الشهيد فراس برازي
ليس غريباً ولا جديداً على مدينة أم الفداء، أن تخرج العظماء والأبطال والعلماء، فقد تخرج في جنباتها رجال الفكر، ورجال الحرب، ورجال العقيدة، والدعاة والمخلصون والفقهاء..
شهيدنا فراس بطل سورية في كمال الأجسام لخمسة أعوام متتالية من 1977–1981وبطل العالم الثالث في دورة لندن لكمال الأجسام عام 1979م.
ولد فراس في منطقة البرازية في أسرة معروفة لدى أهالي حماة جميعاً وذلك عام 1947م.
نشأ نشأة رياضية، وزاول مختلف الأنشطة الرياضية مذ كان يافعاً على مقاعد الدراسة، وبعد مأساة حماة في شباط 1982م، قرر البطل فراس السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاشتراك في بطولة العالم المقبلة وحصل على تأشيرة من سفارتها في الأردن..
لكنه وهو المؤمن الطيب الوفي أصر على أن يقصد بيروت من أجل زيارة والديه قبل سفره، وانتهت مدة التأشيرة، فعاد إلى السفارة الأمريكية في بيروت لتجديدها فكان على موعد مع القدر، فكان مصيره في انتظاره فقد فجرت السفارة وكان فيها فاستشهد في 18/4/1983م.
كان فراس قد ترك ناديه لكمال الأجسام في مدينة حماة وهو المدرب الأوحد فيه، ترك ناديه وهو مثقل بالحزن لاستشهاد واعتقال كثير من تلاميذه رواد النادي والتدريب، الذين سهر الليالي على تنشئتهم جسدياً بدأب ومحبة وأمل.. فما كان من السلطة إلا أن هدمت هذا البيت الرياضي، كي لا يبقى في حماة بناء بلا هدم أو تخريب، بعدها بدأ فراس رحلة لم تطل في دنيا الله الواسعة..
كان رحمه الله قوي البنية لكنه كان رقيق القلب متواضعاً لإخوانه، رحيماً بهم تأبى عليه نفسه أن يمازحهم أو يصارعهم جسدياً حتى لا يؤذي أحداً منهم، وهكذا جمع بين القوة والشهرة مع الرحمة والتواضع، وقل من يجمع بين هذه الصفات بين الناس.
ولأن قلبه كان ينبئه، وقلب المؤمن دليله، بأنه والقدر على موعد، فقد حج إلى بيت الله الحرام في العام الذي سبق استشهاده والذين التقوا فراس في موسم الحج لاحظوا اهتمامه بسورة آل عمران إذ كان يرددها باستمرار، لا سيما قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون).
وكم كان يرتاح بترديد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات غريباً مات شهيداً). ولم يخيب الله رجاء فراس فمنحه شهادة مضاعفة..
أما شقيقه تمام الصحفي المعروف فقد وجدناه يذرف في رثائه دمعة ويقول:
يا آخر الأبطال
يا أقوى الرجال
اغمض عيني على أشلائك
وفي صدري بركان من الوجع
لم يبق منك إلا يداك
باليمنى تعلن الشهادة، وباليسرى تحتضن التراب
يا أبا علي
أنت الطاهر رحلت
ونحن باقون في الحضيض
هنيئاً لك لأنك سبقت
فالركام فوقنا وتحتنا الجبال
ولا وطن
يا أخي ليس عجباً أنك سقطت
فالعاصفة لا تضرب إلا القمم
رحم الله فقيدنا أبا علي، وألهم ذويه الصبر والسلوان
وعهداً إليك فراس أننا على الدرب ماضون ولو كره المجرمون
عهداً عليك فنحن الأباة الذين تعلمنا منك أن المسلم يجب أن يكون الأول في كل مضمار لأن هذا من ديننا وصميم عقيدتنا
عهداً قطعناه فلن نسكت على ضيم، وسنجرع الظالمين الغصص تلو الغصص حتى ينصاعوا لشرع الله صاغرين.
ولتنعم بصحبة الأحبة من إخوانك الذين سبقوك إلى جنان الخلد.
وسوم: العدد 713