الأستاذ الدكتور عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني

الداعية الأديب المفكر

(1931- 2008م )

clip_image001_b22d0.jpg

هو الدكتور عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني داعية إسلامي مصري معاصر، قدم إضافات ثمينة إلى المكتبة العربية في مجال تخصصه الأصلي، وهو البلاغة العربية.

مولده ونشأته :

والدكتور عبد العظيم بن إبراهيم بن محمد المطعني من مواليد مايو 1931 من القرن العشرين الميلادي بجزيرة المنصورية  ، مركز كوم أمبو التابعة لمحافظة أسوان في جمهورية مصر العربية .

نشأ مع إخوته يفلحون الأرض مع أبيهم في بداية حياته .

دراسته ومراحل تعليمه :

ولما شبّ الطفل عبد العظيم المطعني  عن الطوق، وتعلم بالكتّاب مبادئ القراءة والكتابة فلما فتح التعليم النظامي فى أواخر العهد الملكي، التحق بالمدرسة التي أنشئت في قريته، فقضى فيها سنتين كان خلالهما كثير الاطلاع والقراءة من مكتب أخيه أحمد حيث كان مهتما بالثقافة الإسلامية، فكانت لدية بعض كتب في الفقه والتفسير ومجلات أسبوعية انكبّ د. عبد العظيم المطعنى على قراءتها، فأحب المعارف الإسلامية من خلالها، وفى تلك الأثناء كان التأثر بوعاظ الأزهر الذين يفدون للقرية فاهتموا به ، وأحبوه كثيراً، وأشار عليه أحدهم ، وهو الشيخ نعمان رجب شطة بأن يلتحق بمعاهد الأزهر الابتدائية؛ ليروي غليله من فيضه الدفاق أحضر الشيخ نعمان استمارة التحاق بالسنة الأولى بمعهد القاهرة الابتدائي عام 1951 ليملأها عبد العظيم المطعني، ويبعث به إلى المعهد، لم يوفق لدخول المعهد ، وبدأ الدراسة عن طريق جلسات الاستماع التي يقيمها العلماء، ولكنهم لا يمتحنون من يستمع إليهم؛ فهي دراسة حرة، مما هيَّأ الطالب أكثر للدراسة والاستيعاب .

وفى العام التالي أدى عبد العظيم المطعني اعتماد القبول في معهد القاهرة الأزهري النظامي بتفوق، وانطلق في سبل العلم غير مكترث بما يكتنفها من عقبات، ذو شغف بالتعلم قل نظيره، وحصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وكان في كل عام ينجح بتفوق ملحوظ، ثم التحق بمعهد القاهرة الثانوي وكانت مدة الدراسة فيه خمس سنوات متواصلة ، وتخرج منه في بداية الستينيات.

دراسته في جامعة الأزهر:

وفي عام 1962 التحق بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر شعبة اللغويات، وتخرج فيه عام 1966 بتقدير جيد في اللغة العربية وآدابها، والتحق بالدراسات العليا في الكلية قسم البلاغة والنقد قدم فيها بحثاً للحصول على درجة التخصص الماجستير وكانت بعنوان "سحر البيان في مجازات القرآن" ، وحصل على الماجستير بتقدير ممتاز، ثم التحق بقسم العالمية يمثل درجة الدكتوراه عام 1986 م ، وكان موضوعها "خصائص التعبير في القرآن الكريم.. سماته البلاغية" ، وقد نجح فيه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأول عام..

في عام 1974 عين مدرساً في كلية اللغة العربية بالأزهر، وفى عام 1981 حصل على درجة أستاذ مساعد، وفى عام 1981 حصل د. عبد العظيم المطعني على درجة الأستاذية .

بعد ذلك بدأ العمل في جريدة الأهرام ثم الإعداد للدراسات العليا والحصول على الماجستير عام 1968م، ثم الدكتوراه عام 1974م، والتي عنوانها خصائص التعبير القرآني. ومنذ ذلك التاريخ قدم استقالته بالأهرام وعمل بالتدريس بالجامعة ليؤدي مهمته العلمية.

ـ الوظائف والأعمال التي قام بها :

- مدرس بالتعليم الأجنبي الخاص في مصر (معهد نوتردام ديزا بوتر) ثماني سنوات 1967 إلى 1974م

- محرر بجريدة الأهرام لمدة ثماني سنوات من 1966م - إلى 1974م

- عضو نقابة الصحفيين المصريين من عام 1969م حتى 2008م

- عضو مجلس تحرير مجلة الدعوة بمصر من عام 1975م إلى 1981م

- عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ( لجنة التعريف بالإسلام) لمدة ثماني سنوات من 1985 – 1993م .

-عضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ( اللجنة العليا ) للتخطيط للموسوعات الإسلامية التي يصدرها المجلس والكتابة فيها من عام1977م - حتى 2008م .

- مستشار تحرير صحيفة "خيرُ زاد" التي تصدر شهرية في مصر من 2004م -حتى 2008م .

-مستشار تعليمي لمدير جامعة أم القرى لمدة ثلاث سنوات (من 1413هـ إلى 1416هـ) .

-عضو اللجان الدائمة لترقية المدرسين إلى درجة أستاذ مساعد وترقية الأساتذة المساعدين إلى أساتذة في تخصص البلاغة والنقد في جامعة الأزهر، حتى 2008 م

-رئيس مجلس إدارة جمعية أبناء المنصورية الخيرية لتنمية المجتمع (القاهرة الكبرى) من عام 1980م – حتى عام ـ2008م .

-عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه العلامة يوسف القرضاوي .

-مفتي لمجلة "كل الناس" السعودية التي تطبع في لبنان وتحرر في مصر، وتوزع في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي من عام 1997م - حتى 2008 م .

-أستاذ الدراسات العربية العليا في جامعة الأزهر .

-عضو الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة بمصر من عام 1975م حتى عام 1980م ، ولم يصرفْهُ ذلك كله عن علمه وتواضعِهِ وزهدِهِ.

أسفاره ورحلاته :

عقب تخرّجه عمل بالصحافة في جريدة "الأهرام" ثم ترك الصحافة، وعُيِّن مدرساً بكلية اللغة العربية ، ثم "أستاذاً مساعداً" ثم "أستاذاً".. وفي أثناء ذلك تمّت إعارته إلى "جامعة الملك عبد العزيز" بالمملكة العربية السعودية، ثم "جامعة أم القرى" وعمل مستشاراً علمياً لمدير جامعة أم القرى، وعمل أيضاً أستاذاً زائراً بجامعة البحرين، ثم عاد مرة أخرى إلى جامعة الأزهر بالقاهرة .. ليقوم بالتدريس في قسم الدراسات العليا بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر .

جهاده بالكلمة :

لن أتحدث في هذه العُجالة عن الجهود العلمية للدكتور المطعني، فهذا يحتاج إلى دراسة واسعةٌ تجلي جوانب متعددة، فهو شخصيةٌ ثرية موسوعيه وحسبي الإشارة إلي أنه كان كاتبًا مجاهدًا، ولسانًا صادقًا، وداعيةً مثابرًا، وجنديًّا من جنود الدعوة الإسلامية في هذا العصر جعل قلمه وقفًا لله تعالى، يضرب به يمنة ويسرة, فيأتي بما يشرح صدور المؤمنين, ويكبت، ويكسر كل شرير متربص بالدين لقد نزر نفسه لله تعالي وعاش يمثِّل حصنًا حصينًا؛ تتكسر عليه كل السهام الموجَّهة إلى الإسلام الحنيف كتابًا وسنة وتراثًا دينيًّا وأدبيًّا، فنقض الشبهات التي صبها المستشرقون علي الإسلام ، وفند الاتهامات الغليظة المجحفة التي يقذف بها المرجفون . وكان صاعقة مدوية في وجه كل من يريد تحطيم التراث العربي الإسلامي وقد كان  يملك استشعارا قويا, وحساسية مرهفة لكل ما يمس المقدسات , كأنه موكل بأعداء الإسلام يصدهم وينقض دعاواهم وافتراءاتهم وهو في هذا التصدي يمتح من ثقافة واسعة المدى, بعيدة الأعماق متنوعة الاتجاهات والطوابع, منها القديم, ومنها الحديث.

حقاً لقد " قضى عمره في خدمة البيان العربي، والدفاع عن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة" كان قلمه مجاهداً ولسانه مجاهداً خطب على منابر الجوامع وقف مناضلاً عن كلمة الحق كتب للصحافة والإعلام مقالات تذب عن الإسلام وأهل الإسلام، وتذود عن العربية وعلومها، شارك بجهده في تقديم البرامج العلمية والمحاضرات المتخصصة لعدد من القنوات الفضائية :

مسارات جهاده العلمي والدعوي ما يلي :

1ـ المشاركة في الندوات والمؤتمرات حول القضايا الإسلامية .

2ـ الاشتباك مع أعداء الفكر الإسلامي من العلمانيين وغيرهم من أصحاب الملل الأخرى

3-مواجهة شبهات المشككين ببيان حقائق الإسلام المشرقة المنيرة

4- الفتاوى المشتبكة مع ثوابت الأمة.

5- التدريس الجامعي والإشراف العلمي .

6- التأليف المتخصص في البلاغة .

ومن مواقفه الجهادية:

ويمكن تلخيص نشاطه الدعوي في  :

* المشاركة في الندوات والمؤتمرات حول القضايا الإسلامية.

* الاشتباك مع أعداء الفكر الإسلامي من العلمانيين وغيرهم.

* مواجهة شبهات المشككين سواء من العرب أو من المستشرقين، وقد أثخنت كتاباته هؤلاء الطاعنين.

* الفتاوى

* التدريس الجامعي والاشراف العلمي

* التأليف المتخصص في البلاغة

* كتابه الجامع في دفع الشبهات المثارة حول السنة النبوية،

* كتابه الإسلام في مواجهة الأيديولوجيات المعاصرة،

* إضافة إلى كتبه عن بلاغة القرآن والمجاز في القرآن.

وقدم دفاعاتٍ مجيدةً عن الثقافة العربية الأصيلة، من خلال كتاباته المتنوعة في صحف مصرية وعربية عديدة، منها: (الأهرام) و(المساء) و(النور) و(الدعوة) و(آفاق عربية) و(اللواء الإسلامي) و(عقيدتي).

ثناء العلماء عليه :

كما خاض الشيخ معارك كثيرة مع العلمانيين والشيوعيين، وكان جريئاً يصدع بالحق، ويحطم الأغلال، ولا يبالي على مَن يقع معولُه.

