا .
والبنات الثلاث حصلن على الماجستير .
نسيبة الحجي : ماجستير في النقد الأدبي وصاحبة كتاب الأمومة في الشعر السوري المعاصر .
أروى الحجي : ماجستير في التربية .
وفاته :
انتقل إلى رحمة الله فجر يوم الأحد 19/ربيع الأول / 1438 للهجرة /الموافق 18 كانون الأول عام 2016م ، وهو نائم على فراشه لا يشكو من علة، وقد كان رحمه الله نعم المربي الفاضل والناصح والمهتم بقضايا الأمة الإسلامية مناهضاً للظلم خصوصاً في سوريا حيث خرج منها مضطهداً لأنه يقول كلمة الحق في وجوه الظلمة أعداء الدين، رحمه الله رحمه واسعة وجزاه الله خيراً على ما قدم لأمته وأسكنه فسيح جناته.
أصداء الرحيل :
وقد نعته العديد من الجماعات والمؤسسات الإسلامية :
1- وفاة الداعية الشاعر الأديب الأستاذ: فيصل الحجي ....
تنعي رابطة العلماء السوريين للأمة الإسلامية وفاة أحد أعضائها الكرام، فضيلة الأستاذ المربي القدير الأديب الشاعر الشيخ: فيصل بن محمد الحجي رحمه الله تعالى، الذي توفي في مدينة الرياض، قبل فجر يوم الأحد 19 – 3 – 1438هـ ، الموافق : 18 – 12 – 2016م ، عن 81 عاماً، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك شيخنا أبا أنس لمحزونون، وما نقول إلا ما يرضي ربنا. إنا لله وإنا إليه راجعون.
الفقيد رحمه تعالى من مواليد 1935 م في (قارة) التابعة لدمشق.
حاصل على:
- شهادة الليسانس في الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة – جامعة دمشق.
- شهادة الإجازة في اللغة العربية من كلية الآداب – جامعة دمشق.
- شهادة الدبلوم العامة في التربية من كلية التربية – جامعة دمشق.
- وله عدة دواوين شعرية مطبوعة وغير مطبوعة، منها:
ديوان (فارس لا يترجل)
و: (ملحمة الصحوة الإسلامية) من شعر التفعيلة، وديوان: (دموع الرجال)
وديوان: (بين السبورة والطبشورة)
(ديوان المعلم)
وديوان: (الكلمة الطيبة).
- وله العديد من المشاركات في عدد من المجلات، والأمسيات الشعرية.
اللهم ارفع درجته في عليين، وتقبله في الشهداء والصالحين، وألهم أهله وذويه الصبر والاحتساب، واحشرنا معه تحت لواء سيد المرسلين يا أرحم الراحمين.
في ذمة الله ...
ينعى مركز الشرق العربي
الأخ الداعية العامل فيصل الحجي ...
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية
من جيل الإخوان العاملين ، والدعاة الصادقين الصابرين
ابن مدينة القارة في ريف دمشق . نزيل حلب والمقيم فيها في أواخر الستينات . بعث في حلب مقامه فيها روحا من النشاط والحركة . كان استاذنا ومعلمنا ومرشدنا ، وتولانا برعايته وتوجيهه ، كان في حلب يومها جيل من الشباب الجامعي ، من الطاقات المتوفرة المتوفزة فأحسن الأخ أبو أنس توظيفها وترشيدها . أبسط درس تعلمناه من الأخ أبي أنس رحمه الله تعالى أن أهم واجبات القائد أن يكتشف الطاقات فيثق بها ويوظفها ويبقى قريبا منها .
اللهم تقبل من أخينا أبي أنس وأجزه على ما علم وارشد خير الجزاء ..
حط به ليل الغربة في مدينة الرياض ثم ما زال الأخ أبو أنس رحمه الله تعالى متابعا حثيثا في بريده اليومي يرسل في كل يوم ما يراه مستحقا للتنويه والتنبيه ، حتى فجعنا نبأ وفاته هذا الصباح ...
