فارس المنابر عبد الحميد كشك رحمه الله..
عالم وداعية مصري ، كفيف البصر ، يعد من أشهر الخطباء في العالم العربي والإسلامي ، محامي الحركة الإسلامية ، اعتقل سنة ٦٥ لمدة عامين ونصف فتنقل بين السجن الحربي وطرة والقلعة وأبو زعبل .
عام ٧٦ اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام بعد معاهدة كامب ديفيد فألقي القبض عليه عام ٨١ بعد هجوم السادات عليه ، وأفرج عنه سنة ٨٢ ومنع من الخطابة ، ونال مانال من تعذيب في السجون نالت من جسده رغم إعاقته .
كان يخطب في مسجد عين الحياة ، بمنطقة القبة في القاهرة ، ظل يخطب فيه قرابة عشرين عاما ، يخطب ووجهه متجه إلى السماء ، وإذا قال يارب هبط عليه المدد من رب العالمين ، كتب عنه الموساد المصري شوهد يقود سيارة في قلب القاهرة ؟ قال رحمه الله : ياقوم أنا ضرير فكيف أقود سيارة !
وأنهى خطبته بدعاء خاشع :
يارب من جاء إلى هذا المسجد ليكتب فيّ تقرير شلّ اللهم يديه ، واجعل العمى في عينيه ، وأصبه بسرطان الدم بحيث يتمنى الموت فلا يلقاه ، ومليون من المصلين يقولون آمين ، أي يارب استجب .
كان مسجده يشهد ازدحاما هائلا ، قبض عليه في أحد المرات وكان الضابط الذي يحقق معه جديدا فقال له مااسمك ! أجاب : عبد الحميد كشك ، فقال ماعملك ! فاجاب : مساعد طيار !
خاض الكشك المعارك ضد السياسة ووجه سهام نقده لرؤساء مصر وللزعماء العرب :
هاجم عبد الناصر حين أعدم الشهيد سيد قطب رحمه الله قائلا ( يشنقون الرقاب التي قالت لا إله إلا الله ، وعبد الوهاب يغني تسلملي ياغالي ! )
وزينب الغزالي تعذب في أقبية المخابرات وثومة تغني ياجمال يامثال الوطنية ؟
أدرك المشير عبد الحكيم عامر شعبية الشيخ كشك فأرسل له مندوبا يطلب منه أن يحل دم سيد قطب ، لكنه رفض ؟ ماأدى إلى اعتقاله بعدها بأيام ؟
حين تولى السادات حكم مصر قال الكشك ( ولي السادات حكم مصر بعد أن هلك سلفه ، وقد كان امتدادا لمن كان قبله ، كان عبد الناصر يجاهر بالظلم ، وجاء السادات ليقنن الظلم )
ويتعجب الشيخ كشك من طلب تقدم به القذافي للحكومة المصرية لشراء قبر العبد الخاسر بمبلغ ٥٠٠ مليون دولار فقال الشيخ في خطبته ( بدلا من أن تنفق الملايين لشراء قبر جمال اجعل من قبرك أنت مزارا ، لكنني استبعد أن تجد قبرا يضمك لأن التراب سيلفظك ، ( وهذا ماحدث )
أسلم على يديه الكثير ، كان لا يخاف في الله لومة لائم ، فضح النصيرية وطغاة سوريا وحكم البعث قبل ثلاثين سنة تحدث عن أطفال تذبح وأعراض تنتهك وشباب تقتل ، ووراء طغاة سوريا موسكو ،طغاة سوريا أعدموا صباح عيد الأضحى أكثر من ٥٠٠ شخص من المسلمين في السجن !
هاجم شقيق المعلم الهالك ، صاحب مجزرة حماة الذي قال في أحد المؤتمرات : أنه يوجد في سوريا ثلاثة قضينا على اثنين منها ولم يبقى إلا واحد ، قضينا على الله والإسلام ، ولم يبق إلا حزب البعث !