-قال د. عبد ا لستار فتح الله سعيد الأستاذ بجامعة الأزهر، وأم القرى سابقاً : (( إن د. عبد العظيم المطعني كان سباقاً في تأكيد حقائق الإسلام والدفاع عن أصوله وفروعه ورد الشبهات التي يلوكها أغرار الفكر والثقافة وأدعياء المعرفة الذين يخوضون في جلال الإسلام بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير وأضاف أن د. المطعني كان يرد علي المستشرقين وتلاميذهم بالحجة والبرهان وشرع قلمه للبيان والتعليم فأقام الله به حجة الإسلام التي ظل طوال حياته مكافحاً عنها بالقلم واللسان والمقالات والمحاضرات ( وهي شهادةٌ ضخمةٌ من الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد -حفظه الله- ) .

-ويقول الدكتور محمد المسير: (( كانت له مواقف مشهودة في الدعوة إلى الله ، فكتب كثيراً في الرد على المستشرقين وبخاصة بوش الجد الذي له كتاب يقدح في سيدنا محمد ، فأصدر د. المطعني كتاباً للرد عليه وكم أسكت من ألسنة حداد ))  - ويقول الأستاذ جمال سلطان :(كان الرجل جريئاً في تصديه للأفكار والمشروعات والقوانين التي يرى أنها تمثل خطورة على مستقبل الأمة، أو أنها تمثل طعناً في ثوابت الدين، مهما كانت العواقب، ومهما كان أصحاب المشروع المقدم نفوذا وهيمنة، وقد تصدى في هذا المجال ـ لقوانين المرأة وقوانين الطفل ..... وفندها بقوة وهاجمها بضراوة في أكثر من صحيفة وأكثر من موقع، وكان نقده لهذه المشروعات يمثل النقد الأكثر شمولاً وأهمية وتأثيراً، لأنه لا يدخل من الباب الشرعي وحده، بل يمزجه بخبرة التاريخ وتطورات رحلة التآمر على الأسرة المسلمة من قوى أجنبية عديدة ) .

-ويقول الأستاذ محمود القاعود" أخبرني  أنه طلب من شنودة الثالث أن يناظره حول عصمة الكتاب المقدس ، وهل هو وحى من الله أم من تأليف البشر .. لكن شنودة ... أبى، واستكبر، فأخبره الدكتور المطعني أن ذنب النصارى في رقبته لأنه أضلهم، وهو يعرف الحق" لقد كان الدكتور المطعني شجاعاً لا يهاب إلا الله، وقد أعجبه شجاعة الشيخ محمد الغزالي،  فكتب يقول:

"الغزالي في كلمات هو الرجل الموقف فإذا كان هناك من العلماء من لايترك بعد وفاته إلا كتبا ومؤلفات فإن الغزالي قد ترك من ذلك الكثير، وخلف فوقه مواقف لا تنسى تجعله في الذروة من القمم الإسلامية الشامخة على مر العصور ولن أنسى له معارضته لقانون الأحوال الشخصية في عهد السادات يوم أن قاد مسيرة تاريخية من أبناء الأزهر إلى مقر رئاسة الجمهورية ترفض القانون وتندد به ليحيي بذلك سنة لعلماء الأزهر كادت أن تموت كما أذكر له يوم أن دعا جمال عبد الناصر إلى مؤتمر تحضيري لوضع الدستور الدائم للبلاد وقد كان الوحيد الذي جهر بصوت عال داعياً إلى أن يصدر الدستور عن المنهج الإلهي الذي أنزله الله في القرآن والسنة وهو ما أحدث دويا في الداخل والخارج وألب عليه العلمانيين واللادينين

فوجهوا إليه سهام النقد الوضيع، وتندروا به في رسوم الكاريكاتير البذيئة المبتذلة

مثل الغزالي لا ينسى فهو شمس سطعت في سماء الإسلام  .

حقاً لقد كان المطعني صاعقة مدوية في وجه كل من يريد تحطيم التراث الإسلامي. واقفاً بالمرصاد لكل من يتطاول بعنقه للنيل منه يدفعه لذلك حبه لدينه وحرصه علي نصرته والذود عنه . فما من حدث أو قضيه من قضايا الأمة الكبرى إلا لبَّاه، بقلمه يسطر مقالات، وبلسانه يلقِي كلمات في المؤتمرات والملتقيات والتجمعات هنا وهناك، لا يتأخر عن دعوة يُدعى إليها تخصُّ الهمَّ الإسلامي، بالرغم من ظروفه الصحية ، وهكذا يجب أن تكون رسالة العالم الداعية في الحياة ولقد دفع الدكتور عبد العظيم المطعني الثمن الذي يدفعه العلماء المجاهدون الأحرار لأنه لم يقف بدراساته عند حدود "النظر والنظريات" وإنما حمل علمه إلى ميادين الحياة ..

أقوال معاصريه :

هناك علماء شجعان يسيرون وراء الدليل، وليس خلف فلان أو علان، وينظرون إلى ما قيل، لا إلى من قال، ويتحلون بالشجاعة العلمية الأدبية في اختيار الرأي الذي يقتنعون بصحته وإعلانه للناس ولا يبالون غضب الحكام والسلاطين ولا يراعون رضا العوام والجماهير.