فهل أوجعك خبر سقوط حلب أيها الأخ الحبيب فصرخت : أنا لا أصدق ..لا أطيق ..لا أسمع رنة الناعين في الآذان
رحم الله أخانا أبا أنس ، وتقبل منه ، وتقبله في الصالحين ...
اللهم اغفر له ، وارحمه ، وأحسن نزله ، وارفعه مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا .
ونتقدم بأحرّ مشاعر العزاء لأسرة الفقيد ، ولأحبابه وإخوانه .
وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
لندن : 19 / ربيع الأول / 1438 - 18 / 12 / 2016
زهير سالم : مدير مركز الشرق العربي .
رفيق الدرب :
ونعاه الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الله الطنطاوي حفظه الله فقال :
(( الأخ الأستاذ الأديب الشاعر فيصل الحجي (أبو أنس) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ...
عظم الله أجركم وأجري بانتقال الحبيب العزيز رفيق الدرب الطويل الداعية الهمام المقدام أبي أنس الحبيب الودود معلم الناس معنى الوفاء ، وَيَا ليتني كنت معكم لأودع شقيق الروح ولو بنظرة ، ألا قاتل الله الظالمين الذين أخرجونا من ديارنا وظاهروا على إيذائنا وحالوا بيننا وبين أشباحنا وليس بين أرواحنا . الملتقى في الفردوس الأعلى يا أبا أنس التقي النقي الكريم والسلام عليك في الخالدين .
هل تراني وأنت في رحاب الله وأنا حيث تركتني ألقى الألاقي وأعاني مما كنت تعاني أيها العزيز أنا أخوك الذي لا ينساك : العبد لله الطنطاوي
أستاذنا وأخونا الكبير فيصل الحجي في ذمة الله !
ورثاه الشاعر الإسلامي أبو بشر (( يحيى حاج يحيى )) فقال :
وداعاً فيصل الحجي - بدمع صادقٍ نشِج !
وداعاً يا أبا أنـــــــــــــــسٍ - وكنت تقيم في المُهج
رحلت ونحن في ضِيق - وفي كُرب وفي حرج !؟
تكالبتِ العِدا وبغتْ - بأهل الرفض والهمج !؟
فغير الله لا يأتي - لأهل الشام بالفرج !
أمير القوافي :
ونعاه الأستاذ الدكتور عبد الجبار الزيدي مدير الجامعة العثمانية في استانبول حيث يقول :
كيف أرثيك يا أمير القوافي ! وقريضي مهلهل لا يكافي
كيف أبكيك والمدامع جفَّتْ يوم غادرت في الليالي العجافِ
يا لَسيفٍ قد سُلَّ والغمدُ باكٍ وعَرينُ الآسَادِ ليس بخَافِ
ماذا أستطيع أن أقول فيك يا حبيبي وشيخي وقدوتي ( أبا أنس ) الحجي ؟! كيف أرثيك وحالي حال الطنطاوي إذ عجز عن رثاء بنان ؛ وعجزت أنا عن رثاء أمي - يرحمها الله – وعجزت عن رثاء شيخي وحبيبي عبد الفتاح أبو غدة – يرحمه الله – أجل ! عجزت لأنكم فوق كل الكلمات ! وأكبر من كل المعاني والعبارات ! إن بكتك أهلك ( أم أنس )- جبر الله مصابها – وبكاك أولادك الكرام وبناتك الكريمات .. وبكاك إخوانك وأقرباؤك منذ أيام .. فقد بكيتك - واللهِ !