هاجم الشيعة وغلاة الشيعة ووقف لهم بالمرصاد ، حذر من الغزو الفكري الثقافي له اكثر من ٢٠٠٠ خطبة مسجلة ، وظلت إلى الآن تنير الطريق ، مناديا أيها الناس إذا أردتم حماية الأموال العامة فأغلقوا الخمارات ، أغلقوا شارع الهرم ، أغلقوا صالات القمار ، مُروا النساء أن يخرجن محتشمات !
رفض مغادرة مصر رغم كل الاغراءات إلا لحج بيت الله الحرام سنة ٧٣ ، ثم تفرغ للتأليف وله أكثر من ١٠٠ كتاب ، من أقواله :
- يجب أن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخاب لا بالتعين !
- رفض كذلك أن تكون مهمة المسجد تعبدية فقط ، بل يجب أن تكون المساجد منارات للاشعاع الفكري والاجتماعي
توفي ساجدا رحمه الله بعد أن رأى في منامه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يقول له ( سلم على عمر ) رضي الله عنه .
وشردت عن الخاطرة وتذكرت من فقد نعمة البصر ، العميان و كيف كانوا يعيشون في ظلام دامس
وأولهم عبد الله بن مكتوم الذي خلده القرآن الكريم فقال تعالى ( عبسى وتولى أن جاءه الأعمى )
وكان منهم جدي مصطفى الخضر
ومنهم مستشار الخليفة عمر بن الخطاب ، فاروق الأمة ، أمير المؤمنين ، المبشر من رسول الله عليه السلام بالجنة ، العدو الأول لدولة الفرس المعاصرة إيران ، فهو رضي الله عنه اختار القادة العظام الذين أسقطوا دولة الفرس ومرغوا علمها بالتراب ، منهم سعد بن أبي وقاص والعلاء الحضرمي .
وأسقط رضي الله عنه دولة الرومان بقادته العظام أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد سيف الله المسلمول رضي الله عنهم ، الذي كسرت بيده المباركة سيوف وسيوف ، ومات ودفن في حمص ، وقال كلمته المشهورة ( ها أنا أموت على فراشي وليس في بدني موضع شبر إلا وبه طعنة رمح أو ضربة سيف )
وللتاريخ نقول : إن قبره أحرق في حمص ! أحرقه البغاة الحاقدون على هذه الأمة المحمدية
وهذه الآية مهداة إلى المجرمين ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا )
مستشار أمير المومنين عمر هو الشاب العظيم عبد الله بن عباس ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام ، ترجمان القرآن ، كان يلقبه الفاروق عمر بفتى الكهول ، وكان إذا رأه قال : ذاكم كهل الفتيان ، عمي رضي الله عنه آخر حياته ، واختار الطائف سكنا له ، فقال :
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما
ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل
وفي فمي صارم كالسيف مآثور
روى ألفا وست مئة وستين حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مات عام ٦٨ من الهجرة الشريفة رضي الله عنه وعن ابيه العباس ساقي الحرمين .
ومنهم رهين المحبسين الشاعر المعري وكأنه الذي عناه المتنبي بقوله
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
رحم الله فارس المنابر الشيخ عبد الحميد كشك فهو آية من آيات الله في الذكاء والخطابة ، أشرطته الكاسيت ملأت العالم الإسلامي :
فكم من ضرير مبصر متوهج
يعطي ويعطي والمدى وهاب
وترى ألوف المبصرين بلا هدى
لكأنما فوق العيون حجاب
اللهم متعنا بآسماعنا وأبصارنا وقوتنا ماأحييتنا ، واجعله الوارث منا ، وارزقنا نعمة البصيرة المنيرة ، والهدي المستقيم .
ارحم شهداءنا ، اسكنهم فسيح الجنان ، انك سميع مجيب .
وفرجك ياقدير
وسوم: العدد 708