ومن هؤلاء الدكتور المطعني، وقد شهد الدكتور محمد عمارة للشيخ بأنه كان حراً في إبداء آرائه مستقلاً في تفكيره عن رغبات الحكام فقال "من خلال متابعاتي للحركة الفكرية والثقافة في بلادنا كانت عيني على أصحاب الرأي الحر والموقف المستقل عن السلطة والسلطان وعن إغراءات الزخرف البراق في المجتمع الذي نعيش فيه، كانت عيني مشدودة وقلبي معلقا بأصحاب الاستقلال الفكري والمواقف الحرة بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في الآراء والاجتهادات ذلك أن هذا الصنف من العلماء والمفكرين قد أصبح عملة نادرة في العصر الذي نعيش فيه عصر إغراءات الزخارف التي تخطف الأبصار وتعمي البصائر وتغلق القلوب .. وفي هذا السياق لفت نظري الدكتور المطعني عليه رحمة الله .

وأكد د. شعبان إسماعيل علي أن الدكتور المطعني كان يمتلك شجاعة ورجولة في المواقف التي تحتاج إلي عالم شجاع لا يخشي إلا الله )) .

كما شهد الدكتور جابر قميحة بأنه عاش للدين والدعوة والأمة وأن حياته كانت لله فلم ينحني لطاغية ولم يقبل علي الدنيا ولم تبهره الأضواء، وهزا سر إغفال وسائل الإعلام له فقال بعد وفاته : " في قرابة شهر فقد الإسلام والأمة الإسلامية والعربية ثلاثةً من فرسان الحق؛ هم: دكتور عبد الوهاب المسيري ، والشيخ حسن أيوب وأخيرًا الدكتور عبد العظيم المطعني، وحق أن يقال فيهم ما قاله أبو تمام في ثلاثة إخوة من بني حميد الطوسي، سقطوا شهداء في ميدان الوغى  :

لعمرك ما كانوا ثلاثة إخوة      ولكنهم كانوا ثلاث قبائل

وندر في الرجال من يعيش كأنه أمة شامخة مهيبة، رفيعة الرأس وكم من أمم لا تساوي الواحدة منها ظل رجل واحد، إنها تلك التي سماها الشاعر خليل مطران: "أمم الزوال" .

ولأن ثلاثي الحق الذي عاش يتيمًا بأرض ضُيِّعت فيها اليتامى.. لم يقبلوا بساط الطاغية, ولم ينحنوا لهيبته الزائفة، ولأنهم عاشوا لله في صلاتهم ونسكهم, ومحياهم ومماتهم، ولأنهم عاشوا طيلة حياتهم للدين والأمة، لا كالذين عاشوا حياتهم بـ"الدين والأمة".. بكل أولئك أغفلتهم وسائل الإعلام، بينما اتسعت للممثلين والمهرِّجين والطبالين والزمَّارين؛ لذلك استحق كل عملاق من هذه القمم الثلاث أن أقول فيه

وما شيَّعوك إلى حيث تمضي      زكيًّا طهورًا لمثوى أخير

وأبطال إعلامهم أغفلوك         لراقصة  ما لها من نظير

ولهو وطبل وفن رخيص         وصوت مغنٍّ رقيع غرير

لأنك ما عشت باسم الأمير   وزيف الأمير بسِرْك الأمير

وحقرت من مجَّدوا عرشه      بكل نفاق خسيس حقير

نعم إن مما يؤسَف له أن ميزانَ الأولويات غدا مضطربًا في أمتنا، فالمُقَدَّم اليوم هم لاعبو الكرة والفنانون وأضرابهم، أما العلماء والفقهاء والدعاة والمفكِّرون فيعيشون مغمورين حقوقهم مبخوسة، وجهودهم مجهولة، وسيرهم مطمورة، لا يعرفهم إلا أهل التخصُّص، والمؤسِف أننا نظلمهم أيضاً بعد وفاتهم فلاعبُ الكرة إذا أحرزَ هدفًا أو اعتزل ، والمطربة إذا أقامت حفلاً أو ماتت، انقلبت الدنيا ودوت وسائل الإعلام أيامًا، أما إذا قدَّم العالم كتابًا، أو أبدع الأديب في شعرٍ، أو قدَّم المفكِّر مشروعًا نهضويًّا، أو وافت أحدَهم المنيةُ، فلاتحسُّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزً والحق أن ذهابَ العلماء الراسخين والدعاة الثقات الربانيين أمرٌ محزن؛ فهو مؤذن بقبض العلم وخراب الدنيا، والذي يحزن أكثر أن يعيش هؤلاء والأضواءُ بعيدةٌ عنهم، مشغولة بغيرهم، ويموتون في صمتٍ دون اهتمام بهم أو إكبار لهم، لكنَّ حسبَهم أن جزاءَهم مكفولٌ عند مَنْ لا يظلم مثقال ذرة .