- أوائلَ الثمانينيات وكانت نفسي تحدثني : كيف لمثل ( أبي أنس ) الحجي أن يموت ؟! وكنت أقول في نفسي : لو كان من حق بشر أن يخلد بعد الأنبياء والصديقين .. لكان فيصل الحجي جديرا بالخلود ! أجل ! بكيتك يوم رأيتُك نذرت نفسك ووقتك ومالك وشعرك ونثرك وعلمك لخدمة الإسلام والمسلمين .. فقد رأيتك يا ( أبا أنس !) – يرحمك الله - في مدينة الرياض – وأشهدُ الله -: تسعى في خدمة إخوانك ؛ فلا تدعُ أخًا من إخوانك ذا فرحة أو مناسبة إلا كنت أول من يبادر إلى تهنئته ؛ ووجهك وضاح وثغرك باسم ؛ لا يعصيك في ذلك شعر أصيل ، ولا يخذلك نثر جميل ! ورأيتك لا تدع أخا من إخوانك أو صديقا من أصدقائك مريضا إلا كنت أول من يعوده ويواسيه ؛ ويداك مثقلتان بالهدايا ! على رغم ضيق الحال وكثرة العيال ! لقد رأيتك يا ( أبا أنس !) – يرحمك الله - إذا ما احتدم القول وتنافرت النفوس البشرية وجهِلَ عليك أحد من إخوانك – وربما كنت أنا واحدًا منهم – تتمثل قول الله :( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ، وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ !) فكنت تكظم غيظك ، وكنت تعفو عن الناس وتبادر إلى الصلح - أسأل أن يجعلك فيمن يحب من المحسنين –. ورأيتك يا ( أبا أنس !) – يرحمك الله - اعتزلت الفتنة عندما سارع إليها إخوانك يومًا ما - وصار العرب عربين - فخاض بعضهم مع الخائضين .. فكففت لسانك وقلمك الصادرين عن خلقك القويم وطبعك الكريم .. ولقد رأيت عددا كبيرا من الإخوان وغير الإخوان ... يعرفون عناوين الفنادق والمطاعم وسيارات الأجرة التي يدلون عليها إخوانهم الضيوف القادمين من بلدان بعيدة .. ولكني نزلت ونزل غيري بيتَك المضياف ! وأكلت وأكل غيري طعامَك الطيب ! وركبت وركب غيري سيارتَك الواسعة التي تقودها روَّاحًا بها غدَّاءً ؛ تقضي حوائج إخوانك المسلمين !! فمن أكرم ممن جعل بيته للضيوف فندقا ، واتخذ بيته للضيوف مطعما ، وجنَّد نفسه لإخوانه سائقًا ، وسخَّر سيارته لقضاء حوائج المسلمين ؟!!! وأنَّى لشعري الواهن الكليل وبياني المتعثر أن يحيط بخصالك ومزاياك الطيبات يا أيها الفارس الذي لا يترجل ! والحليم الذي لا يتعجل ! كيف أستطيع أن أوفيك حقك داعيا إلى الله وعلما خفاقا ورقما صعبا في جماعة الإخوان المسلمين ؟! كيف أستطيع أن أكتب في شعرك الجزل ومعانيك الرصينة .. يا صاحب الدواوين ؟! إن العين لتدمع وإنَّ القلب ليحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب ! وإنا على فراقك يا حبيبنا ( أبا أنس ) الحجي لمحزونون :
انظر إلى جبل يمشي الرجال به وانظر إلى القبر ما يحوي من الشرف
وانظر إلى فيصل الإسلام منغمدا وانظر إلى درة الإسلام في الصدف
حبيبي وشيخي وأستاذي وقدوتي فيصل ( أبا أنس ) الحجي ! كم كنت أتمنى أن تشهد انتصار الثورة السورية ! وتعيش زوال الطغاة ، وترى بكاء عيون العائدين إلى الأوطان فرحا بالعودة والأمان والاطمئنان ؟!!!. ولكن اختارك ربنا إلى جواره وأنعم وأكرم به جوارًا ؛ فهو أرحم الراحمين . اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله ، وأعل نُزُلَه في مقام الخالدين ؛ فإنه ضيفك الوافد عليك ؛ المحتاج إلى عفوك ورضوانك ؛ يا أكرم الأكرمين ! أما أنت يا أختنا أم أنس ! ويا أحبائي وأعزائي : أنس مختص بالنفط، ومحمد ، وجابر ، والبراء ، وفهد ، وزين العابدين ! ويا أخواتي كريمات الشيخ الحبيب ! ويا إخوتي أشقاء الشيخ الفقيد الراحل ! فأعظم الله أجركم ، ورزقكم الصبر الجميل ، والثواب الجزيل ، وجمع بينكم وبين الشيخ في جنات النعيم - إن شاء الله - وإنا لله وإنا إليه راجعون .
