القارىء الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوي
الشيخ الجليل محمد عبد الوهاب الطنطاوي من مواليد 3 أكتوبر عام 1947بقرية النسيمية مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية وحفظ القرآن الكريم قبل بلوغه سن العاشرة وكانت هذه هي أمنية والده المرحوم الحاج عبد الوهاب الطنطاوي, الذي وهب هذا الابن للقرآن ولذلك أسماه محمداً . لما مرض الطفل محمد وهو ابن الثانية ذهب به أبوه إلى أحد الأطباء المشهورين بمدينة المنصورة فسأله الطبيب عن اسم الابن فقال الحاج عبد الوهاب : اسمه محمد عبد الوهاب وخير الأسماء ما حمّد وما عبّد ويكفي أن اسمه ( محمد ) تيمناً وتبركاً بسيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم . عندما بلغ الطفل محمد السابعة من عمره ألحقه أبوه بالصف الأول الإبتدائي بقريته النسيمية مركز المنصورة حتى يكون في صفوف المتعلمين المثقفين أصحاب الوظائف المرموقة في مجتمع ريفي يفخر بأبنائه ويعتز بهم وخاصة إذا كانوا رجال دين وأهل قرآن .
أقبل محمد عبد الوهاب على حفظ القرآن بكل جوارحه وما وهبه الله من ذكاء وهدوء وتواضع ومقومات مكنته من كتاب الله عز وجل وأحب القرآن وأقبل عليه فاقترب القرآن منه وضمه إليه بحنان فاحتضن المصحف وقربه من قلبه وروحه فاصطفاه الله وأورثه كتابه.
بعد حصوله على الشهادة الابتدائية بتفوق عام 1959 التحق بالمعهد الديني بمدينة المنصورة ليتلقى العلوم الدينية ليكون من رجال الأزهر الشريف ولأنه من حفظة القرآن استطاع أن يستوعب المنهج الدراسي بسهولة واقتدار فاهتم به شيوخه والمدرسون اهتماماً ملحوظاً دون زملائه لأنه يتمتع بمواهب متعددة ظهرت من خلال رغبته القوية في تلاوة القرآن بصوت عذب جميل, وتقديم الابتهالات والمدائح النبوية والقصائد الدينية. عندما علم أحد الشيوخ بالمعهد بكل هذه القدرات والإمكانات لدى الطالب الموهوب محمد عبد الوهاب الطنطاوي فأولاه رعاية واهتماماً خاصاً ونصحه بأن يستغل هذا كله في شيء واحد وهو تلاوة القرآن الكريم حتى يستثمر المواهب المتعددة والتي من المتوقع أن تؤهله ليكون قارئاً مشهوراً ونجماً ساطعاً في عالم القراء لأنه يتمتع بعدة مزايا منها جمال الصوت وقوة الأداء وشدة الالتزام بأحكام التلاوة والتجويد المتقن بالإضافة إلى التواضع الجم وحسن المظهر والاعتزاز بالنفس والتخلق بخلق القرآن والثقافة العالية والوقار المستمد من جلال القرآن الكريم .
في الفترة من 1975 إلى 1985 قبل التحاقه بالإذاعة لقب الشيخ الطنطاوي بعدة ألقاب من جمهوره المتيم به منها : القارء العالم وكروان الدقهلية وفي فترة وجيزة لا تزيد على العشر سنوات أصبح اسم الشيخ محمد عبد الوهاب على كل لسان ودخلت تسجيلاته كل بيت وكل السيارات ومعظم المحال التجارية فكان ذلك سبباً في تثبيت اسمه في ذاكرة الملايين من الناس .
لم يتوان في التقدم لإذاعة وسط الدلتا ليلتحق بها كقارىء عام 1985وبعد اعتماده بإذاعة وسط الدلتا بعام واحد تم اعتماده كقارىء بإذاعات جمهورية مصر العربية بدأ قارئاًَ قراءات قصيرة لمدة لا تتعدى ستة أشهر بعدها اعتمد قارئاً للقراءات الطويلة والإذاعات الخارجية نظراً لكفاءته وجماهيريته وإمكاناته التي أشاد بها كل من استمع إليه من المتخصصين وغير المتخصصين.
لم يستمع أحد إلى الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوي عبر الإذاعة إلا وسأل عنه باستفاضة وشوق ولهفة إلى رؤياه لما لصوته من جاذبية ووقار وما عليه من حلاوة وما به من دفء وعذوبة وكانت الإذاعة سبباً قوياً في انتشاره محلياً وعالمياً مما جعل الكثير من الدول ترسل إليه الدعوات لإحياء شهر رمضان بها .
يعد الشيخ الطنطاوي من القراء القلائل الذين امتازوا بخاصية لم ولن تتوفر لكثير من القراء وهى شهادة أكثر من 95 % من قراء مصر الإذاعيين وغير الإذاعيين له بشدة التزامه في التلاوة من حيث الأحكام والتجويد بالإضافة إلى الأداء المميز الفريد الذي يؤهله لأن يكون ضمن أجود عشرة قراء على الساحة خلال هذه الفترة بشهادة كثير من المستمعين.
سافر القارىء الشيخ محمد عبد الوهاب الطنطاوي إلى كثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية على مدى عشر سنوات متتالية ولم يدخر جهداً في الذهاب إلى المسلمين أينما كانوا فقرأ القرآن بمعظم المراكز الإسلامية في كثير من دول العالم .
سافر إلى هولندا أكثر من مرة وقرأ بالمركز الإسلامي هناك بين حشود وجماهير غفيرة من أبناء الجاليات الإسلامية من شتى بقاع الدنيا وقرأ القرآن بالمركز الإسلامي بواشنطن ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية وسافر إلى كندا والبرازيل والأرجنتين النمسا وألمانيا واليابان ودول الخليج العربي ومن المواقف التي لا ينساها خلال رحلاته أنه عندما أرسلته وزارة الأوقاف إلى كينيا عام 1990 كان مقرراً أن يقرأ في كل المحافظات الرئيسية الأربع لمدة أسبوع في كل محافظة بدأت بالعاصمة نيروبي فلما علم المسلمون بأنه واعظ تمسكوا به وطلبوا منه أن يقدم لهم درساً بعد القراءة وأن يقوم بأداء خطبة الجمعة كل أسبوع فقال لهم إنه مبعوث لتلاوة القرآن فقط فقال له بعضهم : ولكنها نعمة أنعم الله بها عليك أن تكون قارئاً وعالماً في آن واحد فأثرت هذه العبارة في نفسه ودفعته بقوة لأن يكون حريصاً على أن يضع في اعتباره أن القارىء خير سفير لبلده ودينه في كل الدنيا.
توفى يوم الأربعاء 26 يوليو 2017 القارىء الشيخ محمد عبد الوهّاب الطنطاوي وتوارى جثمانه بين ثرى مقابر الأسرة في قرية النسيمية بمحافظة الدقهلية .
وسوم: العدد 731