علمه وثقافته :

لقد تجلت في شخصية الدكتور المطعني تلك الظاهرة الموسوعية فقد كتب في شتي العلوم والمعارف وترك كتبا متميزة في تشهد بعلو كعبه وتمكنه من العلم والثقافة فهو كاتب وأديب ومؤلف وخطيب وصحافي بارع ومدرس قدير . يقول الدكتور جابر قميحة عنه " كان  ذا عقلية موسوعية، جمعت وأوعت، واتسعت لرصيد ضخم من الفقه والسنة والتاريخ ولم تكن هذه الموسوعية الممتدة المترامية المدى.. لم تكن على حساب تعميق الموضوعات التي تمثل محتواها, حتى يظن أنها مجرد تعدد في المعارف كما هو معروف مشهور في المقولة المشهورة: "العالم من يعرف كل شيء عن شيء واحد، ويعرف شيئًا واحدًا عن كل شيء فهذه المقولة لا تصدق عليه؛ لأنه "كان يعرف كل شيء عن كل شيء، وتقرأ ما كتبه في السنة، فيُخيَّل إليك أنه تخصَّص فيها دون غيرها، ويقال ذلك عن كل علم من العلوم؛ كالفقه والتاريخ والنقد الأدبي؛ فكتابه عن (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ يُعدُّ أوفى وأعمق ما كُتب عن هذا العمل، وهو حكمٌ لم ألقِه على عواهنه بل سقته بعد أن قرأت الرواية (طبعة باريس)، وقرأت ما كُتب عنها من مقالات وكتب؛ أهمها كتابا الشيخ عبد الحميد كشك, والأستاذ محمد جلال كشك, رحمهما الله" .

ويقول الدكتور محمد المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر “كان فارسا من فرسان الدعوة الإسلامية واللغة العربية، وجاهد كثيرا بعلمه وكلمته في هذين المجالين، وكان يشار إليه بالبنان ويرجع إليه في معضلات اللغة وخفاياها.

ويقول الأستاذ جمال سلطان عن علمه وثقافته " كان موسوعيا بمعنى الكلمة في معرفته بتراث الإسلام واللغة والأدب والفقه والتفسير والتاريخ "  

كما يقول د. مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر: “جمع بين العلوم العربية التي تخصص فيها وبين الأمل المرجو منها وهو فقه الإسلام، وبدأ مصححاً للغة العربية في الصحف فزان صحائفها وصفحاتها، وانتهى للتدريس في الجامعة فكان شيخ شيوخها”.

ويشهد الدكتور محمد عبد الحليم عمر أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر الشريف ومدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر وقد جاوره خمس سنوات

"لقد شَرُفت بمصاحبة فضيلة الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني  لمدة خمس سنوات بمكة المكرمة؛ حيث كنت جاره في السكن، وكنت كل ليلة أسهر معه أغلب الليالي في منزله؛ حيث كان برنامجه بعد العودة من الجامعة الذهاب إلى الحرم المكي الشريف في صلاة المغرب والعشاء، ثم العودة إلى المنزل ليعيش مع العلم والتأليف حتى صلاة الفجر ، ومن غزارة علمه وسلامة منطقه وحسن تعبيراته أنه كان يستخدم القلم الرصاص؛ حيث يُعِدُّ عشرة أقلام ويحضِّر الورق ويضعه أمامه ويبدأ في الكتابة دون مطالعة كتاب أو مشاورة أحد مثل علماء السلف الأفذاذ، وشواهده من القرآن محفورة في صدره، ومن الحديث الشريف محفورة في ذاكرته، بل حتى أقوال العلماء كانت في ذاكرته؛ لا يخطئ فيها أبدًا " .

ويقول فضيلته " وله موقف مشهود في مكة المكرمة؛ ففي يوم وصوله إلى المملكة السعودية للتدريس فيها ذهب إلى الحرم المكي للصلاة، فوقعت أحداث الاعتداء على المصلين في الحرم من المدعو الجهني ورفاقه بالسلاح، واضطر إلى الاختباء في الحرم لمدة ثلاثة أيام؛ ألَّف خلالها كتابًا رائعًا سمَّاه "دماء على أستار الكعبة"؛ وصف فيها وقائع الاعتداء والحكم الشرعي عليه.

- ويقول الدكتور جمال أبو حسان "كان جبلاً في العلم وطوداً شامخاً في الذب عن الإسلام والمسلمين له عديد من الكتب النافعة ومن أحسنها كتابه العظيم "المجاز في القرآن بين المثبتين والمانعين " .

ويقول الدكتور عبد الرحمن معاضه الشهري "فقدنا بموته علماً من أعلام الدراسات البلاغية القرآنية، فله عدد كبير من المؤلفات البديعة والبحوث الماتعة .

أخلاقه وصفاته  :

كان الشيخ المطعني شخصية محبَّبة تنفذ إلى قلوب الآخرين وذلك لما يتمتَّع به من أخلاق حسنة وسمات حميدة، فهو عفُّ اللِّسان، كريم النَّفس، هادئ الطبع، ومن أخلاقه التي اشتهر بها وأهَّلته للاحترام والتَّقدير:

التَّواضع وخفض الجناح :

يقول الدكتور جابر قميحة عنه" كان مثالاً للتواضع الأصيل وللزهد النبيل؛ فما رأيته يزدهي مرةً واحدةً بما يعلم، وكان كذلك في مظهره وملبسه, حتى يخيَّل لمن لا يعرفه أنه يجالس رجلاً من عامة الناس، ونرى مَن عنده عُشْر مِعْشَار علم المطعني يكاد يتفجَّر غرورًا وخيلاءَ ، وتُسلَّط عليه الأضواء, وتُدبج فيه عبارات التمجيد والإحسان .

-ويقول د. محمد عبد الحليم عمر" أحسبه-  ولا أزكِّي على الله أحدًا- أنه من عباد الله المخلصين والعلماء العاملين، وأنه قد استعد للقاء ربه  بما أمر به سبحانه فعلى المستوى الشخصي كان إنسانًا متواضعًا إلى حدٍّ كبير، وأذكر أنني كنت ذات مرة في زيارةٍ له في منزله بحي الظاهر فوجدت من جلسائه بعض المهنيين والحرفيين من أبناء الحي؛ ارتفع بهم بعلمه الذي يذكره لهم إلى مصافِّ العلماء .