محبكم الحزين : عبد الجبار الزيدي
رثائي فيصلاً قربى لربي...
وكتب الأستاذ محمد جميل جانودي يقول : (( صباح الأحد التاسع عشر من شهر ربيع الأول لسنة ألف وأربعمئة وثمان وثلاثين للهجرة...الموافق للثامن عشر من شهر كانون الأول لعام 2016 للميلاد انتشر خبر وفاة الأستاذ الكريم والشاعر الفذ والأديب الألمعي فيص الحجي، أبي أنس، فجلل الحزن وجوه إخوانه ومحبيه، إذ بفقده فقدوا رجلًا محبًا ومحبوبًا، وآلفًا ومألوفًا، وفقدوا أخًا عرفوه قريبًا منهم في السراء والضراء والمنشط والمكره...كان صلبًا فيما يراه حقًا، لا يقبل بأنصاف الحلول، وربما كان لهذا الموقف بعض الآثار الآنية المؤقتة التي تزول وتتلاشي عند من عرف أبا أنس وموقفه الصلب الثابت في مناصرة ما يراه حقًا والالتزام به...
أدع المجال عن الحديث عن علمه وأدبه وجهاده وابتلائه لغيري من أحبائه وأصدقائه وإخوانه... ولكنها كلمات فقط أردت، بها، أن أعبر عن مدى ما لهذا الأخ من موقع في نفسي وقلبي...كما هو الحال عند جميع أصحابه وإخوانه...
رحمه الله ورحمة واسعة، وغفر له، وأنعم عليه برضوانه، وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...
ومن تلك الكلمات هذه القصيدة التي كتبتها رثاء له، رحمه الله:
فيصل الحجي في ذمة الله
وكتبت أسرة تحرير (( الاقتصادية ) تقول :
(( انتقل إلى رحمة الله تعالى، فيصل بن محمد الحجي، والد الدكتور أنس الحجي الخبير النفطي، ومحمد وجابر والبراء وفهد وزين العابدين، وصلي عليه في جامع الراجحي عقب صلاة العصر أمس الأول، ودفن في مقبرة النسيم في الرياض.
وتتقبل أسرته العزاء اليوم في استراحة أرياف المنتقى، بجانب مستشفى اليمامة بشارع الشافعي في الرياض، وللنساء بمنزل الفقيد بحي المنار.
كما يتقبل العزاء على جوال ابنه جابر: 0594129904
أسرة تحرير "الاقتصادية" تتقدم بخالص تعازيها ومواساتها إلى أهل وذوي الفقيد. سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.
"إنا لله وإنا إليه راجعون".
مقابلة مع الشاعر فيصل بن محمد الحجي :
ونورد هنا مقابلة أجراها: محمد شلال حناحنة لعلنا نطلع على بعض أفكار الراحل الكريم :
س1 – فيصل الحجي شاعر مخلص للقصيدة، فلا يكاد يكتب غيرها، بينما نرى الكثيرين يكتبون عدة أنواع أدبية، كيف تنظر لهذه المسألة؟ ولِمَ كان التعبير الشعري همك الأدبي الدائم؟
ج1 – بصراحة.. ظروفي الشخصية هي السبب... أنا أشتهي أن أكتب نثراً كما أكتب شعراً، وفي رأسي الشيء الكثير الذي أتمنى أن أكتب فيه.. ولكن زحمة المسؤوليات وكثرة الأعباء الوظيفية والعائلية والاجتماعية وغيرها تشغلني – نفسياً أو جسدياً أو كليهما – وتجعلني عاجزاً – أو شبه عاجز – عن كتابة النثر بل عن كتابة الشعر أيضاً..! ولكن للشعر قوة خارقة تمكنه من اجتياز الموانع والحواجز فيفرض نفسه علي حتى في أوقات الذروة من زحمة الأعمال كالاختبارات المدرسية.. ويزداد الشعر قوة بفعل الأحداث المثيرة والخطيرة التي تقع هنا وهناك في العالم الإسلامي..! وكم أتمنى لو استطعت التفرغ للقراءة والكتابة بعد هذا المشوار الطويل في ميدان الحياة؛ وفي ميدان الأحداث؛ وفي ميدان التدريس؛ وفي ميدان العلاقات.. ولا أدري هل سيحقق الله لي هذه الأمنية؟ أم أنني سأمضي بقية حياتي أسير الشعر فقط..؟!