-وقد رثاه الدكتور طه أبو كريشة بأنه " قدوة حسنة طيبة في علاقاته الإنسانية التي كان يجملها التواضع الجمّ وبشاشة الوجه؛ حيث كان يصل إلى قلوب كل من يتصل به أو يتعامل معه من أقرب طريق، ومن هنا اكتسب المودة وهذه المنزلة العظيمة التي يحملها له كل من عرفه أو قرأ له أو استمع إليه .

-ويؤكد الدكتور عبد الشافي عبد اللطيف علي أنه كان" نموذجًا للعالم المتواضع مع زملائه وطلابه .

-وزكى د.مبروك عطية تواضعه فقال : عهدي به أنه كان روعة في التواضع ولا نزكي على الله أحدا"( )

-ويشهد الأستاذ جمال سلطان أنه "كان شديد التواضع، لا يحاول أن يبدو معك كعالم كبير أو شخصية ذات هيبة، إلا هيبة العلم والفكر وصفاء القلب، وكان من النوع الذي يخجلك بالفعل في تواضعه، كما كان هذا التواضع سمته في بيته ومسكنه وفي ملبسه وشأنه كله، ويقرر تلميذه الدكتور ظافر العمري تواضعه وأريحيته فيقول "كان يلتقي أبناءه الطلاب ليمنحهم تلك الابتسامة اللطيفة التي توحي بأريحية قل أن تجدها ويمنحك عطفاً أبوياً قبل أن تستمع إلى علمه الجليل ويدنيك من قلبه قبل أن يدنيك من مجلسه.

حقاً لقد كان الشيخ جم التواضع.... بسيطا في مظهره، قوي الإيمان بدعوته، جريئاً في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم0

سماحته ورحابة صدره :

يسوق الدكتور عبد المعطي بيومي برهاناً على رحابة صدره وتسامحه؛ فيقول:" اختلفنا في مسألة فيها اجتهاد، وأغراه البعض لرفع قضية ضدي، فلما التقينا وكان ذلك في مكتب رئيس الجامعة وبدأنا في التحاور، فتفهَّم موقفي بسرعة عندما علم الحقيقة وبادر بالاعتذار، وكلَّف محاميه في نفس اليوم بسحب الدعوى، فكان أوَّابًا للحق بخلاف من يتمادون في الخصومة .

صبره علي الابتلاء :

يقول الدكتور إبراهيم عوض "زرته عقب عودتي من الخارج بقليل أنا والصديق الصحفي الأستاذ مجدي عبد اللطيف، وهو من الذين يعرفون للرجل الكريم فضله وعلمه؛ فأكرمَنا الأستاذ الدكتور إكرامًا بالغًا، وأحضر لكل منا فيما أحضر قطعتين ضخمتين من الجاتوه، ورغم أن الجزء المزال من قدمه وقتها كان محدودًا جدًّا فقد كنت حريصًا بقدر إمكاني على ألا أنظر إلى قدمه حتى لا أتألم أكثر مما كنت متألمًا، ومع هذا كان الرجل من ناحيته، أكرمه الله وطيب مثواه، حريصًا على ألا يرى أحد من زوَّاره شيئًا من الابتلاء الذي وضعه الله فيه ، بل لم يتطرق إلى شيء مما كان يعانيه، وبدا جَلْدًا صبورًا كبيرَ النفس؛ كأن لا شيء هناك قط، وهو ما زادني له احترامًا على احترام، وأخذنا نضحك ونداعبه كما هي العادة، وهو يتجاوب معنا بكل عقله ووجدانه بما نعرفه عنه من رقة نفس ولين جانب وتواضع قلب" .

زهده في المناصب :

لم يكن الدكتور المطعني من الذين يأكلون الدنيا بالدين، ويجهدون أنفسهم ابتغاء رضا السلاطين بل كان حرا كريما زاهدا عما في أيديهم يقول الأستاذ جمال سلطان

"عاش الرجل ومات وهو بعيد تماما عن أي مغانم سلطوية، أبعدوه عن أي منصب أو مركز رغم أن بعض من تولى المناصب الكبيرة كان لا يرقى لمرتبة تلميذه، غير أن حضوره وقوة حجته وسلاسة بيانه وبلاغته وجاذبية منطقه جعلته مقصدا للعديد من الصحف والمجلات لاستكتابه في مصر والعالم العربي، وكذلك لإذاعة القرآن الكريم، حيث كانت له أحاديث غاية في الروعة واليسر والعمق معاً،  وكان الرجل زاهدا في تلكم المناصب بالفعل، ولم أشعر يوما التقيته فيه أن بداخله غصة من هذا الإبعاد، كان مشغولاً بالإنتاج الفكري، والكتابة، والعطاء، والاشتباك مع قضايا الواقع بهمة وحماسة من يرى أنه في ميدان، وأنه يجاهد بالفعل .

- يقول الدكتور محمد أبو ليلة "كان زاهداً ومقبلاً علي الله لا يخشي أحداً إلا الله -ويقول الدكتور مبروك عطية “عهدي به أنه لم يسع إلى شهرة، ولم يسابق في ركب الأضواء"

مؤلفاته :

أثرى الدكتور المطعني المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات فترك مكتبة عامرة بمؤلفاته التي عم نفعها في مجال الفكر الإسلامي، والفقه، واللغة، والبلاغة، ففي مجال البلاغة، وإعجاز القران الكريم صدر له عدة كتب منها :

1- خصائص التعبير في القرآن الكريم و سماته البلاغية

2- البديع من المعاني والألفاظ .

3- ساعة مع القرآن العظيم ( دراسة موجزة في أساليب القرآن البيانية ).

4- المجاز في اللغة و في القرآن الكريم بين مجوزيه و مانعيه ( بين الإجازة و المنع ) جزءان.

5- المجاز عند الإمام ابن تيمية و تلاميذه بين الإنكار و الإقرار.

6- دراسات جديدة في إعجاز القرآن ،مناهج تطبيقية في توظيف اللغة.

7- التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم.

8- افتراءات المستشرقين على الإسلام عرض و نقد.

9- الفقه الاجتهادي الإسلامي ، بين عبقرية السلف و مآخذ ناقديه.

10- سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله و العلاقات الإنسانية.

11- عقوبة الارتداد عن الدين بين أدلتها الشرعية و أوهام المرجفين .

12- أسباب زواج النبي صلى الله عليه و سلم بأمهات المؤمنين.

13- أوروبا في مواجهة الإسلام....الوسائل و الأهداف.

14- الشبهات الثلاثون المثارة ضد السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض.

15- أخطاء و أوهام في أضخم مشروع تعسفي لهدم السنة النبوية.

16- الحداثة، أو ظاهرة الغموض في الشعر العربي المعاصر.

17- مصادر الإبداع بين الأصالة و التزوير.

18- أبى آدم ، قصة الخليقة بين الخيال الجامح و التأويل المرفوض.

19- الرموز المستعارة لكبار أولاد الحارة.

20- لماذا لابد من دين الله لدنيا الناس.

21-المسيحيون و المسلمون في تلمود اليهود عجائب و غرائب.

22- علم الأسلوب في الدراسات الأدبية و النقدية.

23- الإسلام في مواجهة الأيديولوجيات المعاصرة.

24- الإسلام في مواجهة الاستشراق العالمي.

25- مواجهة صريحة بين الإسلام و خصومه.

26- الحكيم في حديثه مع الله، ومدرسة المتمردين على الشريعة.

27- مبادئ التعايش السلمي العالمي في الإسلام منهجا و سيرة.

28- جريمة العصر، قضية احتلال المسجد الحرام عام 1400 هجرية رواية شاهد عيان.

29- الهمزية في مدح خير البرية "رائعة الإمام البوصيري في المدائح النبوية "

30- من قضايا البلاغة و النقد -

31- التشبيه البليغ، هل يرقى إلى درجة المجاز

32- تدابير الأمن في الإسلام .

33- الفراغ و أزمة التدين عند الشباب المعاصر الداء و الدواء.

34- قراءات في كتاب أحمر، لينين زعلان من الشيوعيين.

35- 19 رسالة من الإمام الشهيد حسن البنا إلى الدعاة.

36- أدب الإسلام في الرياسة و السياسة.

37- التشبيه و التمثيل بين الخطيب و الإمام عبد القاهر الجرجاني

38- الوصايا العشر للإمام الشهيد حسن البنا

39- الجائز و الممنوع في الصيام .

40- مناسك الحج و العمرة في ضوء المذاهب الأربعة.

41- المرأة في عصر الرسالة .

42- الخطأ و الصواب في كتابات النجار عن التنمية في مصر.

43- الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر في مذهب أهل السنة و الجماعة .

44- العلمانية، حقيقتها وموقفها من العقيدة و الشريعة.

45- التبشير العالمي ضد الإسلام.

46- الرسالة المطعنية في الدفاع عن السنة النبوية-

47- من أسرار النظم في القرآن الكريم.

48- الشفاعة حق لا ريب فيه.

49- نقل الأعضاء البشرية بين الجواز والمنع.

50- ملاحظات موضوعية علي فتوى: إسلام المرأة دون زوجها و بقاؤها في عصمته.

51- علم البيان وعلم البديع "بلاغة 2".

52- علم المعاني "بلاغة 1".

53- محاسن الإسلام ومزاياه في تشريعات المرأة

54- محمد  في كتابات المستشرقين

55- قراءة فاحصة في "الإسلام عام 2000" للسفير الألماني مراد هوفمان

56-أسباب تراجع الأزهر

57- ما يقال عن الإسلام عبر الإنترنت

58- لطائف وأسرار الرسم العثماني للمصحف الشريف..

59-حقائق القرآن وأباطيل خصومه، 3 أجزاء .

والمطالع لقائمة كتب الدكتور عبد العظيم المطعني يرى بوضوحٍ اتساع الرقعة التي يتناولها بالبحث والدراسة من البلاغة والنقد والفكر الإسلامي .

الأبحاث :

 وبالإضافة إلي  هذه الكتب الكثيرة المميزة ، فقد كتب الدكتور عبد العظيم المطعني الكثير من المقالات التي خطها بيمينه في الصحف والمجلات في طول البلاد وعرضها داخل مصر وخارجها منها : الأهرام،  والمساء، والنور، والدعوة، وآفاق عربية، واللواء الإسلامي، وعقيدتي.. وغيرها كثير، ويمكن القول بأن المتابع لمقالاته يناله التعب لكثرتها ، واختلاف موضوعاتها فهذا الرجل كأن الله قد خلقه بألف عين, وظفها كلها لخدمة الإسلام والدفاع عن المسلمين .