س2 – ديوانك الأول (فارس لا يترجل) ماذا تجد فيه اليوم في ظل هذا الأسى الذي تعيشه الأمة من اغتصاب للأرض ومقدرات الأمة وآمالها؟
ج2 – أجل.. إن الأسى يخيم على الأمة لما تعانيه من اغتصاب للأرض ومقدرات الأمة، ومن محاولات (وأد) آمال الأمة في التحرر والعيش الكريم وتبوؤ المكانة اللائقة بين الأمم..!
ولكن الذي أريد أن أقوله هنا: إن الفارس لم يترجل.. ولو أنه ترجل لما حشدت هذه الحشود.! ولما عقدت هذه التحالفات بين أقوى الدول..! ولما رسمت تلك الخطط الماكرة الرهيبة..! ولما أنفقت تلك الثروات الطائلة..! يُقابل هذا بطولات وتضحيات.. وصبر واحتساب.. ووعي إسلامي يتنامى يوماً بعد يوم..
إن ميزان القوى يبدو – من حيث الظاهر – أنه يميل لصالح أعداء الإسلام بسبب تكالب الأعداء وتخاذل أصحاب القضية.. ولكن (الظاهر) وحده لا يصور الحقيقة كاملة.. فالمسيرة – بمجملها تسير لصالح الإسلام، فالفارس لم يترجل.. ولن يترجل بإذن الله، ولكن لا بد من دفع ثمن النصر، ولا بد من تحقيق الشروط التي نستحق بها النصر.
س3 – قصيدتك (ما الغريب؟) تترع بسخرية مرة، ومفارقات موجعة! لماذا تلجأ إلى السخرية المفجعة؟! ألسنا بحاجة إلى استشراف المستقبل رغم الفجائع؟!
ج3 - قصيدة (ما الغريب؟) حَوت الأمرين معاً.. حوت السخرية المُرة والمفارقات الموجعة.. كما حوت التفاؤل واستشراف المستقبل.. ولكن مساحة السخرية امتدت أكثر على خريطة القصيدة لأنني أجدها أنجح في إثارة الشعور؛ وتنبيه الغافلين؛ وتحقيق الوعي، مقابل الهجمة الإعلامية المضللة التي تحاول تزوير الحقائق؛ وشغل الناس بتوافه الأمور؛ والمظاهر السطحية الخادعة.. والخلط في المعلومات؛ لصرف المسلمين عن التفكير السديد، ولما استوفيت ما أريد بقدر الإمكان ختمت القصيدة بخاتمة تفاؤلية تقوم على العودة الصادقة إلى الالتزام الجاد بالإسلام؛ والجهاد؛ وتحقيق العدل وإزالة الظلم؛ واللجوء إلى الله.
س4 – ما زال شعر التفعيلة يثير جدلاً واسعاً في أوساط كثير من أدباء الإسلام.. لكنك تكتبه.. هل تجلو لنا هذا الأمر؟
ج4 – الإشكال الحقيقي – من وجهة نظري – هو في وجود (الإيقاع) في الشعر.. فلا شعر بلا إيقاع.. وبهذا يخرج النثر بكل أنواعه من دائرة الشعر.. فلا وجود لما يُسمى زوراً وبهتاناً الشعر المنثور.! أما الإيقاع – وكذلك تنوع القافية – فقد حدثت فيه تطورات كثيرة خلال العصور... من العصر العباسي إلى العصر الأندلسي.. إلى عصور الدول المتتابعة.. إلى العصر الحديث.. وأنت تلاحظ أن الإيقاع يظهر عند إلقاء قصيدة التفعيلة، كما يظهر تنوع القافية وهذا ليس بالشيء الجديد.
س5 – ينهل شعرك من القبس القرآني وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.. لكن هناك من يرى أن هذا يُضعف فنية الشعر وجماله، ما رأيك بهذه القضية؟
ج5 – الأديب المسلم – شاعراً أو ناثراً – مرجعه القرآن والسنة... هما معينه الذي ينهل منه، وفي هذا قوة للنص الأدبي.. ولكن المهم في هذا المجال هو الطريقة التي ينهل بها الشاعر من القبس القرآني والأحاديث النبوية، فالموهبة الأصلية والانفعال الصادق – إذا توافر لدى الشاعر – فهما جديران بسبك الاقتباس سبكاً شاعرياً موفقاً.
س6 – يقولون: (إن تيار العولمة أضحى جارفاً لكل شيء: لهوية الأمة وتراثها وثقافتها وحتى طموحاتها) ترى كيف نقاوم هذا التيار؟
ج6 – مخططو وراسمو العولمة يريدون ذلك..! يريدون لتيار العولمة أن يكون جارفاً.. يجرف هوية الأمة وتراثها وثقافتها وطموحاتها.. ويستغلون تفوقهم المادي لتحقيق ذلك، ولكن خسئوا وخابوا..! فأصالة الأمة أقوى مما يتصورون، فالإسلام يحمي الأمة ويصونها، والله يحمي الإسلام ويحفظه، ولقد تعرضت الأمة في تاريخها الطويل إلى هجمات شرسة وماحقة، ولكنها بقيت وانمحق العدوان، والمتوقع أن تُسْلِمَ العولمة لأن الإسلام دين عالمي، ولن يتعولم الإسلام.
ومع ذلك يجب أن نعترف أن أبناء الأمة ينقسمون الآن إلى تيارين: تيار واعٍ أصيل يجمع بين الأصالة والمرانة، يتمسك بثوابت الأمة وينفتح على كل وافد مفيد لا يتعارض مع الثوابت، وهذا التيار هو الذي يصمد أمام هجمة العولمة، وتيار آخر ينبهر بمظاهر الحضارة المادية، أو يهلع أمام مظاهر القوة الطاغية، فيضعف ويتخاذل ويستسلم لما يريد دعاة العولمة..! وهذا الفريق هو الذي يُغري دعاة العولمة ليستمروا في محاولات الغزو الفكري – وغير الفكري – حتى يستسلم الجميع، ولن يفلحوا بإذن الله..! فالموقف موقف ابتلاء يميز الله فيه الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والقافلة تسير، والبقاء للأصلح.
س7 – دعنا نتعرَّف على آخر إنتاجك.. وما تنوي إصداره؟
ج7 – صدر لي حتى الآن:
1 – مسرحية شعرية: ظمأ الأجيال.
2 – ديوان: فارس لا يترجل.
3 – ديوان: دموع الرجال.
والذي ما زال مخطوطاً ينتظر الطبع:
1 – ديوان: لا.
2 – ديوان: قصائد معلم.
3 – ديوان: ملحمة الصحوة الإسلامية (من شعر التفعيلة).
4 – ديوان: في حديقة الحيوان.
5 – ديوان: إخوانيات.
وبعد :
وفاء للشاعر الإسلامي الكبير فيصل الحجي أدعو جميع إخوانه أن يكتبوا عنه، وأن يدرسوا شعره، ويذكروا أخلاقه وصفاته وذكرياتهم معه، فشخصية مبدعة كهذه تستحق اهتماماً أكبر مما رأينا في وسائل الإعلام كما أدعو الإخوة في رابطة أدباء الشام ورابطة الأدب الإسلامي العالمية أن تعقد الندوات للتذكير بأعلام الأدب والشعر والفكر الإسلامي ....كما أدعو أولاد الراحل الكريم أن يحافظوا على آثاره ويجمعوها، ثم يفرغوا قصائده ومقابلاته، وأن يصدروا أعماله الكاملة الشعرية والنثرية حتى تأخذ حقها من الدراسة والتحليل .
-يتبع-
وسوم: العدد 701