خصائصه الفكرية من خلال كتاباته :

يقول الدكتور جابر قميحة:

•     "من أهم سماته الفكرية أنه" لا يكتفي بعرض الحقائق العلمية والفقهية وغيرها, وهذا في ذاته جهد علمي محمود, ولكنه يحرص على نقض ما يحيط بها من شبهات, يثيرها العلمانيون, وأدعياء التجديد الفقهي

•     يحدِّد الدكتور المطعني منهجه هذا ابتداءً من عناوين كتبه؛ فنرى له غرامًا أو حرصًا خاصًّا "بالبيْنيات"؛ أي إبراز كلمة "بيْن"، كما نرى في عناوين كتبه الآتية : الفقه الاجتهادي.. بين عبقرية السلف ومآخذ ناقديه

وعقوبة الارتداد عن الدين.. بين الأدلة الشرعية وشبهات المنكرين

 والمجاز عند الإمام ابن تيمية وتلاميذه.. بين الإنكار والإقرار .

•     ومن فضول القول أن نقول إنه يعالج المسائل بعمق رأسي, وحجج قوية, وقدرة فائقة على استخلاص الدلالات الحاسمة؛ بحيث يحيط بكل جوانب الموضوع عرضًا وموازنةً ودفاعًا وهجومًا، مجنِّدًا معارفه الواسعة في الانتصار لكلمة الحق, وفضح الأدعياء من المتعالمين والمتفيهقين والعلمانيين"

•     ومن أهم سماته في عطاءاته حرارة الإيمان, ولكن هذه العاطفة الصادقة لا تأتي مجردةً, بل تعانق الحقائق والأحكام التي يخلص إليها.

-يقول الأستاذ جمال سلطان "خبرته في الكتابة الصحفية والاشتغال بقضايا الشأن العام مبكرا جعل له حضورا كبيراً في الفكر الإسلامي المعاصر بذكاء من يعرف خلفيات الصورة والأحداث و"الخنادق الفكرية، حيث اشتبك في معارك فكرية كبيرة مع الأفكار "المستوردة" كان فيها قوي الحجة نافذ النظرة، يعرف خلفيات من ينتقده وتاريخه ومراوغاته .

•     الأسلوب في مجموعه أسلوب مرسل لا تكلف فيه ولا تعقيد كما أنه في أدائه يكثر من التكرار المعنوي ، أي أداء المعنى الواحد بأساليب متعددة بهدف تأكيد المعنى وترسيخه، كما أنه يزيد من امتداد جاذبية الأسلوب، ومن ثَمَّ تقوية ارتباط القارئ بالمقروء تحقيقًا للغرض المرجوِّ المنشود وقد لمست تلك الظواهر الأسلوبية في كتابه الإسلام في مواجهة الاستشراق العالمي.

•     ومن اللوازم الأسلوبية للمطعني إيراد الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية والمأثور من الشعر القديم، وكذلك بعض الشعر الحديث، وهو يملك موهبة بصيرة قادرة على التقاط الشواهد، ووضعها في أنسب مكان لها.

•     الموضوعية في البحث والتمسك الشديد بما أسفر عنه البحث من نتائج علميه دون تعصب للقدامى أو المعاصرين 0

•     التوسط بين التطويل الممل والإيجاز والمخل0 والبعد عن التعقيد والإغراب مما جعل لكتبه رواجاً بين الشباب المسلم 0

•     النقد البناء لكل ما يقف عليه من آراء قبل القبول أو الرفض 0

مرضه ووفاته:

في آخر حياته، ترادفت عليه الأسقام، وتوالت عليه الأوجاع، خاصة مرض السكري، الذي أنهكه حتى عاد ناحلاً مهزولاً مجهودًا، فقدم استقالته من التدريس من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وعاد إلى مصر، ولم يزل به المرض إلى أن اضطر إلى بَتْر ساقه

يقول الدكتور إبراهيم عوض حفظه الله ( لقد كان الرجل، ، مصابًا بمرض السكر، وتضاعفت في الأعوام الأخيرة إصابته ونتجت عنها في البداية إزالة جزء صغير من قدمه علمتُ بعد وفاته أنه وصل إلى الركبة كما أصيب  بشبه صمم في الفترة الأخيرة بحيث كان المتصل يتحدث مع نجله العزيز الأستاذ " نادر " ليترجم ما يقوله المتصل ويخبره برد العلامة الراحل .

وفي يوم الأربعاء 30 من يوليو عام 2008م ، فاضت روحه إلي بارئها،  وودعت الأمة الإسلامية علماً من أعلامها الأفذاذ .

وذلك في مستشفى المقاولون العرب بالقاهرة, وتمت الصلاة عليه في مسجد النور بالعباسية في القاهرة .

رحل عبد العظيم المطعني، فغابت شمس طالما أحالت كثيرًا من الظلمات إلى أنوار مبهرة، ورحلت عافية طالما استردت معها النفس المسلمة المعاصرة كثيرًا من قوتها.

نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبه، وأن يجزل مثوبته، وأن يرفع درجته، وأن يضاعف حسناته، وأن ينير قبره، وأن يجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا. " 

وسوم: العدد 733